محمود عبد المغني: لن أكون أحمد زكي...

محمود عبد المغني, مصر, فنانون مصريّون

05 يونيو 2013

عندما قلنا له: «يشبّهونك بالنجم الكبير الراحل أحمد زكي»، ضحك وقال: «لون بشرتي السبب لكنني لن أكون سوى نفسي».
وعندما سألناه عن علاقته بمحمد منير أجاب: «أتمنى تجسيد قصة حياته». الفنان الشاب محمود عبد المغني يتكلم عن مسلسله الجديد «الركِّين» الذي يخوض به البطولة المطلقة للمرة الأولى على شاشة التلفزيون، بعد نجاحه في بطولات جماعية كان آخرها في «طرف ثالث» و»المواطن إكس».
كما يتكلم عن الإشادة التي جاءته من أميركا، والوحدة التي يشعر بها، والتغيير الذي طرأ على حياته بعد الزواج، وأحلامه لابنيه.


- ما سبب حماستك لمسلسل «الركِّين» لتدخل به السباق الرمضاني المقبل؟
«الركِّين» هو الشخص الذي يساعد سائقي السيارات في ركن سياراتهم، وهو شخص يعلم تماماً هموم الشارع ونبضه بسبب وجوده فيه، ويتحمّل كمّاً كبيراً من السخافات التي يتعرض لها يومياً. «الركِّين» من الشخصيات المهمّشة، لكنه إنسان وبداخله كم كبير من المفردات والأحاسيس، لذلك فكّرنا في إخراجها للناس، مثلما حدث في «طرف ثالث» و«المواطن إكس»، فأنا أحب العمل على الشخصيات المهمّشة.

- ما الجديد الذي تقدمه في «الركِّين»؟
مهمتي كفنان هي اختيار أدوار تفيد الناس، لأنني لا أسعى وراء أدوار خيالية، وإنما لا بدّ من أن أكون قريباً من الناس، لذلك دائماً أشعر بحبهم، فعندما كنت أؤدي «العمرة» أخيراً وهبة لله تعالى ولروح والدتي، وجدت احتراماً من الناس وسعادة برؤيتهم لي ووجودي معهم.
وطوال الوقت أسعى للحفاظ على هذا الاحترام، وعندما يسألني أحد لماذا أنت قريب من الشارع؟ يكون ردي أنني لست من كوكب المريخ، فنحن من داخل هذا البلد ويجب أن نكون واقعيين في ما نقدمه من أدوار.

- وكيف كان استعدادك للشخصية؟
نزلت إلى الشارع وتعاملت مع «الركِّين»، وتحدثت مع أكثر من نموذج منهم، وعندما علموا بتجسيدي لشخصيتهم في المسلسل كانت سعادتهم كبيرة، ولم يصدقوا أن هناك عملاً درامياً يتحدث عن مشكلاتهم.

- لماذا اخترت اسم شهيد الثورة «جيكا» للشخصية؟
أشعر بأن «جيكا» موجود في كل مكان، وشخصية يمكن أن تمر عليك دون الإحساس بها. ورسالتي أيضاً أن «جيكا» موجود في مجالات مختلفة في المجتمع المصري، والذي يقول إنه مات لا يفهم شيئاً من وجهة نظري.

- هل حدث اعتراض من الرقابة على اسم الشخصية لا سيما أن المسلسل إنتاج مدينة الإنتاج الإعلامي؟
لا إطلاقاً، ولا يوجد لديَّ أي خوف من الرقابة، لأنني دائماً أحافظ على الذوق العام ولا أقدم أي شيء مخالف. ونحن لم نقم بالثورة من أجل العيش في الظلمات، وإنما من أجل رؤية النور والتقدم، وما كنا نخاف أن نقوله في الماضي بسبب القمع يجب أن نقوله الآن.

