ألبير كامو يُثير جدلاً إعلامياً وسياسياً في فرنسا

نيكولا ساركوزي, فرنسا, وردة الجزائرية, كاتبة, جائزة نوبل, ألبير كامو, رواية / قصة, محمد بن سالم, حرب التحرير الجزائرية, مقبرة بانتيون باريس

03 فبراير 2010

في أكثر صوره العبثية عندما ينجم عن حوادث سير سخيفة»... هكذا وصف فيلسوف العبثية ألبير كامو الميتة الأكثر عبثية على وجه الأرض، وكأنّه كان يعلم أنّ نهايته ستأتي بغتة في شكل أقرب ما يكون إلى أدبه المعروف بعبثيته. ففي مطلع عام ١٩٦٠ توفيّ الكاتب الفرنسي الهويّة- الجزائري الولادة والنشأة عن عمر ٤٤ سنة في حادث سير أثار صدم الوسط الثقافي والأدبي ليس في فرنسا والجزائر فقط وإنما في العالم بأسره.
إلاّ أنّ وفاته في سنّ مبكرة لم تؤثّر على مسيرته الأدبية التي بدأها وهو صغير من خلال تحقيق مثير عن حياة القبائل في الجزائر ووقعّها تحت اسم عربي مستعار محمد بن سالم إلى أن نال جائزة نوبل عام ١٩٥٧ وكان عندها من أصغر الأدباء الذين نالوا هذه الجائزة منذ اطلاقها عام ١٩٠١، كما أنّ روايته المعروفة «الغريب» ظلّت تُعتبر منذ صدورها حتى اليوم من أهم الروايات الحديثة وأكثرها مبيعاً وانتشاراً.
هذا بالإضافة إلى أنّ موقفه من وطنه المُستعمَر(الجزائر) في مواجهة وطنه المستعمِر (فرنسا)، إذ لم يفلح النقّاد والمهتمين بأدب كامو في تحديد موقفه إزاء حرب التحرير الجزائرية. كما أنّ جملته الخطيرة التي صرّح بها في وجه شاب عربي خلال ندوة أقامها في إحدى جامعات استوكهولم: «لقد دنت دوماً الرعب.
وعليّ أن أدين أيضاً الإرهاب الذي يُمارس في شكل أعمى في شوارع الجزائر العاصمة، والذي يمكن أن يُصيب أمي أو عائلتي. أنا أؤمن بالعدالة ولكنني سأدافع عن أمّي قبل العدالة» بقي صداها يُدوّي في العالم. فهو طالما اعتُبر فرنسياًَ خائناً لأنّه كان يُناهض القمع الفرنسي، وفي المقابل اعتبره الجزائريون خائناً لأنّه ناهض عنف الثورة.
ولكن بعد وفاة ألبير كامو أدرك الوطنان اللذان انتمى إليهما كامو أنّهما خسرا قيمة أدبية وإنسانية كبيرة، وبعد خمسين عاماً على وفاته قرّرت فرنسا والجزائر الإحتفاء بأديبهما المشترك ألبير كامو في ذكرى رحيله الخمسين من خلال تخصيص برامج عنه وعن أدبه، فضلاً عن ترجمة أعماله وإعادة طبعها وتقديم عروض مسرحية مستوحاة من أدبه الخالد...
وفي مبادرة مفاجئة طالب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بنقل رفات جثمان كامو بمناسبة مرور خمسين عاماً على وفاته إلى مقبرة «بانتيون باريس» إلى جانب كل الشخصيات التاريخية التي تركت أثرها البالغ في تاريخ فرنسا «البورجوازية». إلاّ أنّ هذا الإقتراح أثار جدلاً إعلامياً وسياسياً واسعاً في الأوساط الفرنسية خصوصاً أنّ أفكار ألبير كامو الوجودية تتنافى وهذه الإحتفاليات الشكلية الزائفة.
من هنا عارض الكثيرون من أصدقاء كامو وقرّائه على فكرة ساركوزي المطروحة، كما أنّ ولديه جان وكاترين رفضا في شكل قاطع هذه الإحتفالية المبالغ فيها والمتأخرّة والمتناقضة وفكر والديهما.