يوم مع الكاتبة المصرية نجوى شعبان

جوائز, الروائية المصرية , نجوى شعبان, رواية / قصة

03 يوليو 2009

تعتبر الروائية المصرية نجوى شعبان صاحبة تجربة متميزة في التعامل مع التاريخ، وهي لا ترى في العودة إلى التاريخ نكوصاً بل رغبة في امتلاك المعرفة التي تساعد في فهم الحاضر وفي تحديد شروط اكتساب «القوة التي قد تؤدي إلى استشراف مستقبل يكون لنا دور فيه»، على حد تعبيرها. وصدرت لنجوى شعبان أخيراً روايتها الثالثة وعنوانها «المرسى»، وصدرت لها من قبل رواية «الغر» التي نالت عنها جائزة نادي فتيات الشارقة، ورواية «نوة الكرم» التي نالت عنها جائزة الدولة التشجيعية التي يمنحها المجلس الأعلى المصري للثقافة

تقول نجوى شعبان التي تعد من أبرز الكاتبات المنتميات إلى جيل الثمانينات في مصر: «أحب السهر، وعندما تواتيني الفرصة أشعر بانشراح في صدري، وتتردد أرق الألحان في أذني،أجلس هادئة إلى مكتبي، غير أن متعتي الأكبر أن أرى كمّ الوسائد حولي على الأريكة وأكتب أو أقرأ حتى صلاة الفجر». وتضيف: «أتذكر صديقاً تصلني رسالته مع إشعاعات سماء وردية قبيل الساعة السادسة صباحاً حيث يطلق أغنية قصيرة صداحة تنعش العالم بأسره، وعنّ لي أن أنتظره لأعرف شكله وأن أضبطه متلبساً بالطيران والغناء على قمم الأشجار التي تفصل بين شقتنا وبين الجامع المقابل. فتحت الشباك على مصراعيه لأحدد هويته بين العصافير العادية الرمادية وبين اليمام المتكاثر في ناحيتنا.. رأيته لطيفا»ً.

 

وجبات حريفة

ولأن دوام الحال من المحال «تغيرت مواعيدي، وما عدت أسهر، فأصبح يفوتني غناؤه، وبديلاً من الليل بت أهتم بشؤوني المنزلية في الصباح، واستمع إلى اقتراحات ابني الوحيد نور الدين في الوجبات زاعماً كل يوم أنه يمل أصناف الطعام المتكررة، ولذلك يضطر حسب زعمه إلى طلب وجبات بالتليفون «وجبات حريفة بالطبع» لثلاثة أيام متصلة من دون أن يشتكي». وما يدهش نجوى شعبان في ابنها نور الدين الشاب هو أنه لا يزال حتى الآن مغرماً بمحطات الكرتون للأطفال. «ما أن يفتح عينيه يطلب «النسكافيه»، ويركز انتباهه على برنامج «مستر بين» البريطاني وغيره من أفلام والت ديزني. إنه شاب بقلب طفل. يحدق في برامج محطة «أنيمال بلانت» التي تقدم معرفة موسوعية عن الحيوانات، وعلى ما يبدو فهو يكسب الجولات في المشاهدات التلفزيونية، إذ أجد نفسي منجذبة الآن إلى برامج الأطفال وأفلامهم». ونور الدين عاشق لبعض الأفلام التسجيلية التي تبثها «الجزيرة» ويبحث بدأب عن أفلام فن القتال الصينية. باختصار هو يعشق السينما. العلاقة بينه وبين والدته «هي علاقة مش اغبات طريفة، تضحكنا معاً. فهو يروي عن يومه في العمل أو بعض الطرائف مع أصحابه. هو متكلم جيد واجتماعي جداً. أستمع اليه، نثير نقاشات وجيزة، ثم أفتح كتاباً، فيطلق وصفه الأزلي عني: «مدمنة قراءة».

 

خيال «الميني باص»

تذهب نجوى شعبان إلى عملها بعد الظهر، وتجلس إلى جهاز الكمبيوتر لتبحث في «الإنترنت» عن أخبار ثقافية أو متنوعة، وتترجم أخباراً من صحف إنكليزية عدة في مقدمتها جريدة «تايمز» البريطانية، كما تقدم عروضاً لبعض الكتب الجديدة.  وتقول شعبان: «أرى أن عملي في وكالة أنباء الشرق الأوسط على ما يرام، لكنه يكلفني أربع ساعات مواصلات تقريباً كل يوم. إن لم أكن مجهدة، أطلق العنان لخيالي وأنا في «الميني باص»، ربما تجود عليّ القريحة الإبداعية بموضوع جديد يستأثر باهتمامي». وتضيف: «أنا وزوجي نعمل في المؤسسة نفسها وعندما نعود إلى البيت نتحدث عن أهم الأخبار، وينتقل «الريموت» من محطة إلى أخرى لمعرفة ما جدّ من الأحداث، ثم يستقر زوجي على المحطة التي تقدم أفلاماً تسجيلية طريفة ومواضيع تمسّ حياتنا من ظواهر مرضية نادرة وعن المدن كمدينة فاس و«بيوتاتها» وطرق الصباغة لديها، وعن الفرنسيين الذين تركوا الجزائر وعن حياة الناس في غزة.. إلخ». وتتابع:«يحكي لي زوجي عن مزيد من ذكرياته في أوروبا، في بريطانيا والنمسا وألمانيا. حكاياته تشدني وتلهمني فهو «حكواتي» من الدرجة الأولى، يدلف من أقصوصة إلى غيرها في سلاسة ثم تستقر حكاياتنا على عالم الميتافيزيقا، والخيالات الدافقة، وعن مستقبل العالم». وفي ختام اليوم: «أسهر قليلاً، يستغرقني النوم، يفوتني الطير الصداح، افتقده، وافتقد جملته الموسيقية ونداءه للكون بأن يمرح، ولسبب لا أدريه، أجد نفسي مستيقظة قبيل الساعة السادسة صباحاً، ويهرع الطير الذي لا أعرف له اسماً في أداء اللحن البديع، فأقول لعالمي: «صباح الفل».