تصاميم الفنان الفرنسي المبدع جان مارك غادي...

أقمشة مطبّعة, غيرلان, أثاث, كريستال, الديزاين, باكارا, كريستوفل, صناعات الخزفية, الإضاءة, دار لويس فيتون, مصمم ديكور, الطراز الفرنسي, مارك غادي

08 ديسمبر 2010

جان مارك غادي، واحد من المصممين الفرنسيين الشباب، الأكثر شهرة وشعبية.. فخصوصية أسلوبه في الإبداع دعمت مسيرته الفنية وساهمت في انتشار أعماله في العالم. ارتبط اسمه بالكثير من المشاريع المميزة، والتي نفذها لكبريات المؤسسات الفرنسية والعالمية الراقية. فهو ليس مصمم ديزاين فقط، بل مهندس للديكور الداخلي وسينوغراف، ومبتكر تصاميم وسيناريوهات الحملات الاعلانية. لا يمكن التوقف عند مسيرة هذا الفنان المبدع، بحيادية أبداً. فهو يخلق الحدث- أينما كان - من خلال  ابتكاراته، برؤية فنية مميزة وتفاصيل غير منتظرة. ... مقاربته في معالجة الأفكار والمواضيع المختلفة تنطلق من حلم ومن رغبة في إيصال الرسائل الممتعة وتوفير الرفاهية  للآخرين. تصنّف أعماله في خانة المشاريع الفاخرة. وهي في مجملها ترتبط  بالماركات الراقية مثل «لويس فويتون»، وكان جان مارك قد عمل مدة ستة أعوام كمدير فني لهذه الدار الشهيرة، وخاصة سينوغرافيا واجهات محلاتها المنتشرة في كل دول العالم. وعندما استقل، ليعمل من خلال مكتبه الخاص، كانت هذه الدار على رأس قائمة زبائنه التي اتسعت لتشمل أسماء راقية أخرى مثل  «باكارا» و «كريستوفل»، «سيفورا» و«لين روزيه» و«غيرلان» وغيرها من الأسماء الشهيرة اللامعة

تصاميم «جان مارك» تروي  حكايات شاعرية جميلة، بإبداع حرفي متفرّد ومهارة غير مسبوقة في التعامل مع المواد. لتولد منها تحف نادرة، يتنافس على اقتنائها كبار هواة الديزاين.
قبل ان يبدأ «جان مارك» عمله في الديزاين كان يسير في اتجاه آخر وهو التصميم الإعلاني، مسار أكسبه الكثير من الخبرة والعمق في فهم أهمية الصورة  وقوتها، فهي رسالة مرئية مهمة للغاية بما توصله الى الناس من أفكار وأحاسيس، تحمل إليهم الحلم وتستنطق الرغبات.
واذا كان العمل الاعلاني هو مهمة  ابداعية مثيرة جداً، غير انه يرافقها غالباً نوع من التوتر والاكتئاب، اذ انه لا يمكن السيطرة فيها، سوى على الايقاع العملي للمشروع. أما العمل نفسه، فإنه يمرّ حتى مراحله النهائية، على أيدي الكثيرين ممن يساهمون في تنفيذه. مما يجعل صورته في النهاية، بعيدة تماماً عن صفاء الفكرة الأولى.
انتقال «جان مارك» من الإعلان الى عالم الديزاين، كان فرصة، سمحت له باكتشاف سلوكيات جديدة، تتصل بالحياة اليومية  وكتابة سيناريوهات مختلفة لها، تأخذ شكلاً من أشكال الاقتراح، لتصميم عنصر من عناصرالاكسسوار أو قطعة اثاث، ترافق الفرد في حياته اليومية، وتتفاعل بدينامية قوية معها.

مما جعل مهماته المختلفة في الهندسة الداخلية والسينوغرافيا والديزاين محاطة بالكثير من التحديات والمهمات والمسؤوليات الهائلة. صحيح أنها مجموعة من المسارات المهنية والحرف المختلفة، لكنها تترابط فيما بينها بشكل أو بآخر. فهي تنطلق من مبادىء إبداعية وفنية. فلا يوجد في الحقيقة مهندس زخرفي، لا يميل الى تصميم مفروشات مشاريعه، خصوصاً أنه يضع الصورة الكاملة لها، مما يجعل الأثاث مكمّلاً للتصور والمشهد.
فهذه التجارب كلّها تسمح باكتساب المزيد من الخبرة والمعرفة والنضج الفني، الذي يعزز الطرح لأسئلة وأجوبة جديدة دون الوقوع في رتابة التكرار أو الملل.
واذا استعرضنا محطات من عالم إبداعاته، فإننا نجد الكثير من الجديد الممتع في التصميم في السينوغرافيا، التي يعمل من خلالها على تقديم الأفكار بصيغ مدهشة جميلة، بهدف إدخال الحلم على الحياة اليومية وتعزيز عالم التقنيات الحديثة بأجواء شاعرية لإضفاء المزيد من الرفاهية.
أول تصاميمه في الديزاين، كان منفضة  للسجائر صنعت من الخزف الذهبي استطاع من خلالها ان يلفت الأنظار الى أسلوبه المشبع بالطرافة والأناقة والجسارة، فقد بدت هذه المنفضة بشكلها من بعيد تحمل أذني أرنب، أو اصبعين يمسكان بالسيجارة.

