راسب في الفصل المدرسي الأوّل!

الأداء المدرسي, النجاح المدرسي, الفشل المدرسي, الرسوب المدرسي, تلميذ, أطفال

01 مارس 2014

شعرت أم سامي بالغضب عندما رأت علامات الفصل المدرسي الأول. فسامي راسب! يفاجأ الأهل برسوب ابنهم في الفصل المدرسي الأول وينتابهم القلق على الفصل الثاني وما إذا كان ابنهم سيعيد صّفه أم لا. وفي كثير من الأحيان يلومون الإبن لأنه لم يبذل مجهودًا ليدرس.
ما هي أسباب رسوب التلميذ في الفصل الأول؟ ما الوسيلة التي يمكن اتباعها لتفادي الرسوب في الفصل الثاني؟
«لها» حملت هذه الأسئلة إلى كلود الخوري المدرّسة والإختصاصية في التربية .


ما هي أسباب رسوب التلميذ في الفصل المدرسي الأوّل؟

هناك أسباب عدة تؤدي إلى رسوب التلميذ في الفصل المدرسي الأوّل

تراكم الثغرات التعلّمية: ترفّع التلميذ من صف إلى صف يعني حكمًا أنه ناجح. ولكن في الوقت نفسه قد يكون لديه ثغرات تعلميّة. فمن المعلوم أن المواد المدرسية تتدرّج في الصعوبة مع تدرّج الصفوف، فإذا كان لدى التلميذ مثلاً ثغرة في مادة الرياضيات ولم يتنبّه الأهل لهذه المشكلة، وانتقل إلى صف ثان فإنه يواجه صعوبة في فهم المادة لأنها ازدادت صعوبة، لأنه في الأساس لم يفهم المبادئ الأساسية للمادة. وبالتالي يحدث تراكم ثغرات يؤدي إلى فشله أو رسوبه.

ضعف في اللغة: من المعلوم أن المواد العلمية تكون بلغة أجنبية، إذا كان منهاج المدرسة لبنانيًا أو «إنترناشونال» كما في الدول العربية. وبالتالي إذا كان التلميذ غير متمكّن من اللغة فإنه يصعب عليه فهم المواد العلمية مما يؤدي إلى تراجع أدائه الأكاديمي.

صعوبات تعلّمية: كأن يكون التلميذ يعاني صعوبة تعلّمية مثل الديسبراكسيا أو الديسغرافيا أو الديسليكسيا، وهذه الصعوبة تظهر بشكل واضح عندما يصبح في الصفوف المتقدّمة.

صعوبات نفسيّة: كأن يعاني التلميذ صدمة نفسية أو مشكلة عائلية. كل هذا يؤثر في أدائه المدرسي.

أن يكون لديه صعوبة في تكوين العلاقات: فقد يكون غير منسجم مع المعلمة أو مع زملائه في الصف، خصوصًا عندما ينتقل من مرحلة إلى مرحلة، وهذا يؤثر في تركيزه في الصف.

أن يكون لديه صعوبة نفس- حركية: كأن حركة أعضائه الدقيقة بطيئة تعرقل أداءه المدرسي، مثلا يتأخر في كتابة الإملاء.


ما هي الحلول الممكنة لهذه المشكلات؟

الخطوة الأولى هي تحديد السبب للعمل على معالجته. بالنسبة إلى الصعوبات النفسية والتعلّمية إذا ما ثبت وجود إحداها يجب التوجّه إلى اختصاصي بحسب الصعوبة، واليوم معظم المدارس لديها إختصاصيون في هذه المجالات تساعد التلامذة على تخطّي هذا النوع من الصعوبات، وبالتالي يحصل تعاون بين المعلّمة والإختصاصي والأهل بحسب الصعوبة التي يعانيها التلميذ .

أما الثغرات الأكاديمية المتراكمة فلمعلّمة الصف دور كبير في مساعدة التلميذ شرط أن يكون هناك تعاون بينها وبين الأهل. فالمعلّمة من جهتها تلاحظ مستوى تفاعل التلميذ في الصف، وبالتالي تعرف مكمن الضعف لديه، وفي المقابل تتعاون مع الأهل لا سيّما الأم لوضع خطة تدريس عن كيفية ردم الثغرات إلى أن يصل إلى المرحلة التي يستطيع اللاحق ببقية التلامذة.
وهذا يحتاج إلى بذل مجهود مضاعف وجدّي. وعلى الأم ألا تخشى إذا لم تكن النتيجة كما كانت تتوقعها في الفترة الأولى أي ألا تشعر بالإحباط إذا كان التقدّم بطيئًا، بل عليها أن تتذكر أن الثغرة تراكمت على مدى سنوات، وبالتالي ما فات التلميذ لا يمكن تعويضه خلال شهر.

