نادي جدة للكوميديا يبحث عن المواهب الشابة وينتقد المجتمع بطريقة ساخرة

نادي جدة للكوميديا, المملكة العربية السعودية, المواهب, كوميديا, الشباب, الجمهور, إنتقاد

12 أبريل 2014

تقف على أبواب مسرح في مدينة جدة، ترصد الجمهور، والتذاكر، والضحك المدوي، والأصوات التي تتعالى في مسرح الجمعية العربية السعودية الثقافية، وتحديداً في مسرح نادي جدة للكوميديا الجديد. المؤدّون من فئة الشباب.
يقف المشاركون على خشبة المسرح، ويمسكون المايكرفون، ويتناولون الموضوعات التي تتعلق بمجتمعهم بشكل ساخر، يجذب ضحكات الجمهور وتصفيقه.
يقدّم الشباب تجارب أداء أمام لجنة فنية مكونة من نادي جدة للكوميديا ياسر بكر، والفنان بدر صالح، وابراهيم، وعادل رضوان، وثامر الحازمي، مجتمعين لتقويم المواهب السعودية الشابة، وإسداء النصائح إليهم.
«لها» زارت مسرح نادي جدة للكوميديا، وتحدثت إلى مدير النادي محمد علي طاهر، ومع بعض المواهب الشبابية وهم بتّار البتّار، وعبد الرحمن زبيلة، وخالد عمر، وعطية الراجحي، وفايز الشمراني.
نادي جدة للكوميديا، هو أول نادٍ للكوميديا في السعودية يقدم عروضاً ساخرة باعتماد فن Stand Up Comedy وهو عرض الرجل الواحد على المسرح.
ويعد هذا الفن من الفنون الصعبة، فانتزاع الضحك من الناس ليس بالأمر اليسير، وإيجاد الأفكار التي يمكن طرحها بشكل كوميدي، قد يفصله خيط رفيع عن السخرية من الآخرين، ولاسيما في مجتمع محافظ كالمجتمع السعودي.


محمد علي طاهر

محمد علي طاهر (29 سنة)، حاصل على درجة البكالوريس في نظم المعلومات الإدارية، وعمل في مجال التسويق. من هوايته تنظيم المناسبات منذ عام 2008، ومع الوقت تطور الأمر إلى أن وصل إلى إدارة نادي جدة للكوميديا في العام 2012، بعدما عرفه الناس مقدماً للأطفال في العديد من النشاطات الخاصة بهم.
يقول: «جربت هذا الأمر مع عدد كبير من الناس خاصة في ملاهي عطاالله مع الأطفال، ومع جمهور خواطر الظلام، وكان حينها الجمهور يقارب عددهم ال2000 شخص، استطعت أن أسيطر عليهم، وأُشعل الحماسة في صفوفهم.
من هنا أشار عليّ بعض الأصدقاء بالذهاب إلى نادي جدة للكوميديا، ولم يكن قد بدأ بأعماله كما الآن،وتم قبولي بفضلِ من الله. شاركت في العرض مع النادي في كانون الثاني/يناير 2013، ولمست إقبالا جيداً ومُبهراً من الجمهور، وفي كل مرة كنت أعتلي المسرح كنت أتعلم أموراً جديدة، وفي نيسان/ابريل 2013، عُرض عليّ أن أدير النادي».

ويضيف: «فكرة نادي جدة للكوميديا غير مألوفة خاصة أننا نبحث عن المواهب الشابة التي تملك حس الكوميديا، ولا تقتصر على الظهور على خشبة المسرح، والتلفظ بنكتة، أو مقولة مضحكة، أو تقليد صوتٍ ما، فما ذكرت ليست بمقومات النجاح، فالأمر صعب جداً ومُخالف لما يعتقده البعض عن الـ Stand Up Comedy، فمن تجربتي الشخصية استغرقت ما يقارب الأربعة أشهر لكي أتمكن من الظهور على المسرح ليس كمقدم بل لتقديم فقرة كوميدية، لأنها تعتمد على قاعدة مهمة وأساسية، وهي حُكم الجمهور.
كما أن هناك قواعد أخرى مثل بناء النكتة، وعنصر المفاجأة، وإذا خلا ما يقدمه الشخص على المسرح من عنصر المفاجأة، تتحوّل النكتة إلى جملة عادية».

