'الغالبون 2' في شهر رمضان المبارك...

جلسة التصوير, شهر رمضان, الزيف الإسرائيلي, موقع / مواقع التصوير, مسلسل

09 يوليو 2012

 

ارتبط مسلسل «الغالبون» بشعار الإنتاج الدرامي الأضخم في تاريخ التلفزيون اللبناني، فكان محطّ انتباه الصحافة والمشاهد على حدّ سواء. نجح العمل الذي عُرض في شهر رمضان الفائت، إلاّ أنّه ظلّ متأرجحاً بين إمكان تقديم جزء ثانٍ منه أم لا.
إلاّ أنّ الشكّ قُطع باليقين مذ باشر فريق العمل تصوير الجزء الثاني منه ليلحق بالسباق الرمضاني 2012.


المخرج اختلف. صاحب «أنا القدس» استُبدل بصاحب «بوابة القدس». مخرجان لهما باعهما الطويل في هذا المجال وخصوصاً في الأعمال النضالية التاريخية المُعاصرة. كلاهما يحمل قضية. قضية فنية ووطنية وإنسانية.
إلاّ أنّهما لن يسلما من المقارنة سواء عبر أقلام الصحافة أو من خلال عيون المشاهدين.

باسل الخطيب نجح في تقديم «الغالبون» بصورة جيّدة. فهل سيتفوّق رضوان شاهين عليه في الجزء الثاني من العمل أم أنّه سيخفق؟
هذه المنافسة لا بدّ أنّها موجودة في ذهنية المخرج الجديد للعمل إلاّ أنّه من الواضح أيضاً أنّها قد تحوّلت إلى طاقة إيجابية لديه. فهو يبدو للمتفرّج الموجود في قلب موقع التصوير كتلة نار مشتعلة.
نار تحرق نفسها ومن معها أيضاً. المشهد الجيّد لا يكفيه. إنّه يصبو نحو الجيد جيداً، فتراه يُعيد ويزيد حتى يُخرج من الممثل الذي يقف أمامه جلّ طاقاته الكامنة في نفسه.
والكادر هو أيضاً خط أحمر بالنسبة إليه. فتراه يهتمّ بتفاصيل الصورة وكادرها اهتمامه بالممثل الذي يديره، وأكثر.

هذا هو رضوان شاهين الذي راقبته عن بُعد وهو يُصوّر «الغالبون» من أرضهم، من منبت حكاياتهم، من سرّ نضالهم وانتمائهم، من الجنوب اللبناني الذي دخله المحتلّ الإسرائيلي طامعاً وخرج منه خائباً.

«بهذا العمل أتحدّى نفسي. قيمة المسلسل جعلتني أُقدّم ما لم أكن أتوقع تقديمه أبداً. فأنا لست مع تنفيذ أجزاء متتالية لعمل درامي ما لأنّ هذا لا بدّ من أن يوقعه في فخّ التطويل والتمديد غير المبرّرين.
أمّا في ما يخصّ مسلسل «الغالبون» فالأمر يختلف. العمل هنا يحكي قضية نضال وطني لا يموت. ويجب ألاّ يموت في وعينا الوطني والثقافي. هذا المسلسل بمثابة أرشفة للعمل المقاوم النبيل في الجنوب اللبناني على مدار سنوات تغيّر خلالها شكل الأحداث وآثارها».
يُكمل رضوان شاهين: «أنا عاشق لهذا النوع من الملاحم الشعبية ويُشرّفني تقديم أعمال بمستوى «الغالبون» الذي أجده ضرورة فنية لتأريخ مرحلة مهمّة في تاريخنا العربي يجب أن تظلّ راسخة في ذاكرتنا العربية».

اعتمد «الغالبون» في جزئه الأوّل تصوير بداية المقاومة اللبنانية من الحركة الشعبية ومن قلب العائلات الجنوبية التي دافعت عن أرضها بكلّ ما لديها من إيمان بهذه الأرض ووعيّ لحقّها في البقاء فيها. فانحصرت الأحداث بين عامي 1982 و1985.

