قصر الدكتور علي شريم

الثريات, حميد القصري, قرية القرميد, السجادة الحمراء, القناطر, العاج, الصالونات, د. علي شريم, الحدائق الإمبراطورية, المدخل الرئيسي, الرخام البيج, الطراز الفرنسي, جلسة شرقية, ستائر الحرير, القطع الأثرية

03 فبراير 2010

إذا كان للتاريخ والجغرافيا لسان، لنطقا وقالا إنهما يقيمان معاً في قصر الدكتور علي شريم في حومين، في جنوب لبنان، على تلّة في منطقة إقليم التفاح. التاريخ مصدره الأمير فخر الدين الذي يُحكى أن هذا القصر شيّد على أيامه، وأما الجغرافيا فتُختصر في ذلك المكان الجميل على ارتفاع ٦٧٥ متراً عن سطح البحر، على تلة مساحتها ١٢ ألف متر مربع، وسط واحة خضراء غنّاء. هنا يُختصر المكان والزمان بأجمل ما يختزنان من روعات. المكانُ مملوءٌ سحراً والزمان يتوقّف لحظات أمام عظمة المشهد.

من بعيد، يصعب أن يصدّق الرائي أنه يدنو من منزل، أو حتى قصر. بل يخال أنه أمام هيكلٍ مترام تستريح في أرجائه مجموعة قصور أو متاحف. إنها ضخامة البنيان تستدعي تصوّراًً كهذا. وبالوصول، ينبسط أمامنا قصر منيف تضيق به حدود النظر يمنة ويسرة، ويكلّل هامته قرميد أنيق، كأنه رأس أحمر لجسم من الحجر الصلب يربض على أكمة خضراء. في الباحة قبل المدخل نافورة ماء دائرية تتوسّط ساحة المنزل وتستقبل الزوار بعد الممرّ الطويل الذي يقود من الباب الخارجي، تحيط بهذا الممر من الجانبين الحدائق المزروعة بكلّ أنواع الشتول والزهور التي أضافت جمالاً فنياً إلى  الجمال الهندسي.

ونظراً إلى المساحات  الخضر والحدائق المحيطة بهذا القصر، بدا هذا الأخير وكأنه جزء من محمية خاصة تابعة للمالكين، إذ يضمّ كلّ وسائل الراحة والترفيه، إضافة الى قاعة للمؤتمرات وملعب لكرة المضرب وبركة سباحة ضخمة وغرفة سونا. القناطر بحجرها الزاهي تستقبل الزوار من الجهة الأمامية وتزنّر القصر من جهاته الأربع، في حلة من الطراز الأندلسي.
وما أن نعبرها، حتى نبلغ الباب الرئيسي الحامل توقيعا هندياً، خشباًً وزخرفة. وتساهم النوافذ العريضة على امتداد القصر يمينا ويساراً في توزيع متساوٍ للنور. ويطالع الزائر أسدان حجريان على الزاويتين العلويتين للمدخل، كأنهما حارسان. وإذا كانت الصالونات كثيرة في هذا القصر، فإن لكلّ منها طرازا مختلفا وهوية فريدة.
البهو الداخلي الفسيح مقبب وتعلوه النوافذ، وقد توزعت في أرجائه القناطر، الموصلة كلّ منها الى جلسة خاصة. وقد افترش الرخام البيج أرضه وتوسطه رسم مربع معروف بالـ«ووتر جت». ومن السقف تدلت ثريا ذات قيمة تاريخية. وفي جنبات البهو مقاعد من الطراز الفرنسي (لويس الرابع عشر) يحلو الجلوس عليها. من إحدى القناطر، ندلف الى جلسة شرقية مقاعدها من حجر متّصل بالزوايا والنوافذ، وقد وضعت على الحجر الارائك المقلّمة باللون البرتقالي. وفي الزوايا استراحت طاولات مستديرة من الخشب المطعّم بالعاج.

غرفة الطعام من الطراز الأميركي مصنوعة من خشب اللوز إتسمت بضخامة طاولتها وبزخرفتها الناعمة. وامتدّت على طول الحائط فيترين من الخشب تخلّلتها المرايا. ولعلّ أكثر ما يزيّن الجلسات ويضفي عليها طابعاً دافئاً هو الستائر الحرير الفاخرة التي اختلفت رسومها وألوانها بما يناسب كلّ جلسة. ولا عجب إن بلغت مساحة قماش الستائر ١٢٠٠ متر، نظراًً إلى كثرة الغرف والنوافذ والأبواب، واللافت أنّ تصميم الستائر ليس هو نفسه في كلّ الغرف.ولأنّ للتسلية والترفيه مكانةً خاصة لدى المالك فقد خصّصت في الطبقة السفلى زاوية  للعب البليارد.

واللافت في هذا القصر أنّ القطع الأثرية التي تزيّن كلّ أركانه، أضافت قيمة وفخامة نظراً إلى عراقة كلّ منها، إذ إنّ كلّ واحدة منها تحكي قصة معيّنة.  ففي أحد الصالونات ساعة حائط أميركية الصنع تعود إلى عصورٍ خلت. وفي جلسة أخرى لوحة من الخشب أتى بها المالكون من مصر تجسّد جامعاً أثرياً.
وفي إحدى الزوايا خزانة من المغرب إلى جانبها مقعد مستطيل من الطراز نفسه، خلفه نافذة كبيرة تدلّت أمامها ستارة من الحرير بالأحمر الداكن. وفي ركن هادىء إرتدى أحد جدرانه حلّة من الحجر، محطة من الموسيقى الراقية أرادها المالك مع بيانو باللون البني يرسل أنغامه في أرجاء القصر.



إذاً، إجتمعت بلاد العالم تحت سقف هذا المنزل من مصر إلى المغرب وأميركا وتايلندا والهند وإيطاليا من خلال قطع فنية وتماثيل أتى بها المالكون من هناك، ومن إيران السجاد الحرير الفاخر الذي افترش الجدران الى جانب الأرض خصوصاً في طبقة الاستقبال. غرف النوم اتّسمت بالبساطة والكلاسيكية وقد طغى عليها الخشب  في إحدى الغرف باللون البيض وأخرى باللون البني الداكن. في الطبقة العلوية شرفة كبيرة نطلّ عليها من خلال القناطر من الطراز الأندلسي تشرف على جمالات الطبيعة المحيطة بالمنزل الذي يشرف على البحر وتلال منطقتي  الزهراني والنبطية، إضافة الى الشلالات التي تنسكب من أعلى الحديقة.