وعن تجارب الأداء ذكر طاهر أن هناك لجنة فنية مكونة من أساتذة في هذا المجال، لاختيار من سيقدم نفسه للجماهير في العروض المباشرة، لافتاً إلى أن هذه اللجنة «تساعد الشباب في الظهور بالمظهر الجيد،واللائق في عروض في النادي، لإرضاء الجماهير».

ولفت إلى أن مادة العرض الكوميدي على المسرح لا تقتصر على النكات، فقد تكون مشاهدات خاصة، أو مظاهر اجتماعية، أو مواقف حدثت في حياة الشخص ورغب في نقلها إلى الجمهور بأسلوب ساخر ومضحك. وأكد أن أصعب جمهور قد يواجه الكوميدي على المسرح هو جمهور الأطفال.


عبد الرحمن زبيلة

يعمل عبد الرحمن زبيلة (29 سنة) مندوب مبيعات في شركة خاصة، بحث كثيراً عن مكان لتقديم الكوميديا بطريقة الستاند أب، لكنه لم يحظَ بالقبول في أي مقهى أو مسرح في حينها، إلى أن سمع عن نادي جدة للكوميديا، فكان من أوائل الأعضاء في النادي وشارك في العرض الأول، ومضى على اشتراكه في النادي سنة وستة أشهر.
يتحدث في مواضيع متنوعة على المسرح، منها «النوم، والأكل، والعملاء المشتركين في الاتصالات السعودية، وعن الجالية اليمنية في السعودية، باختصار هي أفكار نتيجة مشاهدات تُبنى عليها النكتة».

وعن جمهور الانتقادات، وأسوء انتقاد وُجّه له كـستاند أب كوميدي قال زبيلة: «أسوأ انتقاد وجه إليّ بأنني أكره الجالية اليمنية، مع أنني في الأصل يمني الجنسية. فعندما قلت عن مجالس القات إنها أمر سيئ، جاءت التعليقات على الفيديو غاضبة جداً.
وأجزم بأن اليوتيوب ظلم البعض منا، خاصة أنهم يجتزئون المقاطع، فالنكتة تصل بصورة غير واضحة، وردود الفعل تأتي مخالفة لمن يشاهدنا مباشرة على المسرح، والذي يفهم القصة من بدايتها... وللأسف نجد أن الجمهور الذي ينتقد عملنا بنسبة 90 في المئة ليس بجمهور كوميديا، أو ليس له علاقة بالكوميديا، لذلك علينا تحديد جمهورنا، والفئة المستهدفة منه».


خالد عمر

خالد عمر (28 سنة)، موظف في القطاع الخاص، بدأ مع نادي جدة للكوميديا في عرضه الثالث منذ انطلاقته. وقد عرف عن النادي من خلال «تويتر». يقول: «الفن بكل مجالاته حُكامه ونُقاده هم الجمهور.
سبق أن شاركت في فيلم قصير، ولدي مشاركات أخرى بسيطة في مرحلة الدراسة الثانوية والجامعية. الستاند أب كوميدي لم يكن موجوداً في السعودية، وستكون له بداية جيدة مع نادي جدة للكوميديا».

يضيف: «هناك فرق كبير بين المسرح والتمثيل والاسكتشات، وبين كوني ستاند أب كوميديان. وأنا لا اعتبر أي شخص ستاند أب كوميديان ما لم يقف على هذا المسرح ويؤدي تجارب أمام لجنة فنية.
لأن الستاند أب كوميدي له أسس وطُرق، ويعلمك الوقوف على المسرح، والكثير من التقنيات التي تحتاج إليها لتمارسه».

