العدة ظلم للمرأة!!
سعاد صالح, العدّة الوردية, أمينة ودود, عبد النور برادو, ملكة يوسف زرار, سناء حتحوت, سيد صبحي, عالمات الأزهر, د. عبلة الكحلاوي, د. سامية الساعاتي
04 سبتمبر 2009هذا المؤتمر شاركت فيه أكثر من ثلاثين ناشطة على رأسهن الدكتورة أمينة ودود التي قامت بإمامة صلاة مختلطة بين الجنسين خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر بعد أن سبق قيامها بذلك في الولايات المتحدة وبريطانيا، ودعت إلى مراجعة عدد من الأحكام الدينية المتعلقة بالمرأة.
وحثت المشاركات على عولمة قضايا حقوق المرأة وربط حقوق النساء في كل البلدان بعضها ببعض ودمج المرأة المسلمة في المجتمعات الغربية، وذلك من خلال العمل على جبهتين: الأولى في البلدان الإسلامية حيث الأغلبية الساحقة من النساء مسلمات، والجبهة الأخرى هي البلدان الغربية حيث توجد أقلية من النساء المسلمات.
وفي معرض انتقادها لوضع المرأة المسلمة وخاصة في العالم الإسلامي قالت نداي أندوخار، نائبة الهيئة الإسلامية في كتالونيا، وهو أكبرالأقاليم إلاسبانية التي تحظى بحكم ذاتي، إن «وضع المرأة المسلمة في أوروبا يبدو أفضل، بينما يبدو ذلك صعباً في البلدان الإسلامية» التي وصفتها بأنها «تسمح برجم النساء وممارسة ختان الفتيات»، وهو ما اعتبرته جريمة يجب التصدي لها، على حد تعبيرها.
وفي السياق ذاته دعت إحدى المشاركات من السنغال الى إلغاء عدة المرأة قائلة «أنا لا أفهم أبداً كيف أن الرجل يمكن أن يتزوج مباشرة بعد العودة إلى منزله من جنازة زوجته، بينما تطالب المرأة بالعدة حدادا على زوجها مما يؤكد أن هذا ينتقص من حقوق المرأة. ولهذا فإن الحل هو حرية تأويل النصوص الدينية من أجل المساواة التامة في كل شيء».
وحاول عبد النور برادو، رئيس الهيئة الإسلامية في كتالونيا البحث عن تبرير للشذوذ الجنسي بعد أن نشر مقالات في صحف إسبانية حاول فيها تبرير الشذوذ الجنسي، وبحث عن أمثلة زعم أنها موجودة في الإسلام.
ومن بين المشاركات في المؤتمر البارونة أودين، وهي أول مسلمة دخلت مجلس اللوردات البريطاني، وبثينة شعبان، مستشارة الرئاسة السورية للشؤون السياسية والإعلامية، وفاطمة على خفاجي، مسؤولة عدد من برامج التنمية لدى منظمة «اليونيسيف»، والماليزية نوراني عثمان التي تعد من أبرز المناهضات للقوانين الإسلامية للأسرة في بلادها.
عارضت عالمات الأزهر المزاعم التي روّجت لها المشاركات في المؤتمر الثالث للمرأة المسلمة الذي عقد في مدينة برشلونة الأسبانية تحت عنوان «النسوية الإسلامية في عصر العولمة»، واتهمن فيه التشريعات الدينية بهضم حقوق المرأة من خلال العديد من موادها وأهمها العدة وحد الرجم وختان الإناث وتعدد الزوجات.
وأوضحت عالمات الأزهر الشريف أن هذا المؤتمر تحرك يعبّر عن توجه غربي يستهدف «تطويع التعاليم الإسلامية المتعلقة بالمرأة وفق الرؤى التحررية العلمانية التي تتعارض أحياناً مع تعاليم الإسلام». فما هو ردهن على ما جاء في المؤتمر من محاولات الخلط المتعمد بين تشريعات الإسلام والعادات الخاطئة؟
الدكتورة سعاد صالح: جهل
ورداً على زعم أن العدة فيها ظلم للمراة ويجب استبدالها بالتحاليل الطبية لبيان خلو الرحم من الحمل تقول الدكتورة سعاد صالح العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية في جامعة الأزهر: «لا شك أن حصر حكمة العدة في التأكد من خلو رحم المرأة فقط فيه جهل كبير ببقية الأهداف النبيلة من وراء هذا التشريع الإسلامي، وأهمها إعطاء مهلة للزوجين للتفكير الجدي بعيدا عن العصبية الزائدة لاستكمال مسيرة الحياة الزوجية بأن يراجع الزوج زوجته حفاظاً على تماسك الأسرة ومستقبل الأولاد في ظل الوصول إلى الطلاق الذي وصفته الأحاديث النبوية بأنه أبغض الحلال إلى الله، وقد توصل العلم الحديث إلى أهداف نبيلة متعددة للعدة كلها في صالح المرأة ويؤدي إلى حمايتنا من الإمراض وأهمها سرطان الرحم اذا ارتبطت بعلاقة جديدة قبل أتمام العدة ».
