Home Page

مفتية النساء الدكتورة سعاد صالح...

العمل التطوعي, الصيام, ليلة القدر, فطر صيني, د. سعاد صالح, مفتية النساء, مسجد, شهر رمضان, المخالفة الشرعية, قراءة القرآن

25 يوليو 2011

تؤكد الدكتورة سعاد صالح، الشهيرة بمفتية النساء، أهمية العبادة في العشر الأواخر من شهر رمضان وثوابها الأكبر، كما تتحدث عن الأحكام الشرعية في زكاة الفطر، ومساعدة الفقراء، وصيام التطوع، والاعتكاف، وغيرها من القضايا المتعلقة بالشهر الكريم، والتي تشغل أذهان الكثيرين.


- كيف نلتمس ليلة القدر؟

قال رسول الله عنها: «التمسوها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان»، ونظراً لاختلاف التقويم بين البلاد الإسلامية فقد تختلف الليالي الوتر من بلد إلى بلد، ولهذا ننصح الإنسان بأن يجتهد في العشر كلها، لأنها في الحقيقة ليلة خفية لم يعلم ما هي بالتحديد، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر طلباً لثوابها وإدراكها وهو متقرب إلى الله.

- هل يجوز للمعتكف الاتصال بالهاتف؟
نعم يجوز للمعتكف أن يتصل بالهاتف لقضاء بعض حوائج المسلمين، إذا كان الهاتف في المسجد الذي هو معتكف فيه، لأنه لم يخرج من المسجد، أو الاتصال للضرورة مثل الاطمئنان الى أولاده، ولكن نحذر من أن يتخذ ذلك وسيلة للتسلية مع الأصدقاء أو الأقارب أو حتى الحديث فيما يغضب الله، لأنه يفترض أن المعتكف فرَّغ نفسه للعبادة وأخرج نفسه من الدنيا وكل ما يشغله عن الله. 

- أيهما أولى الاعتكاف أم السعي في قضاء حوائج المسلمين؟
لا شك أن قضاء حوائج المسلمين له ثواب عظيم، فإذا كان هذا الرجل معنياً بقضاء تلك الحوائج بحكم طبيعة عمله وتتعطل المصالح إذا اعتكف فعليه ألا يعتكف، لأن قضاء حوائج المسلمين أهم من الاعتكاف، لأن نفعها متعدٍّ والنفع المتعدي أفضل من النفع المقصور، إلا إذا كان النفع المقصور من مهمات الإسلام وواجباته.

- لمن تمنعه ظروف عمله من الاعتكاف طيلة العشر الأواخر، فهل يجوز له الاعتكاف يوماً أو يومين؟
نعم يجوز أن يعتكف الإنسان يوماً أو يومين، فأقل الاعتكاف يوم أو ليلة، ولكن السُنَّة أن يعتكف العشر كاملة.

- ماذا يقصد بزكاة الفطر؟ وهل هناك وقت محدد لإخراجها؟
زكاة الفطر واجبة على كل مسلم قادر على إعالة نفسه، خاصة إذا زاد ما عنده على قوته وقوت عياله يوم العيد وليلته، وقد أمر الرسول، صلى الله عليه وسلم، أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة. ومن ترك إخراج زكاة الفطر آثم ووجب عليه القضاء. وهناك من العلماء من أجازها طوال رمضان وينتهي وقتها بصلاة العيد، لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، أمر بإخراجها قبل الصلاة حيث قال: «من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات».

- مازال هناك خلاف حول إخراج زكاة الفطر نقداً أو حبوباً فماذا نفعل؟
إخراج القيمة في زكاة الفطر اختلف فيها العلماء على قولين، أولهما يشترط إخراجها حبوباً، وبه قال الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد، واستدلوا بحديث عبد الله بن عمر في الصحيحين: «فرض رسول الله زكاة الفطر صاعاً من تمرٍ أو صاعاً من بُرٍّ أو صاعاً من شعير على الصغير والكبير من المسلمين». ووجه استدلالهم من الحديث أنه لو كانت النقود يجوز إخراجها في زكاة الفطر لذكرها رسول الله،  صلى الله عليه وسلم، حينما قال: «أغنوهم في هذا اليوم». أي عيد الفطر. وقالوا: غنى الفقراء في يوم العيد يكون فيما يأكلون حتى لا يضطروا لسؤال الناس الطعام ذلك اليوم.

