مدرسة في العراقة

أثاث, أكسسوارات, قاعة /صالة / غرفة طعام, تونس, قاعة /صالة / غرفة جلوس, تصميم ديكور, حميد القصري, قاعة /صالة / غرفة نوم, العمل اليدوي, السجادة الحمراء, قاعة /صالة / غرفة إستقبال, سيراميك مزخرف, مفروشات جلدية, خشب محفور

14 مايو 2009

لسنا في سور حصين من معالم البلاد التراثية، بل في قصر حمادي شنوفي في تونس. هذا القصر العريق المشيّد في منطقة محصّنة أيام الانتداب الفرنسي لتونس. يقع شمال العاصمة، محصّن شكلاً ومضموناً. واليوم إبنة المالك المقيمة فيه فخورة بما ورثته عن والدها. ولكونها خبيرة في مجال الجمال والإبتكار، ومصمّمة أزياء، فإنها تعمل على إضافة جمالات إلى منزل والديها، محافظة على النمط الذي صُمّم وفقه.

الضخامة في الأثاث واكبتها ضخامة في الهندسة الداخلية كما الخارجية، توّجت بالدرج الداخلي الدائري لكون المنزل إتخذ شكلاً مستديراً من الخارج. فالشرفات الخارجية مستديرة تزّنر الجلسات والغرف، كما أنّ الدرج الداخلي مفتوح على بعضه، ويمكن للواقف في غرفة الاستقبال أن ينظر الى الأعلى ويرى ويتابع دورة الدرج وصولاً الى القبة العالية في رأس المنزل مختتماً جولته التصاعدية.

خيمّت الألوان الترابية على المنزل، فالخارج إرتدى حلّة من الحجر  باللونين البني والبيج. أما الداخل وخصوصاً قاعة الجلسات فارتدت حلّة من الفخامة وكأنّ المالكة حاكت لها قطعة من اللباس متجانسة الألوان فيها كلّ مقوّمات الأناقة. فالجدران تزيّنت بالقماش المطعّم بالحرير، وتماشت معها الزخرفة في السقف من السيراميك الأبيض المطعّم باللون البني الذي طغى على الرسوم والزخارف. والسقف من تصميم حرفيين تونسيين.

وتخلّلت الجدران من القماش ستائر عدة لكثرة الأبواب في الجزء المخصص للصالونات، وهي من الحرير البني والبيج. والزخرفة لم تقتصر على الجدران والسقف بل وجدت في السجاد الحرير الذي طغى عليه اللون البرتقالي تماشياً مع اللونين البني والبيج للأثاث. والأخير يحكي قصة من العراقة والتاريخ الطويل، إذ إنّه يعود الى القرن الخامس عشر وتحديداً هو من الطراز الباروكي ولويس الخامس عشر، يعتمد على الخشب المحفور والمذهّب، وقماشه من العمل اليدوي.

أما الصالون الثاني المقابل للكلاسيكي، فهو من الجلد بلونه الغريب المشكّل من مزيج البني والبيج، وطرازه مزيج من الشرقي والغربي.

الإنارة عكست طابعاً مميزاً، ولعبة المزج بين النور والعتمة أعطت المنزل نفحة رومانسية وخليطاً من الراحة والفخامة معاً. فقد إنبعثت الإنارة من  ثريات من السقف، إنارة بعضها قوي والبعض الآخر خافت. كما أنّ المصابيح توزّعت على الطاولات المتناثرة في زوايا الصالونات.

وفي آخر الصالونات خزانتان بشكل «فيترين» وضعتا جنباً الى جنب، واحدة من الخشب المحفور بلونه الداكن، والأخرى باللون ذاته أقلّ زخرفة. 

وفي آخر الجلسات ركن خاص لآلة البيانو من الخشب الداكن. لكنّ الأبواب الخشبية كلّها زاهية اللون، والأبواب الداخلية طعمت بالزجاج لإدخال النور الى أرجاء المنزل. أما الأبواب الخارجية والشبابيك فاتخذت شكلاً مستديراً نظراً لهندسة الحجر المقبّب. والخشب أخذ حيّزاً كبيراً في الداخل بما انّ إطار الدرج الطويل المستدير من الخشب الزاهي اللون ذي الهندسة المميزة.

  الطراز الكلاسيكي دخل غرف النوم التي إتسمت بهدوء لافت وقلّت فيها الأكسسوارات. وبعض الغرف اعتمد في هندسته على الخشب المزخرف والبعض الآخر على القماش والخشب المزخرف مع اللذين تداخلا بطريقة جميلة. كما في غرفة المالكة مثلاً، إطار السرير من الخشب الأبيض المزخرف، استخدم معه القماش المقلّم باللونين الأبيض والأسود للجوانب.

أما غرفة النوم الرئيسية فعريقة التصميم، السرير من الخشب الداكن اللون والمحفور، والمغطى أعلاه بالجلد البيج، الى جانبه خزانة كبيرة من الخشب المطعّم بالرسوم ذاتها للسرير. ولابراز جماله إتشح بالحرير الأحمر. هندسة الحمام قديمة جديدة، بما انّ بعض المهندسين يعمد الى إعادة إحياء هذا التصميم في أيامنا هذه، بجعل المغسلة مستقلة، وكأنّها ركن خاص.

واللافت أيضاً استخدام السراميك المزخرف والمطعّم برسوم لأكسسوار الحمام باللونين الأصفر والأبيض، قابلته الحجارة الصغيرة اللملوّنة على الجدران. هذا المنزل ليس مثار اعجاب للانسان وحده، فحتى الشتول تسلّقت جدرانه لتسترق النظر الى جمال كلّ زاوية فيه ولتشرف على الحديقة الغنّاء التي توزّعت في أرجائها الأشجار المثمرة.