منزل يجمع قرنين من الزمن

هندسة لبنانية, موزاييك, أكسسوارات, قاعة /صالة / غرفة طعام, مهندسة ديكور, قاعة /صالة / غرفة جلوس, عقد, قاعة /صالة / غرفة نوم, قاعة /صالة / غرفة إستقبال, قاعة /صالة / غرفة المدفأة, قناطر, المهندس امين إسكندر, ترميم المخطوطات, بيوت بقرميد, الهندسة اللبن

24 أبريل 2009

أحيا المهندس امين إسكندر منزل أجداد انطونيو عنداري الذي لم يكن يبقى منه إلآ ثلاثة قناطر وغرفة عمرها ٢٠٠ سنة، والى جانبها غرفتان اضيفتا الى المنزل القديم بعد ١٠٠ سنة...
وعندما تعاون المالك والمهندس قرر الاول إبقاء الجزءين القديمين وإبعاد كل شيء غير صالح والانتقال معهما لبناء منزل تتواصل فيه السنوات حتى عصرنا الحالي.

عمل اسكندر على تمويل المنزل الى «غاليري هاوس»، وانطلق في البناء من بعض حجارة كانت في أرضه واستكمل باقي الحجارة من منازل قديمة، كما استعمل حجارة جديدة أدخلها الى عقد المنزل بعد تقصيبها. أما الأعمدة فجديدة لكن تم تعتيقها لتتناغم وعمر المنزل.

حافظ المهندس اسكندر على الواجهة الرئيسة للمنزل لكن أعاد ترميم السلالم وتكبيرها بعد أن كانت صغيرة وضعيفة، وبعد موافقة المالكة التي عادت عن طلبها تغيير المدخل، للمحافظة على روح المنزل القديم.

ثلاث أعمدة من الطراز القديم العريض تجمع ثلاثة قناطر عند المدخل الرئيسي وتقابلها ثلاث أخرى من جهة المطبخ.
وتناغماً مع الطراز الخارجي للمنزل حقق المهندس ثلاثة قناطر في الطبقة السفلية للبناء وعلق فوقهما ألواح «توتيا» (حديد بسماكة رفيعة) لتتحمل ثقل الثلج  المتساقط إثر هبوطه من القرميد العالي بينما وضع «مظلة» من الزجاج مع فيرفورجيه فوق المدخل الرئيسي لتحمّل الثلج المتساقط عن ارتفاع صغير مما لا يلحق الضرر بهذا الزجاج.

بركتان وضفدع

أمام المنزل بركتان مزخرفتان بنقوش قديمة، اشتراهما المهندس اسكندر من قصرين قديمين، واحدة كبيرة عالية الأطراف تقابل المدخل الرئيسي وتضم حفرة بئر - لا مياه داخلها- لكن تجمع عليها أدوات جر المياه وهي تشكل محور الاستقبال على المدخل. والأخرى منخفضة الاطراف وتقابل الغرفتين اللتين تعودان الى قرن من الزمن والمختلفتين في الارتفاع عن القسم الاول للمنزل.

وعندما أكمل اسكندر بناء القسم الثالث للمنزل حققه بارتفاع أعلى من الجزءين القديمين، وبعدما حصل على ثلاثة ارتفاعات مختلفة عاد ورفعهما بمستوى واحد «وهكذا جمعت الأجزاء الثلاثة للمنزل بكورنيش حجر يربطها معاً في منزل واحد وارتفاع واحد». على قول اسكندر.

ولزيادة جمالية هذا المنزل فقد أحضر اسكندر اليه نوافذ صغيرة مختلفة التصاميم من مربعة ودائرية ورفعها فوق النوافذ بأشكال جميلة.

استبدال نافذة بمغسلة

وفي الخارج وُضعت مغسلتان: واحدة في الحديقة لتسهل غسل اليدين لسكان المنزل، والاخرى وضعت في الطبقة العلوية بعدما اضطر اسكندر ان يغيّب نافذة فأغلقها كفجوة وضع داخلها خنفية ومغسلة فبدت قطعة فنية فريدة.
في الطبقة السفلية أضاف اسكندر مساحة اضافية كللها بعقد بعد صقل حجارته ووزع أرضه بمستويين عال في قديمه، ويتم النزول عبر ثلاث درجات باتجاه جديده ليرتبط مع الخارج بحديقة عمد اسكندر الى رفع ارضها لتتلاقى والأرض في داخل العقد بمستوى واحد.

في الطبقة العلوية ترك المهندس الحجر حول الباب في الممرات على حاله، وكذلك في غرفة الجلوس ترك جداراً حجرياً بعد أن كان فاصلاً ما بين المنزلين القديمين.

الموزاييك

ومن الأعمال الأحب الى قلب المهندس والتي يكررها في معظم منازله الموزاييك في الأرض، وخاصة في المدخل الرئيسي ليراها كل من يدخل هذا المنزل وليعيد دورها كما عرفت في التاريخ لوحة تزرع في الارض حيث مكانها التاريخي وليس على الجدران.

