المهندس البلجيكي جاك فان هارين Jacques Van Haren

الديزاين, زخرفة داخلية, الهندسة المعمارية, الهندسة الداخلية, العولمة الهندسية, جاك فان هارين, تعبير زخرفي, المناهج الكلاسيكية

15 مارس 2010

هو واحد من كبار المعماريين والزخرفيين في بروكسل عاصمة بلجيكا. إنه جاك فان هارين الذي يتميز عن غيره من المهندسين البلجيكيين الشباب بقدرته المدهشة على اختزال التفاصيل والصور، ليقدّم نموذجاً هندسياً خاصاً فيه الكثير من الإبداع والرفاهية.

فالتصميم بالنسبة إليه مسؤولية كبيرة، لأنه يشكّل الرؤية التي سنقدمها للأجيال القادمة عن روح العصر وثقافته واتجاهاته في الفنون الزخرفية والمعمارية. ولأنه يسعى لاختزال التفاصيل فهو يعمل دائماً عليها بعد تحديد الخطوط الرئيسية لكل مشروع، من أجل وضعها في خدمة تصوره وفلسفته الإبداعية.

النقاء، التكلف، البساطة في التعبير الزخرفي، والبعد عن الإدهاش التقني والمناهج الكلاسيكية المتكرّرة.«لها» التقته في حوار تناول فلسفته الزخرفية وآخر إبداعاته.

-  ما الذي دفع بك إلى الجمع بين الهندسة المعمارية والزخرفة الداخلية والديزاين؟
بكل بساطة هذا عائد الى التطوّر المنطقي للأمور. فعندما يطلب مني تصميم قطعة من الأثاث أو مطبخ، أو تخطيط شامل للمكان، فإن دوري كمهندس يحملني الى تقديم كل ما يطلبه الزبون ولكن باقتراحات وتصوّرات تفوق ما يتوقعه. وعندما يتطلّب الأمر إجراء الكثير من التغيير أو الهدم، يأتي دور الهندسة المعمارية.

-  هندسة معمارية، زخرفة داخلية وديزاين. أي من هذه المجالات يجتذبك أكثر؟
كل هذه المجالات تدخل في خانة الديزاين وعلى كل من يتعاطى هذه المهنة أن يتعامل معها كذلك، ولكن عندما نرى ما يصمّمه عموماً بعض المهندسين نجد أننا بعيدون كل البعد عن ذلك.

-  من أين تستوحي أجواء تصاميم مشاريعك؟
من بيئة المشروع أولاً، وكذلك من بعض مشاكله الهندسية، ثم من طابعه، وأيضاً قد يكون من كتاب يستعرض أشكال تصاميم السيارات، أو مجرّد تفصيل لفت انتباهي في الشارع، فكل شيء يصبح ذريعة للتعبير عن روحية التصميم.

-  كيف تستطيع رصد رغبات الزبائن؟
من حسن حظي أن معظم زبائني يأتون إليّ لأنهم يعرفون أسلوبي ويتابعون بعض المشاريع التي أنفذها، مما يختصر الطريق في عرض أي فكرة.

-  مالذي يثير حماسك للعمل في كل مشروع جديد؟
إنها ردّة فعل زبائني الذين يعجبون بما أقترحه من أفكار جديدة، وحتى الأكثر جنوناً.

-  ماهي الرؤية التي تحملهاعن عالم الهندسة الداخلية والديزاين في أيامنا الحاضرة؟
إن للهندسة الداخلية والديزاين المكانة التي كان يجب أن يحتلّاها دائماً، أي أن يكونا متاحين لجمهور واسع من الناس لا حكراً على فئة من الميسورين فقط. وأعتقد أن الناشرين والموزّعين فهموا أهمية ذلك، فالمبتكر لا يكفي أن يكون جذاباً ومريحاً للإستعمال، بل يجب أن يكون سهل التسويق أيضاً.

-  ما هو الأسلوب الذي تعتمده في ابتكار مشاريعك الزخرفية أو تصاميمك في الديزاين؟
عند وضع تصور للديكور أنطلق في فكرتي من مهمات المكان أولاً. أما تصميم عنصر من عناصر الديكور أو قطعة أثاث، فيحصل خارج المشروع، وقد تندمج هذه التصاميم مع أجواء المشروع، أو تنام داخل الأدراج أشهراً أو سنوات في انتظار تنفيذها.

-  ما هي المسؤولية التي يواجهها المهندس الداخلي في مجال الإبتكار؟
عليه أن يرفض كل أنواع الإبتذال الفكري، لمجرّد إرضاء الزبائن، وأن يحاول أن يحمل لهم شيئاً يفوق ما ينتظرونه منه.