والقول الثاني: يجوز إخراج القيمة نقوداً أو غيرها في زكاة الفطر قال به الإمام أبو حنيفة وأصحابه وبعض التابعين، واستدلوا بأن إخراج القيمة يجوز في حال ما إذا كانت النقود أنفع للفقير، كما هو الحال في معظم بلدان العالم اليوم، ولعل حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يحتمل هذا المعني «أغنوهم في هذا اليوم»، لأن حاجة الفقير الآن لا تقتصر على الطعام فقط، بل تتعداه إلى الملبس وغيره. وأكدوا أن في تحديد الأصناف المذكورة من الحبوب في الحديث هي: الحاجة إلى الطعام والشراب وندرة النقود آنذاك، حيث كانت أغلب مبايعاتهم بالمقايضة، والحكم الشرعي يدور مع علته وجوداً وعدماً، وبالتالي يجوز إخراج النقود في زكاة الفطر للحاجة القائمة والملموسة للفقير اليوم.

- ماذا يفعل من لم يخرجها حتى الآن ويشعر بالذنب؟
إذا أخَّر الشخص زكاة الفطر عن وقتها وهو ذاكر لها آثم، وعليه التوبة إلى الله والقضاء، لأنها عبادة فلم تسقط بخروج الوقت كالصلاة، أما إذا نسي إخراجها في وقتها فلا إثم عليه وعليه القضاء لسقوط الإثم عن الناسي.

- هل على الطفل الذي في بطن أمه زكاة الفطر؟
لا تجب عليه طالما لم يولد بعد، ولكن يستحب إخراجها عنه مثلما فعل عثمان بن عفان كنوع من الاستبشار والحصول على مزيد من الثواب.

 

- زكاة الفطر هل يجب أن توزع على فقراء المنطقة فقط أم خارجها؟
السنة توزيع زكاة الفطر بين فقراء البلد أو المنطقة قبل صلاة العيد، ويجوز توزيعها قبلها، ويجوز التماس بعض فقراء المسلمين في مناطق أخرى إذا لم يكن سكان المنطقة في حاجة إليها، كأن يخرجها الإنسان لأقربائه.


استعمال لاصق طبي لتقليل الإحساس بالجوع مكروه شرعاً

- بعض أهل الصحراء ليس عندهم حبوب يخرجونها لزكاة الفطر، وليست لديهم نقود لكن لديهم لحم فهل يجوز لهم الذبح من المواشي وتوزيعها على الفقراء كزكاة للفطر؟
لا يصح ذلك، لأن النبي فرضها صاعاً من طعام واللحم يوزن ولا يكال، ولهذا كان القول الراجح من أقوال أهل العلم أن زكاة الفطر حبوب أو نقود، ويجوز لأهل الصحراء بيع اللحوم وشراء حبوب أو إخراجها نقوداً.

- ونحن في شهر القرآن هل من الأفضل قراءة القرآن أم الاستماع إلى المصحف المرتل خاصة إذا كان الشخص لا يجيد التجويد؟ وهل أجرهما واحد؟
لا شك أن القراءة من المصحف أفضل من استماعه وأكثر ثواباً، وقد جعل الله عز وجل أجر قراءته بكل حرف منه عشرحسنات، فقَالَ رَسُولُ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لا أَقُولُ: (ألم) حَرْفٌ ، وَلَكِنْ (أَلِفٌ) حَرْفٌ (وَلام)ٌ حَرْفٌ (وَمِيم) حَرْفٌ».
وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، يجمع بين الأمرين، أي القراءة من المصحف والسماع والإنصات له، لقوله تعالى: «وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ». آية 204 سورة الأعراف.

- هل يستوي أن يكون الاستماع من راديو أو مسجل صوت أو من شخص آخر بشكل مباشر؟
الثواب على الاستماع يشمل من يقرأ بصوت مسجل أو بوجوده في مجلس القراءة، المهم إخلاص النية والتدبر والخشوع عند استماعه، وغير ذلك من آداب القرآن، فالجمع بين قراءة القرآن وسماعه أمر مطلوب من المسلم.

