معرض ميلانو الخمسين...

أثاث, كلاسيكية , تصاميم راقية, الديزاين, تجنب الألوان الكثيرة, معرض ميلانو, مقاعد, الاكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البح, الأعمال المنزلية, منزل لبناني, الكريستال والنحاسيات, الوسائد, صفائح السيراميك

29 أغسطس 2011

على مدى اسبوع ( 11-17 نيسان/أبريل الماضي ) قدم معرض ميلانو للأثاث، في نسخته الخمسين، صورة بانورامية مدهشة لعالم الأثاث المنزلي وإستطاع أن يفي بكل وعوده. أجنحة قدمت سيناريوهات غير مسبوقة للأشكال والألوان والمواد، ومعروضات جسدت إتجاهات الديزاين، حاضرها ومستقبلها، وعكست بأمانة وواقعية المسارات المتعددة للأثاث المنزلي وآفاق تطوره ومواكبته الدائمة لطبيعة الحياة المعاصرة.

وفي معرض هذا العام، حضر نجوم الديزاين أمثال اليساندرو مونديني وفيليب ستارك وأنزو ماري والأخوين كمبانا وياولا نافوني وتوكوجين يوشيوكا... ولم يغب عنه الشباب.

غير أن الحضور الوازن كان لناشري الأثاث، من الشركات والمؤسسات التي قدمت خلاصات الإبداع، من مبتكرات وتقنيات ومعالجات ترسم معالم رفاهية جديدة، وتكشف الخطوط الرئيسية لعالم المنزل في كل أبعاده.
 وهكذا بدت مروحة المواد تنافس بإتساعها مروحة الألوان والأشكال.
على مستوى المواد، بدا الخشب نجما فإستأثر بمساحة كبيرة من خلال تقديمات ممتعة للملمس والنظر.
غير أن الحضور الطاغي للخشب لم يحجب عن المشهد الزخرفي غيره من المواد العديدة التي لا تقل روعة ورونقاً ودفئاً. فحضرت الأقمشة والجلود بكل تنويعاتهما، وكذلك الزجاج والكريستال والسيراميك، وبالطبع كان حضور المعادن لافتاً من خلال تقدم النحاس هذه المرة الى الواجهة. 

الألوان كانت هي الأخرى حاضرة بكل أيقاعاتها ونغماتها، فبرز بينها اللون الأحادي الصدفي الناعم والرمادي الزهري المائل الى اللون البنفسجي والذي يظهر في الديكور وكأنه يحاول تهدئة اللعبة، فجاءت  ايقاعاته المدهشة لتبرز جمالية الأشكال وملامسها.

غير أن حضور الأسود والأبيض يبقى الأبرز في هذه المروحة.
أما على مستوى الشكل، فكان التنوع والغرابة السمة العامة للأشكال المعروضة.

غير أن ثمة شيئاً لا يمكن تجنب ملاحظته، وهو الغياب الجزئي للخطوط البسيطة والمستقيمة، والاستعاضة عنها بخطوط أكثر مرونة، تدعمها مواد مبتكرة تتمتع بالطواعية والليونة، تعززها مجموعات بديعة من الأقمشة المتعددة الأنواع وصولاً الى «التريكو».
مبتكرات مدهشة
كراسٍ وكنبات طويلة وقصيرة، طاولات صغيرة وكبيرة، خزائن مغلقة ومفتوحة، وعناصر إضاءة مثيرة يصعب حصرها وبالتالي وصفها. مبتكرات مدهشة ورائعة، بمظاهرها وخطوطها وألوانها ومعالجاتها.
مجموعات الكراسي المتنوعة الأحجام أو المصاغة مع عناصر اضاءة مثيرة بتصميم ثنائي طريف، مع أشكال أخرى متعددة من الأرفف العملية الطابع قدمتها ناشرة الأثاث الإيطالية Moooi في قالب لافت.
ومن خلال سينوغرافيا مدهشة، لعب فيها مبدعو هذه العلامة التجارية الراقية على خط التغيير ورسم خط جديد من الديزاين الحالم قوامه اللونان الأسود والأبيض في فضاء بالغ الشياكة.
ونكتشف في أجواء، وثريات «باكارا» تلك  اللمسة الرمادية التي تتلاعب فيها تأثيرات الكامد واللامع.
أما المنسوجات والأقمشة، فتعود لتحتل كل فضاءات المنزل. بعضها يغطي الأرضيات أو الجدران وآخر يلبس الأثاث بتقنيات مختلفة، نجد منها المنجد باقمشة طبيعية خام، أوالمطبوع والملون، وقد صيغ بأسلوب مميز ليشكل لقطع الأثاث جلداً ثانياً.
الأقمشة بكل أنواعها واستعمالاتها المختلفة تلعب ورقة الاغواء مؤكدة ضرورة وجودها في كل مكان من المنزل وحتى في بعض الأعمال الفنية الزخرفية.
وهي تأخذ اروع مظاهرها في اعمال ومبتكرات الأخوين كمبانا.
أما B&B Italia فقد قدمت اقتراحات جديدة لمقاعد، مثيرة للدهشة.
مقعد «بيفرلي» للمصمم  المعروف Antonio Citterio وهو مقعد انيق جداً ولد تحت علامة  الحداثة المتوازنة والتي تسمح له ان يجد مكانه بسهولة بين انماط متعددة من قطع الأثاث المختلفة.
لقد تم  انشاؤه من بنية  قابلة للطي من الألمينيوم المصقول واللامع  أو من الكروم  مع سلسلة من انواع التلبيس، التي تمنحه مظاهر مختلفة.. من الجلد لمظهر كلاسيكي تقليدي، أو قماش القطن  المزخرف بالجلد أو أنواع أخرى من الأنسجة بتقنيات مختلفة وألوان حية.

