Home Page

الطفل السعيد والهدايا الكثيرة...

رعاية الطفل / الأطفال, نمو وتطور الطفل / الأطفال, كالين عازار, هدية / هدايا العيد, هدية / هدايا, تربية الأطفال, هدية / هدايا تربوية, الابتزاز العاطفي, السلوك اللائق, جائزة الشيخ زايد للكتاب

22 ديسمبر 2009

تنهال على هاني الهدايا من كل حدب وصوب، ففي كل مرّة تأتي الجدّة أو الخالة أو العمّة للزيارة تحضر له هدية إما سيارة أو لوح تلوين... . وهاني لا يمانع بل يفرح كثيرًا، واللافت أنه صار يسأل جدّته عندما تتحدّث إليه على الهاتف ما إذا كانت ستحضر له هدية في زيارتها المقبلة. لا يختلف اثنان على أن للهدية مدلولاً معنويًا وعاطفيًا جميلاً، فعندما يتلقّى الواحد منا هدية يشعر بأن هذا الشخص يحبه ويقدّره ويفكّر فيه إيجابيًا ويريد أن يجعله سعيدًا، فكيف بالطفل الصغير؟ ولكن عندما تنهال الهدايا بمناسبة وبلا مناسبة تفقد معناها الرمزي خصوصًا بالنسبة إلى الطفل؟  فهل أصبح هاني طفلاً مفرط الدلال؟ وهل أصبحت الهدية بالنسبة إليه أمرًا مفرغًا منه على كل ضيف تستقبله والدته أن يحضر له هدية ؟ «لها» التقت الاختصاصية في علم نفس الطفل كالين عازار التي أجابت عن هذه الأسئلة وغيرها.

- هل يفهم الطفل معنى الهدية؟
يسعد الطفل بالهدية لأنها تحمل عنصر مفاجأة، فهو عندما يتلقّاها يفكر في ما يمكن أن يوجد داخل العلبة أو الكيس قبل أن يفتحه، فإذا حصل على ما يرغب فيه فإنه سيفرح بها كثيرًا لأن الشخص الذي جلبها له فكّر فيه وعرف ما يرغب فيه وهذا يفاجئه، ويفاجأ أيضًا إذا حصل على هدية لم يفكر فيها من قبل، مما يعني أن المفاجأة تكون في كلا الحالتين. وهذا له معنى مجازي مهم للطفل خصوصًا ما دون السبع سنوات لأن خياله غني جدًا ويتمنى أن يكون لديه ألعاب كثيرة. كما أن الهدية تعني بالنسبة إليه اقتناء شيء  شخصي له وحده، أي تعزز مفهوم الملكية.

- متى تصبح الهدية لا معنى لها بالنسبة إلى الطفل؟
من المفروض أن يحصل الطفل على الهدية في أوقات معينة ومناسبات محددة. وخارج هذه الأوقات تفقد الهدية معناها الرمزي بالنسبة إلى الطفل الذي تعوّد على الحصول على الهدايا في شكل دائم ومن دون مناسبة خاصة، وبالتالي لا يعود يدرك قيمة الهدية وهدفها ومناسبتها، بل تصبح أمرًا مفروغًا منه يحصل عليه، ويظن أنها حقه. فالهدية هي متعة،  في البداية تكون أمنية ينتظرها الطفل مما يساعده على تعلم الصبر وأن ليس كل ما يتمناه يأتيه في التو. وفي المفاجأة هناك الابتهاج أو خيبة الأمل، وهناك الخيال لأنه حتى لو لم يحصل على الهدية التي يرغب فيها، فإنه يتوقّع أن يحصل عليها في المرة المقبلة.

- هل يجدر بالأهل مكافأة طفلهم بهدية لأنه نال علامات جيّدة أو تصرف في شكل لائق؟
شخصيًا لا أحبّذ هذه الطريقة في التربية فحصول الطفل على هدية لأنه نال علامات مدرسية جيدة أو لأنه تصرّف بشكل لائق، يعني أن الأهل وعن غير قصد يبعثون إليه برسالة مفادها أن العلامات الجيدة والسلوك اللائق تشترط المكافأة مما قد يجعله يدخل في لعبة الابتزاز العاطفي مع أهله وبالتالي يرتبط سلوكه بالهدية فمثلاً لن يتصرّف بلياقة إلا إذا حصل على هدية، فيما على الطفل أن يعرف الخطأ من الصواب بعيدًا عن الهدية. في مواقف معينة يمكن الأهل تشجيع الطفل بجمع نقاط وإذا وصل إلى الرقم المطلوب يحصل على هدية، وهذا يشجعه إذا كان لديه مشكلة سلوك ولكن هذه الطريقة تصيب على المدى القصير. يعني لا يمكن الأهل اعتمادها كنظام، لأنها لا تعود فعالة.

