محمد صلاح أول لاعب عربي يصل سعره إلى 11 مليون استرليني

محمد صلاح, كرة قدم

31 يناير 2014

صنع لنفسه مجداً بين الكبار، وسطر له في تاريخ اللعبة سطوراً من ذهب، ليصبح أول لاعب مصري بل وعربي تتصارع عليه أكبر عشرة أندية في لعبة كرة القدم لتضمه إلى صفوفها. محمد صلاح لاعب المنتخب المصري لكرة القدم، ابن قرية بسيون في محافظة الغربية، ذو الاثنتين والعشرين سنة، والمنتقل حديثاً إلى نادي تشيلسي الانكليزي بمبلغ لم يسبقه إليه أي لاعب عربي (11 مليون جنيه استرليني)، مما جعله يصبح حديث كل الأوساط الرياضية في العالم.

فما هي أسرار رحلة صعود هذا اللاعب المصري من قرية صغيرة إلى أشهر أندية الكرة العالمية؟


كغيره من الموهوبين من أبناء القرى في محافظات مصر، كان الطفل محمد صلاح يلعب مع أقرانه في مركز شباب القرية. ولأنه كان يتمتع بالموهبة لفت النظر إليه بشدة لمهارته الكبيرة في مداعبة الكرة، فيقول عنه مدرب مركز الشباب إن محمد صلاح عندما كان يداعب الكرة كان أهل القرية كلهم يتجمعون ليشاهدوه، وشهد له أصدقاؤه بأنه لم يتغير منذ أن كان لاعباً ناشئاً في مركز الشباب حتى وصل إلى أعلى قمم النجومية في كرة القدم.

ولأنه من أسرة مصرية بسيطة متعلقة بالتقاليد والنشأة الشرقية، قررت والدته أن تقيم معه في بداية احترافه في سويسرا، خوفاً عليه من الانقياد في طريق يخالف تعاليم الدين أو التقاليد. لكن لأن والدته لم يكن ممكنا أن تظل معه في أوروبا طوال الوقت كان قراره بالزواج، خصوصاً بعد القبلة الشهيرة التي نالها من الفتاة الأجنبية التي سلمته جائزة أفضل لاعب في الدوري السويسري، وتصريحه بالخجل وقتها. ورغم وصول محمد صلاح إلى الشهرة العالمية وحياته في أوروبا، لم ينس قط مسقط رأسه، فعندما قرر الزواج كان اختياره واحدةً من بنات قريته لتشاركه حياته، ولم يفعل مثل لاعبين آخرين بأن أقام حفلة زفافه في أفخم الفنادق، بل قرر أن يكون عرسه وسط أهل قريته وأصدقاء الطفولة وأقاربه.

ولم يأخذ الغرور طريقه إليه، فعندما سئل عن رأيه في أبو تريكة كانت إجابته أكثر تواضعاً، حين قال إنه يستحق أكثر مما ناله لأنه أفضل لاعبي الجيل.


البداية

بدأ محمد صلاح حياته الكروية كناشئ في مركز شباب بسيون، لفت الأنظار بشدة إليه في مباريات مراكز الشباب، تقدم إلى اختبارات نادي «المقاولون العرب» في القاهرة وقُبل فيها كناشئ من أبناء النادي. خاض أول مباراة له في الدوري المصري الممتاز أمام فريق المنصورة في لقاء انتهى بالتعادل 1-1 في موسم 2010- 2011، وكان وقتها لاعبا احتياطياً. وعندما لعب أعجب به المدير الفني للفريق فقرر أن يكون لاعباً أساسياً. سجل صلاح أول أهدافه في الدوري العام المصري في موسم 2010/2011 أمام النادي الأهلي وكان سبباً لتعادل فريقه مع الأهلي أقوى أندية أفريقيا في ذلك الوقت 1-1، وبعدها لفت الأنظار إليه بقوة، وجحعلته قدراته ومهاراته العالية وسرعته الفائقة محل اهتمام وسائل الإعلام المصرية. كان على وشك الانتقال إلى نادي الزمالك قبل انتقاله رسمياً إلى نادي بازل السويسري، لكن توقف التعاقد معه بسبب تعلل رئيس نادي الزمالك في ذلك الوقت ممدوح عباس بصغر سنه وقلة خبرته. وبعد أحداث كارثة ستاد بورسعيد قام بازل بترتيب مباراة ودية مع منتخب مصر تحت 23 سنة، وأقيم اللقاء في ملعب رانكوف في بازل. لم يشارك محمد صلاح إلا في الشوط الثاني، ومع ذلك سجل هدفين، وانتهت المباراة بفوز بازل بأربعة أهداف مقابل ثلاثة لمنتخب مصر، وهو ما دفع نادي بازل لأن يدعو محمد صلاح ليتدرب مع الفريق الأول لمدة أسبوع. وقع محمد صلاح لنادي بازل السويسري لمدة أربع سنوات بدءاً من حزيران/يونيو 2012، وانتقل إلى صفوف الفريق في صفقة قياسية بالنسبة إلى «المقاولون العرب»، فقد بلغت قيمة الصفقة مليونَي يورو، بالإضافة إلى احتفاظ النادي المصري بنسبة إذا ما قرر بازل بيعه في المستقبل.


