قصر تونسي المنشأ عالمي الهوى

أثاث, ورق الجدران, أكسسوارات, الستائر, تونس, لوحة / لوحات فنية, الحديقة السرية , حميد القصري

28 يوليو 2009

هذا القصر لا يحمل إسم عائلة أو شخص، إنّما اسم مستوحى من التاريخ ومن عراقة الفن الإنساني «tanagra». ولا عجب في ذلك ما دام عنوان البيت يدلّ على الفنّ المقيم بين جدرانه. وهو في آن واحد عنوان الكتاب الذي عرض داخل المنزل بحجمه الكبير ويعود إلى العام 1878، هدية قدّمها صديق المالك إليه.

لا يمكن للناظر من الخارج إلى هذا القصر أن يحدّد هوية بلاده. فهو مزيج من أذواق وطرازات عدة. وبعد التدقيق جيداً والتعرّف إلى المالك السيد رؤوف بو أسيدا يدرك الناظر إليه من أين يستمد هذا السحر العالمي. فهو جاب العالم من شرقه إلى غربه ومعظم الولايات الإميركية.

اللون الزهري الذي طليت به الجدران الخارجية يضفي زهواً على الحديقة الخضراء المتناسقة التي تحيط بهذا المسكن والتي لا بدّ منها في تونس الخضراء لتكون إسماً على مسمّى. وفي هذه الحديقة التي افترشها أثاث أبيض من الحديد المزخرف تقيم العائلة احتفالاتها في جوٍ من الرومنسية والحميمية. وزيّنت الحديقة نافورة ماء يتدفق من فم وجه من الحجر المنحوت إيطالي المنشأ ومعروف بـ «bocca de lione»، علّق على حائط من الحجر السيراميك الملوّن. وإكتسب حوض السباحة طابعاً أثرياً، إذ تناثرت حوله القطع الرومانية من الحجر المنحوت، مضفية جمالاً على قعره من الحجر الموزاييك.

وللنفحة الإيطالية حصة كبيرة من الهندسة الخارجية. أعمدة رشيقة باللون الأبيض تصل الشرفات العالية بالسفلية. وبما أنّه مسكن الفنّ بإمتياز، فقد حدّد الحجر المنحوت الجدران الخارجية والأعمدة الضخمة التي أحاطت جهات المنزل بلونها الأبيض. ولإستكمال اللوحة الفنية خط الفنان الإيطالي الأصل سارولوتوركو الذي عرضنا منزله في تونس في عدد سابق، بأنامله رسوماً على سقف الشرفة نصف الدائرية لتكتمل قصة العراقة الفنية.

معظم القطع الأثرية التي جمعها المالك من حول العالم تعود إلى عصور قديمة. مثلاً على طول الدرج من الباب الخارجي المؤدّي إلى الطريق العام، توزّعت الطواحين من الحجر وتعود الى العام 1915. كما أنّ مزهريتين مستديرتين من الحجم الكبير تستوقفان الزائر على ضفتي قاعة الإستقبال من البورسلان المرسوم  الفاخر من العمل اليدوي، وهذا العمل من إختصاص منطقة «نابول» التونسية. والصحون البورسلان التي علّقت على الجدار من العمل اليدوي الفرنسي.

هذا المزيج من حول العالم لا ينتهي على إمتداد المساحات المترامية والصالونات الفسيحة، خصوصاً في الأكسسوار الذي أغنى للجلسات مقابل الأثاث البسيط التصميم من الطراز الفرنسي. وحتى الستائر وقماش المقاعد إيطالية الصنع من طراز rubella. والأواني الزجاجية التي زيّنت الطاولات murano من البندقية في إيطاليا. وللوحات الزيتية حصة كبيرة من الديكور لما لها من قيمة تاريخية، فإحدى اللوحات تجسّد ساحة «أميلكار» للرسام الشهير «دادييه» تعود الى العام 1920. ولإستكمال لوحة الفخامة إفترش الأرض السجاد العجمي الإيراني المنشأ.

ولا بدّ لكي تكتمل لوحة الفنّ أن تكون الأدوات الموسيقية حاضرة، فكيف إذا كانت آلة البيانو التي تعود الى العام 1940. 

غرفة الطعام التي تفصل بينها وبين الصالونات أعمدة من الرخام إتّسمت بلونها الداكن، فهي من خشب الـ «بلينز» الأسود، طاولتها مستديرة، وحولها الجدران التي ارتدت حلّة من الجص الأبيض.

النور الذي توزّع في أرجاء المنزل عبر النوافذ والأبواب العديدة، تسلّل أيضاً من الفجوة الكبيرة في السقف من الزجاج الناري. وتدلّت من الوسط ثريا من الكريستال بحجمها الكبير عكست نوراً إضافياً ورونقاً على القطع الفاخرة التي زيّنت أدقّ تفاصيل الجلسات. وكما الأثاث في الطبقة الأولى حيث الصالونات إتّسم بالبساطة والعراقة معاً كذلك في الطبقة العلوية حيث غرف النوم البسيطة التصميم والعريقة، فسرير المالك من خشب الماسيف يعود إلى العام 1940

العنوان الأساسي الذي رافق هذا المنزل فخامة وبساطة في آن واحد، رافقتا أيضاً كلّ الجلسات لتغنيا الجولة في أرجاء هذا القصر التونسي المنشأ والعالمي الهوى.