اسطنبول سلطانة التاريخ التركي

فندق / فنادق, معبد, كريستال, تركيا, مريض / مريضة, نافورة ماء / مياه, القصور, إسطنبول, الدولة العثمانية, كنيسة آيا صوفيا, العمارة البيزنطية, امبراطورية

20 أكتوبر 2011

جميلة جداً اسطنبول، مدينة التاريخ التي لم أسمع عنها أو أقرأ سوى في كتاب تاريخ صفوف المتوسط، عن القسطنطينية و«الباب العالي» والدولة العثمانية وعمامة سلاطينها ونياشينها وطغراء Tugra توقيعها المتداخل و... مسلسل «نور».
لا أعرف أحداً هنا ولكنني اتجهت إلى هاتف الفندق لطلب خدمة الإيقاظ المبكر... (دُوّن عليه رمزان، واحد للقسم الأوروبي من المدينة وآخر للآسيوي).
فيومان في اسطنبول لا بد أن يبدآ مع أذان الفجر والحمرة المقدسة شروقاً وغروباً التي تنساب على كل ركن ملتمع، قباب وقصور وقلاع وقرن ذهبي يجاور البوسفور عند متحف توبكابي.
الأخير مقر الإمبراطورية العثمانية أو في ما بعد «الرجل المريض» الذي أرضاني كثيراً بتركاته المُعافاة.


جامع السلطان أحمد ومتحف القديسة صوفيا تناقض وتناغم وتنافر
لا يمكن أن تصحو على صوت الأذان المقدس في اسطنبول وأن تغفل أو ترجئ زيارة صروحها الدينية التاريخية. يفرض جامع السلطان أحمد أو الجامع الأزرق تقدّمه على برنامج اليوم.
بمآذنه الست يجاور كنيسة القديسة صوفيا (آيا صوفيا) التي تحولت إلى مسجد ثم متحف وباتت ثامنة عجائب الدنيا. خطوات معدودة ويطالعك قصر «الباب العالي» أو «توبكابي» الذي يكتنز الأمانات المقدسة التي استقدمت من مصر في تاريخ فتحها، سيوف الصحابة وفتقنيات الأنبياء وأقفال الكعبة المقدسة وحيث تتواصل بين غرفة التلاوة القرآنية ليلاً نهاراً.

هنا وعند مدخل هذا الصرح يضيع البصر بين متحف القديسة إيرين والنافورة الألمانية... وبالعودة إلى الجامع الأزرق أو «السلطان أحمد» الذي أطلق اسمه على المنطقة المحيطة به. بناه المعماري سيديفكار محمد آغا في عهد السلطان أحمد.
وهو يحمل لقب الجامع الأزرق، لقب أجنبي للخزف الأزرق المستقدم من مدينة إيزنيك (على مسافة ساعة من اسطنبول) الذي يطبع جدرانه وزخرفة الخط الزرقاء التي تنقش قبابه.
حول الجامع فناء مغطى بثلاثين قبة مطوقة بالشرفات ونافورة تنضفر فيها القناطر الرومية المنقوشة بالقرنفل والتوليب النافر.
وبعد تحويل كاتدرائية آيا صوفيا إلى متحف عام 1934، بات «السلطان أحمد» الجامع الرئيسي في اسطنبول وأحد أكبر صروحها الدينية.
أما سمته الهندسية والجمالية فهي العشرون ألف قطعة خزف التي تكسوه ويتخللها اللون الأصفر للزهور التقليدية و260 نافذة وفن الخط الإسلامي الذي نسخه وشبكه سيّد قاسم غوباري، أعظم الخطاطين الأتراك آنذاك.

آيا صوفيا: هندستها البيزنطية والعثمانية تجعلها أكثر المتاحف جاذبية في تركيا
هي إحدى عجائب العالم لتاريخها الفني والهندسي. وقد كلفت عمليات ترميمها الكثير خلال الحضارات التي مرّت عليها.
بعد فتح اسطنبول عام 1453، أمر السلطان محمد الفاتح بتحويل الكاتدرائية المتهدمة إلى جامع لحمايتها من الخراب.
تمّ تزويدها بدعامات برؤية المهندس سيفان مهندس شهير في وقته، في القرن السادس عشر.
بقيت آيا صوفيا كنيسة 916عاماً وجامعاً 466. وقد أمر أتاتورك بتحويلها إلى متحف عام 1934. هندستها البيزنطية والعثمانية تجعلها أكثر المتاحف جاذبية في تركيا.

