اغاتا رويز دو لا برادا: منازلنا تشبهنا!

أغاتا رويز دو لا برادا, متحف ميتروبوليتان النيويوركي, مهندسة ديكور, لوحة / لوحات فنية, تصميم ديكور, تجنب الألوان الكثيرة, كتب, عروض باريس, عروض نيويورك, الإضاءة الطبيعية, مساحة الحرق / حروق, نورمان فوستر, بساطة, الإضاءة, أقمشة المفروشات

17 سبتمبر 2009

من النادر أن نجد مبتكرات تشبه مصممتها أو مصممة تشبه مبتكراتها الى حد التطابق، مثل أغاتا رويز دو لا برادا.  ابنة مهندسين معماريين منذ عدة أجيال، وأحد أجدادها كان الراعي الأول للمهندس الأسباني العبقري انتون غاودي.

صحيح أن أغاتا لم تكمل دراستها في الهندسة، لأنها لا تحب الرياضيات كما تقول، ولكن يبدو أن للجينات دوراً كبيراً في توريثها الرغبة في الابتكار ومقاربة الأشياء الجميلة. ومن باب الموضة دخلت أغاتا عالم الجمال.

كانت الأزياء الخطوة الأولى في مغامرة لا تزال أغاتا تكتب فصولها بين عواصم الأناقة والابتكارات. بين مدريد وباريس ونيويورك، رحلات مكوكية تجدد رؤيتها للعالم وتمنح لتجربتها آفاقاً جديدة. ورغم صخب الحياة بين العواصم، إستطاعت اغاتا وبشكل مدهش أن تحتفظ، ليس بطفولتها فقط وإنما بعفويتها التي تنعكس في كل تفصيل من تفاصيل مبتكراتها المتنوعة.

في باريس، التي تزورها بين وقت وآخر، تملك أغاتا شقة صغيرة يسمونها هنا «pied à terre» أو موطئ قدم. هذه الشقة يظن من يدخلها للوهلة الأولى أنه يدخل دار حضانة للأطفال. فقد عمدت أغاتا الى تأسيسها بعناصر من إبتكارها، وإستخدمت لوحة ألوانها الخاصة. فهي ألوان أولية «صارخة» ولكنها منسجمة ومتناغمة وتمنح شعوراً بالحيوية والطفولة في آن واحد، وتضفي البهجة والمرح على المكان.

وقد ضمنت أغاتا في هذه الشقة، الحفاظ على عناوين محددة وأساسية في مجال الديكور الداخلي. فهي من جهة إستثمرت الألوان لشغل المساجة أكثر من تركيزها على الحضور الكثيف لقطع الأثاث، فهذه الشقة هي فقط لتمضية الوقت الضروري للراحة أثناء زيارتها لباريس، وهي بهذا المعنى تجنبها السكن في الفنادق، وتؤمن لها إستمرارية أجواء الأماكن التي تحبها.  

«لها» التقت أغاتا رويز دو لا برادا خلال زياتها الأخيرة لباريس، وحاورتها:

- مصممة للأزياء ومبتكرة ديزاين وعناصر الزخرفة الداخلية، كيف يمكننا تعريفك  في هذه المجالات المتعددة؟ كيف كانت البداية؟
منذ أربعين عاماً كان التصميم يتجه نحو مجالات الموضة التي احتلت مساحة واسعة من اهتمام المبدعين في مجال الديزاين، ولكن ذلك لم يمنع الذين يتمتعون بأسلوب وخط مميزين من التعبير عنه في مجالات فنية أخرى مثل الهندسة والرسم والديكور، وقد عبرت بدوري عن رؤيتي الخاصة في هذه المجالات وأسلوبي.   

لقد عشت في وسط عائلي مميز بحبه للفنون، فوالدتي كانت رسامة ووالدي مهندساً، وقد ورثت عنهما هذا العشق للفن والأبتكار الذي قادني في النهاية الى مهنة تصميم الأزياء التي مارستها في مدريد، في فترة كان العمل في مجال الموضة يحظى بالكثير من اهتمام وسائل الإعلام، مما حقق لي وبسرعة شهرة كبيرة.

