'بيت الغد'...

أثاث, راحة الحلقوم, مهرجان الموسيقى العريقة, ماجد المهندس, أجهزة إلكترونية, الاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البح, مساحة الحرق / حروق, الأسواق, مشروبات الطاقة, منزل لبناني

04 يوليو 2011

Living Tomorrow 3
هذه المرحلة الثالثة من مشروع يتسم بالجرأة في طرح رؤى المستقبل وتقديم آخر التطورات التكنولوجية والمواد في عالم المنزل. بناء بيت المستقبل هذا لم يكن اختبارا سريعا للمهندسين فرانك باليان وبيتر بونجرس القائمين على هذا المشروع الذي بدأ عام 1995.
هو اليوم في دورته الثالثة التي كُلّف المهندس فيتوريو سيموني الجوانب الهندسية منها. وتتميز هذه المرحلة بفتح باب المشاركات الصناعية فيها.

يقع المنزل، في وسط مجمع في فيلفورد احدى ضواحي العاصمة البلجيكية بروكسيل ولا تتعدى مساحة أرضه الف متر مربع، ومساحة البناء 500 متر مربع.
مساحة من المتوقع أن تستقبل أكثر من خمسة ملايين زائر لغاية 2012.

الوصول الى هذا المنزل يتم بسهولة، لأن واجهته الزرقاء بشكلها الدائري تبدو كعلامة بارزة تعلن عن وجوده، وترحب بالزوار الذين يرغبون في الاطلاع على آفاق منزل الغد، وما يوفره من تسهيلات تجعل من الحياة اليومية أكثر رفاهية. وتنتظم ضمن نهج بيئي (إيكولوجي) شامل، يعنى بإقتصاد الطاقة.
منزل عصري يزخر بالابتكارات والتقنيات الحديثة، يقدم وبشكل سبّاق نمط حياة الغد وما فيه من أسباب الراحة والسهولة والرفاهية في جو صحي وآمن. فالتجهيزات التقنية ستغير الكثير من تصرفاتنا وسلوكياتنا وطرائق العيش التقليدية.
بدءأ من طريقة التسوق من المتاجر والأسواق وتأمين كل إحتياجاتنا الحيايتة، مروراً بإدارة حساباتنا المصرفية وحجز تذاكر السفر، وصولاً الى تأمين المنزل بشكل كامل.
فقد حان الوقت للعودة الى المنزل حيث يشعر المرء بالراحة والحماية من كل العوامل الخارجية والضجيج، ومن أجل ذلك تم إنشاء المبنى المعروف  بنظام  système Ytong de Xella الخليوي وهذا الاسمنت يملك مواصفات عازلة  على مستوى الأصوات والضجيج وتوفير الطاقة.
المساحات الداخلية تلعب على ورقة اتساع الأحجام وارتفاع السقوف وتنوع الانحناءات والمساحات السهلة العبور، وكذلك على اتساع الأبواب وحدة النور او نعومته الطبيعية السلسة...

قد لا يبدو هذا الأمر جديداً تماماً. فمنزل الغد لا يلغي وبشكل جذري سبل المعيشة المعتادة، بل يحضّ على نوعية خاصة من الرفاهية لا تقدمها اجواؤه الداخلية فقط، بل كل تلك التجهيزات الحديثة التي تتيح على سبيل المثال الحصول على لون برونزي تحت «الدوش» او ممارسة الرياضة في المنزل.
فالمنزل مليء بالأجهزة الالكترونية التي تعزز الراحة، والتي تعمل من خلال  التشغيل الآلي بشكل مركزي على تنسيق مختلف المهمات العملية.
كابل واحد مدمج يكفي لتشغيل كل المعدات والأجهزة التي يحتاجها المنزل والموزعة في كافة ارجائه. وهي لا تحتاج الى أكثر من شريطين صغيرين لتتواصل من خلالها كل المفاتيح المثبتة. كما يمكن وبكل سهولة تغيير المهمات والوظائف.

فنجد على سبيل المثال  خصوصا في نظام تجهيزات «اليسي» العديد من المفاتيح والشاشات الجدارية الصغيرة التي تندمج بسلاسة في كل انحاء الغرف، ومن خلالها يمكن التحكم في شاشة التلفزيون في الصالون وتعديل الإضاءة وفتح الستائر ومصاريع النوافذ واغلاقها بشكل تلقائي، كما يمكن التحكم في التدفئة غرفة بعد غرفة، كذلك في نشر الموسيقى في اجواء المكان وتوفير الأمن فيه من خلال أجهزة الانذار ضد السرقة أو اندلاع حريق أو انسياب الماء وتسرب الغاز. وهناك برنامج نشط لكل السيناريوهات المتوقعة.
فعلى سبيل المثال، عند مغادرة المنزل يؤدي تفعيل الأجهزة الى انطفاء الأضواء وسكوت صوت الموسيقى، كما توضع التدفئة بحالة اقتصادية مخففة، مع وظائف اخرى لا تزال في مراحلها التجريبية.
اضافة الى تجهيزات توضع عند عتبة الباب، مزودة بهاتف فيديو للمراقبة مع نظام يسمح بالتعرف على الأشخاص من اصواتهم وبصماتهم الرقمية.

