احتفت مكتبة الإسكندرية بمرور 10 سنوات على إصدار مجلة «أمكنة»، وهي المجلة المصرية الوحيدة المعنية بتاريخ المكان وثقافته، وتصدرها من الإسكندرية، في شكل كتاب غير دوري، مجموعة من المبدعين السكندريين، على رأسهم الشاعر علاء خالد.
ووفقاً لمدير الإعلام في مكتبة الإسكندرية الزميل خالد عزب، فإن احتفاء المكتبة بـ«أمكنة» يطرح تساؤلاً حول مركزية الثقافة في القاهرة، مشيراً إلى أن تلك المركزية أدت إلى وأد محاولات إبداعية جادة خارج حدود العاصمة.
وأضاف أن تلك المجلة لا تعتمد على أي دعم رسمي، ما يلفت الانتباه إلى أهمية دور المجتمع المدني في العمل الثقافي. ويرى الروائي محمود الورداني أن «أمكنة» تتميز بأنها ليست في مواجهة مع أي جماعة أدبية أو ثقافية، فضلاً عن أنها المجلة الوحيدة التي جعلت الفوتوغرافيا نصًا موازيًا للكتابة. أما الروائي خيري شلبي فيأخذ على «أمكنة» طابعها الأدبي، إلا أنه رأى مع ذلك أنها «تؤسس لثقافة قومية»، في إطار بحثها في خصائص المكان في مصر.
تعتمد «أمكنة» المقال الأدبي في سردها لخبرات شخصية، وتجارب إنسانية، مرّ بها كتّاب المقالات، أو عايشوها، أو ربما نقلوها عن آخرين. ورغم أنها تركز بشكل أساسي على ثقافة المكان إلا أنها، من خلال التجارب التي تنقلها، تقوم برصد لجميع الجوانب الحياتية داخل مكان محدد، وفي فترة محددة.
 ففي كل مقال ينتقل القارئ بذهنه ليعيش داخل حياة متكاملة، جسّدها الكاتب بجميع جوانبها وتنوّعاتها، السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والفكرية، وغيرها، من دون التطرّق المباشر إلى جانب معيّن والوقوف على محدداته، وشرح تفاصيله، ولكن من خلال رؤيته لمدى انعكاس كل هذه الجوانب على حياة الأفراد وتداخلها وانسجامها، ما يخلق صورة حيّة لمجتمع له خصوصية معينة، وسمات تميّزه عن غيره.
وتقول أمنية الجميل، وهي تعمل محررة في أمكنة: إنه إذا كان يمكن اعتبار الفرد وليد الظروف المحيطة به، فإن المكان هو تجسيد للواقع، إذ إنه عبارة عن مجموعة من الأفراد يعيشون فيه، يرسمون معالمه من خلال انتمائهم الطبقي، وقدراتهم الاقتصادية، وتوجهاتهم الفكرية. لذا فإن «أمكنة»، بتناولها موضوعات تتعلّق بالمكان، فإنها في الأصل، تناقش حياة الأفراد الذين يعبرون عن هذا المكان.
 وأوضحت الجميل أن المجلة تتناول موضوعات مثل التقسيم الطبقي للمجتمع، ومدى الاندماج بين الطوائف الدينية المختلفة داخل المكان الواحد، وقد تتحدث عن خصوصية فئة معينة في المجتمع، وتحاول شرح مدى انسجامها مع المجتمع الواسع الذي تعيش فيه. كما أنه، في بعض المقالات، تقارن المجلة بين فترات زمنية مختلفة لمكان واحد، أو بين مكانين مختلفين يجمعهما شيء مشترك، مثل شخصية راوٍ يحكي عن تجاربه في المكانين، ويحاول الربط بينهما بطريقة ما.