- توصل العلم الحديث إلى لاصق طبي لتقليل أو منع الإحساس بالجوع، فهل يجوز للصائم استعماله لتقليل أو منع الإحساس بالجوع، خاصة أن رمضان يأتي هذا العام في جو شديد الحرارة والنهار طويل؟
أرى أن استعمال مثل هذا اللاصق مكروه شرعاً، ولكنه لا يفطر بل إنه  يتنافى مع حكمة جليلة من الصيام، وهي إحساس الصائمين بمعاناة الجوعى وتحمل المشقة والشعور بالجوع، ومع هذا أطالب بطرح القضية على المجامع الفقهية لإصدار فتوى شاملة فيها، باعتبار القضية من المستحدثات العلمية ويجب أخذ آراء الأطباء فيها وليس الفقهاء فقط.

- ما هي الحكمة من جعل العبادات الإسلامية مثل الصوم مرتبطة بالشهور القمرية؟
بداية لا يجوز لنا مثل هذا السؤال من باب الاعتراض، لأن من سمات المؤمنين السمع والطاعة طالما فرض الله الصيام علينا، سواء عرفنا حكمته أو لا. واجتهادي، والله أعلم، في تلك القضية أن توقيت عبادات المسلمين كلها بالأشهر القمرية، مثل  الزكاة والصوم  والحج، لارتباطه بظواهر طبيعية لا تشق على الناس معرفتها، وهي ظهور الهلال، كما أن الشهر القمري يتنقل بين فصول العام كلها، وبالتالي لا تكون كل العبادات فيها تعسير أو تيسير دائم، سواء من حيث طول أو قصر اليوم، أو الحر والبرد واعتدال المناخ. 
وصدق الله العظيم إذ يقول: «يسألونك عن الأهلَّة قل هي مواقيت للناس والحج» آية 189 سورة البقرة. ومن يتأمل الصلاة أيضاً يجدها مرتبطة بظواهر طبيعية من الليل والنهار والشمس والقمر، حتى لا يجد الإنسان عذراً في معرفة وقتها إن وجد في صحراء أو بحر مثلاً، وليس معه وسيلة يعرف بها الساعة.

- كيف نستثمر العشر الأواخر من رمضان لجمع الحسنات ومغفرة الذنوب؟
وصفت لنا السيدة عائشة حال الرسول، صلى الله عليه وسلم، في تلك الأيام فقالت: «كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله». وقالت في رواية أخرى: «كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يخلط العشرين بصلاة ونوم فإذا كان العشر شمر وشد المئزر». وبالتالي يجب الاجتهاد فيها قدر الإمكان في العبادة بكل أنواعها.

- لماذا اختص الله العشر الأواخر بهذا الثواب أكثر من العشرين يوماً الأولى من رمضان؟
العشر الأواخر نزل فيها القرآن، وبها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، ولهذا يجب خلالها الحرص على المزيد من العبادة بالقيام بالصلاة وقراءة القرآن. وقد وصف الصحابي حذيفة صلاته مع الرسول فقال: «صليت مع النبي، صلى الله عليه وسلم، ذات ليلة فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى فقلت: يصلي بها في ركعة فمضى ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران»، فهذا دليل على وجوب الاجتهاد في العبادة في تلك الأيام المباركة.

 

- ما هي الطريقة الشرعية التي يثبت بها انتهاء شهر رمضان للخروج من الاختلاف في يوم عيد الفطر المبارك؟
الطريقة الشرعية لثبوت دخول الشهر أن يرى الناس الهلال، وخاصة ممن يوثق في دينهم وفي قوة نظرهم، فإذا رأوه وجب العمل بمقتضى هذه الرؤية في انتهاء رمضان، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا».

- ولكن بعض العلماء طالبوا باستبدالها بالمراصد الفلكية في ثبوت الشهر وخروجه فما رأيكم؟
أنا من المؤيدين للأخذ بالوسائل العلمية في تحديد الرؤية، وهناك مشروع القمر الصناعي الإسلامي لحل هذه الإشكالية، ولكن من يرون ضرورة الرؤية البصرية يعطلونه. ولهذا أطالب باستكمال القمر الصناعي الإسلامي لتوحيد بداية الشهور القمرية مما يجعلنا نصوم معاً ونفطر معاً ونحتفل بالأعياد معاً، أي إنه يساعد على وحدة الأمة.

