جديد الديزاين

الديزاين, أكسسوارات, كراسي, مصباح, كنبة, أندريا برونزي, لوكوربوزييه, الثورة الصناعية, الخزائن

15 أبريل 2009

كل العالم يعرفون الكرسي «رقم ١٤».  ربما الكثير من الناس يجهلون اسمه، ولكنهم بالتأكيد جلسوا عليه في منزل، في مطعم، وعلى الأخص في مقهى ... وقد أطلق عليه في ما بعد «كرسي المقاهي».
هذا الكرسي الذي أصبح في خانة «الكلاسيك» لا يزال حتى اليوم رمز «الديزاين» وأيقونته. فهو أول نمودج تم تصميمه بهدف إنتاجه بكميات كبيرة.

يعود تاريخ الكرسي الى منتصف القرن التاسع عشر. مبتكره هو مايكل تونيت (الماني - نمساوي). أطلق في حمى الثورة الصناعية فكرته تحت إسم «رقم ١٤». وقد بيع منه أكثر من خمسين مليون قطعة حول العالم.

موضوعنا هنا ليس عن «تونيت» وكرسيه الشهير أو مبادراته الفذة. ولكنه عن هذه السلالة البهية من المصممين و«الديزاينر» الذين يطلقون لمخيلاتهم العنان من أجل مبتكرات بديعة تجعل من حياتنا أكثر غنى وراحة ورفاهية...

و«الديزاين» على إتساع مفهومه الذي بات يشمل كل شيء، لم يعد مجرد تصاميم جامدة لتلقيم آلات المصانع بها، بل تقف خلفه فلسفة وربما فلسفات، يستمد منها حيثياته، ويستلهم الحياة نفسها، إذ يبقى الانسان محور إهتمام كل المصممين، على إختلاف أساليبهم وتياراتهم ونظرتهم الى الأمور.

فمن أصغر الأشياء التي تخرج من جعب المصممين الى أكبر الأشياء وأكثرها أهمية، يبقى الهدف الأول تطوير مفهوم الحياة اليومية للانسان ومنحه مزيداً من الراحة والتسهيلات والرفاهية.

وإذا كان من الصعب تتبع الجديد في مجال الديزان والمبتكرات، فإن وسائل عديدة وضعت في خدمة التعريف بآخر المبتكرات في كل  المجالات، مما يسهل البحث والاختيار الذي لا بد من تحديد قواعده بشكل مسبق لكي تكون نتيجته مناسبة وملائمة للاحتياجات ومتوافقة معها، ذلك أن المبتكرات الكثيرة واللامحدودة التي تنتجها مخيلات المصممين وتضخها المصانع، تحتاج الى رؤية مسبقة وجرعة معرفة ضرورية لكي يمكن الاستفادة من كل تقديماتها.

والمسألة على علاقة وثيقة ليس فقط بالشروط المادية، وإنما أيضاً بالأبعاد النفسية التي تحكم رغباتنا. ولا شك في أن المصممين يراعون كل هذه الجوانب عند الشروع في وضع التصاميم. «الديزاين» بداية هو تأهيل خاص يستهدف تقديم أشياء محققة لأفكار وتصورات تأخذ في الاعتبار النواحي العملية (الوظيفية) والجمالية والهيكلية والارشادية والرمزية والتقنية والانتاجية.

ومن هنا فإن نجاح أي مبتكر يتوقف على مجموع هذه العوامل الأساسية، والتي تلبي  كما يبدو من شموليتها، ليس فقط الاحتياجات، ولكن الأذواق والتطلعات والرغبة في الاضافة والتطور.

ولعل إكتشاف مواد وخامات جديدة، أعطى دفعاً قوياً لعالم الديزاين. فالمصممون الآن يتجهون الى كل جديد في عالم المواد لتطويعه والإفادة منه في مبتكراتهم. وهذه العملية ليست بالبساطة التي نتصورها، بل تتطلب مجموعة من المعارف والعلوم الضرورية لأنجازات يمكننا تصنيفها في خانة المبتكرات.

والحقيقة أن توسع عالم الديزاين، قد ألغى الكثير من الحدود الفاصلة بين العديد من المجالات التي بقيت وقتاً طويلاً ممهورة بحدود واضحة.

إقترب الديزاين كثيراً من الفنون الجميلة، بل في كثير من المواقع تم تصنيفه كأحد الفنون التطبيقية ... فهو يشترك معها ليس في الجوانب الجمالية فقط، ولكن أيضاً في الدور الذي يلعبه لشغل المساحات والفضاءات.

ومع تطور عالم الديزاين بدت الحدود الفاصلة بينه وبين العمارة تتلاشى الى حد الإنعدام. ونجد أنه منذ عهد لوكوربوزييه المهندس الأكثر شهرة في تاريخ العمارة، والذي خصص الكثير من وقته لرسم الأثاث المنزلي، نجد أن فيليب ستارك أحد أشهر الديزاينر في عصرنا هذا، قد رسم العديد من البيوت والعمارات.

أما بالنسبة الى التقنية، فإننا نجد أن الديزاين يتمتع بخصوصية فريدة تؤهله لاستخدام التقنيات من أجل مخارج غير تقنية. فالهدف الأول هنا ليس تطوير التقنيات بحد ذاتها، ولكن من أجل التطور الانساني.

وفي التسويق، يشكل الديزاين مسيرة إستراتيجية لهذا المجال. أندريا برونزي أحد أشهر المصممين والمتوفى عام ١٩٧٤، يقدم تعريفاً فريداً «للديزاينر» على الشكل التالي: «الديزاينر هو مبتكر سيناريوهات وإستراتيجيات».

«لها» إعتادت في كل عام أن تقدم لقرائها، أفضل المبتكرات في عالم الديزاين، الجديد منه والجميل، الغريب والطريف. ولكنها كلها مبتكرات تعكس جهود المصممين من كل دول العالم، ليس في ابتكار الجديد لمجرد الابتكار، ولكن من أجل جعل هذا العالم مكاناً أفضل للبشر.