خلف باب المدخل أُخفيت اربعة أرفف على شكل علب مربعة، مخصصة لتسلم البريد والطرود اثناء غياب مالك المنزل، فتنفتح كل منها من خلال مسح ضوئي على العلامة الملصقة فوق الظرف او طيات الطرد المرسل.

وتحدد الترددات الضوئية هويتها من خلال ملصق «راديو اتيكيت» لا يزال قيد الدرس والتطوير، وبواسطته يمكن استرداد الرسائل او وضع البضائع داخل تلك الخزائن الصغيرة، لكي يجدها اصحابها عند عودتهم الى المنزل.

المطبخ مستقبلي بامتياز، من تصميم المهندسة البارعة زها حديد، وهو الفضاء الذي يبدو بمظهره اكثر تجسيدا لمطبخ الغد.

فنجد مثلاً المساحة المخصصة للطهو تعمل بالتوجيه من خلال شاشات مرئية وشفافة لإظهار لائحة الطعام باحرف مضيئة، أو تعديل الاضاءة أو منع إنتشار الروائح، وغيرها من التطبيقات التي تنشط من خلال لمسة خفيفة فوق سطحها.
فوق الجدار شاشة رقمية  تجمع العديد من الملفات من معلومات عن حالة الطقس  واختيار اجواء الإضاءة المفضلة للمكان او نوع الموسيقى التي نرغب في سماعها اثناء اعداد الطعام او تناول الغداء مع لوحة تحدد وتعرض باستمرار كمية ما يستهلك من الماء والغاز والكهرباء.
وإذا كانت الأرقام غير طبيعية في مقارنات الاستهلاك الموسمي، فإن انذاراً  ينبه للكشف - مثلا - على حنفية قد نسيت مفتوحة، أو أي اسباب أخرى.
ولكي يتم تجهيز لائحة المشتريات من المواد الغذائية، يكفي كتابة اسم إحتياجاتنا بالاصبع مباشرة فوق لوحة وتحديد الأعداد والكميات وتعديلها أو تأكيدها، حيث تظهر صور المنتجات المختارة فوق الشاشة.
ويتم التسوق عبر هذه الشاشة أيضاً، من السوبر ماركت الذي تظهر صورته بكل التفاصيل، وتتوافر فيها عربات التسوق، ويتم الدفع ببطاقة الائتمان. كل ذلك يتم عبر دقائق قليلة وبدقة متناهية.
وفي المطبخ أيضاً، يمكن التأكد من كل التفاصيل المتعلقة بالمواد الغذائية. فعند إختيارنا بعض المواد لاستهلاكها، تبث الشاشة تلقائياً فيلماً لطريقة
تحضيرها، وبشكل تلقائي أيضاً يتم مسحها من لائحة المواد المخزنة.
اما البيئة والطاقة المتجددة، فهما على رأس الاهتمامات في منزل الغد، فهناك تجهيزات لاستعادة ماء المطر ومعالجته ليكون نظيفا وصالحا للاستخدام.

ويتم هذا  بشكل متوازٍ مع الاهتمام بتوفير الطاقة من خلال اختيار المصادر المتجددة والمنتجة لها، مثل اللوحات التي توفر  الطاقة الشمسية والزجاج المزدوج المثبت في واجهات البناء العازل للحرارة، واساليب التدفئة التي تمدد في الأرض.

كما ان هناك نموذجا لخلية تؤمن الوقود تثبت في الحديقة، وهي لا تزال طور التجربة. وتتمثل مهمتها في انتاج الكهرباء وتفعيل استخدام مضخة حرارة تعمل بالماء تسمح بمد المنزل بالماء الساخن وبنظام تدفئة مدمج تحت البلاط وفي الجدران، اضافة الى انابيب التدفئة المركزية  في الصالون.

منزل الغد، لم ينس كبار السن ووفر لهم الأمان الكامل. ففتحات الأبواب تصل الى المترين. وهناك جهاز خاص يستشعر أي تسريبات للماء أو الغاز. وكُسيت أرض الحمام ببلاط مقاوم للانزلاق.
وهناك جهاز خاص يحفظ حرارة المياه عند حدود 38 درجة. بالاضافة الى مرآة ذكية تعرض درجة ضغط الدم والأدوية المطلوب تناولها، وعندما يقوم المسن بتنظيف أسنانه فإن معلومات دقيقة حول حالتها، تبث بشكل تلقائي الى الطبيب المعالج، مما بسمح له بالتدخل إذا ما دعت الحاجة.

والنقطة المهمة التي يسلط عليها منزل المستقبل الضوء، انه يسمح بالاطلاع على المنتجات الحديثة والمتطورة في مجال التكنولوجيا، ليس فقط تلك التي تتوافر في الأسواق، وإنما تلك التي يتم العمل عليها، فهي تعرض في هذا المنزل كنماذج أولية، فريدة، في انتظار تسويقها عند التحقق من نجاحها.