وقد ساعدني ذلك على طرح أفكار جديدة في مجال ابتكار العناصر الزخرفية للمنزل والتي لاقت بدورها نجاحاً كبيراً.

 - ما هي الشروط الجمالية لتوفير اجواء ديكور ناجح؟
بالنسبة إليّ أعتبر أن المساحة هي من أهم الشروط التي يجب توافرها لصياغة أجواء ديكور ناجح، إضافة إلى الألوان المفرحة وتوزيعها الجميل، فجمال الديكور لا يكمن في أجواء فخمة كالقصور أو صالات المتاحف، بل بالجو المميز النابض والمستمد من حياة الناس اليومية وعصرهم الحاضر.

وأنني لا أشارك طبقة الميسورين الجدد خاصة ميولهم في شراء تحف وقطع أثاث قديمة لكي يزينوا بيوتهم وكأنهم يحاولون بذلك شراء ماض وتاريخ. بل أجد أنه من غير المنطقي أن نعيش يومنا في عصر ونحمل أجواء منازلنا إلى  عصر آخر.
ولكنني أستثني من ذلك الميراث العائلي، الذي تشكل من خلاله المفروشات والتحف قيمة معنوية وعاطفية خاصة قد يتصل بعضها بذكريات الطفولة أو بماضي العائلة وتاريخها، مما يجعل حضورها في الديكور غير مفتعل.
ومن الشروط الأخرى المهمة أيضاً في جمال الديكور، الإضاءة الطبيعية للمكان لكونها عاملاً مؤثراً على النفسية مثل الشعور بالراحة والانشراح، كما أنها تساهم في إبراز جمال الألوان، بعد تحديد خياراتنا لها.
كما أضيف أن لا جماليات في مكان يفتقد الكتب التي اعتبرها مهمة جداً فهي روح المكان وخلوه منها يحوله إلى مساحة باردة بلا حياة.
إنني شخصياً لا يمكنني العيش في منزل دون كتب أو مع أناس لا يحبون القراءة.

  - أنجزت ديكور العديد من الشقق والمنازل الخاصة بك والموزعة بين مدريد وباريس ونيويورك، فكيف كانت خطواتك الأولى في صياغة زخرفتها؟
عندما أشتري منزلاً، فإنني أحتاج إلى الكثير من الوقت لصياغة زخرفته وتزيينه، لأنني أفضل العيش في المكان أولاً لفهمه ومعرفة احتياجاته، مما يساعدني على استشعار طريقة تأثيثه. ولكن وفي البداية يكون هناك بعض القطع الأساسية من المفروشات التي اشتريتها أو صممتها أو أكون قد ورثتها واحتفظت بها، فأستكمل شيئاً فشيئاً صياغة ما حولها من عناصر تزيدها الألوان رونقاً وجمالاً.

- وماذا لو كانت بعض قطع الموجودات الموروثة لا تتماشى بطابعها مع عناصر الأثاث الباقية؟

لا أجد مشكلة في الدمج بين الأشياء، حتى ولو كان دمجها بالنسبة إلى الآخرين مستعصياً. أظن أن القباحة في قطعة من الأثاث لا تسيء إلى الديكور لأنه لا يوجد ديكور كامل خالٍ من العيوب، فمثله يفقد المكان جماليته ويجعله بعيداً عن الواقعية.

فمنازلنا تشبهنا  تماماً وهي تعكس خياراتنا وأساليب حياتنا.

 - هل لديك تعريف خاص لأناقة المنزل؟
أفضل أن يكون منزلي مبهجاً مضيافاً أكثر منه أنيقاً، فأنا لا أعاني عقدة الأناقة ولا أشعر بحاجة دائمة للتعبير عنها.

