سنغافورة تناقض في غاية الانسجام ...

التسوق, رحلة إلى الفضاء, ماجد المهندس, ماليزيا, شعيرية الفول الصينية, مطاعم , قاعة /صالة / غرفة فندق, مسجد, حديقة حيوانات, قلعة بحرية, الجزر / جزيرة, شتول, المقاهي, قارة آسيا, سنغافورة, مطار بيروت الدولي

20 مايو 2011

تناقض في غاية الانسجام يطبع سنغافورة بالفرادة والتميّز. رغم ان مساحة هذه الجزيرة  لا تتعدى 650 كيلومتراً مربعاً إلا أنّ غناها ونجاحها على جميع الصعد جعلاها مقصداً للأعمال والسياحة.
هذه تفاصيل رحلتي الى جزيرة تبهرك وتمتعك وتدهشك مع اكتشاف كل شبر وكل دقيقة على أرضها الصغيرة السابحة في أقصى جنوب شرق آسيا بين جارتيها ماليزيا واندونيسيا.

جزيرة سانتوزا Santosa island
 اذا كان للمرح عنوان فهو جزيرة سانتوزا. انها نموذجية لإجازة عائلية برفقة الاولاد، فالحماس واللهو لا ينتهيان.
من السيارات المتزحلقة الى التلفريك المفتوح الذي لم يغرني بتاتاً، فأنا لا أحب المرتفعات المفتوحة.

رضخت بعد إلحاح زملاء الرحلة وأعتقد أن الادرينالين في جسمي ارتفع اكثر مما ارتفع التلفريك عن الأرض.
هنأت نفسي بعد هذه المغامرة التي سمحت لي بالاستمتاع بخضرة المناظر الفريدة لسنتوزا من حولي.
وانتقلنا الى مغامرات أخرى ثمّ شاهدنا عرضاً سينمائياً رباعي الأبعاد، فكان المرح والتسلية سيديّ الموقف.
بعد ذلك توجّهنا الى استديوهات يونيفرسال وهناك دخلنا في لعبة الطفولة الى أقصى حدودها، وكنا نتبارى في ما بيننا من شاهد كل أجزاء فيلم «شرك» أو «مدغشقر» أو غيرهما. بعدها كانت لنا جولة عامة في مرافق الجزيرة. فسنتوزا بأكملها عبارة عن منتجع ضخم يضمّ فنادق فخمة كـ «Crockfords Tower»  الذي لا يستقبل الزبائن إنما يستضيف الشخصيات المرموقة على حسابه الخاص. «festive Hotel»
اسمه على مسمى وكأن الاحتفال قائم فيه دوماً. الالوان والاماكن الخاصة بالأولاد تنتشر في البهو وهو مناسب للعائلات. أما Hard rock hotel، فهو شبابيّ، يلتقي فيه الشباب في جوّ من الألفة والمرح.  ختام زيارة سنتوزا كان مسكاً مع عرض مسرحي بعنوان voyage de la vie  وهو عبارة عن سيرك يقدم بقالب مسرحي مبهر يحكي قصّة شاب يبحث عن معنى الحياة ويكتشفه لاحقاً في كل دقيقة يحياها.
عمل مبدع تتنافس فيه اللياقة البدنية وخفة الحركة مع المؤثرات الصوتية والبصرية. لا بدّ لمشاهده أن يصفّق عالياً لعمل كهذا.

حديقة
الحيوانات  Singapore Zoo
طبيعة دغليّة استوائية تزخر بالحياة البريّة. ممرات تمشي فيها وتشعر بأنه بامكانك لمس الحيوانات لقربها منك انما الحواجر الطبيعية التي صممت لحماية الانسان والحيوان معاً تمنعك من ذلك. بدأ نهارنا بتناول الفطور ومشاهدة عرض الـ«أوران أوتان» وهو أحد أنواع القرود.
بعدها توجهنا لرؤية الفيلة وهي تستحم ثمّ توجهنا سيراً على الاقدام في الممرات الضيقة، وكانت لنا الفرصة لنرى بعض الحيوانات النادرة أو المهددة بالانقراض كوحيد القرن الابيض والقرد الهندي الطويل الانف، كذلك الزرافات والغزلان والزواحف والطيور على انواعها. ولمحبي التشويق تؤمن الحديقة خدمة the night safari  حيث يستكشف الزائر الحديقة وسكانها في الليل.