من مقاعد البدلاء

لم يبدأ صلاح مشاركاته مع بازل أساسياً، وإنما من مقاعد البدلاء، ففي 23 حزيران/يونيو 2012، أي بعد أسبوع واحد من انتقاله إلى النادي السويسري، لعب ضد نادي ستيوا بوخارست الروماني في المباراة التي انتهت بهزيمة بازل 2/4، ثم لعب أول مباراة رسمية مع بازل في الدور التمهيدي من بطولة دوري أبطال أوروبا، ضد فريق مولده النروجي في 8 آب/أغسطس 2012، ودخل بديلاً قبل نهاية المبارة بربع ساعة.

 لم ينتظر صلاح طويلاً ليسجل أول أهدافه في الدوري السويسري، ففي الأسبوع الثاني من منافسات الدوري، وأمام فريق لوزان، سجل الهدف الأول له والثاني لفريقه، مؤكداً فوز بازل باللقاء بهدفين مقابل لا شيء. وكان هذا اللقاء فاتحة التسجيل، لكن هذه المرة كان في الدور الربع النهائي لبطولة دوري أوروبا، ففي 11 نيسان/أبريل 2013، سجل أول أهدافه الأوروبية ضد توتنهام هوتسبرز، وتأهل بازل إلى الدور التالي بعدما فاز بالمباراة بركلات الترجيح بعد التعادل في مجموع المباراتين بأربعة أهداف لكل منهما، وفي الدور نصف النهائي من بطولة دوري أوروبا، سجل ضد تشيلسي على ملعب ستامفورد بريدج، هو الهدف الذي جعل مسؤولي تشيلسي يضعون أعينهم عليه. ورغم خيبة الأمل والخروج من المنافسات الأوروبية، استطاع بازل الفوز بالدوري السويسري موسم 2012/2013، وحلَّ وصيفاً في مسابقة كأس سويسرا.

أصبح صلاح محل اهتمام الصحف المصرية والعالمية، بعد مشاركته في بطولة دوري أوروبا، وتسجيله هدفين في مرمى كل من توتنهام هوتسبرز وتشيلسي الانكليزيين. وحصل أخيراً على لقب أفضل لاعب في الدوري السويسري عن عام 2013، كما حصل على جائزة الاتحاد الأفريقي لكرة القدم‎ لأفضل لاعب صاعد في أفريقيا عام 2012.

مع بداية موسم 2013/2014، سجل صلاح في أول ظهور له ضد آرو في تموز (يوليو)، وسجل أول هدف له في دوري أبطال أوروبا ضد نادي مكابي تل أبيب، في الدور الثالث من التصفيات المؤهلة لدوري أبطال أوروبا، ثم سجل هدفين في مرمى بطل الدوري البلغاري الممتاز فريق لودوغوريتس رازغراد في الدور الفاصل. في 18 أيلول/سبتمبر2013 سجل هدف التعادل ضد تشيلسي في المباراة التي انتهت بفوز فريقه 2-1، على ملعب ستامفورد بريدج في لندن. خلال مرحلة الإياب من دور المجموعات في دوري أبطال أوروبا، وتحديداً في 26 تشرين الثاني/نوفمبر وعلى ملعب سانت جاكوب بارك، أكد صلاح موهبته وسجل مرة أخرى هدف الفوز الوحيد، ليفوز بازل للمرة الثانية على تشيلسي. بعدها اتجهت أنظار مسؤولي تشيلسي صوب التعاقد مع محمد صلاح بعد أن كان السبب في هزيمة فريقهم مرتين أمام بازل، واستطاع المسؤولون في النادي ضم  اللاعب مقابل 11 مليون جنيه استرليني أي ما يعادل 18 مليون دولار، ليكون بذلك أغلى لاعب مصري بل وأغلى لاعب عربي حتى الآن، وهو ما قد يفتح المجال له لينافس في 2014 على لقب أفضل لاعب أفريقي.