سيناريو مثير بعد الجلسة الأولى في قضية سوزان تميم

قتل, محسن السكري , هشام طلعت , جريمة, قضية

17 سبتمبر 2009

لم تنته الإثارة في قضية سوزان تميم بانتهاء المستشار محمدي قنصوة رئيس محكمة الجنايات من أول جلسات القضية ورفض طلب فريد الديب، وأنيس المناوي المحامين بالإفراج عن محسن السكري وهشام طلعت السادات، لكن الإثارة أمتدت إلى ميادين أخرى، وجولات كان أبطالها المحامين والمدعيين بالحق المدني، والباحثين عن ملايين سوزان تميم. لم تنته أيضاً مفاجآت طلعت السادات الذي برر اتهام البعض له بتسييسه القضية، حينما أكد أنه سيفجر مفاجأة مدوية خلال الجلسات القادمة ويستدعي المحامي الإنكليزي  الشهير ميرا اسكنداري للشهادة ضد هشام طلعت مصطفى، وأكد طلعت السادات لـ«لها» أن هذه الشهادة قد تقود هشام إلى حبل المشنقة!

امتدت سخونة أحداث المحاكمة الشهيرة للمتهمين بقتل سوزان تميم من خارج قاعة المحكمة حيث مئات من جنود الأمن المركزي، وأفراد الشرطة، إلى داخل القاعة في أولى جلسة محاكمة حيث تبارى المحامون لتقديم ما في جعبتهم من مفاجآت، ولكن بدا أن المباراة الحقيقية ستنحصر بين طلعت السادات المحامي الشهير وهو المدعي بالحق المدني لعادل معتوق، وبين فريد الديب محامي هشام طلعت مصطفى المتهم الثاني بالاشتراك في جريمة القتل!
الجلسة استمرّت 5 ساعات تخللتها أحداث مثيرة، وظهور محامين جدد عن رياض العزاوي الذي ادعى محاميه أن العزاوي كان متزوجاً من سوزان تميم، كما وجد محامي التعويضات الشهير نبيه الوحش الذي طالب الادعاء بالحق المدني وتعويض قدره مليارا جنيه ضد محسن السكري ضابط القوات الخاصة السابق الذي دربته الشرطة المصرية حتى يدافع عن الوطن لا ليرتكب جرائم.

كانت مفاجأة حينما برّر طلعت السادات المحامي لـ«لها» سبب قوله إن هشام طلعت مصطفى يجب أن يحاكم بسبب حصوله على أرض مدينة «مدينتي» بسعر رخيص بحكم موقعه الحزبي، وقال السادات: «حاول البعض أن يتهمني بأنني أحاول تسييس القضية، ولكن قصة أرض مدينتي هي أساس الجريمة، وقد جئت إلى المحكمة مدعياً بالحق المدني ضد قتلة سوزان تميم لصالح عادل معتوق، وهو آخر أزواج سوزان تميم، ولكن قصة أرض مدينتي هي الأساس والدافع وراء ارتكاب جريمة قتلها».

يكمل طلعت السادات: «سوزان تميم كانت تحكي لأصدقائها عن جهودها في مساعدة هشام في الحصول على أرض مدينتي بسعر رخيص للغاية، وأكدت أنها حصلت على أموال من هشام طلعت مصطفى مقابل التوسط له عند مسؤولين حتى يحصل على الأرض، ومقابل هذه الوساطة قام هشام بإعطاء سوزان تميم ملايين الجنيهات فقامت بإيداعها في بنوك سويسرا».

ويواصل السادات: «لكن هشام حينما حدث خلاف بينه وسوزان قرر أن يسترد الأموال التي أعطاها لها فرفضت سوزان، فقام هشام برفع دعوى في سويسرا ضدها، مؤكداً أن هذه الأموال تخّصه، فقامت سوزان تميم بتوكيل محامٍ بريطاني شهير من أصول إيرانية يدعى ميرا سكنداري للدفاع عنها، وخسر هشام القضية واحتفظت سوزان بأموالها».

شاهد مهم
يواصل السادات: «حينما خسر هشام القضية قرر الانتقام من سوزان بأي وسيلة لأنها استولت على أمواله، وقصة قضية جنيف في سويسرا هي الباعث والسبب الأصلي لارتكاب جريمة القتل، ولهذا قررنا أن نطلب من المحكمة استدعاء المحامي البريطاني ميراسكنداري للشهادة حتى يدلي بمعلومات خطيرة عن تهديدات هشام طلعت لسوزان، ويكشف حجم نفوذ هشام ولكنني سأشترط على المحكمة أن تطلب من الشرطة تأمين حياة المحامي البريطاني أثناء وجوده في القاهرة».

كانت رواية طلعت السادات مثيرة، وقد أكد لنا كمال يونس محامي سوزان تميم وجود قضية بالفعل كانت مرفوعة من هشام طلعت مصطفى في سويسرا ضد سوزان تميم ولكنها ربحت القضية ولم يفلح هشام في فرض التحفظ على أموال سوزان.

لم تكن قصة هذه القضية محل حوار في الجلسة الأولى لمحاكمة المتهمين بقتل سوزان تميم، لكنها ستكون محل تحقيق، ومرافعة كاملة في الجلسات القادمة، فهناك مصدر قضائي كبير أكد أن هذه القضية قد تستمرّ لعام كامل، وربما أكثر وذلك لتعدد أطرافها، ووجود أشخاص من دول عدة لهم اهتمام وأدوار في هذه القضية، وكذلك هناك شهود من دبي قد يطلب الدفاع استدعاءهم، وهناك أفراد أسرة سوزان تميم في لبنان الذين قد تستدعيهم المحكمة. وهناك تقارير معملية يمكن الطعن فيها، وهناك أيضاً أشخاص ظهرت لهم صفات قانونية ربما يطالبون بالادعاء بالحق المدني!