 - باستثناء أسلوبك الخاص في الديكور والذي يعتمد كثيراً على الأشكال الطريفة والألوان الزاهية والحية فهل لديك تفضيل لنماذج خاصة من الديكور المنزلي؟
إنني أفضل طراز بيوت الفنانين، لما تكشف عنه من هالة رائعة، قد لا تجسدها المفروشات المترفة الفاخرة بل ذلك الحضور الخاص لبعض الأعمال الفنية الخالصة و التي لا يمكن أن نمر بها دون أن تتأثر. وهنا اذكر شقة المهندس المعماري الفنان نورمان فوستر في لندن والتي شعرت وأنا أخرج منها بأنها المكان الأجمل الذي رأيته في حياتي، وقد تميزت هذه الشقة بطابع هندسي رائع، وقد زينت جدرانها  بلوحات مثيرة مدهشة. لقد بقيت صورة هذه الشقة عالقة في خيالي ، لتمحو منه كل ما عداها من صور البيوت الفاخرة المترفة.

- أي دور تلعبه اللوحات والتحف في الديكور ، وهل هي مكملة للديكور أم هو مكمل لها؟
للوحات والتحف الفنية حضورها المميز في كل مكان تشغله، وهي القيمة الجمالية  الحقيقية والتي بوجودها لا يحتاج المكان إلى زينة. أما باقي عناصر المفروشات، فهي حتما وعلى الصعيد الجمالي مكملة لها.

- ما هي الميزة الخاصة التي تطبع اسلوبك في الديكور؟

البساطة  في التشكيل والألوان الزاهية الساطعة.

- نجد في تصاميمك للمفروشات والأقمشة وعناصر الديكور المختلفة، نفحة من أجواء طفولية، فكيف تفسرين ذلك؟
هذا صحيح، ولكن هناك كثير من الناس يحبون هذه الأجواء التي تذكرهم بالطفولة ربما. وفي أي شقة أو منزل اقطنه تجدين هذه الأجواء ترافقني. إنها أجواء عالمي التي أعتبرها تليق باستقبال الرؤساء والملوك.

 - تعيشين بين باريس ومدريد ونيويورك، ماذا تعطيك كل مدينة من هذه المدن؟
لكل مدينة من هذه المدن ميزتها الخاصة وتأثيرها على حياتي الفنية والأنسانية .

ففي باريس هذه المدينة الساحرة أستمتع كثيراً بالراحة، وتتجدد طاقتي للعطاء. بينما أعمل كثيراً في مدريد، حيث الحياة اكثر بساطة وسهولة ومرح، فالناس في مدريد اكثر انفتاحا على الآخرين من أي سكان مدن أخرى. أما نيويورك، فهي مدينة مثيرة بديناميكيتها التي تجعلني أنظر بإعجاب إلى طبيعة سكانها وحيويتهم الدائمة التجدد.

 

 - منزل احلامك؟
لديّ الكثير من الشقق والمنازل في بلدان مختلفة، ولذلك لم أعد أحلم بأي منزل، بل على العكس لقد أصبحت أشعر بأن امتلاك العديد من المنازل هو داء لا بد لي من التخلص منه.


 - هل تتشابه اجواء الديكور في منازلك المختلفة؟
منزلي في مدريد هو عبارة عن شقة كبيرة من طابقين تقع في حي راقٍ وسط المدينة، وهي تتميز بطابع هندسي يعود الى ما قبل خمسين عاماً. يتمتع المكان باضاءة باهرة طوال النهار مما يحتم استخدام الستائر والنظارات الشمسية داخل الشقة، ولكنها مسلية منسقة بأسلوب لطيف يذكر ببيوت الأطفال وألعابهم. أما شقة باريس، فهي تعود بطابع بنائها الى القرن السابع عشر بعد الثورة وقد حافظت في أسلوب تنسيقها على روحيتها الهندسية والتي أضفت اليها بمبتكراتي من البلاط والمفروشات والسجاد لمسة طريفة ومفرحة.
هناك الكثير من الأشياء المتشابهة في تلك الشقق، ومن يعرف اسلوبي تماما ويشاهد المكان، يدرك من اللحظة الأولى أنه بيتي.

 - أجمل ما نجده فوق مائدتك؟
مبتكراتي من فنون المائدة وكذلك أناء الزهر الذي أفضله دائماً بسيطاً.

- أزهارك المفضلة؟  

الورد والمرغريت وأزهار التوليب.

- وأحلى ألوانك؟

الفوشي.