عندما تلبس الفيلا رداء الجمال

أسياخ شوي خشبية, قاعة /صالة / غرفة طعام, لوحات زيتية, قطع الأثاث, الصالونات, بسام ضاهر, جفصين

26 أبريل 2010

عندما تتناغم الهندسة الخارجية مع الهندسة الداخلية، تكتمل اللوحة وتبرز عناصرها. هذا ما يلاحظه زائر الفيلا التي صمّمها المهندس بسام ضاهر في الرابية قرب بيروت. فقد غمس ريشته بألوان الإبداع وسكب خلاصة ذوقه المرهف في كلّ التفاصيل، ناثراً لمساته الفنية هنا وهناك.

من بعيد يطالعنا الحجر لابساً أبعاداً مختلفة ومحترفاً لعبة الظل والضوء، وفي هذا غنى للنظر في إطار الهندسة الحيّة من خلال إستعمال لوني الحجر الداكن والزاهي.
وما أن تطأ قدمنا عتبة الفيلا، حتى نلاحظ روعة الستيل النيو كلاسيكي الفريد بجماله وأناقته. ولعلّ ما ساعد المهندس في استكمال لوحته، هو ذائقة المالكين الذين يقتنون مجموعةً فنية قيّمة من لوحات ومفروشات وتحف، إستفاد منها لدمجها بمجموعة أخرى تكمّلها وتؤلّف ما يشبه حوار الحضارات بين التراثي والحديث. وهذا الحسّ المرهف لدى المالكين لقي صدى له عند المهندس ضاهر ذي المخيلة الخصبة، وكان بمثابة قاعدة إنطلق منها لبلورة أفكاره، منتجاً سيمفونية جمالية قوامها الهندسة والديكور والأثاث والأكسسوارات.
وأما الآلات الموسيقية التراثية، فزادت الأجواء رومنسية في كلّ زاوية وركن من هذه الفيلا الممتدّة على طبقات ثلاث، وخصوصاً في طبقة الإستقبال التي امتدّت على مساحة 600 متر مربع.

 لعبة الظلّ والنور التي عكسها الحجر الخارجي للفيلا، انسحبت على ردهة الإستقبال الخارجية التي بدورها تألقت بالحجر الطبيعي من البيج الزاهي في مقابل الباب الرئيسي للمنزل من الخشب الداكن المقطّع إلى مربّعات حدّدها الحديد الأسود. الباب الخارجي يفتح بدوره على مساحة جمالية هي مزيج من الزاهي والداكن أيضاً، وقد برز هذا المزيج من خلال الرخام الأبيض والأسود الذي تقاطع بطريقة فنية أضافت جواً من الرفاهية إلى جانب الخيوط الناعمة من الجفصين المرتسمة في السقف، وانبعثت منها الإنارة التي عوّل عليها كثيراً المهندس لإلقاء الضوء وإبراز الجماليات التي تناثرت في كلّ الجلسات.
ولردهة الإستقبال الداخلية جمالية خاصة تعكس بوضوح هذا المزيج بين العصرية والتراث، فقد شغل الحائط المواجه الذي يطالع الزائر مباشرة، كونسول من الخشب المزخرف إرتفع حوله مقعد متجانس في الشكل والأسلوب. وعلى الحائط فوقه مجموعة من اللوحات الصغيرة وضعت جنباً إلى جنب.
الأبواب الداخلية من الخشب الزاهي تجمع بدورها بين الكلاسيكية والعصرية في التصميم، تتخلّلها رسوم هندسية مرهفة. أما باب الصالونات الجرّار فتميّز بضخامته وعرض حاجبيه. ومن ينظر إليه وهو مفتوح على مصراعيه يظنّه إطاراً من خشب من دون باب، لأن الدرفتين تختفيان تماماً داخل الحائط يميناً ويساراً، كأنهما تشرّعان المدخل أمام الزوار.
وهنا، تبدأ رحلة الفن والذوق والفخامة الممزوجة بالبساطة.