إنه نوع من التلاعب بالأشكال الغرافيكية الخادعة للنظر، والتي لا تخلو من الدعابة و«الغلامور» المثير للإرباك لدى الناظرين في الوهلة الأولى. إنها الطرافة التي يقارب فيها هذا المصمم معظم  الأشياء التي يقوم بابتكارها والمتجذر استخدامها في الحياة اليومية، ليبرز ناحية من جمالياته، بشكل مثير للاعجاب متجاوزاً بذلك كل الأساليب والقواعد المألوفة بدافع الكشف عن رؤية جديدة لها وقراءة مختلفة. رغبة في خلق المفاجئة. وهو لا يلجأ في كل ذلك إلى الغموض في التشكيل بل على العكس، فإنه يبسط الأمور من خلال خلق خريطة بدائية للشكل يقوم بتقويضه وترميمه بأسس جديدة وفق ما تنتجه المخيلة من أفكار خلاقة وصور بديعة.
لم تكن مقاربته للأسماء الشهيرة في الإنتاج الفاخر تأتي بإندفاع نحوها لكسب هوية راقية  يلتصق بها، بل كان نوعاً من الرهان، أدخله الى قلب اللعبة حيث اتسعت مجالات تعبيره لتتجاوز تصميم الواجهات، الى ابتكار التصميم السينوغرافي لكل الأحداث الإعلانية الهامة المرتبطة بإطلاق منتج جديد.
فمهمة «جان مارك» كانت أن يحمل الناس الى أجواء جديدة  من الحلم الساحر. وقد نجح في هذا الرهان. محققاً لنفسه المزيد المزيد من الانتشار.

انتشار تجسد بالعديد من التظاهرات الفنية التي دعي الى ابتكار أجوائها في العالم. منها  المعرض الذي خصص لمخزن  Takashi Murakami في متحف «موكا» الشهير للفن الحديث في مدينة «لوس أنجليس». ... ثم توالت الإبداعات التي حملت توقيعه لتفسح المجال لهذا الفن بالإنتشار، فكان تصميمه لإناء رائع من الكريستال، يحمل علامة «باكارا» ومجموعة من الصحون لماركة «لين روزيه» وكذلك مرآة عملاقة خادعة للنظر، تحمل علامة «كريستوفل». ويجمع بين كل هذه المبتكرات نقطة مشتركة وهي الطابع الراقي الفاخر.
لقد كانت هذه المبتكرات والأعمال مفتاحاً ذهبياً ساهم في دخوله الى عالم الهندسة الداخلية، فانفتحت أمامه كل أبواب المنازل والشقق الباريسية الفاخرة، إضافة الى الفنادق والمطاعم. ومن أشهر مبتكراته الحديثة، هي تلك العناصر العملاقة لأباجورات الإضاءة  التي تحمل French Cancan، وقد استوحاها من أزياء راقصات هذا الفن. وقد عرضت ثلاث قطع منها في غاليري R'Pur النيويوركي الشهير، في العام الماضي مصاغة بخفة وخطوط رشيقة، مستوحاة من حركة أزياء راقصات «الفرنش كانكان» الفرنسية، وذلك بأسلوب يبرز الرمز والحركة في تكامل مدهش من أجل تحوير الشكل لخدمة فكرة التصميم ورونقه.
وقد نفذت هذه الأباجورات بأقمشة مكسرة ومتعددة تؤلف في مجموعها منحوتة دائرية الشكل، بالغة الإتقان مدعومة ببراعة حرفية بحيث لم يفقدها حجمها المذهل شيئاً من أناقتها.

والغريب في كل تصاميم «جان مارك» أننا  نجد أن معظم المبتكرات التي تحمل توقيعه تتناول مواضيع هي في الأساس عادية، لكنها تأخذ في التصميم ملامح وأبعاد جديدة.
فنجد وعلى سبيل المثال في مجموعته للصحون المنفذة على شكل صوانٍ متعددة الأحجام تحمل اسم «غورميه» أنها مؤلفة من عدد مختلف من الأطباق المصنوعة من الخزف والمتلاصقة بتقنية بارعة تؤمن التكامل فيما بينها باتزان. فهذا التصوّر الجديد للصحون المتلاحمة يقترح رؤية جديدة لفنون المائدة.
كما اننا نجد من خلال مبتكراته للأواني المنحنية المصنوعة من الكريستال، أسلوباً مميزاً من التشكيل الخادع للنظر.
فهذه الأشكال المنحنية والملقية فوق قاعدة، تبدو وكأنها مشهد مقتطع للحظة يتوقف فيها الزمن فتتحدى في توازنها قانون الجاذبية.
أمثال كثيرة  لا حصر لها تبشر بولادة أسلوب جديد من التعبير الزخرفي، يتغلغل برونقه الى الأحاسيس برقة وطرافة فتخزنه الذاكرة ليعيش فيها طويلاً متمرداً على النسيان.