أما مقعد «هيسك» للمصممة Patricia Urquiola فهو عبارة عن جسم صلب من البلاستيك مصاغ بأسلوب  انيق وارائك لينة تستخدم فيها لغة  فريدة في التصميم، أشبه بترنيمة حلوة.
ومقعد Kusk هو نتيجة مسار طويل  من العمل والتطوير الذي حافظ على أصالة التصميم وروحيته وجعل منه قطعة فريدة من نوعها... يمكنها الأندماج مع كنبات كلاسيكية الطابع.
ويمكن تزيين هذا المقعد بثلاثة أنواع من الوسائد، بقياس ستاندر،  وآخر سخي اوملتف يحتضن الجسم ويؤمن للجلسة الراحة.
وفي اللعب على مجموعة واسعة من والتشطيبات الخاصة بجسم المقعد الذي يمكن تنفيذه من البلاستيك  المعاد تدويره أو خشب البلوط الطبيعي، أو المطلي باللون الرمادي أو الأسود.. مع تلبيس بالجلد أو القماش باشكال مختلفة  تجعل من هذا المقعد يأخذ مظاهر مختلفة فيصبح احادي اللون فاتح أو صاخب أو بالوان عديدة متطورة.

ومن خلال بعض المعروضات، يمكننا تلمس شيء من الحنين للماضي، تتصدره موجة من المبتكرات التي تحمل طابع «الفنتاج» الجذاب والمعالج بلمسة عصرية.
ولا يبدو النحاس بعيداً عن موجة «الحنين»، فهو هنا هذا العام، يكون لنفسه حضوراً ملفتاً، توقعه أسماء بارزة بينها البريطاني Tom Dixon.
ويسلط المعرض اضواءه على عناصر الإضاءة بكل انواعها مقدما اخر الأتجاهات في التصميم والتكنولوجية الحديثة. بارزا من خلال ذلك تصاميم تكاد تقارب التحف الزخرفية باشكالها المدهشة وتأثير اضواءها الشاعرية المثيرة للأحاسيس الجميلة. والتي نافست في جاذبيتها احيانا قطع الأثاث.
لقد قام الصالون باظهار قيمة الثريات والأباجورات ومصابيح الجدران بأساليب مختلفة لعبت فيها بعض الماركات الكبيرة مثل Fontana Arte و Artemide ورقة الرصانة من خلال اخراج أنيق اظهر بوضوح مبتكراتها، بينما قدمت ماركات أخرى مشاهد مذهلة من خلال سينوغرافيا تعتمد الصوت والضوء مثل Foscarini كاشفة من خلال ذلك عن نسخ محدودة من منتجاتها.
اما الأرائك التي قدمها المعرض فيمكن تصنيفها بفئتين.. واحدة تجريبية واخرى اصيلة.

الأولى تمثل اشكالا منوعة  من التصاميم التي تؤدي الى الكثير من الوجوه التي يحتملها مظهر الكنبة، والأخرى تصطف بمحاذاة الرموز الكلاسيكية والتي اثبتت مكانها في صدر المنزل.
ولعل الملاحظة الأكثر اهمية في «ميلانو» لهذا العام، هو إنكفاء ناشري الأثاث الأيطالي، عن إغراق الأسواق بالتنوع اللامحدود لقطع كنبات الصالونات وكراسي الأستلقاء والصوفا والمقاعد القابلة للتعديل.. هذا الأمر الذي يعيده أحد المراقبين، الى تأثيرات الأزمة الأقتصادية التي تجتاح العالم، فتحد من هذه الرغبات وتلطف جموحها.