- كيف ترى التعاون مع إيمان العاصي للمرة الثانية ولقاء الخميسي للمرة الأولى؟
إيمان العاصي تجمعني بها صداقة قوية، ولم نعمل معاً منذ فيلم «مقلب حرامية» الذي عرض قبل سنوات، ولقاء الخميسي تجمعني بها علاقة صداقة منذ سنوات، و«الركِّين» هو أول عمل يجمعني بها. ونحن الثلاثة شديدو الحماسة للعمل معاً، وأصبحنا جاهزين للمباراة التمثيلية التي ستجمعنا.

- وجود أكثر من نجم بجوارك هل يحمّسك لإخراج أفضل ما لديك من طاقات فنية؟
بالتأكيد، فوجود أكثر من فنان، بالإضافة إلى مخرج بحجم جمال عبد الحميد، يدعوك لتقديم أفضل ما بداخلك من طاقات فنية، ومنافسة شريفة. وكنا في مسلسل «طرف ثالث» أكثر من فنان، وفي النهاية تكون المنافسة في صالح الجمهور.

- هل تعتقد أن مسلسلك قادر على المنافسة في السباق الرمضاني المقبل في وجود مسلسلات تمتلئ بالنجوم؟
العمل الجيد هو الفيصل في السباق التلفزيوني، و«الريموت كنترول» في يد المشاهد ليتابع ما يريد من مسلسلات تحترم عقله. وأتمنى أن ينال «الركِّين» إعجاب الناس.

- بدأت تصوير «الركِّين» في ظروف صعبة في ظل الحصار الذي تعرّضت له مدينة الإنتاج، فكيف كانت كواليس تلك الأيام؟
نحن صمّمنا على دخول المدينة والعمل في ذلك اليوم، لأنه كان أول أيام التصوير. دخولنا كان سهلاً وميسّراً، أما الخروج فكان صعباً بسبب الحصار الذي فُرض، مما جعلنا نخرج في ظل تأمين كبير، سواء من الشرطة أو من رجال مدينة الإنتاج.

- لك مسلسل آخر بعنوان «رغم الفراق»، ألا ترى في تقديم عملين مجازفة؟
العام الحالي تركيزي سيكون على «الركِّين»، بعد تأجيل «رغم الفراق» بسبب الوقت الطويل الذي يحتاجه العمل والتصوير الخارجي الكبير، وتم الاتفاق على تصوير المسلسل عقب شهر رمضان مباشرة.

- ولماذا أرجئ «رغم الفراق»؟
بسبب المخرج حاتم علي الذي اعتذر في الأوقات الأخيرة، وهو اختياره وحقه، ونحن لم نغضب من ذلك لأن المسلسل سيتم تنفيذه بمشيئة الله.

- ما الدور الذي يستفز طاقة محمود عبد المغني الفنية؟
أتمنى تجسيد قصة حياة محمد منير الذي تجمعني به صداقة متينة جداً، ولن أنسى مكالمته عقب دوري في «طرف ثالث» والسعادة التي غمرته، ولا أخفي سراً أنني من عشاقه، لذلك في أي عمل لا بدّ أن أغني عدداً من أغنياته الشهيرة. وأتمنى تجسيد قصة حياته لأنها مليئة بالكفاح والعطاء في الوسط الفني، والموضوع لا يتوقف عند الغناء، فمنير له مواقف سياسية محترمة منذ أن كان في الجامعة.

- وما أوجه الشبه بينك وبين محمد منير؟
التمسك بالجذور هو الشبه بيننا، فهو متمسك بجذوره النوبية وأنا متمسك بأصولي القناوية التي أفتخر بها، لذلك أشعر بأننا قريبان للغاية من بعضنا.

- أليس صعباً أن تكون ممثلاً وتحاول أن تجسد حياة مطرب خاصة إذا كان بمكانة النجم محمد منير؟
الصعوبة أن تحاول تقليد الشخصية نفسها، لكن النجاح أن تصل إلى روحها وإحساسها فقط، لأن هذا هو مفتاح تجسيد الشخصية.

- ما النصائح التي وجهها لك محمد منير؟
طالبني بإحضار ورقة وقلم وكتابة كل الأسماء الفنية في 20 عاماً، ومتابعة من الذي نجح وفشل منهم، ودرسها بشكل جيد حتى لا أقع في أخطاء من فشلوا وأستفيد ممن نجحوا.