- هل يجوز أن يسافر الصائم من بلده الحار إلى بلد معتدل أو بارد المناخ أو حتى بلد نهاره قصير؟
لا حرج عليه شرعاً في ذلك إذا لم يكن قادراً على تحمل مشقة الصيام، وكانت لديه الإمكانات المادية لفعل ما يخفف العبادة عليه، وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يصب على رأسه الماء من العطش أو من الحر وهو صائم. وكان ابن عمر رضي الله عنه يبلل ثوبه وهو صائم. ولا مانع من أن يبقى الصائم حول المكيف أو في غرفة باردة.

- رمضان يأتي هذا العام في الصيف، وقد يلجأ البعض إلى ممارسة السباحة سواء في البحر أو حمامات السباحة فهل هذا يفطر؟
لا بأس أن يسبح الصائم في الماء بشرط أن يحتاط من دخول الماء إلى جوفه، أما السباحة في حد ذاتها فليست من المفطرات، وعلى الصائم ألا يمضي نهاره كله في السباحة ويترك العبادة خشية المشقة، لأن الثواب يكون أيضاً على قدر المشقة. والصائم كله أمل ورجاء في أن يضاعف الله ثوابه وحسناته كلما زادت مشقته ابتغاء مرضاة الله، فكلما زاد تعب الإنسان زاد أجره إن شاء الله، وله أن يفعل ما يخفف العبادة عليه كالتبرد بالماء والجلوس في المكان البارد بالتكييف أو غيره، لأن الدين يسر لا عسر.

- أيام ويحل عيد الفطر المبارك، فهل يثاب من يحاول مساعدة الفقراء أو المحتاجين بالقروض الحسنة؟
الناس لا يستغنون في حياتهم عن القرض والمداينة، ولذلك شرع الله القرض لعباده، غير أنه سبحانه وضع حدوداً لا ينبغي لمسلم أن يتجاوزها، وبين أن إقراض المحتاجين من فضائل الأعمال، لقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن سعى في قضاء حاجة أخيه قضى الله حاجاته ومن فرج عن أخيه كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة»، وبالتالي فإن القروض الحسنة فعل معروف وتفريج للضائقة عن المسلم وقضاء لحاجته.

- هل يجوز صيام ست من شوال قبل صيام ما علينا من قضاء رمضان؟
اختلف العلماء في ذلك ما بين مشترط للقضاء أولاً وبين قائل الست من شوال أولاً ثم القضاء، وهناك من يرى أنه يجوز الجمع بينهما بنية واحدة. والمسلم مخير بين اختيار الرأي الذي يطمئن إليه قلبه، لقوله صلى الله عليه وسلم عن فضل الست من شوال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر».

- هل صيام الأيام الستة من شوال يلزم عقب يوم العيد مباشرة أو يجوز بعد العيد بعدة أيام
لا يشترط أن يكون صومها بعد عيد الفطر مباشرة، بل يجوز طوال الشهر سواء متتالية أو متفرقة حسب ما يتيسر له، والأمر في ذلك واسع وليست فريضة بل هي سنة.


أفضل صيام التطوع

- ونحن على وشك الانتهاء من رمضان ما هي خير الأيام لصيام التطوع؟
أفضل الأيام لصيام التطوع الاثنين والخميس، وأيام البيض وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر من كل شهر، والأيام الأولى من ذي الحجة وخاصة يوم عرفة، والعاشر من شهر محرم «عاشوراء» مع صيام يوم قبله أو يوم بعده، وستة أيام من شوال.

- وماذا عن صيام يوم عرفة؟
يوم عرفة أفضل أيام العام، وقال عنه صلى الله عليه وسلم: «صيام يوم عرفة أحتسبُ على الله تعالى أن يكفر ذنوب سنتين». ومعلوم أن يوم عرفة هو اليوم التاسع من ذي الحجة.
فعلى المسلم أن ينوي صيام هذا اليوم على الأقل، إذا لم يستطع صيام الثمانية أيام قبله. وصيام عرفة لغير الحاج أما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة ليكون قوياً على الدعاء والذكر والتضرع.