نافورة الماء الألمانية
مقابل ضريح السلطان أحمد الأول وإلى جوار الجامع الأزرق، نافورة الماء الألمانية التاريخية. هي هدية إلى اسطنبول من الإمبراطور الألماني ويليلم الثاني.
تمّ بناؤها في ألمانيا واستقدمت إلى اسطنبول عام 1901 حيث نصّبت في مكانها الحالي. بتصميمها الذهبي الذي يطبع فسيفساءها تبدو النافورة من طراز النيو-بيزانطي.
أهديت النافورة الألمانية إلى اسطنبول عام 1898 في ثاني زيارة للإمبراطور الألماني لاسطنبول. زارها أول مرة عام 1889 ليضمن بيع البنادق إلى الجيش العثماني.
أما في زيارته الثانية، فوعد بأن الشركات الألمانية ستباشر بناء اسطنبول وسكة الحديد. بنيت النافورة للإحتفال بذكرى هذه الزيارة وتمّ تصميمها حسب تعليمات الإمبراطور الالماني، وهي لا تبدو من الطراز العثماني أو الأوروبي.
ترتفع على قاعدة مثمنة الزوايا، ثمانية أعمدة ترتكز عليها قبة تزخرف قناطرها ميداليات أربع منها واحدة تحمل طغراء السلطان عبد الحميد الثاني على خلفية خضراء كما طبع على القناطر حرفW، الحرف الأول من اسم الحاكم الألماني ويلهيلم (أو فيلهيلم) الثاني على خلفية زرقاء.

الباب العالي أو سراي Topkapi
قصر توباكي بناه السلطان محمد الفاتح عام 1478 وكان المركز الإداري والمقر الرسمي للسلاطين العثمانيين حتى تشييد قصر Dolmabahçe (دولمة بهجت) من قبل السلطان عبد المجيد بعد 380 عاماً.

وهذا ما دفع السلاطين إلى ترك الباب العالي وقصور أخرى على رأسها يلدز.
لكن بعد هجر السلاطين الباب العالي اهتمت الدولة العثمانية بالغرف المقدسة التي كان يزورها السلطان عبد المجيد وعائلته في رمضان.
وقد افتتح رسمياً أمام الزوار بأمر من أتاتورك عام 1924، ولا يزال هناك ديوان الحريم ومطابخ السلطان.

خطوات تاريخية
لإنصاف الأثر المكتنز في ساحة السلطان أحمد يجدر تمضية يوم كامل بين صفحات التاريخ. حتى يوم كامل قد لا يكون كافياً فكل زاوية هي نقطة بداية مثالية لخطواتك التاريخية.
وكما سيارات أجرة مرسيدس السبعينات وبائع الكعك بالسمسم لا يزالان يطبعان الحنين البيروتي، يمر بجوارك بائع الكعك التركي، حلقات سميت «المرصّعة» بالسمسم والمقرمشة.
وكم يصادف المرء أيضاً بائع القهوة التركية التي كانت تباع غير مطحونة حتى وراثة التركي محمد أفندي دكان القهوة عن والده عام 1871 في شارع «تحميص» أي تحميص حبات البن حيث تنبعث رائحة القهوة التي لا بد أن يحمل منها الزائر الكثير بين أمتعته في طريق العودة.

 قصر يلدز: لطالما ضرب به المثل
هو أحد أرقى انعكاسات الهندسة العثمانية المطلّة على البوسفور وأحد أكبر أجنحة قصر يلدز الذي لطالما ضرب به المثل لفخامته.

جناح Büyük Mabeyn السلطان عبد الحميد الثاني هو أول شخصيات الدولة العثمانية التي مكثت فيه، لراحته واجتماعاته واستقبال ضيوف السلطنة المهمين.

هو عند المدخل الشمالي للقصر تضيئ مساحاته المرايا الكبيرة فيما تعلوه «الدرابزينات» الخشبية المرصعة بالكريستال، وهو تفصيل جذاب في الجناح.

أصوات غامرة تنبعث من لقاء الخشب والكريستال أكثر من 3000 لحن سحري. يبدو القصر كال«بازل».

كل غرفة هي بمثابة جزء من ضفيرة أو شبكة مصمّمة بذكاء جميل. حتى يمكن للمرء إن تعرف على هندسة المساحات أن يعيش في القصر دون أن يُكشف أمره.

الإقامة في فندق الريتز- كارلتون
في المدينة- الجسر حيث تتمازج وتندمج وتتناغم وتتنافر الثقافات شئنا أم أبينا لا يمكن إلاّ النظر إليها بعين منبهرة بعدما غادر من غادر واستقر الأثر، هنا لا بد من أن تشعر بالمكان حتى آخر لحظة قبل موعد النوم أو بالأحرى إقفال العينين.

فموعد النوم عبارة ساذجة جداً في اسطنبول حيث للبوسفور سحر مختلف على امتداد النهار.

وهذا المشهد النادر خبرته من شرفة غرفتي في فندق الريتز كارلتون، قصر دولمة بهجت كان جاري وتلك المآذن الحادة بقداستها وهندستها النابتة من بين البيوت القرميدية كانت متعة بعيدة المدى على الضفة المقابلة للبوسفور.

Tip: لا تفوتي زيارة متحف بانوراما 1452!
في هذا المتحف لا يمكن للعين تحديد أبعاد الصورة. تاريخ في صورة، تروي فتح السلطان العثماني محمد الثاني بعمر 21 ربيعاً للقسطنطينية آنذاك واسطنبول اليوم. يقع المتحف في متنزه توبكابي الثقافي.