كيف يمكن أن ينتقل التلميذ من صف إلى آخر من دون التنبه إلى الثغرة؟
في المرحلة الإبتدائية من النادر أن يرسب التلميذ، ولكن المشكلة قد تكون بدأت في مرحلة الحضانة التي يتعلم فيها التلميذ المبادئ الأولية عن طريق اللعب والغناء والرسم، والأهل لم يتنبّهوا أو أنهم لم يأخذوا الموضوع بجدية.
في المراحل الأولى مثل صف الأول الإبتدائي يبدأ التلميذ بالكتابة وتكون الأمور سهلة ولكن عندما يصبح في الثالث أو الرابع ابتدائي ينتقل إلى مرحلة أكثر جدّية، فالمواد تصبح أكثر صعوبة إضافة إلى تعلم مواد أخرى مثل علوم الحياة والرياضيات والتحليل اللغوي والتعبير... فهو كلما انتقل إلى مرحلة ازدادت الصعوبة، وكلما كان متمكنًا لن يواجه مشكلة في ما بعد.

ذكرت أن لضعف اللغة لا سيّما الأجنبية دوراً في الرسوب. كيف يمكن حل هذه المشكلة إذا كان الأهل لا يتقنونها وبالتالي لا يمكنهم مساعدة ابنهم؟
هناك أمهات كثيرات يقلن لي إنّهن لا يتقنّ اللغة الأجنبية وبالتالي لا يتحدثنها مع أبنائهن وأنا أحترم هذا.
هناك طرق عدة لحلّ هذه المشكلة، مثلاً هناك قنوات تلفزيونية خاصة للأطفال وتحتوي على الكثير من البرامج التربوية التي تجذب الطفل المشاهد وتتضمن ألعابًا ترتكز على نشاط تفاعلي مع الطفل المشاهد مثلا قراءة الأرقام أو الأحرف والكلمات، وهذا يساهم في تطوير اللغة عند الطفل.
كما في إمكان الأم أن توفر لابنها قصصًا باللغة الأجنبية بسيطة وتحتوي على الكثير من الصور وتطلب منه قراءتها ويقارن بين الصورة والكلمة.

ماذا عن المدرّس الخصوصي. هل يمكن أن يكون تعيينه حلاً؟
في المبدأ أنا لست مع فكرة تعيين مدرّس خصوصي، فالتلميذ عندما يكون لديه مدرّس خصوصي يصبح اتكاليًا وبالتالي لا يعير اهتمامًا لشرح المعلمة في الصف، لأن لديه أستاذًا يشرح له، فلا يتفاعل و لايشارك في الصف.
أما إذا نفذت كل الوسائل، يمكن تعيينه ولكن لمدة محدّدة. فعندما لا تكون الأم قادرة على متابعة ابنها أو ابنتها بشكل مكثّف لمساعدته في سد الثغرات المتراكمة، يمكن الإستعانة بأستاذ خصوصي شرط أن يكون الهدف منه مساعدة التلميذ في الدروس التي لم يفهمها، وقد يضطر أحيانًا لمراجعة دروس العام الماضي ليفهم التلميذ المبادئ الأساسية.
ومن الضروري أن يكون الأستاذ الخصوصي على تواصل مع معلّمة الصف كي يعرف الأسلوب الذي تتعبه في شرح الدرس وبالتالي لا يضيع التلميذ. فضلاً عن أن يكون الهدف من التعيين فقط لسد الثغرات المتراكمة ولمدة محدودة، ومن الضروري أن يدرك التلميذ هذا الأمر.

هل رسوب التلميذ في الفصل الأول يعني حكمًا رسوبًا في الفصلين المتبقيين؟
ليس بالضرورة خصوصًا إذا تمكّن الأهل من مساعدته. قد يكون التقدّم بطيئًا ولكن عليهم ألا يحبطوا أو يشعروا ابنهم بالإحباط، بل عليهم أن يتذكروا أن الثغرات ليس وليدة الفصل الحالي بل حملها معه، وبالتالي يحتاج إلى وقت.


هل يجوز معاقبة التلميذ بحرمانه من النشاطات الترفيهية؟
بالطبع لا، فالتلميذ يجد فيها متنفسًا لتوتره وعند حرمانه منها تتفاقم المشكلة. وفي المقابل قد تشكل النشاطات حافزًا للتلميذ كي يحسّن أداءه المدرسي. لذا على الأهل الفصل بين الترفيه والدرس، كلما حدّد الأهل مسؤولياته ساهموا في جعله يتحمل المسؤولية.
وفي المقابل لا يعني هذا أن نتساهل معه، فمثلا عندما يعود التلميذ إلى المنزل يسرع في إنجاز فروضه من دون تركيز، هنا على الأم أن تزيد مدة إنجاز درسه، «ممنوع أن تتساهل في دروسك عليك أن تعمل بهدوء وروية وتنجزها في شكل صحيح، ومن ثم أنظر في ما قمت به وحين أتأكد أنك فعلاً قمت بالعمل المطلوب منك بشكل صحيح يمكنك اللعب».
وهو بذلك يشعر بأنه معاقب، لأنه يريد اللعب، وبالتالي يركز أكثر في الصف ويبذل أكثر مجهودًا حتى ينجز فروضه من دون عقبات.