زواج العصرية والفخامة ينتج منزلاً رائعاً

أسياخ شوي خشبية, قاعة /صالة / غرفة طعام, الإنارة , القماش المعدنيّ, السجادة الحمراء, صالون عصري, المهندس جو فرح

18 نوفمبر 2010

إثنتان لا تكتمل من دونهما أي لوحة جمالية: العصرية والفخامة. وبقدر ما تنجح الأولى تبرز عناصر الثانية. المهندس جو فرح يعتني بالجانبين ويراهما لصيقين. ولذلك انتشرت أعماله وتصاميمه حول العالم، وحفظ لنفسه خطاً هندسياً اعتبره الأمثل. فهو يحرص دوماً على تطعيم الطراز العصري بقطع فنية فاخرة ذات قيمة معيّنة لتزيين المنزل بها. ويقول إنّ العصرية التامة، كما الكلاسيكية التامة، تجعل الزبون يملّ منزله سريعاً. فبالنسبة إليه، يحبّ الزبون أن يتمتّع بوسائل الراحة والجلوس على مقاعد وثيرة وأن يكون محاطاً بالقطع الأثرية الفاخرة في الوقت نفسه. كما أنّه يقرن العصرية بالدفء الذي يضفي لمسة ذوق خاصة على الأشكال الهندسية المصمّمة، من هنا يعمل على إبراز جمالية الضوء والخشب، العاملين المساعدين في إرساء الدفء في أرجاء المنزل.

يخضع المهندس فرح أصحاب المنزل لـ «استجواب» كامل حول نمط عيشهم وأسلوب حياتهم الخاص والأماكن المفضّلة لديهم، ويسألهم أين يفضّلون تناول الطعام، في المطبخ أم في غرفة الطعام أم على الشرفة المغلقة، ويكوّن فكرة واضحة عن الأسلوب الذي يحبّه المالكون من خلال التصاميم التي جمعوها من المجلاّت والكتب وغيرها، وفي ضوء ذلك ينطلق في هندسة أفكارهم وبلورتها، ولكن بأسلوبه الخاص.

هذا المنزل نموذج من إبداعات المهندس فرح في وسط العاصمة بيروت. تقارب مساحته 650 متراً مربعاً، وقد اعتنى بأدق تفاصيله، من رسم خيوطه إلى تصميم الأثاث وانتقاء القماش وصولاً إلى الأكسسوار. كلّ شيء في هذه الشقة مميّز ويوحي الفخامة والدفء في آنٍ واحد، إذ إنّ الجدران والسقف، بدءاً من ردهة الإستقبال وصولاً إلى الصالونات، إرتدت حلّة من الجفصين المرسوم. أما الجدار المواجه لقاعة الإستقبال والذي يطالع الزائر مباشرة، فازدان بالحجر الملمّع والمعروف بالحجر الكور من الصناعة اللبنانية ، وتطعّم بدوره بخيوطٍ أفقية من قشرة حجر الكور بلونه الداكن، الأمر الذي عكس لمعية أكثر على الأرض من الرخام البيج المعروف بالـ «كريم مارفيل». ولإظهار جمالية الحجر الكور ولونه البيج، أتت الستائر من القماش باللونين البني والبيج، وقد تكرّرت نظراً إلى كثرة النوافذ على طول جدار الصالونات. وطليت بقية الجدران التي لم يشغلها الخشب بطريقة فنية «أرتيستيك باينتينغ».
مقاعد الصالونين من القماش وثيرة في تصميمها. الصالون الأوّل لجهة قاعة الإستقبال من قماش الدان المعروف بـ «ألكانترا» باللون الأخضر المائل إلى البيج الداكن، وهو عبارة عن كنبتين من الحجم نفسه، بثلاثة مقاعد، أرائكها من القماش المقلّم كسر رتابة اللون الموحّد. وانضّم إلى هذا الصالون مقعدان منفصلان مطعمان بألوان عدة شكلّا لمسة فنيّة من خلال المزج بين الجلد المذهّب والقماش المرقّط.

