شقّة بحريّة معلّقة بين زرقتين

أسياخ شوي خشبية, قاعة /صالة / غرفة طعام, قاعة /صالة / غرفة جلوس, شاطئ, قاعة /صالة / غرفة نوم, السجادة الحمراء, قاعة /صالة / غرفة إستقبال, منزل لبناني, الحداثة الهادئة, مادة الكروم, شقة

06 مارس 2012

ليس شائعاً إلى درجة الإستنساخ، ولا جديداً حتى الغرابة. ليس مبتذلاً ولا تقليدياً. إنه الجميل المتمايز والأنيق الحامل بصمة لا تشبه إلا نفسها.
هو ذا أسلوب مهندسة الديكور جيزيل أديب التي تأبى تكرار ما ألفته العين حتى الملل. من باب الإبتكار تطلّ، لتفتحه على مصراعيه وتبقيه مشرّعا أمام كلّ ما يسترعي الإنتباه ويستقطب الذوّاقة.

في هذا المنزل المستلقي على شاطئ البحر والسابح في زرقة الأفق، تسكب المهندسة عصارة خيالها في كلّ تفصيل، فترسم لوحة هادئة وحيّة في آنٍ واحد، رصينة ونابضة معاً، تجمع الراحة إلى الأناقة، والعصريّة إلى الفخامة.
بما أنّ المنزل معلّق بين زرقتين، السماء والبحر، كان لا بدّ للمهندسة أنّ تبتكر له هوية خاصة تتسمّ بالبساطة والدفء، ولاسيّما بالإنسجام والتماسك بين كلّ مكوّناته.

والأهمّ أنّها زاوجت بين البساطة والأناقة لإفساح المجال أمام الجمال الهندسي الداخلي ليحاكي الجمال الطبيعي الخارجي.
المنزل الفسيح الممتدّ على مساحة 300 متر مربّع هو عبارة عن شاليه في قلب منتجعٍ سياحي على البحر.
من هنا، مهمّة المهندسة ليست سهلة، فعليها أن تجمع الفخامة والعملية معاً. نتلمس هذا الشعور بدءاً من الباب الخارجي من خشب «التيك» الفاخر والعصري.
إنه جزء من مشهد خشبيّ ضخم مزيّن بدوره بقطع مستطيلة من الخشب، تطعّم بأكسسوار من الكروم، إلى جانبه مصباحان من المعدن نفسه. واللافت أن الخشب المستخدم في الخارج، هو هو في الداخل.

هذا الباب يفتح على مساحة أنيقة وهادئة، تحدّدها خيوط مستطيلة في الممرّ المؤدي إلى قاعات الإستقبال، وقد برزت في اللوحتين المستطيلتين اللتين طغى عليهما اللون الأسود، يقابلهما جدار من الخشب.
وعلى وقع الصوت الصادر بفعل المشي على الباركيه، تبدأ الجولة داخل المنزل الفسيح الذي سرعان ما تتكشف أجزاؤه للزائر، إذ لا تفصل حواجز بينها.

المفروشات العصرية والبسيطة الخيوط ذات الألوان الهادئة، تعمّدتها المهندسة في قاعات الإستقبال، للإضاءة على المشهد البحري للخليج الشمالي لبيروت.
وقد شكّل جزءاً أساسياً من الهندسة الداخلية، بحيث ساهمت الواجهات الزجاج على إمتداد الشقة في بلورة هذه الفكرة الهندسية.

وبما أنّ المهندسة أديب تركّز في تصاميمها على الإنسجام المتكامل في كلّ التفاصيل، تربط هندسة الشقة بموضوع وشعار واحد.

هنا مثلاً اتبعت رسمة عبارة عن جذع معرّق، انسحبت على جدران الجلسات وغرفة الطعام. فالجدار في الصالون الأولّ الذي يطالعنا هو في الأساس عبارة عن أبواب جرّارة مطلية كالجدران، إزدانت بدورها بهذه الرسمة، وشكلّت إمتداداً للوحة زيتية حمراء.

وقد تعمّدت في هذه الجلسة استخدام اللون الأحمر لكسر رتابة الألوان الترابية للمقاعد العصرية الوثيرة، في مزيج من العاجي والرمادي. وهكذا شكلّت جداراً من الجفصين، استكمالاً للسقف الذي انبعثت منه إنارة مباشرة وغير مباشرة، بخيوط عصرية بسيطة.
هذا الجدار استخدم كقاعدة لجهاز التلفزيون لجهة الصالون، وامتداداً لمشهد الديكور العام لجهة غرفة الطعام والصالون المجاور لها، حيث علّقت عليه لوحة مستطيلة من الرسوم نفسها التي رافقت الجوّ العام باللونين الأسود والأبيض، هي نفسها الرسوم التي صمّمت بها خزانتا غرفة الطعام لجهتَي اليمين واليسار.
وقد أرادت المهندسة هذا الشكل الهندسي للرسوم على الجدران والخشب، وكأنها تخريم من «الدانتيل» كسر رتابة الخطوط المستطيلة التي طبعت كلّ الأجزاء، وخصوصاً في السقف الذي زاد المكان امتداداً.
غرفة الطعام طغى عليها الخشب الأبيض المزخرف برسوم سود، وخشب «التيك» للطاولة التي ارتفعت حولها المقاعد الوثيرة باللون الرمادي.
هذه الغرفة تفتح مباشرة على المطبخ العصري، وقد فصل بينهما جدار أبيض صغير يستخدم للزينة ولتسهيل الوصل بينهما.
الجلسات تزيّنت أرضيتها الباركيه بالسجاد الفاخر القوقازي، الذي تحبّ المهندسة أديب عادة أنّ تطعم به أعمالها، بما أنها تعتبر أنّ الأكسسوار الكلاسيكي «يضفي فخامة على الشقة، وبالتالي يساهم في جعلها تترافق مع كلّ العصور ولا يُمَلّ منه سريعاً».
غرف النوم جميلة وبسيطة على أناقة، طغى على إحداها اللون البيج بكلّ متفرّعاته.
وعلى الحائط ورود تزيّن بها ورق الجدران خلف السرير، وارتفع عليه ظهر السرير من القماش المقطّع بالبيج الداكن.
والغطاء طبعته الورود بألوان ورق الجدران نفسها، تماشياً معها.

وقبالة السرير على طول الجدار، خزانة مقطعّة بطريقة منسقة، وإلى يمين السرير الواجهة الزجاج التي انسدلت أمامها الستائر المصمّمة على الطريقة الأميركية في خدمة المشهد الخارجي، بحيث يدخل الأزرق ويمتزج مع البيج، مشكّلَين لوحة صافية من الجمال الهادئ.

أما الغرفة الثانية، فهي مزيج من البني والأخضر الزاهي اللذين تداخلا بطريقة فنية، بدءاً من طلاء الجدران، وصولا الى إطار السرير الجلد وغطائه من الحرير، في لوحة متكاملة من الإبتكار.
أما حمّاما الغرفتين فعصريان، طغت عليهما الألوان الداكنة في الحجر والزاهية في الأكسسوار.
فخامة عصرية وعملية وتناغم، هو عنوان هذه الشقة ونموذج من أعمال المهندسة جيزيل أديب.