ركن القراءة...

قاعة /صالة / غرفة مكتبة, ديكور عصري, زخرفة , مهندس ديكور, منزل لبناني, القراءة, قراءة الكتب, أنماط زخرفية

07 أغسطس 2012

من المستحسن أن لا يكون ركن القراءة ملاصقاً للمساحات والغرف التي تشهد حركة مستمرّة في المنزل. تتجه المعالجات المتعلّقة بركن القراءة نحو ترتيب المساحة المتاحة بكثير من الدقة والعناية.

رغم الحضور الطاغي للكومبيوتر في حياتنا اليومية، ورغم التقديمات المدهشة التي وفرها هذا الجهاز وعلى رأسها تأثيره الكبير على العادات القرائية، وسائلها وأساليبها.
رغم كل هذا فإن حضور الكتاب في المنزل وطقوس قراءته لا تزال حاضرة بقوة، وربما أكثر بكثير مما كان في الماضي.
فركن القراءة في المنزل أو الشقة ليس مهمة منوطة بمهندسي الديكور فقط، بل هي أيضاً تخضع لاهتمام ورعاية مباشرة من أصحاب المكان.
ومن أجل ذلك نجد أن لركن القراءة جواً خاصاً، مميزاً، وهو يعكس في الغالب ليس شخصية صاحبه أو عاداته ومزاجه فحسب، بل أيضاً السلوكيات والطقوس الحميمة التي تخص كل فرد وتتعلّق بخياراته من الكتب.
والمسألة التي تبدو سهلة في البداية ومن النظرة الأولى، سنجد أن لها متطلبات ليست بسيطة في كل مرة.
ولكن لا بد من الاعتراف بأن آفاق التصميم وعلى الأخص في ما يتعلق بالأثاث المنزلي، شكل انفتاحها فرصة غير مسبوقة لتحقيق الرغبات إن لم نقل الأحلام.
فما هو متوافر في سوق الديكور وعناصره من أثاث وأكسسوارات متنوعة الأشكال والألوان والوظائف، يجعل من عملية «تأثيث» ركن القراءة عملية ممتعة، حيث يمكن لكل فرد أن يحقق ذاته المعرفية من خلال ترتيب الركن الذي سيأوي اليه ليمارس أفضل هواية عرفتها البشرية، ألا وهي القراءة.

وحين نتحدث عن ركن القراءة لا يمكننا إهمال المكتبة المنزلية التي كانت في الماضي تعكس مراتب اجتماعية وعلمية، ويقف تعبيرها عند هذا الحد.
فهي لم تكن متوافرة في كل المنازل، بل كانت حكراً على فئة محددة «تحترف» إذا جاز التعبير العمل «الثقافي» ويشكل من زاوية ما مهنتها.
وكانت في الغالب تشغل غرفة بكاملها، تصغر أو تكبر تبعاً لما تمليه الحاجة العملية والوظيفية.
غير أن موضوعنا هنا لا يتعلّق بالمكتبة المنزلية، ولكنه يلقي الضوء على ركن القراءة بالتحديد، وهو ركن أبعد ما يكون عن «العمل» الثقافي وما يتطلّبه كمهنة، أو يمليه كإحتراف.
و ركن القراءة مسألة تتعلّق بكل فرد من أفراد العائلة، ومن أجل ذلك قد نجد في بعض المنازل أكثر من ركن للقراءة.
فقد يكون هناك ركن للأهل، وركن للأولاد.
وفي هذه الحالة ركن القراءة المخصص للأهل سيكون مختلفاً ليس فقط من حيث محتواه من الكتب التي يضمّها أو الديكور الذي يميزه عن ركن القراءة الخاص بالأولاد، وهو في الغالب الأعم يشكل مكاناً وسيطاً بين الواجب الدراسي والممارسة الثقافية والتي قد تكون في لحظة ما إلزامية نظراً إلى ارتباطها المباشر بالدراسة.

وهنا سنجد أن الديكور يتراجع قليلاً في مظهره الجمالي، لتتقدم العناصر الوظيفية وتحتل المشهد. كذلك فإن مكان ركن القراءة في المنزل، ليس مسألة معيارية، فهو قد يكون جزءاً من الصالون أو زاوية في غرفة الجلوس أو ملحقاً صغيراً مع غرفة النوم.
أو يكون مستقلاً تماماً، بمعنى أنه غير مدمج مع أي من غرف المنزل الرئيسية.