أمّا في الجزء الثاني من المسلسل، فيسير الخط الدرامي للمسلسل صعوداً لتصل الأحداث إلى ذروتها.
شخصيات تغادر وأخرى تبرز. أحداث تتوهّج وأخرى تخفت. أمّا المحرّك الأساسي للعمل فيبقى «عائلة أبو حسين».
هذه العائلة هي عبارة عن شخصيات متخيّلة تُجسّد معظم العائلات الجنوبية ببساطتها ولهجتها وبساطتها ومقاومتها. وتمشي العائلة بمحاذاة شخصيات وعائلات حقيقية يذكرها المسلسل بأسمائها وأدوارها.

السيّد عباس الموسوي الذي لعب دوراً محورياً خلال تلك الفترة الواقعة بين 1986 و1992 موجود في العمل. وابنه ياسر عباس الموسوي هو من يلعب دوره.
إنّه ليس ممثلاً بل نظراً للشبه الكبير بينه وبين والده في الشكل والصوت والطلّة وقع الخيار عليه. ومن الطبيعي أن يتخطّى حاجز التمثيل ليؤدّي شخصية هي أصلاً جزءاً منه.

ومن أبرز الشخصيات التي ذاع صيتها خلال تلك الفترة التي يتناولها الجزء الثاني من المسلسل هي شخصية العميل اللبناني لدى الميليشيا اللحدية في جنوب لبنان عبد النبي بزّي المعروف ب«الجلبوط».
ويجسّد دوره المركّب هذا الممثل القدير حسن فرحات الذي صرّح إلى «لها»: «هذه الأدوار تستفزّني. أحبّ الأدوار التي تصدم المشاهد. الأدوار الصعبة والمركبة وغير العادية التي لا نجدها عادة في دور «البطل» بمفهومه العام. أنا ابن الجنوب. وابن تلك المرحلة.
عايشت الإحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان. اعتُقلت. سُجنت. وذاكرتي ممتلئة بصور العملاء والأحاديث العجيبة عن «الجلبوط» الذي شغل الدنيا وملأ الناس في الجنوب خلال فترة الاحتلال.
رسالتي صعبة جداً. وصعوبتها تكمن في قدرتي على إيصال الفكرة الحقيقة عن هؤلاء الخونة الذين وصلت بهم درجة الخيانة إلى حدّ لا يوصف. من هنا أراني غير مضطر لأن أحصر نفسي في مشهد معين.
في نصّ مكتوب. بل أتقمّص دور «الجلبوط» وأطلق للشخصية عنانها في أن تتجلّى كما تريد. أرتجل كلاماً مرّة. أضرب ممثلاً ضربة حقيقية. أقدّم المشهد دون أي تمثيل. أقدّمه كما رأيته أنا. وكما ظلّ حيّاً في ذاكرتي. فأنا واحد من أبناء الجنوب الذي يتناولهم هذا المسلسل».

أمّا جوزيف حجّي الذي يؤدّي شخصية العميل عقل هاشم فيعتبر أنّ دوره هو تحدٍّ حقيقي له.
إنّه يعتقد أنّ النجاح يحالف البطل الذي يؤدّي دور المقاوم والشهم والنبيل، بينما الممثل الذي يُحقق النجاح وهو يجسد دور الشرّ فهي نقطة مهمّة تُسجّل له. ويُكمل: «في هذا العمل أؤدّي دور عميل لدى الإسرائيليين إلاّ أنني أقدّم رسالة جوهرية من وراء هذا الدور.
فالمعروف أنّ عقل هاشم، أحد أهمّ عملاء إسرائيل في جنوب لبنان، حارب ضدّ أهله وأرضه وجيشه وعندما جاءت الفرصة للتخلّص منه لم تفعل المقاومة ذلك. بل أجلّت اغتياله أوّل مرّة لأنّه كان برفقة ابنه وفي المرّة الثانية برفقة زوجته ومرّة ثالثة لأنّه كان يتمشّى برفقة كلبه.
فاعتبر رجال المقاومة أنّ العميل عليه أن يُعاقب بسبب جرمه بينما الكلب لا ذنب له. ولم يُقتل إلاّ حين كان وحيداً بعد فترة معينة». ويرى حجّي أنّ المفارقة في دور عقل هاشم «تكمن في التناقض بين سلوكه وحقيقته.
فالمعلوم أنّ عقل هاشم كان دبلوماسياً مع الناس ويُظهر ابتسامة دائمة على وجهه وكان يستمع إلى شكاوى الناس ويعدهم بالعون والمساعدة ثمّ يعمل ضدّهم ويُسلّط عملاءه عليهم. وهنا سرّ هذه الشخصية».