-  نجد أن اللون الأبيض حاضر دائماً في معظم مشاريعك الهندسية الخاصة منها والعامة، فما هو الدور الذي يلعبه هذا اللون في الديكور؟
الأبيض يجعل الأحجام تتكلّم عن نفسها، ويجبرنا على التمكّن من دقّة النسب، لأنها هي التي تملك القدرة على إثارة الإعجاب. واللون الأبيض في كل حال هو ليس أبيض بالمطلق، وهو دائماً مريح، يجسّد النقاء، بتناغم مع الرسالة التي يريد التصميم إيصالها.

-  ما هي تفضيلاتك من المواد والألوان، والطريقة التي تعتمدها لإبراز جمالها بشكل أفضل؟
الحجر والجدران البيضاء، هي دائماً من الخيارات الجيدة، لأننا نعبّر من خلالها بمفردات كلاسيكية وحديثة في الوقت نفسه.

-  لماذا تصرّ في أغلب مشاريعك على الحدّ من التأثير الزخرفي؟
لأن الديكور هو مؤثّر مسرحي يعمل على إلباس المكان حلّة مصطنعة لا تكتفي بذاتها.

وأنا أسعى في الهندسة المعمارية أو الداخلية لأن تكون عملية، تستجيب لكل الطروحات والمهمات المطلوبة منذ البداية والتي تشكّل الجزء الأساسي من التصوّر والتصميم العام.

-  ما هي النقاط الجمالية المهمة في تصميمك الأخير لمدخل أحد مباني المكاتب؟
الواجهة أولاً. فقد كانت في حالة سيئة من الناحية الجمالية وكان أصحاب هذا المبنى يفتقرون الى ميزانية كبيرة لترميم كل الواجهة، وكان عليّ العمل على الجزء المتوسط فقط، بارتفاع مضاعف وأبواب يصل ارتفاعها الى خمسة أمتار، بشكل يشبه المداخل العصرية للفنادق الراقية. تصوّر لم يكن له مثيل في مدينة بروكسل، وكانت النتيجة مثيرة. الداخل صمّم من الحجر الفرنسي بشكل عام، تتقاطع معه جدران بيضاء، مع تأثير مشبع بالضوء الذي يختفي في كل الجوانب، ومع منظور تكثف تأثيره مرايا هائلة تضاعف منظر النوافذ.
وإذا نظرنا جانباً فإننا نجد عملاً مميزاً عند مستوى «الميزانين» والمصاعد الكهربائية، المعالجة بشكل خاص بمرايا وزوايا من الألومنيوم وأرضية من الزجاج الشفّاف عند الممر المؤدّي الى المصعد في الطابق الأول.أما الواجهة الخلفية فيدور منظورها في محور يؤدّي الى الحديقة التي تمّ تصميمها بشكل خاص، ويبرز عند هذه الواجهة زجاج مركزي ثابت تحيط به من الجانبين أبواب كهربائية.

-  هل تعتقد أن أسلوبنا في العيش داخل المنازل أو أماكن العمل تغيّر؟
لقد تغيّر أسلوبنا على مدى السنوات العشر الماضية. أصبحنا نعمل في مجالات كثيرة متعدّدة مزودين بآلات تساعدنا في إنجاز الكثير من الأعمال، كما أصبح الكثير منها أقلّ حجماً في مفهوم وحدة المكان وأسرع.
أما المساكن فلا تزال تخضع لأذواق الناس المختلفة، فهي تختلف من شخص الى آخر باختلاف الثقافات.
أما الرفاهية الحقيقية في هذه المسألة فإنها اليوم تعود الى الفضاءات  التي نسكنها والإضاءة والمنظور البيئي من كل وجوهه. 

-  ماهي النظرة التي تحملها للهندسة الداخلية حاضراً ومستقبلاً؟
الهندسة الداخلية عانت طويلاً من الخلط بينها وبين مهمات مهندس الديكور، وأظن أن من وظيفة وسائل الإعلام المتخصّصة في هذا المجال المساعدة في فهم الفرق بين مختلف مجالاتها والقيمة المضافة التي يحملها عمل المهندس.
ومع الأسف فإن هذه المهنة تتقدّم مثل باقي القطاعات المهنية الأخرى نحو العولمة، لتهدي صورة واحدة لها في باريس أو لندن أو دبي. والمستقبل في هذا المجال يعود الى الذين يعرفون كيف يعالجون كل مشروع بمقاربة مميزة مع الطابع الثقافي للمكان الذي يتمّ فيه إنجازه.

-  ماهي مشاريعك الجديدة لهذا العام؟
هناك الكثير من المشاريع المختلفة منها منزل بمساحة ٧٠٠ متر مربع في مدينة دوفيل الفرنسية يجمع بين الطابعين التقليدي والحديث، ومنزل من طابقين «دوبلكس» في باريس، لوفت في بروكسل، قصر في مدينة بوردو الفرنسية، مدخل لبناء خاص بمجموعة من المكاتب، إضافة الى عشرات المشاريع التي هي قيد الدراسة وقد يتمّ تنفيذها ما بين عامي ٢٠١٠ و٢٠١١ .