الدكتورة سامية الساعاتي: تهيئة اجتماعية
وترى الدكتورة سامية الساعاتي، أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس،أن اتباع تشريعات الاسلام في ما يخص العدة والوقاية من أي تجارب جنسية غير محسوبة أو تتم في عشوائية يحمي المرأة من التمزق النفسي والضياع الاجتماعي حيث تكون فترة العدة فرصة للمراة لاستعادة اندماجها في المجتمع ولمعرفة الناس بأنها طلقت، وبالتالي يقبل الرجال على طلب يدها بعد قضاء عدتها حتى تكون قد استعادت توازنها النفسي ومكانتها الاجتماعية في اطارها الجديد وظروفها المستجدة مما يجعلها أكثر قدرة على الاختيار السليم. أما ما يتعلق من بالشذوذ الجنسي فيكفي النظر إلى آثاره السلبية على المجتمعات الغربية التي بدا العقلاء فيها ينادون بالعودة إلى الأسرة بعيدا عن العلاقات خارج الزواج الطبيعي لأن هذا أدى إلى ضياع مفهوم الاسرة مما يهدد هذه المجتمعات بالانهيار.
الدكتورة عبلة الكحلاوي: نصوص ثابتة
وأشارت الدكتورة عبلة الكحلاوي، عميدة كلية الدراسات الإسلامية ببور سعيد، إلى أن تشريع العدة وارد بالنص في آيات صريحة في القران الكريم وواجبنا تجاه ذلك أن نقول «سمعنا وأطعنا » سواء كنا نعرف حكمته أو حتى لا نعرفها فهذا جزء من التسليم التام لله الذي هو اعلم بما يصلح الناس من أنفسهم لأنه خالقهم القائل عن نفسه «ألا يعلم من خلق وهو اللطيف والخبير » والنص القرآني المتعلق بالعدة صريح، إذ يقول تعالي « يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا » آية 1 سورة الطلاق. وأثناء العدة هنا يجب أن تستمر المرأة في بيت الزوجية على أمل أن يراجع كل من الزوجين نفسه وأن تقل حدة الصراع ويعيدها إلى عصمته من جديد طالما أن الطلاق قبل الطلقات الثلاث، وقد فرق الإسلام في أحكام العدة بين حالات مختلفة حسب وضع المرأة فإذا لا تحيض لتقدم السن أو كانت حاملا فعدتها وضع الحمل وذلك لقوله تعالي « وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا »آية 4 سورة الطلاق.
وأشارت إلى أن الإسلام دعا المرأة إلى الصدق في بيان حالتها بعد الطلاق وأن تحافظ على ما ببطنها إن كان هناك حمل ولم يعلم به الزوج حتى لا تجهضه أو تدخل على إنسان آخر فيحدث اختلاط للأنساب فقال تعالي «والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً»آية 228 سورة البقرة .. أما من توفي زوجها فلها عدة مختلفة وهي أربعة أشهر وعشرة أيام وهذا ما نص عليه القران في قوله تعالى « وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا »آية 234 سورة البقرة وقد توصل العلم إلى أن لهذا الفرق فوائد عظيمة للمراة لأن في هذا تدليل على إخلاصها ووفائها الذي توفي ولم تكن بينهما مشاكل كالمطلقة ولهذا فإن طول المدة يساعدها على النسيان والاستعداد النفسي والجسدي لبدء حياة زوجية جديدة إن أرادت ذلك.