ويحكم هذا الأمر في النهاية المساحة الكلية للمنزل أو الشقة، وما يمكن أن توفره لهذا الركن الحيوي.
على أنه من المستحسن، بالتأكيد، أن لا يكون ركن القراءة ملاصقاً للمساحات والغرف التي تشهد حركة مستمرة في المنزل أو التي تصدر منها أصوات لأجهزة كهربائية، مثل المطبخ.

ضرورات بصرية - صحية
على أن المشترك بين كل أركان القراءة، مهما تعددت أهدافها وأبعادها وتنوع أصحابها، هو أهمية الإضاءة كعنصر أساسي، تمليه ضرورات بصرية - صحية، وهو يوازي بالطبع أهمية عناصر الجلوس.

فالقراءة تتطلب من حيث المبدأ وقتاً، ويتطلّب ذلك خيارات متأنية للمقاعد ولتلافي النتائج السلبية للجلوس لفترات طويلة.
وقد بات معروفاً اليوم أن أمراض الظهر هي في معظمها نتيجة للجلوس لفترات طويلة من دون التنبه الى ضرورة الحركة.

على أن الناحية الجمالية في ركن القراءة لا تقل أهمية عن الناحية الوظيفية، ذلك أن وقت القراءة، بالإضافة الى كونه وقتاً للمتعة المعرفية، إلا أنه أيضاً يشكل فرصة للراحة من الحياة اليومية ومتطلباتها.
و هذه الراحة لا يمكن الحصول عليها من دون توفير أجواء متناسقة من حيث ألوانها وأثاثها وأسلوب ترتيبها.
وهنا أيضاً يمكننا تمييز الأساليب الزخرفية المتعددة وأيضاً الطرز وما يلحق بها من تيارات وميول تتطور تبعاً لظروف الحياة المعاصرة.
ومن هنا تبدو المعالجات المتعلقة بركن القراءة تتجه نحو ترتيب المساحة المتاحة بكثير من الدقة والعناية، مبتعدين عما يمكن أن يشكل تبايناً، في الشكل أو اللون، وذلك للحفاظ على جو السكينة والهدوء، وهو ما تتطلبه القراءة بشكل عام.
ذلك أن الجو المحيط يؤثر تأثيراً مباشراً ليس على عملية المتابعة فقط، ولكن أيضاً على عملية الاستيعاب والتذكر والفهم.

وهذه كلها مسائل على علاقة أساسية مع القراءة. غير أن ذلك ينبغي ألا يقيّد أصحاب المكان ويثنيهم، عن الذهاب الى أبعد من الأجواء الكلاسيكية الهادئة.
فبعض الجرأة يصبح مطلوباً، خصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار انسجام ركن القراءة مع بقية المساحات في المنزل وضرورة التناغم مع الخيارات الزخرفية الكبرى.

وقد يكون من المستحب أيضاً، أن يكون ركن القراءة مكاناً للاسترخاء والقيلولة، وعلى الأخص للذين تستهويهم القيلولة بعد قراءة عدد لا يستهان به من صفحات كتاب.
ويتيح تنوع المقاعد المعروضة والمتوافرة في أسواق الأثاث خيارات عديدة في هذا المجال، تبدأ من الكرسي الطويل الى المقعد - السرير.
ولا شك في أن خيارات ألوان الجدران وأغطية الأرضيات مسألة تحتاج الى تمهل ودقة ليس فقط لكي تلبي متطلبات ركن القراءة نفسه ولكن أيضاً لتشكل امتداداً طبيعياً وغير منفر، لبقية مساحات المنزل.

وبصرف النظر عن خياراتنا الزخرفية لركن القراءة، كلاسيكياً أردناه أم حديثاً، بسيطاً أم متكلفاً، فإن الابتعاد عن استخدام العناصر الزائدة والتي لا ضرورة أساسية لها، مسألة بالغة الأهمية.

فالكتب نفسها تشكل عناصر «زخرفية» بالغة التأثير. وعليه، يجب أن يبقى لها الدور الأول في الحضور.