'اسطنبول' الساحرة...

فندق / فنادق, طلاب, مسجد, أوروبا, إسطنبول, قارة آسيا, مضيق البوسفور, الدولة العثمانية, كنيسة آيا صوفيا, مسلسل, ملابس

22 ديسمبر 2011

على الباب الرئيسي لفندق «ريتز كارلتون» اسطنبول كان الوداع حاراً من جانب مسؤولي الفندق، والأكثر حرارة منه قيام الرجل التركي الأوروبي الملامح الذي يقف على المدخل الأنيق للفندق برش المياه بجوار المغادرين باعتبار المياه رمزاً للحياة ودعوة تفاؤل بعودتهم سريعاً إلى المكان قبل أن يجف الماء على الأرض... تلك كانت مراسم الوداع على أبواب الفندق الشهير، بعد أيام حافلة بالمتعة وعلامات التاريخ القديم والحديث لتركيا من بوابة اشهر وأبرز مدنها عالمياً وهي اسطنبول الساحرة التي كنا على موعد معها بدعوة من فندقي «ريتز كارلتون»، و«إيديشن» وبرعاية طيران «فلاي دبي».


اسطنبول
-سامح عبد الحميد
ما بين زيارة قصور قديمة ضاربة في أعماق التاريخ لسلاطين الخلافة العثمانية، وبعضهم يقدر عدد قصور اسطنبول التاريخية بنحو 2000 قصر، وبين القصر الحديث الذي صنع شهرته من وجود «نور ومهند» في المسلسل التركي الشهير والذي يمثل اهتمامات السياح العرب، ومعالم شهيرة أخرى، كانت أيامنا في اسطنبول مليئة بالتساؤل عن تركيا التي تضع قدماً في أوروبا وأخرى في أسيا عبر مضيقها الشهير البوسفور.
في البحر الأسود وأنت تمخر عباب البوسفور، ووسط الاستمتاع برؤية قصور الثراء العثماني وفنادق حديثة ترتقي إلى تصنيفات الدرجة السابعة، ستكون في قمة الحظ إذا قفز دلفين سابحاً بجوارك، ووقتها تتحقق أمنياتك كما يقول المرشد السياحي جوناي جوتش الذي يتحدث العربية بطلاقة وبلهجة لبنانية.

وتتكرر أسطورة الحظ عندما تكون وسط خضرة يانعة على «جزيرة الأميرات» أو العرائس، والتي تستقبل مئات الفتيات يومياً للتبرك بالمكان، وإتمام مراسم الزواج وسط زفة وأنغام تركية شهيرة.
وهناك أيضاً عشرات الأساطير التي ارتبطت بأماكن متعددة في اسطنبول التي تستقبل عشرات الملايين من الزوار من أنحاء العالم سنوياً، فالحياة المنظمة فيها ووسائل النقل الحديثة ونظافة شوارعها تعد جميعها جزءاً من طقوس الحياة اليومية لأهل اسطنبول عاصمة السياحة والتجارة في تركيا.

البوسفور
البوسفور ممر مائي يصل بين البحر الأسود وبحر مرمرة، يمتد 33 كيلومتراً، ويبلغ عمقه 117 متراً، ويصل عمره إلي عامي 4820 و4840 قبل الميلاد، حين ضرب زلزالان كبيران المنطقة معلناً انفصال قارتي أوروبا وأسيا برياً، فتحولت بحيرة مرمرة إلى بحر عظيم مستمداً انسيابه من مياه بحر إيجه والبحر الأسود.
وعلى البوسفور جسران أحدهما جسر البوسفور، والآخر جسر الفاتح السلطان محمد، وهما يربطان ما بين آسيا وأوروبا ويعبرهما يومياً ما يزيد عن 800 ألف سيارة معلنة عن تنوع غريب يربط بين تركيا الآسيوية وتركيا الأوروبية أو اسطنبول العريقة.

وبالفعل أصبح هذا المضيق على مر التاريخ قناة تجارية بالغة الأهمية، ومعه أضحت اسطنبول عاصمة سياسية وتجارية، والبوسفور مركزاً للسياحة والتجارة العالمية.

دولما باهجة
تتميز اسطنبول كمقر للإمبراطورية والخلافة العثمانية بأنها تضم ما يقرب من ألفي قصر مهيب على ضفاف البوسفور والأماكن القريبة منه، ولعل أهمها قصر «دولما باهجة» الذي يعد من أفخم قصور العالم وأكبرها، وسكنه آخر ستة سلاطين عثمانيين تناوبوا على عمرانه وزيادة مساحته. وقد شرع في بنائه السلطان عبد المجيد الذي عاش فيه لمدة ستة أشهر فقط.