يُقدم عمر مواضيع تختص بأمور الزواج، والأولاد، والتواصل بين المتزوجين، «لكوني رجلاً منفصلاً عن زوجته أشعر بأن هذه الأمور يجب أن يُسلط عليها الضوء خاصة أننا في مجتمع له خصوصية في هذه الأمور، مرتبطة بمسائل العادات والتقاليد.
قدمت عرضيين متتالين على المسرح، بعد أن وافقت اللجنة الفنية عليّ، وكانت ردود الفعل ايجابية. كما أنني بدأت أنتقي جمهوري من الفئة العمرية ما دون سن 23 سنة، لأنني أتحدث عن العلاقات السليمة بين الشباب والفتيات، أو المتزوجين، أو من يُقبلون على الزواج».


بتّار البتّار

«نحاول قدر الإمكان أن ننتقي الألفاظ والعبارات التي ترافق المشهد الكوميدي على المسرح، فهناك مصطلحات لا يفهمها الجمهور السعودي، وهناك جمهور لا يتقبل وجود ألفاظ خارجة عن النص في بعض الأحيان، إلا أن هناك فئة أُطلق عليها الفئة المطاطة التي تتقبل أي لفظ، أو مصطلح يصدر عن الستاند أب كوميدي، أثناء عرضه».

بهذه الكلمات بدأ الطالب في السنة الخامسة في كلية طب الأسنان، وأول شاب كوميدي سعودي يختص بـ One Liner ، بتّار البتّار (23 سنة) حديثه. بدأ مع نادي جدة للكوميديا منذ تجارب الأداء الأولى للنادي، وهو متابع لفن الكوميديا الغربية.
عرف عن النادي من خلال رسالة صديق، ومن بعدها تقدم في كانون الأول/ديسمبر، وكان أول عرض له باللغة الانكليزية. يقول: «كان العرض ممتعاً للجمهور، لكنه احتوى على العديد من التجاوزات، فاتصلت بي اللجنة وطلبت أن أقوم بمحاولات أخرى، وبالفعل قدمت عرضاً باللغة الانكليزية أيضاً، لكن هذه المرة لم يتقبل الجمهور بعض الأمور فيه.

وبعد أربع محاولات أديت تجربة باللغة العربية، لاقت نجاحاً مميزاً... قدمت أول عرض في شباط (فبراير) 2013، وكان سيئاً لأنني ارتبكت على المسرح، كما أنني كنت مقتنعاً بأني يجب أن أُضحك هؤلاء الأشخاص لأنهم دفعوا النقود للضحك، وهذا ما زاد توتري.
وبعد هذا العرض استمرت محاولاتي في الكتابة وتجاربي إلى كانون الأول/ديسمبر، أي ما يقارب 10 أشهر، إلى أن قررت الظهور في الـ One Liner ، وهو موجود في الخارج، لكن لا أحد في العالم العربي بدأ تطبيقه، وهو يُشبه النكات الكلاسيكية، وهي ببساطة نكات بسطر واحد.

في عرضي الأخير والذي استمر 10 دقائق على المسرح أخبرت بالتحديد 24 نكتة، في 24 موضوعاً مختلفاً.
أي أنني أبني النكتة في أربع كلمات، أو ست كلمات، بشرط أن لا تتجاوز سطراً واحداً فعلى سبيل المثال لا الحصر مما أقوله «أنا ادرس طب أسنان، فمن يأتي إلى العيادة إما أضع له حشوة، أو يتعلم شيئاً جديداً الأسبوع الماضي جاء إليّ مريض، حاولت أن أخدمه قدر الإمكان، تعلمت أموراً جديدة، فخرج المريض بصعوبة بالنطق، وآيباد»... النكنة سطر، سطر، ويأتي عنصر المفاجأة في النهاية».

وأشار بتّار إلى أنه «يُقال في العالم الغربي، وحتى في السعودية، أن الكوميدي يتعرض للانتقادات أكثر من أي شخص في العالم، كل خمس ثوانٍ».
وعن المواهب السعودية الشابة، لفت إلى أن هناك شباباً موهوبين بالفطرة، لكن ينقصهم الكثير من التعليم».