- يحصل الطفل على هدايا من الأقارب، الجدة والخالة والعم... إلى ماذا يؤدي إغداق الهدايا على الطفل ؟
هذا يجعل الطفل ينتظر من الآخرين هدية في شكل دائم، فيما يمكن الراشد أن يعبّر له عن مشاعره وعاطفته من دون هدية وهذا مبدأ أساسي. أما إذا أردنا في إحدى المرّات أن نسعده فيمكن أن نقدم له هدية. ولكن التعوّد على أن المشاعر لا يعبر عنها إلا بالهدية سوف يكون لديه مشكلة ، إذ لن يعود في إمكانه التعبير عن مشاعره إلا بهذه الطريقة. وفي المقابل على الأهل أن يعلّموا الطفل أنه لا يمكنه  الحصول على هدايا طوال الوقت،  فأحيانًا لا تكون لديهم قدرة مادية لذلك. فضلاً عن أن إغداق الجدة أو الخالة الطفل بالهدايا، يجعله  يتساءل لمَ لا تقدم لي أمي هدية! هل تحبني! ومن الخطأ أن تتكوّن لدى الطفل فكرة أن أهله لا يحبونه لأنهم لا يجلبون له هدايا. لذا من المهم أن يطلب الأهل من الأقارب ألا يحضروا هدية في كل مرة يأتون لزيارتهم. ويقولون أنهم يقبلون الهدايا في مناسبات معينة.

- لماذا لا يسمح الطفل أن يشاركه طفل آخر في هديته؟ كيف يمكن الأهل أن يشرحوا للطفل أن في إمكانه السماح لطفل آخر مشاركته في اللعب بالهدية التي تلقاها؟
إذا اعتاد الطفل المشاركة في ألعابه لا يكون هناك مشكلة. ولكن أحيانًا يرفض الطفل أن يشاركه أخوه اللعب، فهذا مؤشر لأن الطفل ليس لديه مساحة خاصة به، أو لا مكان خاص به، لذا يرى في الهدية أمرًا شخصيًا، ويتمسك بها لأنها الطريقة الوحيدة للتعبير عن نفسه. وأشير هنا إلى أن الأهل الذين لديهم توائم يرتكبون خطأ عندما يشترون هديتين من النوع نفسه  لطفليهما تفاديًا لإثارة الغيرة بينهما، في حين أن من حق كل واحد منهما أن يحصل على هدية مختلفة عن هدية الآخر ولو قالا لمَ لم أحصل على الهدية نفسها! على الأم أن تفسر أن لكل واحد منهما هدية بحسب اهتماماته.

- هل من الصائب أن يقدّم الأهل هدية للطفل الذي صار له أخ والادعاء أن المولود الجديد اختارها له؟
إذا كان الطفل كبيرًا سوف يفهم أن هذا ليس صحيحًا لأنه مولود جديد وليس في إمكانه الذهاب واختيار الهدية.  بينما إذا كان في سن صغيرة سوف يفرح، ويمكن أن تكون أمر إيجابيًا، وهذا يعود إلى الأساس إذا حضّر الأهل نفسيًا الطفل سوف يكون الأمر أسهل عليه. ولكن الفكرة جميلة خصوصًا إذا كانت الهدية التي يتمنّاها. ويمكن أن يفسر له الأهل أنهم من أحضروا الهدية وأن شقيقه سعيد لأنه أتى إلى هذه الدنيا، لذا فكرة الهدية حساسة. المهم أن تقدم في الوقت والمناسبة المناسبين.

- أحيانًا يقدّم الأهل هدية للطفل الذي لا تكون لديه مناسبة تفاديًا لغيرته من أخيه؟
أحيانا الأهل يتصرفون على هذا النحو كي لا يشعروا بالذنب، وهذا دليل وجود مشكلة حوار وغياب قوانين منزلية يلتزمها كل أفراد العائلة. ولكن عندما يكون الطفل معتادًا على أنه في عيد ميلاده يحصل على هدية وكذلك أخيه فلا يوجد مشكلة.

- كيف نختار هدية الطفل؟
هناك كثر يسألون الأهل ماذا يرغبون في إهداء أطفالهم، و يمكن أن يطلبوا هدية تربوية، أو هدية تساعد في تنشيط الخيال، يمكن أن تكون آلة موسيقية أو كتابًا أو ليغو، فمن الضروري أن يعتاد الطفل على هذا النوع من الهدايا. وأشير هنا إلى أنه ليس  ضروريًا أن تكون الهدية باهظة الثمن بل  يمكن وضع صورة خاصة للطفل  في إطار وتكون هدية يعلّقها على جدار غرفته، فهذه الهدية لديها قيمة عاطفية.

- هل من الضروري أن تشجّع الأم طفلها على شراء هدية للطفل الذي قدم له هدية في السابق؟
أجل وإذا كان في الإمكان أن تصحبه إلى المتجر وتساعده في اختيار الهدية مما يساعده على تعلم الاختيار وقيمة الأشياء شرط أن تحدد له ميزانية مما يقوي ثقته بنفسه ويُشعره بقيمة الأمور أكثر.

- ماذا عن العيدية؟
خلال العيد يتلقى الطفل عيدية وغالبًا ما تكون نقودًا، وهذه فرصة لتعليمه قيمة النقود، كأن يحتفظ بها في الحصالة و يوفّرها لشراء أمور يحتاجها. مثلاً يمكن الأم أن تقول له: «يمكنك أن تشتري بمبلغ العيدية الذي حصلت عليه حذاء التزحلق الذي أردت شراءه الشهر الماضي». أما إذا كان الطفل في سن صغيرة فعلى الأهل أن يتسلموا نقود العيدية بدلا منه، لأنه لا يعرف قيمتها.