مساحة كبيرة تتسم بالهدوء والبساطة تفصل بين الصالونين، حيث تربّعت طاولة فاخرة إنكليزية الصنع على سجادة قوقازية فاخرة، وهو النوع نفسه الذي افترش أرض المنزل كلّها بألوان وأحجام مختلفة. أما الجدار الفاصل بين الصالونين فهو كناية عن مكتبة من الخشب البيج إستكمالاً لجدار التلفزيون في الصالون الأوّل، وضعت في داخلها كتب وقطع فنية أبرزها من زجاج المورانو وتمثال من الحجر المنحوت.
أما الصالون الثاني فهو أيضاً من القماش الدان «ألكانترا» زيّنته أرائك مقلّمة باللونين البني والبيج، وهو عبارة عن ثلاثة مقاعد بالحجم والتصميم نفسه، توسّطته طاولة مربّعة تطعّمت بالبيج تجانساً مع لون قماش المقاعد. وكما الصالون الأوّل الذي اكتمل تصميمه بمقعدين منفصلين لافتين، اكتمل تصميم هذا الصالون مع مقعدين مميزين إرتكزا على قاعدة مستديرة باللون البني. ولتكتمل اللوحة الجمالية إلى جانب زخرفة السقف الذي هو عبارة عن مربّعات من الجفصين، انبعثت الإنارة غير المباشرة، وتخلّل الرخام البيج في وسط الصالون الثاني باركيه تداخلت فيه ألوان الخشب، مصمّم على الطريقة الفرنسية.
قابل الجدار الحجر جدار فني تربّعت عليه قطع فنية نادرة عبارة عن لوحة زيتية كبيرة وضعت في إطار مذهّب بسيط التصميم، وطاولة تراثية من البرونز عرضت مجموعة من الساعات القديمة الصنع والمتشابهة الشكل، إلى جانب مرآتين لهما إطار لافت في شكله وزخرفته، ولوحات مبتكرة وضعت في إطار من الجفصين المعتّق بشكله المستطيل من أعلى السقف إلى أسفله.

الجفصين استكمل رحلته الفنية في المنزل حيث لعب دوراً فاصلاً بين الصالونات وغرفة الطعام، عبارة عن عمودين إتصلا بطاولة مستطيلة قليلة العرض من الخشب، تطلّ من خلالهما غرفة الطعام. طاولتها من حجر الأونيكس الذي يشعّ النور من خلاله، ارتفع حولها إثنا عشر مقعداً من الخشب شبه الدائري، قماشها مصنوع من شعر الأحصنة، وتتّسع لأكبر عدد من الضيوف الذين لهم حصة كبيرة من الاستضافة على الشرفة المقفلة.

إذاً، ثمة غرفتا طعام في هذا المنزل، واحدة في الداخل كلاسيكية وأخرى عصرية وفاخرة أيضاً، لكن بأجواء مختلفة. أما الغرفة الثانية فعلى التراس الفسيح الذي جعله المهندس فرح، بفضل الزجاج، قاعة مغلقة تطلّ على الحديقة وعلى مدينة بيروت من علٍ. هذه الطاولة من الخشب البني التي ارتفعت حولها المقاعد من الخشب باللون الفضي في تصميم عصري لافت، تتسع  لأكبر عددٍ من الزوار.

وقد تزيّنت بأكثر من شمعدان فضي، بلون الكراسي، لتكتمل لوحة الرفاهية. وقبالة هذه الطاولة جلسة للاستراحة بمقاعد زرقاء. وعلى طول جدار هذه القاعة دروسوار من الخشب. واللافت في هذه الجلسة أن حجارة الأرض مربّعة بألوان مختلفة، وفي الوسط رسمة تذكّر بالطراز الشرقي والبيوت اللبنانية القديمة.

وكما المزيج بين العصرية في التصميم والفخامة في القطع الفاخرة المنتشرة في أرجاء المنزل، هكذا هو أيضاً الحمام المخصّص للضيوف، مغسلته بيضاء مستطيلة تستلقي على قاعدة من الخشب، وجدرانه من القماش المزخرف، أما مرآته فتراثية من الخشب المطعم بالصدف. في هذه الشقة الفسيحة نموذج من أعمال المهندس فرح، لكلّ ركن ميزته مع المحافظة على الجو العام المتماسك. أما السمة الغالبة فهي زواج العصرية والفخامة الذي أنتج لوحة مكتملة العناصر يندر أن نقع على مثلها.