الدكتورة ملكة يوسف زرار: انحطاط اخلاقي
وتتعجب الدكتورة ملكة يوسف زرار، أستاذة الشريعة الإسلامية في جامعة القاهرة، من البحث عن غطاء شرعي للشذوذ من خلال هذا المؤتمر مؤكدة أن هذا شذوذ عن الفطرة السوية التي خلق الله الناس عليها ودعت إليها الأديان السماوية التي حرمت أي لقاء بين أبناء الجنس الواحد لأن هذا يؤدي إلى غضب الله الذي شرع الزواج الشرعي كوسيلة وحيدة للتناسل والاستمتاع الجنسي تحت غطاء الشرع مما يضمن حقوق الطرفين ويثمر أولادا شرعيين يعمرون الأرض، لهذا قال تعالى « وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون».
أما الشذوذ فلم يؤد بالبشرية إلا إلى الهلاك ابتداء من قوم لوط الذين خسف الله بقريتهم الأرض وإلى خلفاء قوم لوط المعاصرين الذين عاقبهم الله بالأمراض الفتاكة وعلى رأسها الإيدز الذي لم تصل البشرية إلى علاج نهائي له حتى الآن فضلا عن حرمان الشواذ من نعمة الإنجاب الطبيعي لأنهم رفضوا الفطرة ولهذا تمّحي ذكراهم بعد وفاتهم ولا يكون لهم إلا السيرة السيئة حتى ولو لجأوا إلى التبني الذي لن يحقق لهم الإحساس الحقيقي بالأمومة أو الأبوة. ومن العجب أن يبحث هؤلاء العاشقون للغرب عن مبررات شرعية للشذوذ، فهذا ضرب من الخيال. بل ان الشذوذ يجعل الانسان في مرتبة أقل من الحيوان الذي تأبي طبيعته قبول الشذوذ.
الدكتور سيد صبحي: استراحة نفسية
وعن التفسير النفسي للآثار الايجابية للعدة والابتعاد عن الشذوذ الجنسي يقول الدكتور سيد صبحي استاذ الصحة النفسية في جامعة عين شمس: «ينظر الاسلام إلى المرأة على انها كيان انساني واجب الاحترام لظروفه النفسية والجسدية منها بلا شك ظروفها في فترة العدة التي تعد اقرب إلى فترة «استراحة» تكون بعدها قادرة على بدء حياة زوجية جديدة بنفسية مستقرة قادرة على العطاء والنجاح فيها بعد تضميد الجراح النفسية والبدنية. أما ما يتعلق بالشذوذ فيكفيه اسمه حتى إن حاول البعض تجميله باسم «الزواج المثلي» تمييزاً له عن الزواج الطبيعي الذي يكفي أن نقول كلمة زواج للدلالة عليه».
الدكتورة سناء حتحوت: إعجاز طبيا
وعن بعض مواطن الاعجاز العلمي والطبي في قضية العدة تقول الدكتورة سناء حتحوت، أستاذة امراض النساء والعميدة السابقة لكلية الطب في جامعة الازهر: «أثبت العلم الحديث أن السائل المنوي يختلف من رجل لآخر كما تختلف بصمة الإصبع بين البشر وبالتالي فإن لكل رجل شفرة أو بصمة خاصة به دون بقية الرجال، كما أن المرأة تحمل داخل جسدها مؤشرات خاصة تخزّن بصمة الرجل الذي يعاشرها وتحفظها، ومن ثم إذا دخل على جسدها أو جهازها الأنثوي أكثر من شفرة فيصاب بالخلل والاضطراب والأمراض الخبيثة لأن هذا عكس النظام الذي خلقها الله عليه بحيث يكون لكل امرأة زوج واحد. ولهذا فإن جميع النساء المنحلات أخلاقياً ممن يمارسن الدعارة والرذيلة يصبن بأمراض عديدة وخطيرة اشهرها سرطان الرحم. ليس هذا فحسب بل إن العلم اكتشف أيضاً أن المرأة تحتاج مدة العدة نفسها التي شرّعها الله تعالى كي تستطيع استقبال شيفرة جديدة في علاقة جنسية جديدة دون أن تصاب بأذى، لأن جسدها قد نسي تلك الشيفرة، واصبح على استعداد للدخول في تجربة جديدة تكون المرأة مستعدة لها من الناحية الجسدية والنفسية المرتبطة بالمؤثرات الجسدية.