فوز يوسف زيدان بجائزة 'البوكر'

يوسف زيدان, جائزة البوكر العالمية, الكنيسة المصرية, مكتبة الإسكندرية, مؤسسة ثقافية, مؤسسة الإمارات, دار الشروق

27 أبريل 2009

سارعت الكنيسة الأرثوذكسية التي ينتمي إليها معظم المسيحيين المصريين بالتعبير عن استيائها من فوز رواية «عزازيل» للكاتب المصري يوسف زيدان بجائزة البوكر الدولية للرواية العربية للعام ٢٠٠٩. وقال الأنبا بيشوي سكرتير «المجمع المقدس»، وهو أعلى سلطة في هذه الكنيسة: «إن فوز هذه الرواية بالذات يؤصل للتعصب ضد المسيحية». وأضاف أنه «كان من المفروض على القائمين على هذه الجائزة مراعاة شعور الكنيسة القبطية». وشبه الأنبا بيشوي فوز زيدان بهذه الجائزة بفوز سلمان رشدي بجائزة مماثلة عن روايته «آيات شيطانية» التي أثارت غضب المسلمين في مختلف أنحاء لعالم.  

ومن جانبه قال زيدان: إن فوزه بجائزة البوكر عن رواية «عزازيل» الصادرة عن دار «الشروق» في القاهرة يعد «علامة فارقة ومهمة في مشواري الأدبي». وحرص زيدان على أن يرد تعليقه على هذا الحدث في سياق بيان صدر عن مكتبة الإسكندرية، أوضح فيه أن فوزه بالجائزة يدعوه إلى «مزيد من الإبداع». ويشغل زيدان الذي يبلغ الخمسين من عمره منصب مدير مركز المخطوطات في المكتبة التي تعد أنشط مؤسسة ثقافية مصرية في الوقت الراهن.

وقال زيدان: إن تلك الرواية التي وضعته في صدارة كُتاب الأدب في مصر والعالم العربي استغرقت منه ٣٠ سنة علماً أنها من حيث تاريخ النشر ٢٠٠٨ تعد روايته الثانية بعد رواية «ظل الأفعى». وتعد جائزة البوكر أول جائزة أدبية ينالها يوسف زيدان مع أنه حصل من قبل على الكثير من الجوائز في مجال تخصّصه الأصلي، وهو تحقيق التراث ومنها جائزة الفقه الطبي وتحقيق التراث وفق أصول فن التحقيق من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي والمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية عام ١٩٩٤. وتبلغ قيمة الجائزة التي تمنحها سنوياً «مؤسسة الإمارات» ٦٠ ألف دولار إضافة إلى خمسين ألف دولار توزع بواقع عشرة آلاف دولار لكل رواية من الروايات الخمس الأخرى التي ضمتها القائمة القصيرة للمسابقة وهي «الخيول البيضاء» للأردني إبراهيم نصر الله و«المترجم الخائن» للسوري فواز حداد و«الحفيدة الأميركية» للعراقية إنعام كجه جي و«روائح ماري كلير» للتونسي الحبيب السالمي و«جوع» للمصري محمد البساطي. وفاز بالجائزة العام الماضي المصري بهاء طاهر عن روايته «واحة الغروب» الصادرة أيضاً عن دار الشروق في القاهرة. 

وأثارت «عزازيل» منذ صدورها عن دار الشروق في القاهرة في بداية عام ٢٠٠٨ ردود فعل واسعة خصوصاً بعد اعتراض الكنيسة المصرية عليها لكونها تبرز الخلاف حول طبيعة السيد المسيح بين كنيستي أنطاكية والإسكندرية، ما ساهم في صدور ست طبعات منها حتى الآن، والتعاقد على ترجمتها إلى لغات أجنبية عدة. وتدور أحداث «عزازيل» في القرن الخامس الميلادي في صعيد مصر ومدينة الإسكندرية وشمال سورية من خلال الراهب «هيبا» الذي يعاصر أحداثاً توصف بالدموية في تاريخ الكنيسة المصرية. وبادرت الكنيسة المصرية عقب صدور الرواية باتهام زيدان بـ«تعمد تدمير مبدأ مسيحي أصيل» واتهمته بـ«التدخل في الشؤون المسيحية الداخلية».

لكن زيدان قال العام الماضي: إن «قيادات الكنيسة غضبوا لأنني تحديت سلطتهم باعتبارهم ورثة مرقص الرسول وقولهم إن التاريخ المصري بين نهاية الوثنية وقدوم الإسلام هو تاريخهم». وأضاف أن «الكنيسة القبطية المصرية تصورت لسنوات أن القرون التي سبقت قدوم الإسلام هو تاريخ خاص بالكنيسة القبطية»، مشيراً إلى أنه لا يستطيع قبول ذلك وأنه لا يرى معنى أو منطقاً فيه.

وقال زيدان في تصريحات صحافية عقب إعلان فوزه بالجائزة: «إن التاريخ ملك لكل باحث أو أديب، ولا تملك مؤسسة أن تصادر حق إعادة النظر في أحداث قديمة لا تسيء بالضرورة إلى الحاضر». وأضاف أنه تلقى قبل أيام عروضاً لترجمة رواية «عزازيل» إلى لغات عدة منها الإيطالية متوقعاً أن تجد «عزازيل» التي يشير اسمها إلى أحد أسماء الشيطان، من الرواج أكثر مما حظيت به في لغتها الأصلية.

ولد يوسف زيدان في ٣٠ حزيران يونيو، وهو حاصل على درجة الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية من جامعة الإسكندرية عام ١٩٨٩. وقام بتدريس الفلسفة الإسلامية وتاريخ العلوم في كلية الآداب في جامعة الإسكندرية فرع دمنهور من ١٩٩٢ إلى ١٩٩٧. وصدرت روايته الأولى «ظل الأفعى» عام ٢٠٠٦ عن «دار الهلال» في القاهرة.

ويبدو أن معركة زيدان مع الكنيسة المصرية ستشهد قريباً فصولاً جديدة، فهو يستعد حالياً لإصدار كتاب  بعنوان «اللاهوت العربي» يتطرق فيه «إلى تصورنا عن المسيحية والإسلام واللاهوت وعلم الكلام والعلاقة الجدلية بين الدين والسياسة والعنف». ويعد هذا الكتاب كما يقول زيدان «عملاً بحثياً أبيّن من خلاله أن ما تسميه الكنيسة هرطقة ليس سوى العقل العربي الذي كان يفكر قبل الإسلام وأنتج علم الكلام». ومن جانبه أكد الأنبا بيشوي أن رد الكنيسة الرسمي على رواية «عزازيل» الذي يتولاه بنفسه سيصدر خلال أقل من شهر، وقال: «لم نستعجل خروج الرد لأننا نعد رداً علمياً دقيقاً جداً لكشف تزوير هذه الرواية».