عطية يحيى الراجحي

عطية يحيى الراجحي (26 سنة) يعمل ملازم تحقيق، بدأ حديثه ممازحاً ووصف عمله الجدي مع الكوميديا بـ «الانفصام الوظيفي». يقول: «بدأت مع نادي جدة للكوميديا منذ سنة، وانضممت إليه منذ العرض الثالث.
من المعروف عني بأني أهوى الضحك، ولدي القدرة على تحويل أي همّ يعترض طريقي إلى ضحكة، أو ابتسامة، سواءً لي أو لمن حولي.
مشواري طويل في مجال الكوميديا، فبعد سبع مرات من تجارب الأداء، أمام اللجنة الفنية حصلت على القبول، وقدمت عرضاً جيداًّ».

ولفت إلى أنه لم يتعرض لأي انتقاد من قبل الجمهور في النادي، إلا أنه شارك في عرض خارج السعودية «كان هناك قبول من الجماهير، وشخص واحد نطق بجملة واحدة فقط «خف علينا»، لكن إجمالاً لم أجد أي انتقاد سلبي من الجمهور».

وعن ثقافة الكوميديا السعودية قال الراجحي: «أعتقد أن من يحضر إلى مسرح نادي جدة للكوميديا هم النخبة، لكني أجد أن المجتمع بشكل عام لم يتقبل الفكرة لأنه لا يعرف طريق النكتة.
قد يطول الحديث في أحد العروض، لكن النكتة تأتي في نهاية الأمر بفضل عنصر المفاجأة الذي يساعد على إضحاك الحاضرين. والصورة النمطية السائدة عن الستاند أب كوميدي في المجتمع، هي صورة خاطئة لكنها وللأسف ما زالت متداولة في تشبيههم للكوميدي بالمهرج، وهو أمر خاطئ لأن الستاند أب كوميديان هو شخص استطاع أن يُضحك الآلاف من خلال فمه فقط، لذلك هو إنسان مميز».


فايز الشمراني

فايز الشمراني المُلقب بـ Goge (29 سنة) أنهى دراسته في مجال التقنية المعمارية، ويعمل رساماً هندسياً.
سلك طريق الكوميديا منذ الصغر، وكان حُلمه أن يعمل في هذا المجال. يقول: «عندما أنهيت دراستي الجامعية تقدمت إلى الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، وعملت في التمثيل المسرحي منذ 2009 إلى العام 2012، وكنت سعيداً جداً ومُحققاً لذاتي.
دعاني بعض الأصدقاء في الجمعية إلى العرض الأول لنادي جدة للكوميديا، وبعد ذلك اقترح عليّ الأصدقاء خوض تجارب الأداء، في بداية الأمر لم أتقبل الفكرة، لكنني بعد ذلك اقتنعت بأنه يجب عليّ أن أُجرب؟ وبالفعل تقدمت لتجارب الأداء، وقبلتني اللجنة الفنية لتقديم العرض أمام الجمهور».

ما زال الشمراني يخشى مواجهة الجمهور في كل مرة يعتلي فيها المسرح. «حتى وإن صعدت لأجرب المشهد بنفسي، بلا جمهور، أشعر برهبة المسرح، وأعتقد أن هذه الرهبة إن ضاعت سيضيع معها الشخص ذاته، وهذا يجعلني أضاعف مجهودي لأظهر بأحسن صورة أمام الجمهور. كما أنني أشعر بتأنيب الضمير على المسرح إن مرت دقيقة كاملة، ولم يضحك أحد».

قدّم الشمراني عروضاً في جدة ودبي، وعنها قال: «جمهور دبي، كان واعياً أكثر لكونه متعطشاً لهذا الأمر، مع أنهم لا يعرفونني لكنهم ومع ذلك كانوا حاضرين. وبالفعل كانت التجربة من تجاربي الناجحة جداً».

CREDITS

تصوير : محمد يحيى