الكاتبة المصرية نعمات البحيري...

نقد, دراما تلفزيونية, كاتبة, نعمات البحيري, السينما المصرية, الكتابة الأدبية, مجموعات قصصية, دفتر يوميات

14 سبتمبر 2009

إلى جانب الأعمال اليومية التي يتحتم على أي شخص عادي أن ينجزها، كانت القاصة والروائية المصرية نعمات البحيري، التي غيبها الموت قبل أسابيع، تصرّ على أن تعيش يومها أيضاً ككاتبة على رغم مما كان يمثّله ذلك من عبء إضافي يفاقم معاناتها المريرة طوال السنوات الأربع الأخيرة من مرض سرطان الثدي.

لم تنتظر البحيري التي رحلت عن عمر يناهز ٥٤ عاماً أن يكتب أحد غيرها تجربتها القاسية مع المرض العضال الذي يشهد القريبون منها بأنها قاومته بشجاعة فائقة، فبادرت إلى تسجيلها في عمل يجمع بين السيرة الذاتية والرواية صدر العام الماضي في إحدى سلاسل مشروع «مكتبة الأسرة» تحت عنوان «يوميات امرأة مشعّة».

ويعد هذا الكتاب العمل الروائي الثاني لنعمات البحيري بعد رواية «أشجار قليلة عند المنحنى» التي صدرت في القاهرة العام ٢٠٠٠ عن سلسلة «روايات الهلال» وسجلت فيها تجربة ذاتية أخرى هي تجربة زواجها من شاعر عراقي وإقامتها لسنوات عدة في العراق منذ أواخر الثمانينات. وكانت البحيري بدأت مشوارها مع الكتابة الأدبية في سبعينات القرن الماضي أثناء دراستها الجامعية، ودفعت بمجموعتها القصصية الأولى «نصف امرأة» إلى النشر بتشجيع من الناقد سيد البحرواي لتصدر عام ١٩٨٤، وتبعتها مجموعات قصصية عدة أحدثها «ارتحالات اللؤلؤ» التي صدرت عام ١٩٩٦ و«ضلع أعوج» التي صدرت عام ١٩٩٧.

ووفقاً لما سجلته في دفتر يومياتها قبل أيام من رحيلها فإن «يوم» نعمات البحيري الذي يبدأ في السادسة صباحاً كانت تتخلّله دائماً على رغم محنة المرض الفتاك قراءة كتاب أو الانشغال بكتابة نص قصصي أو فصل في رواية، فضلاً عن تصفّح جرائدها المفضّلة، وكذلك الجلوس في شرفة بيتها «لأتابع لحظات الغروب، فتتدفق بداخلي أسئلة عن الوجود وماهية حياتنا كبشر نأتي ثم نمضي، لكننا نأبى أن نمضي من دون أن نقول كلمتنا للعالم من حولنا». وتضيف: «أواصل قراءة كتاب أكون قد بدأته أو مقال أو قصة أو فصل في رواية فأجهز البيت للتعامل مع يومي الذي يبدأ في السادسة صباحاً وينتهي عند منتصف الليل، فأدخل غرفتي وأجوب العالم عبر الآلة السحرية (الريموت كنترول) لتأتي لي بجديد الأخبار وجديد الدراما والسينما حتى أنام نوماً سهلاً من دون منومات».

كانت صاحبة «ارتحالات اللؤلؤ» تعي جيداً أن «الليلة التي تنطفئ لا تعود»، على حد تعبيرها، ولذلك كانت تحرص على أن تعيش يومها بفيض من البهجة «حتى لا يعوزني الندم إذا ما انطفأ العمر كله شمعات تلو بعضها... فكلما حاصرتني مظاهر سأم خريف العمر أو ضجر الألم والمرض ألجأ إلى وهج ربيع الإبداع والكتابة وألوانه».

وكتبت نعمات البحيري مجموعات قصصية عدة للأطفال منها «النار الطيبة» و«الفتفوتة تغزو السماء». ومارست كذلك النقد السينمائي والتلفزيوني وتحولت قصتها «نساء الصمت» إلى عمل درامي تلفزيوني قامت ببطولته الفنانة سمية الألفي.