منزل صلاح مطر لبناني...

إسترخاء, أسياخ شوي خشبية, قاعة /صالة / غرفة طعام, الهندسة الداخلية, قاعة /صالة / غرفة جلوس, قاعة /صالة / غرفة نوم, خشب مزخرف, قاعة /صالة / غرفة إستقبال, قاعة /صالة / غرفة مكتبة, منزل لبناني, قاعة /صالة / غرفة المدفأة, قاعة /صالة / غرفة الحمام, قاعة /

03 يناير 2013

من قال إن التاريخ مسجون في الماضي، أو مجمّد في صورة، أو مقيم في ذاكرة؟ منزل المحامي والشاعر صلاح مطر في تنورين يثبت عكس ذلك.
 
ها هو التاريخ يشق درفة بابه ليطلّ علينا بعظمته، نابضاً ، حياً، مكللاً بجمال السنين ورافلاً بإمارات العراقة.

هذا المنزل العريق بني عام 1850، وكان يملكه أنطون بك طربيه، ثم ورثه إبنه بطرس طربيه، القائمقام آنذاك. وعام 1985، تولّى مطر تأهيله، ليزيده جمالاً على فخامة، وألقاً على رونق، وعراقة على جاذبية.

وبما أنّ المكان يبعث على الحلم، استوحى منه المالك الشاعر إحدى قصائده بعنوان «وجه التاريخ»، وقد سماها كذلك قاصداً البيت التاريخي.

كلّ شيء هنا يعيدنا الى الماضي الجميل، وجمال الماضي. الطبيعة الغنّاء من خارج، والهندسة المجدّدة من داخل.
الخارج الممتدّ تقريباً على مساحة 4500 متر مربع، لوحة جمالية قائمة بذاتها، شتول وأزهار منسقّة بعناية وإتقان، وأشجار وارفة خضراء، منها ما هو مثمر، ومنها سرو وسنديان، أحاطت بالمكان لتزيده خصوصية وفرادة.
يجمع هذا المنزل بين التناقضات، فنراه تارةً فسيحاَ وشاسعاً، وطوراً باعثاً على الحميمية والدفء. بهذا المعنى أيضاً، يبدو لوهلة شديد الوضوح في خطوطه الهندسية، ثم غامضاً في خطوط أخرى.
في ظلّ الخضرة الغامرة، يطالعنا مدخل مقبّب وباب من خشب السنديان الزاهي منقوش بالورود، يفتح على العراقة الشرقية والأصالة المعمارية الممتدة على مساحة 500 متر مربع.

القناطر والحجر المنحوت تختصر المشهد الداخلي. فالحجر الزاهي اللون تتخلّله حجارة باللون البني، توزّعت على الجدران وفي السقف.
الإنارة تشعّ من كلّ مكان، من الثريات الكريستال في السقف كما من المصابيح المعلّقة على الجدران، والنوافذ المقبّبة أو المزدانة بالحديد المشغول من العمل الفنيّ الحرفيّ.

قاعة الإستقبال شغلتها كونسول تعلوها مرآة، ضمّت مجموعة فاخرة من الكريستال تؤرخ سبعين عاماً، إلى جانب علّاقة القبعات التي أتى بها المالكون من إسبانيا.

من غرفة الإستقبال تتوزّع الجلسات على أكثر من مستوى، وقد انتشرت في أرجائها قطع من الأثاث الفاخر كما الأكسسوار.
قطع مميّزة إستقدمها المالكون من أسفارهم العديدة، وتحديداً من إسبانيا، كالمرآة الكبيرة المعلّقة على أحد جدران الصالونات، إطارها من الخشب الزهريّ المشغول، ابتيعت من إسبانيا.
أما مجموعة السجاد الحرير فقد شغلت أرض غرفة الطعام.
معظم الأثاث القديم العهد والسجاد العجميّ، أتى به مالكو المنزل من المتاجر التي تعنى بجمع التحف، وتمّ تنسيقه ووضعه في المكان المناسب، ليضفي قيمةً جديدةً واستثنائية على المكان المشبع بالفنّ المعماريّ.

والأثاث يعود بمعظمه إلى القرن السابع عشر، وقد تمّ تأهيله وتعديله بالقماش ليواكب الطراز الحاليّ.
لكلّ جلسة لونها الخاص من مشتقات الألوان الطبيعية والترابية، والقاسم المشترك بينها هو القماش الفاخر، ومعظمه من الحرير.
وبالوصول الى المقاعد، فإنّ إطارها من الخشب المشغول بتفنّن، ومنها ما هو مشغول وفق الطراز الشرقي البحت.

أما طاولات الوسط فكلّها من العمل الحرفي، منقوشة برسوم منمّقة، بعضها من الخشب الداكن وبعضها الآخر من الخشب الزهري. 
وبما أنّ لا شيء يبرز جمال الديكور أكثر من الاستثمار المدروس لكلّ زاوية، تخلّلت الجلسات العديدة من غرفة الجلوس إلى الصالون وغرفة المدفأة، زوايا دافئة قوامها مقعدان، يتوسطهما مصباح ينمّ عن ذائقة فنية مرهفة.
ممرّ صغير وبضع درجات تقودنا إلى قمّة الدفء والهدوء والسكينة، حيث يطالعنا جدار من الحجر علّقت عليه أسطوانة من الحجر المنقوش، هو جدار المدفأة التي تبعث نارها في الأرجاء لمقاومة صقيع المنطقة الجبلية.
وقبل مغادرة قاعات الإستقبال الفسيحة، تستوقفنا غرفة الطعام الفسيحة بعراقتها التاريخية، إذ يرقى أثاثها من الخشب الداكن المحفور إلى أكثر مئة عام، وقد أخضعت لإعادة تأهيل، مجددةً شبابها مع المحافظة على سنيها، لتستقبل إلى طاولتها أكبر عدد ممكن من الزوار.
جدران المنزل التي شكّلت لوحة بذاتها، إزدانت بدورها باللوحات الزيتية لرسّامين لبنانيين وعالميين، وعلّقت على أحد الجدران لوحة زيتية بإطار مذهبّ تجسّد مالكي المنزل.
غرف النوم كلاسيكية الطراز كما الجوّ العام للمنزل، اتّسمت بلونها الزاهي للخشب، لتضفي مزيداً من الهدوء والإسترخاء في ظلّ الخضار والطبيعة الغنّاء المحيطة بالمنزل.
الجوّ الشعريّ الذي يطبع أجزاء هذا المنزل يرافقنا حتى الجولة الأخيرة، إذ لا بدّ من التقاط صورة تذكارية أمام نبع الماء الدائري الذي يذكّرنا بمعالم قصر بيت الدين الأثرية.