كاليفورنيا: الولاية الأميركية التي تصنع الأحاسيس

هوليوود, لاس فيغاس , كاليفورنيا , الولايات المتحدة الأميركية, شركة والت ديزني, المحيط الهادىء, متنزه, أسبوع الموضة في لوس إنجليس, ديزني لاند

14 ديسمبر 2010

عند الساحل الغربي للولايات المتحدّة الأميركية الممتد على المحيط الهادئ، ثمة ولاية تصنع أمواجًا من أحاسيس  تدخلك في متاهة من الأحلام  المتحققة على شاشة عملاقة يتغيّر شريط أحداثها وألوانها بين مد وجزر في تراكم مُتخيَّل يخضعك لا إراديًا لأمزجة كتّاب ومخرجين وممثلين يتقنون لعبة الفن السابع، فترى نفسك مرميًا وسط عالم «العم سام» وأنت تعيش في الجزء الآخر من الكرة الأرضية.


إنها كاليفورنيا، ثالثة كبرى الولايات المتّحدة الأميركية والمتاخمة للمكسيك جنوبًا، والمحاطة بولاية أوريغون شمالاً وولايتي نيفادا وأريزونا شرقًا، يستريح شاطئها على المحيط الهادئ فتتسرب نسائمه إلى مدن عندما تُذكر أسماؤها تستحضر كل الأفكار المتشكّلة في لا وعيك الإنساني. فهي الولاية التي تحضن لوس أنجليس حيث هوليوود حلم النجومية العالمية، ومتنزّه والت ديزني حيث عالم الطفولة وقصصه الخيالية تحوّلت واقعًا ملموسًا. ولا ننسى لاس فيغاس في نيفادا المجاورة حيث دوران دولاب الحظ إما يجعلك مليونيرًا بين ليلة وضحاها، وإما مفلسًا تعود إلى بلادك تجر وراءك ذيول أحلامك المنكسرة.

هوليوود  
هوليوود التي تتلاعب بأحاسيسنا خدعُها البصرية والسمعية تجعلنا نتوهّم أنها  مدينة كبيرة نظرًا إلى شهرتها العالمية التي جعلت منها هيكل السينما الأسطوري، ولكن قد نصاب بالدهشة عندما نعرف أنها أحد أكبر أحياء مقاطعة لوس أنجليس، يبدأ من جادة بريا أفنيو ويمتد إلى ما وراء جادة هايلاند أفنيو. ولعلّ الصورة النمطية الإعلانية للوحة هوليوود الواقفة عند أعلى قمة هضبة التي تظهر على الشاشة، عززت فينا صورة المدينة العظمى التي تتحقق فيها أحلام النجومية العالمية، ولكنها تبقي حيًا من أحياء مدينة لوس أنجليس الذي يحتشد فيه كل بريق الفن السابع. فمسرح مانز تشاينيز Mann s Chinese Theatre  من المواقع الأكثر شهرة في هوليوود الذي حفرت في ساحته بصمات 150 نجمًا من مشاهير الشاشة، ويتميز هذا المسرح بهندستة المعمارية الصينية . وفي هوليوود ووك أوف فايم Hollywood Walk of Fame  أو نزهة المشاهير رُصّعت الأرصفة بأكثر من ألفي نجمة حفرت عليها أسماء مشاهير هوليوود، أما متحف هوليوود للترفيه Hollywood Entertainment Museum  الذي خصص لتاريخ صناعة المشاهد فيدخل زائره في قلب الحدث الهوليوودي.

ديزني لاند عالم
ديزني لاند متنزّه ترفيهي غني عن التعريف. لا يمكن أن تفوّت زيارة هذا المتنزه الموجود جنوب شرق لوس أنجليس.عندما افتتح والت ديزني هذا المتنزّه في 17 تموز/ يوليو 1955 قال:" مرحبًا بكل من يخترق هذا المكان الجميل. ديزني لاند هو بلدكم.

هنا يستحضر الراشدون ذكريات طفولتهم الممتعة، أما الأطفال فيمكنهم أن يتعرّفوا إلى تحديات المستقبل ووعوده. ديزني لاند مهدى إلى المثل والأحلام والعزائم القوية التي صنعت أميركا. على أمل أن يكون ديزني لاند مصدر الفرح والإلهام للعالم أجمعين".في ديزني لاند يطلق الكبار العنان لطفولتهم التي نسوها، فيعودون للغوص في عالمها ويقلبون صفحات القصص الخيالية التي تجسّدت أمامهم واقعًا، يلمسونها وربما يتحدّثون إليها فيتنافسون مع الأطفال في اكتشاف عالمها. هنا قصر الأميرة النائمة التي تنتظر أميرها مئة عام، وبياض الثلج تختبئ من زوجة أبيها الشريرة، ميكي ماوس يحيّيهم... والمغامرة لا تنتهي عند هذه الحدود، بل لا بد للحواس أن تشغل كلها وتساهم في رفع منسوب الأدرينالين بركوب أحد القطارات الحلزونية السريعة لأصحاب القلوب القوية، أو الدخول إلى الأغوار المرعبة أو الاكتفاء بالتجوال في المتنزه والاستمتاع بعوالم لمدن افتراضية ابتكرها خيال فنانين حاكوا أحلام طفولتهم.
وعالم ديزني لا يكتفي بالإدهاش الموقت، بل يجعلك تعيش في عالم الخيال بكل تفاصيله، فيه يمكنك المبيت في أحد فنادقه في Hotel of Disneyland resort التي تعاملك منذ لحظة الحجز فيها بطريقة ديزني الأسطورية. وفي Down town Disney district أو منطقة وسط ديزني التجاري، يتحوّل التسوّق إلى تجربة فريدة في المتاجر التي تعرض لكل تذكارات ديزني، تجاورها المطاعم التي تناسب كل الأذواق. فهنا يمكنك الاختيار بين مطاعم الوجبات السريعة أو تناول عشاء في مطعم راقٍ فيه كل ترف غذاء المعدة والخيال معًا.