مارينا باي ساندز Marina bay sands
 يعتبر هذا المبنى الضخم نقطة تحوّل في تاريخ سنغافورة، فبالرغم من وتيرة التطوّر السريعة التي استغرقت أربعين عاماً فقط، فهذا المبنى المميز ذاع صيته بشكل كبير منذ افتتاحه العام الماضي.

تصميم فريد وهندسة معمارية فائقة الدقّة تفيض جمالاً وفناً.
ثلاثة أبراج مصطفّة الى جانب بعضها يتوّجها شكل سفينة ترسو على سطحها. ومتن هذه السفينة يحمل اسم «سكاي بارك» حيث حوض السباحة اللامحدود أو حيث الخدعة البصرية التي أوهمنا بها المهندس المبدع ليظن الزائر أن لا حدود لحوض السباحة ومن فيه سيسقط من الطابق 52 اذا اقترب من الطرف... وهذا السطح ملائم لالتقاط الصور البانورامية لما يقدّمه من مشاهد رائعة للمدينة.
وهو يضمّ في ارجائه ثلاثة فنادق فخمة ومراكز تجارية تتألق بواجهاتها التي تحمل أسماء أرقى الماركات العالمية والمطاعم التي يشرف عليها طهاة عالميون. ويسحرك التصميم الداخلي ايضاً إذ انك تتجول الى جانب نهر صناعي اخترق المبنى ليزيد فرادته وليضفي بعض الترفيه، فبإمكان الزائر أن يسترخي في قارب صغير يتهادى في مياهه وهو يراقب المحلات التجارية على الجانبين.. لا تفوّت زيارة المتحف العلمي الملاصق للأبراج، فهو يعرض للزائر المراحل التي مرّ بها ليصبح على ما هو عليه وكيف استوحى المهندس فكرة تصميمه من زهرة اللوتس أولاً ثم طوّرها ليصبح شكله على هيئة يدين اثنتين مجموعتين.
وقسم منه يعرض سيرة القائد المغولي جنكيز خان الذي عرف ببطشه وإجرامه، وقسم آخر لطريق الحرير وهي الطريق التي كانت تصل في الماضي الدول العربية بالأخرى الآسيوية للتبادل التجاري. كما يعرض بقايا سفينة وجدت فيها الخزفيّات والأواني الثمينة. الفن والتاريخ والتسوق تجتمع في مارين باي ساندز لتجعل منها ايقونة للمباني السابقة واللاحقة.

شارع أورتشارد  Orchard road
اذا كان عدد سكان سنغافورة حوالي 6 ملايين نسمة ومساحتها 650 كلم2 فالمعادلة اذاً تكون كيلومتراً مربعاً لكل ما يقارب الـ9300 نسمة.

كثافة سكانية عالية لم ألحظها خلال الايام التي أمضيتها هناك، فلا زحمة سير! ولكن إذا عرف السبب بطل العجب، فأسعار السيارات باهظة وذلك مقصود لتشجيع استعمال المترو وتحاشي الزحمة والمحافظة على البيئة.

لم أشعر بالاحتشاد إلا في أورتشارد رود، فمعروف أن هواية السنغافوريين المفضلة هي التسوّق.
نساء ورجال، شبّان وشابات وأطفال على طرفي الطريق اللافتات تحاول جذبك بالوانها وأشكالها و«المولات» تحتل المساحات طولاً وعرضاً ولا يمكن للمرء أن يقاوم إغراء الشراء مثلاً من مول ION الفخم الذي يتفاخر ببوتيكاته العالمية أو من Lucky plaza  حيث يمكن الاستفادة من الاسعار المخفّضة.

الحيوية تدبّ في هذا المكان والشبّان يقدمون العروض الترفيهية والاغاني على الطرق، ولن تستطيع مقاومة باعة الآيس كريم الجوالين حيث يقومون بتقديمه بطريقة فريدة... بين قطعتي خبز.

  حديقة الأوركيد الوطنيةThe national orchid garden
إذا كانت الأوركيد زهرتك المفضّلة، فسوف تكون محظوظاً إذا زرت هذه الحديقة.
وإذا صادفت زيارتك لهذه الحديقة فحتماً ستصبح الاوركيد زهرتك المفضّلة. أكثر من ثلاثة ألاف نوع من هذه الزهرة الفان منها مهجّنة. 
فالابحاث والمحاولات دائمة لإنبات أنواع جديدة من هذه الزهرة الوطنية.
تخيّل نفسك في جنّة من الورود المزركشة الالوان تحيط بك مع خضرة منعشة، فتذوب تلقائيا مع اللحظة وتعيش حالة من الراحة النفسية وتسير دون تعب مطارداً جماعات الأزهار لتصوّرها معتقداً أنك أسرت أجمل زهرة في كاميرتك لتكتشف أن التي بعدها أجمل وأجمل وأجمل.

