زواج البساطة والاناقة

موزاييك, أثاث, الأرائك, تونس, الأناقة, لوحة / لوحات زيتية, الحديقة السرية , تجنب الألوان الكثيرة, كتب, فنون زخرفية, قاعة /صالة / غرفة نوم, زخرفة داخلية, فخامة المساحات, القماش المعدنيّ, ورق الجدران, الموديلات العصرية, الهندسة التونسية, خشب مزخرف, ملت

27 أكتوبر 2009

منزل السيدة ميشيل بلان (أبيض) في تونس، إسمٌ على مسمّى. أبيض من الخارج وفاتح من الداخل، يزهو بألوانٍ فرحة، أثاثاً وديكوراً وإضاءة.

إذا كان للبساطة من عنوان فهي تقيم هنا، في كلّ ركن. ولعلّ أكثر ما يميّز هذا المنزل هو أناقة الأحمر والذهبي مجتمعين، بما يوحيان من دفءٍ وحميمية. باب المنزل يفتح على الفخامة. والأناقة هنا ليست ضيفاً، إنّها عنصر مقيم وتوأم المكان. وأكثر ما يشدّ الزائر أن حضارات كثيرة تجتمع تحت هذا السقف لتذوب في قالب واحد لا يشبه إلا نفسه.

البناء الخارجي كما الهندسة الداخلية مزيج من الطرازين العصري والتونسي العريق. البناء الأبيض المؤلف من ثلاث طبقات اتّسم بالعصرية، لكن في التفاصيل المعالم الهندسية التونسية حاضرة. القناطر للنوافذ والأبواب، واللون الازرق لحديد الشرفات والنوافذ، وهو من خصائص الهندسة التونسية الى جانب الزخرفات للحديد والخشب.

الداخل فسيح جمع أذواقاً وطرزاً عدة. القناطر التي حدّدت الجلسة تذكر بالطراز الشرقي، لكنّها مميزة هندسياً إذ إنّ تصميمَها فريد امتزج بلمسة عصرية بحيث انّ القنطرة ليست مستديرة تماماً، إنّما شكلها بيضوي. وعلى امتداد المساحات الفسيحة توزّعت الجلسات، ولكلّ منها خصوصية وطابع معيّن. وقد غلب على اثنين من الصالونات اللون الأبيض، واحد بشكل ديوان من الحجر المبني والمطلي باللون الأبيض غطاه أيضاً القماش الأبيض، وتوزّعت عليه الأرائك من العمل الحرفي والطراز الشرقي، وفي الوسط طاولة عبارة عن طبق من النحاس ارتكزت على قاعدة من الخشب.

واخترقت جدار هذه الغرفة نافذة كبيرة نقلت منظر الطبيعة والحديقة المنسّقة الى الداخل، لتشكلّ هذه الغرفة مكاناً للاسترخاء بين الأبيض للداخل والأخضر في الحديقة الغنّاء. الصالون الأبيض الثاني اتسم بالعصرية، توزّعت على مقاعده الجلدية أرائك بألوان نارية امتزجت بين الأحمر والبرتقالي كألوان السجادة التي افترشت الأرض، وهي من العمل الحرفي كما الأرائك التي هي من إختصاص أبناء منطقة مارغون في جنوب تونس.

شغلت هذا الصالون على امتداد الحائط  مكتبة ضخمة ضمّت مجموعة من الكتب، وخصّصت أجزاء منها للأواني الفخارية وقطع من الزجاج مرسومة باتّقان تعود إلى العام ١٩٣٠. وفي الجلسة الثقافية الفن حاضر وله نكهة خاصة، إذ إنّ جدار المكتبة قابله جدار خصّص للوحات الفنية من ريشة المالكة السيدة بلان، وضعت فوقها مباشرة إنارة تضيء أدقّ تفاصيل هذه اللوحات الثلاث التي وضعت جنباً إلى جنب.

وأخذت اللوحات الزيتية حصة أكبر من تفاصيل الديكور، تعدّد راسموها من المالكة الى المشاهير التونسيين وغيرهم، وجسّدت غالبيتها صوراً تونسية، إحداها مثلا تجسّد إمرأتين من جزيرة تونسية بملامحهما الخاصة بهذه المنطقة. وثمة لوحة أخرى تجسّد مرفأ بيزيرت في شمال البلاد. كما أنّ مالكة المنزل خصّت تونس بلوحات عدّة أبرزها يجسد مرفأ قيروان.

الصالونان الأبيضان قابلهما صالون أحمر عصري نصف مقاعده من الجلد والنصف الآخر من القماش، توزّعت عليها الأرائك باللونين البيج والأحمر، وتدلّ خلف المقاعد ستار باللون البيج.

الجدران طغى عليها اللون الأبيض الناصع الذي اخترقه الأزرق في بعض التصاميم، خصوصاً في الجدار الفاصل بين غرفة الإستقبال والصالونات، إذ إنّ شِباكاً من الخشب الأزرق المقطّع احتلّت وسط الجدار ولعبت دور عازل مصمّم بفنّ من الخصائص الهندسية التونسية. كما تكرّر اللون الأزرق على الدرج الذي حدّده الخشب المزخرف ليقود بأمان الى الطبقات العلوية المخصّصة لغرف النوم، الى جانب الموزاييك الذي حدّد الدرجات كتصميم درج المدخل الرئيسي الذي حدّده الموزاييك أيضاً.

غرف النوم في الطبقة العلوية بسيطة التصميم، طغى عليها الهدوء، لجهة طلاء الجدران بالأبيض الناصع وتصاميم الأسرة من الخشب البسيط، والذي احتلّ مساحة تعتبر صغيرة نظراً الى كبر مساحات غرف النوم، لكن طبعاً لم تغب اللوحات الزيتية التي زيّنت الجدران من دون أن تطغى على التصاميم.

وقبل مغادرة دار السيدة بلان لا بد من جولة في الحديقة الفسيحة التي توزّعت فيها الشتول بطريقة منسقة، وتوسطّها حوض السباحة بحجمه الكبير عاكساً لوناً أزرق يحاكي الجدران والنوافذ الخارجية الزرقاء ليشكّل الكل لوحة متناسقة شكلا ومضموناً.