لاس فيغاس 
 لاس فيغاس عاصمة الألعاب في العالم ومملكة الأموال السهلة التي قد تربحها أو تخسرها بحسب مزاج دوران دولاب الحظ. وقوعها شمال شرق لوس أنجليس ولكن في ولاية نيفادا المجاورة، سمح بوجود أكبر الاستثمارات فيها. ومناخها الجميل وقربها من منابع المياه والطاقة حوّلاها خلال أقل من مئة عام إلى مدينة مأهولة تضم راهناً نحو مليوني نسمة يعيشون في واحة من الثراء.
صار اليوم من المتعة التجول في لاس فيغاس، لا سيما في منطقة ستريب. ففي هذه المنطقة التي تبلغ مساحتها خمسة كيلومترات مربّعة تقوم أجمل فنادق العالم، يقابل كل واحد منها نموذج لمعلم تاريخي يمثّل روح مدينة من مدن العالمين الأوروبي والشرقي.
فقبالة فندق بيلاجيو تتراقص نوافير المياه على وقع الموسيقى الكلاسيكية لتدهش زواره باستعراضات مائية نهاراً، فيما تتحوّل ليلاً لعبة الماء والنور والصوت إلى مسرح يشغل الحواس الخمس من دون ملل. وأمام فندق لوباري دو لاس فيغاس يقف برج إيفيل ببهاء ولكنه أقصر من نظيره الباريسي.
ويجمع فندق Excalibur كل السحر الإنكليزي فيظن الواحد أن الزمان عاد به إلى عهد النبلاء الإنكليز بديكوره الأنيق وأساطير أبطاله، حتى أن الملك آرثر صاحب أسطورة سيف إيكسكاليبور كان ليدهش بسحر المكان لو كان حيّاً.

تتجاور في بولفار لاس فيغاس الجنوبي مقاهي الرصيف والمتاجر التي تعرض لأهم دور الأزياء العالمية فضلاً عن البوتيكات التي تعرض الأعمال الفنية و متاجر التذكارات.
السحر في كاليفورنيا لا ينتهي، فمدنها وضواحيها وجوارها عوالم متداخلة من التاريخ والجغرافيا والأعراق تعيش تحت فضائها الأزرق تصنع الأحلام على طريقتها لتشكّل ولاية كوزموبوليتانية في الشكل والهوى واللسان.

لوحة هوليوود الإعلانية
هل تعلم أن هوليوود تقسم كلمتين هولي ووود وتعني غابة شجر البهشيّة. أما قصة اللوحة الإعلانية على الهضبة المشرفة على الحي  فقد كان الهدف منها التسويق لبرنامج عقاري. وكان ماك سينيت من كيبيك الكندية وصاحب الأرض ومؤسس استوديو  كيستون keystone studio وضع اللافتة في 13 تموز يوليو عام 1923 وكانت  هوليوود لاند، على أن تبقى على قمة الهضبة مدة عام ونصف عام، ولكنها تُركت لسنوات وتآكلت ببطء ثم أعيد ترميمها عام 1939، وعام 1949 تدخلت غرفة التجارة وأزالت الأحرف الأربعة "لاند" وأجرت صيانة لبقية الأحرف. ومع مرور الزمن كانت تجرى صيانة للوحة التي أصبحت رمزًا للمدينة.

ولادة والت ديزني
يقال" الحاجة أم الاختراع"، ومنتزّه ديزني لاند لم يكن وليد حاجة مادية أو اقتصادية بل وليد حاجة ترفيهية.

فخلال خروج  والت ديزني، صاحب شركة والت ديزني، للنزهة مع ابنتيه دايان وشارون لاحظ أنه لا يوجد متنزه فيه نشاطات يشارك فيها الأهل أبناءهم. ويقول والت ديزني أنه خلال نزهة السبت، وهو يوم الآباء، ذهب وابنتيه إلى متنزّه غريفث في لوس أنجليس وبينما كانت ابنتاه تلعبان في إحدى ألعاب المتنزه كان يجلس يراقبهما فقط ولا يشاركهما في شيء، وهنا لمعت لديه فكرة متنزّه يحاكي شخصيات عالم ديزني الخيالية التي ابتكرها للشاشة الفضية.

اشترى في بداية عام 1950 بستان برتقال في أناهايم جنوب شرق لوس أنجليس ليبني فيه المتنزّه. ولمواجهة النقص في رأس المال كان على والت بيع بوليصة التأمين على حياته ومنزله الصيفي، وتفاوض مع قناة ABC   حول أحد المسلسلات التي كان ينتجها فموّلت مشروع المتنزّه ب 500 ألف دولار أميركي، ثم بدأ العمل فيه عام 1954 وافتتح في تموز/ يوليو 1955. ومع مرور العقود أضيف إلى المتنزّه الكثير من الأجنحة التي تحاكي في تفاصيلها كل ما تعرضه شاشة والت ديزني.