جدران الصالونات التي لم تفصل بينها حواجز اكتست بثوب من الجفصين الأبيض الذي لم يقتصر على تزيين السقوف، بل تعداها إلى الجدارن بزخرفات ونقوش على شكل أعمدة تصل الأرض بالسقف. هنا ستائر انسدلت من الأعلى كأنها شلال يتدفق من قلب الجفصين، وهناك لوحة ضخمة تربعت في صدر الصالون ليتأملها الزوار وأهل المنزل، وهنالك تماثيل وشمعدانات وديكورات مبتكرة، كلّها تشكل جزءاً لا يتجزأ من لوحة لا تشبع العين من التأمل فيها.
وإذا كان للناظر ان يجلس ليكحّل عينيه بالأسرار الجمالية المنثورة في كلّ زاوية، فسيحلو له الإسترخاء على المقاعد المخمل البنفسجية الوثيرة في الصالون الكبير وفي وسطه طاولة كبيرة مزيج من ألوان الخشب. وتنبسط أمام هذه الجلسة مساحة مترامية توزّعت قبالتها الآلات الموسيقية، أبرزها آلة البيانو ذات الحجم الكبير من الخشب الأسود تماشياً مع الإطار الاسود الذي يزنّر الرخام في الأرض.
الأجواء الموسيقية تنتقل معنا إلى الصالون الآخر الذي اقتصر أثاثه على كنبة مستطيلة باللون البوردو إطارها من الخشب. أما طاولتها فهي من تصميم فريد ومبتكر، مزيج من الرخام المطعّم بالألوان والزجاج، قاعدتها بشكل قناطر صغيرة عدة. وإلى جانبي المقعد طاولتان مستديرتان من الخشب الداكن تزيّنت كلّ منهما بقطعة أثرية موسيقية.
ولهذا الصالون باب آخر صمم كباب الصالونات الأساسي، ندلف منه إلى غرفة الطعام التي احتلّت ركناً خاصاً بها، واتسمت برونق فريد.

طرازها مزيج من الإنكليزية والإيطالية. فهي عبارة عن طاولة من الخشب الانكليزي ارتفعت حولها المقاعد بزخرفة بسيطة.
وأحد الجدران طلي باللون الأخضر وأدخل حياة وأسلوباً هندسياً جديداً، شغلته رفوف صغيرة حملت أواني فخارية بأحجام متقاربة وألوان مختلفة. وتحتها ثلاثة رفوف مستطيلة قامت على أعمدة من الخشب لها استعمالات عدة، أبرزها وضع المأكولات على مقربة من طاولة الطعام. وتزيّنت بقية الجدران بلوحات زيتية نادرة وضعت في أطر من الخشب المذهب.
غرفة الجلوس، عصرية توحي الدفء والراحة التامة. فمقاعدها متصلة الأجزاء من الجلد البيج، زادها دفئاً وجمالاً، الجدار الكبير المخصّص للمدفأة من الحجر الرخام البيج والمكتبة وجهاز التلفزيون معاً، كما ضمّت رفوفها قطعاً من الحجر والفخاريات النادرة. واللافت في هذا الركن الأعمدة من الخشب بأشكال هنسدية متداخلة كأنها تشكل دعماً للجدار، ولعبت الإنارة دوراً بارزاً في إظهار جماليتها.
تعمّد المهندس ضاهر هندسة حمام الضيوف على أنّه جزء من قاعات الإستقبال، لا يقلّ عنها جمالية، فهو مزيج من الطرازين العثماني والقرن الثامن عشر من خلال المغسلة من الرخام الأبيض، التي تتدفق منها المياه بشكل شلال، والطراز الإيطالي وتحديداً منطقة البندقية من خلال الأقنعة العديدة التي زيّنت أحد الجدران.
وتبقى الإشارة إلى أن هذه الفيلا تشكل غيضا من فيض ابتكارات المهندس بسام ضاهر الذي عوّدنا التفنن الاستثنائي والابتكار غير المعهود في كل أعماله.