ولا تغيب المدفأة في هذا المنزل إذ يرى فيها اسكندر قطعة رائعة إذا أحسن اختيارها فكيف إذا كانت تحمل ألفي سنة عمراً كتلك التي وضعها في العقد وحققها بشرائه قطعتين من «زفر»  لشرفة منزل قديم لبناني وعتبة لتنتهي المدفأة مكلّلة بحجر بيزنطي منحوت عمره ٢٠٠٠ سنة. أما في الطبقة العلوية فوضعت مدفأة نفذت من حجارة لباب منزل لبناني قديم.

 أساس الهندسة اللبنانية

وتبرز الشرفة الخارجية التي تجمع الخارج مع الداخل وتحوطها الأعمدة لتشكّل العامل الأساسي للهندسة اللبنانية كما يقول اسكندر.
ويضيف أن حتى الأثاث العادي والسقف والثريا عندما تتوزع ضمن جلسة خالية من واجهات الزجاج فهي أيضاً تؤلف هندسة لبنانية ١٠٠٪، والتي تحقّقها هي المساحة التي تربط الخارج بالداخل مع صور طبيعية لا تنتهي من جبل وبحر. كما ربط اسكندر المنزل مع الخارج بسور من حديد أسود بسيط.

وبعد لقائنا المهندس أمين اسكندر كان لنا آخر مع المالكة كارول التي وزعت أثاث منزلها كما أحبت، وقالت: «عندما دخلت المنزل بعد الانتهاء من ديكوره كان يتوزع فيه الصالون وغرفة الطعام في مساحة واحدة، ولأن مساحة الصالون لا تكفي وعائلتي فقررت إبعاد غرفة الطعام الى القسم السفلي في العقد واشتريت طاقم صالون آخر ووزعته مكان غرفة الطعام لأضيف رحابة الى المنزل ولراحة لعائلتي».

في المدخل الرئيسي وضعت المالكة خزانة مزخرفة رائعة تعود الى غرفة نوم كاملة حصلت عليها والدة زوجها هدية عرسها. أما سرير هذه الغرفة فصار للإبنة، ووزعت المفروشات الأخرى في أرجاء المنزل.

في الصالونات تبدو العصرية في ألوان الاقمشة الفاتحة والكلاسيكية في تصاميم الأثاث. واعتمد الخشب بلون القديم منه. وتقول المالكة: «لا أحب اللون الغامق كما أبتعد عن اللون القوي».

من ألوان وردية الى خطوط ملوّنة زينت كارول منزلها لأنها تحب البهجة التي تفوح من هذه الألوان.

وبين الصالونين مدفأة  يعلوها صور للعائلة بكوادر ملونة، تواجهها مدفأة أخرى تعود الى العام ١٩٠٥ أحضرها جد أنطونيو المالك من نيويورك وازدانت بقطع موسيقية قديمة. كما وزعت كارول أكسسواراتها بما يليق وأجواء القرية الشمالية كالزجاج الملون من محلات «بوتيك دو موند»....

شموع  كثيرة تتوزع في المنزل وأجملها عند المالكة عندما تضعها جميعها في المدفأة مضاءة لتبث أجواء حالمة راقية. وغابت الستائر لإبراز جمال الحجارة مع القناطر.

ولا يدخل أحد غرفة الجلوس المطلة الى الخارج بجلسات مريحة إلا ويعرب عن إعجابه بألوانها الزاهية وأرائكها المخططة ومنها بطراز «الشانيل» وستائر وردية مطرزة كما نراها في غرف النوم، وللضيوف حمام بمغسلة حجرية يدوية الصنع من أعمال بلدة زوق مكايل الكسروانية.

لوحة للمنزل

وتوزعت  اللوحات منها للرسام اندريه كالفايان وأخرى من معارض لبنانية، ولوحة تبرز المنزل ذاته بريشة الرسامة منى صلاح أبي حنا.

العقد

في العقد غرفة الطعام التي أحضرت طاولتها من منزل اهل المالكة. أما الكراسي الستة فجميعها محفورة اشترتها جدة المالكة من أميركا. وتقول كارول أنها لا ترغب في غرفة أكبر منها وتحب تصميمها كما أن أكثر اللقاءات لتناول الطعام تكون خارجاً  أثناء الصيف.

ووزعت المالكة أكسسوارات من النحاسيات لتناغمها وأجواء العقد ومعظمها مدقوقة يدوياً وهي من أعمال عائلة النعسان السورية. كما علقت على الجدار الحجري صواناً وأواني من النحاس تتذكر استعمالها في تناول البزورات في منزلها الوالدي.

وتشغل القسم العلوي للمنزل طاولة للعب بلياردو كبيرة، والى جانبيها كنبتان قديمتان احداهما مزركشة بحفر نادر.

وتتوزع غرف نوم ثلاث في هذه الطبقة خصصت المالكة اثنتين منها للضيوف، وأدخلت الى إحداها سرير نحاسي قديم ومنحوت إضافة الى كنبة وستائر وردية.
وأحضرت كارول جميع الثريات البرونزية من منزل والديها، فهي وحيدتهما!