من موقع «الغالبون» حوار مع إبن البلد الممثل أحمد الزين

- هل من تطورات طرأت على دور «أبو حسين» في الغالبون 2؟
طرأ تطور كبير على دور أبو حسين من الجزء الأول إلى الثاني. الشخصية صارت أكثر عمقاً. فالأب المقاوم أبو حسين يعود في هذا الجزء إلى قريته جرجوع، مقابل موقع سُجد الذي يُعيده بالذاكرة إلى المعاناة التي عرفها أبناء وطنه والعمل النضالي الذي قام به أولاده وخيرة شباب لبنان.

- أعتقد أن الجديد طرأ أيضاً على مستوى الشكل. فما قصّة السبحة الصفراء التي تُرافقك في كلّ مشاهدك؟
هذه السُبحة لا تُرافقني فقط في مشاهدي في المسلسل بل في حياتي كلّها. هي أغلى هدية وأعظم تكريم حصل في حياتي. هذه السُبحة أهداني إيّاها سماحة السيّد حسن نصرالله الذي كان يُسبّح فيها على مدى تسع سنوات بعد كلّ صلاة. أحملها في يدي وأنا أمثّل دوري، وهي منحت الشخصية بُعداً روحانياً كبيراً أعجز عن وصفه.
وبعيداً عن موقع التصوير أجدني أضع السُبحة في رقبتي لأنّها أمانة في رقبتي. وكما ضحّى السيّد نصرالله من أجلنا وحارب إسرائيل والعالم معتبراً أرضه وأبناء وطنه وجنوبه أمانة في رقبته، هو أيضاً أمانة في رقبتنا.

- من هو أبو حسين في «الغالبون»؟
هو كلّ أهالي الجنوب الشرفاء. هو كلّ مقاوم بالفطرة. هو أب لأربعة مقاومين. هو الرجل الذي يقف بوجه المرض والفقر والتهديد والتعذيب بصلابة وقوّة.
ثمّة مشاهد أدّيتها وكانت دموعي تنهمر وحدها لأنّ كلام أبو حسين وتعلقه بأرضه وحبّه لعائلته وإخلاصه لقضيتة أثرّت بي كثيراً وكنت أعيش كلّ جملة يقولها هذا الرجل البسيط من جهة والحكيم من جهة أخرى.

- إلى أي مدى أنت قريب من «أبو حسين»؟
أنا أبو حسن وأبو حسن هو أبو حسين. وكلاهما هو «ابن البلد» أو أحمد الزين. قدّمت هذا الدور في مسلسل «الغالبون» من كلّ قلبي. لم أكن أمثّل لأنّه هو أنا. قدّمت الشخصية بكل وجداني وولائي وانتمائي.
هو الرجل المقاوم الذي يرى في الجنوب قطعة منه. وأنا رجل وُلد في بيروت وعاش فيها إلاّ أنّه لم يقطع صلة الرحم والمودّة مع الجنوب.

- رغم الجديّة والدراما الكبيرة الموجودة في شخصية أبو حسين تبقى الطرافة واضحة لديه. هل هذا الجانب يُضيفه أحمد الزين نفسه إلى أيّ دور يلعبه؟
الطرافة جزء من شخصيتي. هذا أنا في كلّ دور أؤديه. وهذا الجانب الذي ميّز شخصية «إبن البلد» أو أحمد الزين لا يمكنه أن يتهمّش أبداً حتى في أكثر الأدوار درامية وتراجيدية.

- هل تتوقّع المزيد من النجاح خلال شهر رمضان المبارك لهذه الشخصية ولهذا العمل في شكل عام؟
أتمنى من الله أن يكون العمل عند حسن ظنّ الجمهور الذي تابعه وأحبه في الجزء الأوّل.