المنزل منحوتة

أكسسوارات, قاعة /صالة / غرفة طعام, قاعة /صالة / غرفة جلوس, الهندسة الكلاسيكية, قرية القرميد, قاعة /صالة / غرفة إستقبال, الرخام, المنحوتات الإغريقية, المهندس برنار غصوب, حجر منحوت, الطراز العصري

16 أبريل 2009

وأنت تمرّ من أمام هذه الفيلا في منطقة الربوة في الضاحية الشمالية للعاصمة بيروت، يستدعيك على عجل جمال صارخ وفنّ مرهف يأبيا إلاَّ أن يتركا في الناظر انطباعاً لا يمحى. من هنا مرّ إزميل نحات مبدع حفر جمالات هذه الفيلا. ما إن تدخل منزل بول طوروسيان حتى تلمس أنّ النحت جزء من الهندسة الداخلية، وبالتالي تدرك أنّ السمفونية المتكاملة من النحت والرسم والهندسة الداخلية تحمل توقيع المهندس نفسه برنار غصوب.

 

 ترفل فيلا طوروسيان بالحجر الأبيض الناصع والقرميد الأحمر الذي يطربشها، مكحّلة بالنحت الذي يستقبل الزائر من المدخل الخارجي. ثلاث درجات تقودك إلى الباب الخارجي للمنزل، من الخشب المطعّم بالحجر، وإلى جانبيه لوحتان مستطيلتان من الحجر المنحوت، تعكسان الجوّ العام الطاغي على الهندسة الداخلية. واللافت أنّ المنحوتتين لعبتا دوراً مزدوجاً، فبالإضافة الى الناحية التجميلية لهما، استخدمتا كمصباحين انبعثت منهما الإنارة. وهذه كانت رغبة المالك الذي طلب من المهندس ابتكارهما لكي يتفرد منزله بهذا التصميم، خصوصاً أنّها تشّكل الواجهة الخارجية للمنزل.

 

يفتح الباب على ردهة استقبال فسيحة، يتفرّع منها درجان، واحد لجهة اليسار يقود إلى الطبقة العلوية حيث غرف النوم، اطاره من الحديد الأسود المزخرف، وآخر مقابل للباب يوصل الى قاعات الجلوس عبر ثلاث درجات نزولاً، وعلى الجانبين عمودان من الخشب. في قاعة الاستقبال مرآة عملاقة إطارها من الحجر المنحوت، ويتوسطها كونسول من خشب السنديان بلون الجوز، استقرّت عليه شموع مضاءة. في هذه الردهة، الجصّ بسيط التصميم كما في كلّ المنزل، وقد تعمّد المهندس ذلك للحفاظ على قيمة الخشب، بحيث لا يطغى شيء عليه، وبالتالي ليعكس الهدوء والبساطة تناغماً مع الرخام البيج الذي افترش أرضية المنزل كلّه، وبعضه مقلم بخيطين بنيين على الاطراف.

 

مساحة مترامية مزروعة بالجمالات المنثورة بين غرفة الجلوس والصالونين وغرفة الطعام.

أول ما يطالع الزائر غرفة جلوس فسيحة تدخلها من باب عريض، وتتصدر الحائط فيها لوحة ضخمة لجبل أرارات، لما له من دلالة معنوية لدى المالكين المنتمين إلى الطائفة الأرمنية.

ولأن الحميمية في الجلسات تقتضي مدفأة، فقد لحظها المهندس غصوب ونفذها بأناقة لا متناهية، مدخلاً إليها لمساته المرهفة، وناحتا فوقها حصاناً، رمزاً للقوة والإنطلاق. مقاعد هذه الجلسة من الدان والقماش، الأرائك  من القماش باللون البيج وجوانبها من الين البني الداكن. ومن غرفة الجلوس الى الصالون الأول البيج، وقد اضفت عليه اللوحات الزيتية سحراً خالصاً، ورونقاً من خلال ألوانها الزاهية.

 

هذا الصالون الهادىء اللون من الطراز العصري قابله آخر يمزج بين العصرية والكلاسيكية بلونه الأحمر الداكن الذي تطعّم بكرسيين من اللون البيج. وتوسطتهما طاولة مربّعة تعلوها بلاطة من الرخام الفاتح. والتحفة في هذا المنزل تجسدت في غرفة الطعام التي صمّمها المهندس غصوب مدخلاً إليها منحوتاته بحرفية قلّ نظيرها. من اليمين واليسار إمرأتان متقابلتان كأنهما تقدمان الطعام، وبينهما تحفة مستديرة إغريقية تسكنها الأحصنة، ويحوطها من كلّ جانب عمود إزدان بالنقوش. هنا تتخذ الأناقة عنواناً لها فتقيم في فيترينتين متجاورتين، تتخلّلهما المرايا لإضفاء مزيد من المساحة.  أما الطاولة فتتحلّق حولها عشرة كراسٍ، مقاعدها باللون البيج وخشبها بنيّ.

 

وفي ظلّ كثرة المنحوتات غابت قطع الأكسسوار التي تزيّن عادة الجلسات. فالجمال هنا مكتمل ولا مجال للمزيد. وبالوصول إلى المطبخ، تطل علينا عصرية صارخة تمثّلت باللونين الأصفر والبيج بتصميم بسيط وأنيق. ولأنّ الأبواب الداخلية فنّ قائم بذاته، فقد أولاها المهندس غصوب عنايته وأدخل إليها النحت، ليحوّلها لوحة تجميلية. وحتى حمام الضيوف الذي تزين بمرآة كبيرة وتخللته خزائن عملية، إتّسم بالأناقة، وتطعّم بابه بالحجر المنحوت.

في منزل بول طوروسيان، كل ركن يصلح لأن يكون قاعة استقبال لكثرة التفنّن الذي ملأ الزوايا.