وتصل في هذه الجنة الى قسم VIP حيث كل حزمة من الازهار تحمل اسم رئيس بلاد أو وزير أو احد الشخصيّات المهمة من سنغافورة ومن خارجها زارت هذا المكان، وتخليدأ للزيارة سمّيت إحدى هذه الحزمات على اسمه. ولفتتني مجموعة زهريّة اللون رائعة كانت باسم الشيخة موزا بنت ناصر.

متحف البراناكان Peranakan Museum
أُدخل متحف البراناكان وغُص في ثقافة وتاريخ آسيا الجنوب شرقية. فالبراناكان هم السلالة المتحدّرة من مزيج الصينين والملاي أو الهنود.
ويحكي المتحف بالصور والاثاث والاواني والأشغال اليدوية الدقيقة طريقة عيشهم وتطوّرهم مع الزمن.
كانت الفتاة، منذ نعومة أظفارها تبدأ بالتحضير لعرسها، فتتعلم الأشغال اليدوية الدقيقة من النونيا (اي سيدة البيت التي كان لها الرأي الاول والاخير في المنزل)، كما يعرض للهدايا الثمينة التي كانت تقدم خلال العرس الذي يستمر اثني عشر يوماً. وللثياب التقليدية ركن خاص وهي تعرف  بالسارونغ للرجال والكيبايا للنساء
. بالاضافة إلى عرض عاداتهم في المناسبات الاجتماعية الاخرى مع مؤثرات صوتية تعطى روحاً للمعروضات. ثقافة غنية جديرة بالاستكشاف.

على هامش المعرض الفنيّ   Biennale 2011
تظاهرة فنيّة بنسختها الثالثة تستضيفها سنغافورة إيماناً منها بأهمية الاعمال الفنيّة العالمية المعاصرة. معارض وفعاليّات فنيّة تمتد على مساحة العاصمة وخلال 35 يوماً،  كان ابرزها  افتتاح the Merlion Hotel  والميريلون هو التمثال الوطني الاسد-السمكة الكبير حيث شطحت مخيلة أحد الفنانين اليابانيين، فتفتقت عن فندق بغرفة واحدة في وسطها هذا التمثال الضخم. وتؤجّر خلال فترة البيينال بقيمة 150 دولارا سنغافوريا لليلة الواحدة.
هذه هي سنغافورة. بلاد إذا زرتها تعيشها بكل حواسك وتنطبع في ذاكرتك وقلبك وعقلك.

ولا يبقى أخيراً إلاّ أن استعير من المضيفين مقدمة نشيدهم الوطني Majulah Singapura أي الى الأمام سنغافورة.

قصة معبّرة:
قصة بسيطة اعتبرتها عيّنة تدل على التنظيم والتخطيط والرؤية المستقبلية في هذه الجزيرة.
كان ينبت على ارض الجزيزة نوع من الاشجار يحمل ثمراً لا يؤكل، فكلما نضج الثمر وقع على الأرض فاتسخت وكان على السنغافوريين تنظيفها باستمرار.

الى أن كان القرار بقطع هذه الاشجار واستقدام نوع غير مثمر من البرازيل وهو على شكل مظلّة يقلل من التلّوث ويظلل الناس ويحميهم من المطر، اذ تتفتح أوراق هذه الأشجار عند أول قطرة ماء تصلها. وهكذا حققوا الاستفادة والتوفير على المدى البعيد.
لم
تزر سنغافورة اذا لم تتذوّق طعامها
لا تكتمل الزيارة دون تذوّق المأكولات المحلية والتمتع بها. والمطاعم التي تقدمها منتشرة في كل الشوارع والمراكز التجارية. إختر ما يحلو لك من الأصناف المعروضة بسخاء فحتماً ستجد ما يلائم ذوقك بل ستقع في حيرة من أمرك بين طبق شهي وآخر أشهى.

  • جرّب مطعم True blue لنكهة البراناكان الاصلية: يقدم المأكولات في الأطباق والأواني التقليدية في جو وديكور يستحضران تاريخ البراناكان.
  • جرّب ايضاً Fika في الحي العربي وGaruda الاندونسي داخل المركز التجاري فيفو سيتي وHang out وwild Rocket وال40 hands لأفضل فطور على الطريقة الاوسترالية.