- إلى أي مدى تأثرت بتلك النصيحة؟
تأثرت بها بالتأكيد، وأعطتني دفعاً للاستمرار في مشواري الذي مازال في أوّله، وأنا أنتظر اتصاله بي دائماً، لأنه حدثني عقب فيلم «دم الغزال» وأدوار كثيرة، وكنت أنتظر محادثته عقب دور «ديبو» في «طرف ثالث»، وبالفعل حدث ذلك وأنا أشكره.

- ما أكثر الأغنيات التي تفضلها لمنير؟
«اتكلمي» التي غناها لمصر قبل سنوات عديدة وما زالت تتطابق مع الواقع الذي نعيشه حالياً، وهي ملخّص للأزمة التي تمر بها البلاد في وقتنا الحالي. والحقيقة أن كل أغنيات منير تلخيص لحالنا.

- ما المعايير التي تختار وفقها أدوارك؟
لديَّ معادلة صعبة في اختياري للدور، لأنني دائماً أبحث عن المفيد لي وللناس، وهذا هو ما أسعى إليه مباشرة، لأنه لا بدّ أن تكون الأدوار التي أقدمها ذات رسالة.

- ما هي أكثر الأدوار التي تعتز بها؟
دور «ريشة» في فيلم «دم الغزال»، شاهدته كنموذج في أكثر من عمل، لكني كنت أتمنى تجسيده، وبالفعل حدث ذلك وقدّمته بطريقة مختلفة نالت إشادة كبيرة، سواء من الجمهور أو حتى من النقاد، حتى أن الفيلم كان يدرّس في إحدى الأكاديميات بنيويورك في قسم أفلام الشرق الأوسط.
وجاءني اتصال هاتفي من أحد المسؤولين هناك بأنني لو كنت أملك لغة كان من الممكن الترشّح لجائزة الأوسكار عن دوري في الفيلم.

- هل حزنت وقتها؟
لا إطلاقاً، لكني كنت سعيداً بأن أعمالنا تصل إلى العالمية، وحالياً أحصل على دروس مكثّفة باللغة الإنكليزية، لا سيما أنني تلقيت عروضاً للمشاركة في السينما العالمية، وكانت اللغة تحول دون ذلك.

- وأين محمود عبد المغني من السينما الآن؟
عندما تستقر البلاد سوف يتحسن حال السينما، خاصة أن هناك عدداً كبيراً من المنتجين بخلوا على السينما ولم ينتجوا سوى فيلم أو اثنين لنجوم محددين، على أساس أنهم مضمونون من وجهة نظرهم، وهذا غير صحيح، لأن الوضع اختلف ولم يعد هناك شيء مضمون.
ولا يوجد أجرأ من المنتج أحمد السبكي الذي هاجمناه كثيراً، إلا أنه في النهاية يقدم أكثر من نوعية سينمائية للجمهور.

- ألا تفكر في الإنتاج السينمائي؟
هذه الفكرة تراودني منذ فترة طويلة، وأريد عودة شركات الإنتاج المستقلة، وظهور الأفلام المستقلة، لذلك جاءت فكرة الإنتاج من خلال تكوين شركة مع عدد من زملائي الفنانين سيتم الإفصاح عنها خلال الفترة المقبلة، وأعتبرها خطوة ومحاولة لتقليل الخسائر.

- أشعر بأنك تريد أن تصبح منتجاً في يوم من الأيام؟
بالتأكيد، وأول الأشياء التي سأقدمها عمل فني مثل فيلم «مومياء»، لأنني أشعر بالضيق من وصول الفيلم الإيراني إلى العالمية ونحن بلا وجود، والناس تنخدع بالمشاركة في مهرجان «كان» لأنه بمثابة «تأجير سجادة».

- من ترشح لكتابة فيلم يحقّق العالمية؟
المؤلف عبد الرحيم كمال، لأنه قادر على كتابة فيلم سينمائي يصل إلى أبعد مدى، فهو يتميّز بكتابة شديدة الخصوصية لقربه من المجتمع المصري ومشكلاته، وأخيراً قدّم مسلسلَي «شيخ العرب همام» و»الخواجة عبد القادر»، فإذا ركّز على السينما قليلاً سيحقّق نقلة نحو العالمية.