لكن المصدر القضائي استبعد الإفراج عن هشام طلعت مصطفى قبل صدور حكم قضائي، وذلك بسبب وجود تخوفات أمنية من هروبه خارج مصر إلى أحد البلاد التي لا يوجد بينها ومصر اتفاقية تسليم متهمين، مستغلاً في ذلك وجود طائرة خاصة يمتلكها ويمكن أن يستخدمها في أي وقت. وقد رفض المستشار محمدي قنصوة رئيس محكمة الجنايات طلب الإفراج عن المتهمين بعد انتهاء الجلسة الأولى، وذلك مثلما فعل المستشار عبد المجيد محمود النائب العام الذي رفض الطلب نفسه أثناء صدور قرار الحبس الاحتياطي لهشام طلعت والسكري على ذمة القضية!



شهدت الجلسة الأولى مفارقات عدة، منها غضب فريد الديب من ظهور محامي رياض العزاوي الذي أدعى أن العزاوي له حق الإدعاء مدنياًَ لأنه كان متزوجاً من سوزان تميم، وردد الديب: «هذا شيء ليس معقولا!ً».
وخلال الجلسة الأولى تأكد رئيس المحكمة من شخصية هشام طلعت وشريكه محسن السكري، وواجههما بتهمة القتل العمد، والاشتراك في الجريمة، لكن هشام أكد أنه لم يقتل سوزان، وردد جملة «حسبي الله ونعم الوكيل»، بينما نفى محسن السكري وأقسم أنه لم يقتل سوزان. وفي نهاية الجلسة فاجأ السكري الجميع حينما انتابته نوبة من الضحك.

وحرصت الشرطة على وضع فاصل حديدي بين الزنزانة التي يوجد فيها هشام وزنزانة محسن السكري، وتبادلا نظرات نارية في بداية الجلسة، لأنه كان اللقاء الأول بينهما منذ بداية القضية، ولأن النيابة لم تجرِ أي مواجهة بينهما خلال التحقيقات، وردد السكري: «أهلاً يا باشا!».
فأجابه هشام: «أنت السبب فيما حدث!».
وبدأ المستشار محمدي قنصوة بالاستماع إلى النيابة التي حضر ممثلاً عنها المستشار مصطفى سليمان المحامي العام الأول لنيابة استئناف القاهرة، وطالب المحامي العام بمعاقبة محسن السكري وهشام طلعت مصطفى بعقوبات تصل إلى الإعدام لكل من المتهمين، لارتكاب السكري جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وقيام هشام طلعت بالتحريض على الجريمة وإمداد المتهم الأول بالمعلومات والأموال وتأشيرات السفر لتسهيل مهمته.
وبدأت المحكمة في فضّ الأحراز التي وضعتها النيابة العامة في مظاريف مغلقة وكراتين، وساد القاعة الصمت التام وهم يتابعون رئيس المحكمة وهو يفض الأحراز ويشرح محتوياتها.

صور وملابس!
احتوت الأحراز على تقارير من شرطة دبي حول الصور التي تم تسليمها إلى القاهرة وأشرطة الفيديو التي تحتوي على تسجيل لصعود المتهم الأول محسن السكري إلى منزل سوزان تميم، وتضم الأحراز أيضاً تقرير الطب الشرعي الخاص بتحديد البصمة الوراثية لمحسن السكري، وهي تتطابق مع بقعة الدماء التي تم العثور عليها في ملابس المتهم التي ألقاها في مطفأة الحريق في البناية التي تسكنها سوزان تميم.
تضمنت الأحراز أيضاً ملابس القاتل التي وضعتها النيابة داخل كرتونة، وتابع الدفاع عن المتهمين استعراض المحكمة للأحراز، ومنها أيضاً السكين السويسري الذي عثرت عليه الشرطة مع المتهم محسن السكري وهو الذي أكد أن هذا السكين هو الذي اشتراه من دبي وليس الخنجر الذي ارتكب به الحادث!

ويقول فريد الديب المحامي: هناك أسرار عديدة لم نكتشفها بعد في هذا الحادث، ولن أفصح عن تفاصيل خطة الدفاع، فهناك ثغرات كثيرة في القضية ومنها أن تقرير الطب الشرعي المصري الذي ستشهد به النيابة لإدانة السكري طبقاً لنوع البصمة الوراثية يمكن التشكيك فيه، لأن شرطة دبي لم ترسل ملابس القاتل الملوثة بدمائه إلا بعد ثلاثة أسابيع كاملة ما يطعن في صحته أو بمعنى أصح في دقة تحليل العينة!

يكمل الديب: هناك أيضاً ظفر مكسور لسوزان تميم مما يؤكد أنها قاومت القاتل وأصابته، لكن النيابة لم تجد في السكري أي إصابات بعد القبض عليه بعد 8 أيام فقط من ارتكاب الجريمة، وهناك الكثير من الثغرات، فهناك من يدعون بالحق المدني، وهناك أيضاً طلبات مجالها محكمة مدنية وليس محكمة الجنايات، وأنا في النهاية واثق ببراءة هشام طلعت، ومتأكد من أن السكري لم يقتل سوزان تميم.

ينهي فريد الديب حديثه المقتضب ثم يستعد لجولة أخرى من المحاكمة لأن الجلسة القادمة ستكون أكثر سخونة، وربما تشهد أشخاصاً جدداً مثل أقارب سوزان تميم، أو رياض العزاوي وتستمر المفاجآت. وفي الوقت نفسه يحاول المستشار محمدي قنصوة وأعضاء دائرته أن يبعدوا أنفسهم عن وسائل الإعلام حتى لا تتأثر قراراتهم!