'الأميرة وبنت الريح'... حكاية الشغف والبطولة

كتاب, كاتبة, رواية / قصة, أمير / أميرة, رواية

10 أبريل 2014

الكتاب: «الأميرة وبنت الريح»

الكاتبة: ستايسي غريغ

الترجمة: رنا حايك


جرت العادة أن تكون بطلة حكايات الأطفال «أميرة» أو فتاة بسيطة يُساعدها القدر فتغدو أميرة تبهر عيون الناس والقرّاء.
وليس عبثاً اختيار الأميرات والأمراء أبطالاً في حكايات الأطفال، لأنّ مخيلة الصغير تجنح في معظم الأحيان نحو اللامعقول، لذا يرغب في أن ينتقل عبر القصة إلى عوالم مختلفة تسمح له بأن يعيش- وإن لوقت قصير- حياة موازية لا يعيشها في حياته الواقعية.

لكنّ المؤلفة ستايسي غريغ اختارت في قصتها «الأميرة وبنت الريح»(هاشيت- أنطوان) أن تقلب الصورة النمطية التي اعتدناها في حكايات شكلّت موروثنا القصصي منذ الصغر.
فالبطلة هي في الأساس أميرة لكنها اختارت أن تعيش حياة عادية، أن تمارس هواياتها وتختار أن تفعل ما لم تعتد الأميرات على فعله. أرادت أن تعيش كما غيرها من الفتيات في مثل سنّها، أن ترتدي السراويل القصيرة مثلما يفعل شقيقها علي، أن ترتدي الفساتين، أن تلعب بالتراب وتمشي حافية القدمين... إلاّ أنّ الصدمة الأكبر هي أنها جعلت لنفسها صديقة خاصة، المهرة «بنت الريح».

تجمع قصة «الأميرة وبنت الريح» حكايا كثيرة في قصة واحدة: العائلة، الطفولة، حياة القصور والرفاهية، اليتم، الشغف، الحلم... لكنّ الفروسية تبقى هي التيمة الجوهرية التي تدور حولها قصة ستايسي غريغ المولعة بالخيول وبالكتابة عنهم وعن عوالمهم الغنية.

استوحت الكاتبة النيوزيلندية ستايسي غريغ حكايتها من قصة الأميرة الأردنية هيا بنت الملك حسين (حرم الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي)، التي بدأت قصتها مع الخيول منذ الطفولة المبكرة وتحدّت كلّ المصاعب لتحقيق حلمها، إلى أن شاركت في بطولات الفروسية وهي في الثانية عشرة من عمرها.

تبدأ القصة في منتصف ليل 23 آب (أغسطس) من العام 1986، حين تُقرّر الأميرة – الطفلة هيا أن تكتب رسالة إلى أمّها.
لكنّ الأحداث في الفصول اللاحقة يرويها سارد من خارج النصّ لتعود هَيَا في الفصل الأخير كي تُتمّ رسالتها إلى والدتها المتوفاة.
فالعائلة كانت هي الكنز الحقيقي الذي تملكه الأميرة الصغيرة. في حضنها عاشت طفولة سعيدة إلى أن هبّت عاصفة مشؤومة وسرقت منها والدتها الملكة وهي في طائرة الهيليكوبتر بهدف زيارة أرادت من خلالها أن تساعد منطقة منكوبة.

تعيش هيا مأساتها كطفلة مدللة فقدت أمها بين ليلة وضحاها. تسرد الكاتبة تفاصيل بالمربيات اللواتي لم تجد في أيّ منهنّ صورة أمها.
تعرف الصغيرة حالات من الانعزال ولا تعيش لحظات السعادة الحقيقية إلاّ في الاسطبل، إلى جانب خيول القصر.
وفي عيد ميلادها السادس، يأتيها الملك بهدية تُغيّر حياتها رأساً على عقب: مهرة يتيمة لا يتجاوز عمرها أيّاما قليلة. هكذا، تجد هيا انعكاساً ليتمها في المهرة التي تُطلق عليها اسم «بنت الريح». فتصير هي أمّها وصديقتها.
تنشأ بينهما علاقة حميمة ومؤثرة، فتختبران معاً الحبّ والفراق والتحدّي. وفي النهاية، البطولة.

القصة هذه هي في الأساس موجهة إلى الأطفال والفتيان، لكنها في الوقت عينه تُلامس القارئ البالغ تماماً كما الصغير. فاللغة التي تستخدمها المؤلفة روائية بامتياز، وهي تختار عباراتها من الطبقات الداخلية للنفس البشرية التي لا تختلف كثيراً بين كبير وصغير.

يُمكن أن تكون قصة «الأميرة وبنت الريح»(ترجمة رنا حايك) أقرب إلى الرواية، خصوصاً لجهة حجمها الذي يتعدّى 315 صفحة. أمّا مضمونها فيعكس تجربة إنسانية كبيرة بطلتها طفلة تحكي قصتها المؤثرة بنفسها، فتغدو هي البطلة والراوية.

«بنت الريح» هي المهرة التي دفعت الأميرة هيا إلى أن تحقّق حلماً لم تجرؤ أيّ أميرة قبلها بأن تحلم به... وهي القصة التي أرادت ستايسي غريغ أن تكون عبرة لكلّ الأطفال والفتيان كي يعيشوا الشغف ويلحقوا بأحلامهم مهما كانت بعيدة...