ويحتوي «دولما باهجة» على 293 غرفة، 47 غرفة منها للمعيشة، كما يضم ستة حمامات على النظام التركي القديم والشهير، ويحتوي القصر على 14 طناً من الذهب موزعة بين جدرانه وأثاثه كديكورات داخلية.

قصر «توب كابي»
يطل قصر توب كابي على أجمل منظر في اسطنبول باعتبار القصر في شبه جزيرة تطل على موقع فريد وثلاثة بحور وهي مرمرة ومضيق البوسفور وخليج «قرن الذهب»، يضم القصر الأمانات المقدسة، ويشتمل على البردة الشريفة للرسول الكريم محمد «صلى الله عليه وسلم»، وشعرة من ذقنه وأخرى من رأسه، وأثر لقدمه، الى جانب سيوف الصحابة، وعصا النبي موسى، وسيف النبي داود، وآثار أسلامية متعددة من بينها عدد من مفاتيح الكعبة المشرفة.
كما يضم المتحف مجوهرات الدولة العثمانية لعروش السلاطين، الى جانب ملابسهم في ذلك الوقت، ويتضمن كذلك ثلاث حدائق كبيرة هي السلام والسعادة و«الحمايون» أو «الحماية»، ومباني متعددة للخدم وحريم السلاطين والمطابخ الكثيرة.

متحف آيا صوفيا
وصف سابقاً بأنه اكبر كنيسة في العالم، ومن ابرز الآثار التاريخية في العالم لروعة البناء وفنونه التي تجمع بين البيزنطي والروماني، وقد بدأت عمليات البناء فيه عام 532م، وانتهت عام 537م.
ويضم أعمدة مختلفة الشكل والجوهر أُحضرت من أنحاء متعددة من مصر وسورية ولبنان واليونان وإيطاليا وغيرها... ويقوم البناء على 56 عموداً، وعمل على البناء أكثر من 10 ألاف شخص.
وقد تحولت الكنيسة إلي جامع عام 1453م في عهد محمد الفاتح، وفي عهد مؤسس تركيا الحديثة مصطفى أتاتورك تم تحويلها إلى متحف يجمع الحضارتين الإسلامية والمسيحية، ويضم أيقونات مريم ولوحات «موزاييك» تصور النبي عيسي عليه السلام، وسورا متعددة من القران الكريم.

ومعجزة آيا صوفيا أن البناء شيد بحيث تدخل الشمس لحظة شروقها لتنير الساحة كاملة، ولتشعر وأنت باخلها بأن نور النهار يغمر المكان كله.

وتمتد معجزة البناء في أن قبة المتحف تعد الأكبر في العالم التي ترتفع دون أعمدة تستند إليها، على عكس الجامع الأزرق أشهر معالم اسطنبول والذي ترتفع قبته على أربعة أعمدة ضخمة.

الجامع الأزرق
بدأ العمل في بنائه عام 1609 واستمر سبع سنوات في عهد السلطان أحمد، ولهذا سمي باسم جامع السلطان أحمد أو كما يقولون ويكتبون بالتركية السلطان أحمت.

ويعد الجامع العملاق الأول من نوعه في تركيا الذي يضم ست مآذن، وتحده حديقة ضخمة هائلة الاتساع.
كما تضم مبانيه أماكن لسكن المعلمين وطلاب العلم، وسمي الأزرق لتميزه بالبورسلين الأزرق الذي تم جلبه خصيصاً من منطقة «أزنيك»، كما يطغى اللون الأزرق على ساحاته الداخلية.

ويقع في منطقة كانت تسمي «هيبودروم» خصصها الرومان قديماً لسباقات الخيل، وتحولت بعد إقامة الجامع إلي ميدان كبير وساحات تسوق حيث تضم بازاراً كبيراً يرتاده زوار المكان.

تقسيم
ساحة تقسيم هي يعد المكان المشبع برائحة التاريخ وأبرز الساحات التي يرتادها زوار اسطنبول.
وارتبط اسم المكان بالباب العالي وسلاطين الخلافة العثمانية منذ فتح اسطنبول عام 1453م بعد أن كانت تسمى القسطنطينية. ويعج المكان بآلاف الزوار على مدار اليوم لتعدد المحال والمطاعم والمقاهي.

غراند بازار
ولا بد من ذكر غراند بازار، وهو سوق عمره 550 عاماً، ويضم ما يزيد عن 5 ألاف محل تراثي تبيع ما يتنوع بين الملابس والذهب مروراً بالهدايا التراثية والأواني الفخارية والسجاد التركي الشهير، وهو معلم بارز للتراث والصناعات التقليدية.