- كيف كان إحساسك عقب رحيل والدتك؟
شعرت بالوحدة، وأنه لم يعد لي ظهر في الحياة وفقدت البركة، لأنها كانت بمثابة أمي وأبي الذي توفي منذ أن كان عمري تسع سنوات.

- ما هي نصيحتها التي لا تنساها؟
كانت دائماً تخبرني أن ربنا سبحانه وتعالى يشعر بتعبي، وتقول لي المثل الشعبي الشهير «تمشي عدل يحتار عدوك فيك»، وهو مثل سأظل أتذكره طيلة حياتي.

- من أقرب إليك من أشقائك؟
جميعهم، ولكن هند تحديداً هي أقربهم إلى قلبي.

- هل ما زلت تمارس هوايتك المفضلة بلعب الكرة أسبوعياً؟
طبعا فهي من أكثر الأشياء التي أحرص عليها وتجعلني سعيداً، وأقوم بذلك يوم الجمعة من كل أسبوع مع عدد من الأصدقاء من خارج الوسط الفني، ونلعب معاً في أحد النوادي بمدينة 6 أكتوبر.

- معروف عنك حبك الشديد للقراءة، فماذا تقرأ حالياً؟
اقرأ للكاتب عبد الوهاب المسيري، وأبحث دائماً عن الكتب التاريخية لأنني من عشّاق التاريخ وأكثر قراءته.

- هل أسعدك تشبيهك في فترة من الفترات بالنجم الراحل أحمد زكي؟
أي فنان أسمر يظهر يشبّهه الإعلام بالفنان الكبير أحمد زكي، لكني أفضّل أن أكون نفسي مع احترامي الكبير للفنان أحمد زكي الذي أعتبره ناظر مدرسة التمثيل وأنا طالب في هذه المدرسة.
وهناك عدد من الفنانين يعتقدون أنهم أحمد زكي العصر الحالي، لكن للأسف هم يعيشون في وهم كبير.

- هل ترى أن نجله هيثم من الممكن أن يسير على درب والده؟
ولمَ لا؟ لكنه تحمّل أكثر من طاقته في بدايته، وهو متفق معي في هذه النقطة، لأنه يجب أن يسلك سلم الفن من بدايته، ولا يعتمد على اسم والده، بل ويجب أن يكون مثل والده ويبدأ المشوار من بدايته. وهو صديقي وأعتز بصداقته، واتفقنا منذ فترة على العمل معاً.

- ما الذي تغيّر في محمود عبد المغني عقب الزواج؟
أصبحت أكثر نضجاً وهدوءاً، أتمتّع بمقدار كبير من الاستقرار والتركيز في عملي وإخراج أفضل ما لديَّ من طاقات فنية، والحمد لله رزقني المولى زوجة متفهّمة جداً لطبيعة عملي، إضافة إلى ولديَّ مريم (خمس سنوات) وعمر (ثلاث سنوات)، وهما كل حياتي.

- ماذا تتمنى أن تشاهدهما في ما بعد؟
ميسوران ومرتاحا البال، وأن يكونا ذوَي فائدة للمجتمع المصري، وأن يكونا أكثر أمناً مما نحن فيه. وأتمنى أن أرى مريم طبيبة، أما عمر فأرغب في أن يكون لاعب كرة قدم.

- ما تعليقك على الأحداث السياسية الساخنة في الشارع المصري حالياً؟
لست ممن يجيدون الحديث في السياسة، ولا أرغب في الحديث فيها، لكني حزين على ما يحدث في بلدي الآن من أحداث عنف، وكل ذلك يؤثّر علينا جميعاً.
ويجب علينا الاتحاد والتكاتف من أجل الخروج من الأزمة التي نعيشها الآن. وأتمنى عودة الاستقرار إلى مصر لأنها تستحق منا أكثر من ذلك.