كريم عبد العزيز: أحاسب نفسي بقسوة

كريم عبد العزيز, مصر, فيلم, دراما, الجمهور, ثورة, مشاهد جريئة, التلفزيون, تصوير

18 أبريل 2014

يفضل كريم عبد العزيز الغياب عن الإعلام والأضواء لفترات طويلة، طالما لا يوجد ما يستحق الحديث عنه، سواء عملاً جديداً أو موقفاً ما يريد أن يعلنه، فهو شخص «بيتوتي» بطبعه، يفضل أن يكون طوال الوقت وسط أسرته الصغيرة في فترات الراحة، وغير ذلك فهو تلميذ نجيب يكرس وقته لمذاكرة أعماله، وخلال الأيام الماضية كان الظهور الأول له بعد فترة غياب طويلة من خلال «برومو» لفيلم قصير بعنوان «القرار»، وهو أول فيلم يدعم المشير السيسي في ترشحه للرئاسة.
وفي الوقت نفسه، ينتظر كريم عرض فيلمه الجديد «الفيل الأزرق»، المأخوذ عن رواية تحمل العنوان نفسه.
كريم يتحدث إلينا عن المغامرة التي خاضها في هذا الفيلم، والخوف والقلق اللذين شعر بهما، ودعمه للمشير السيسي، كما يتكلم عن ذكاء زوجته وابنيه ملك وعلي والصديق الذي يفتقده.


- ما الذي حمسك للمشاركة في الفيلم القصير «القرار»؟
هذا الفيلم قدمته كنوع من الواجب الوطني، لأنه ليس فيلماً تجارياً عادياً، بل فيلم قصير مدته 20 دقيقة فقط، وهدفه حضّ المواطنين على الإدلاء برأيهم واتخاذ القرار في كل الأمور المتعلقة بالبلاد في الفترة المقبلة، لأننا نعيش فترة فارقة وصعبة في تاريخ البلاد، وعلى كل مواطن أن يتخذ قراره المناسب حتى لا ندخل في نفق مظلم من جديد.

- ما دورك في هذا الفيلم؟
دوري لا يزيد على أربع دقائق، ففي البداية أتحدث عن البلد ومستقبله، وأن الحياة بدأت تتحرك من جديد بعد توقف استمر أربع سنوات، وذلك من خلال حواري مع سائق تاكسي.
ثم أجري حوارات مع أفراد مختلفين من الشعب بشأن المرحلة المقبلة. ويشارك في الفيلم أيضاً كوكبة من السياسيين، على رأسهم عمرو موسى واللواء سامح سيف اليزل وآخرون.

- لكن ما أعرفه أن الفيلم يأتي في إطار الدعاية للمشير السيسي؟
الفيلم يدعم طرفاً على حساب آخر، ولا يتحدث عن شخص بعينه، ورغم ذلك فكون الفيلم يدعم السيسي ليس تقليلاً منا ومن شأن الفيلم، لأننا في النهاية سننتخب السيسي.
وكل من خرج في 30 يونيو لا يرى أمامه سوى هذا الرجل الشجاع البطل الذي حمل كفنه على يده لمواجهة النظام السابق، ولذلك فشرف لنا أن ندعم هذا الرجل.
والفيلم بشكل عام يقول في رسالته إنه يجب علينا أن ندعم الرجل المناسب الذي وقف مع شعبه وتحمل على نفسه الكثير حتى نصل إلى ما نحن فيه الآن. وأنا شخصياً سأمنح صوتي للمشير السيسي، وأعلنها صراحةً، لأنني أراه الرجل المناسب.

- ولماذا لم تحصل على أجر نظير مشاركتك في هذا الفيلم؟
لم أفكر لحظة في الحصول على أجر، لأن الفيلم في النهاية لا يهدف إلى أي أغراض تجارية، وقد شاركت فيه كما قلت كنوع من الواجب الوطني.

- ما حقيقة مرورك بمرحلة اكتئاب خلال الفترة الماضية؟
من منا لم يشعر بهذه الحالة؟ ومن منا لم يمر بتلك المشاعر في وقت من الأوقات؟ لا أنكر أنني عشت مرحلة كبيرة من القلق والخوف على مستقبل مصر وعلى مصير أولادنا، لأننا كنا نسير في طريق اللاعودة. ولأننا جزء من هذا البلد ولا يوجد لدينا بلد آخر، كان علينا أن نشعر بالخوف والقلق.

- وإذا انتقلنا إلى فيلمك الجديد «الفيل الأزرق»، في أي مرحلة تصوير أنتم؟
أوشكنا على الانتهاء منه، ومن المقرر عرضه بداية موسم الصيف، حيث يتبقى لنا يوم تصوير واحد في الإسكندرية، لكن نظراً إلى صعوبة التصوير في الشوارع هناك خلال الفترة الماضية أجلنا هذا اليوم أكثر من مرة.
وفي المقابل، انتهى المخرج مروان حامد من مونتاج الفيلم، حتى أنه أوشك على الانتهاء من مشاهد الغرافيك، لذلك أعتبر أن الفيلم انتهى وننتظر تحديد الموعد النهائي لعرضه.

- لكنه كان سيعرض في كانون الثاني/يناير الماضي؟
هذا صحيح، لكن الخوف من الاضطرابات في الشارع وقتها اضطرتنا إلى التأجيل، خاصةً أن الفيلم وصلت ميزانيته إلى 20 مليون جنيه، ولا يجوز المغامرة به في أي وقت سيَّئ.

- ولماذا قررتم عرضه بعيداً عن المواسم الكبيرة مثل الأعياد؟
لأن الفيلم ينتمي إلى الدراما النفسية، بالإضافة إلى أنه فيلم «تقيل» يحتاج إلى عرضه في وقت خاص حتى يستطيع الجمهور المحب للسينما الذهاب لمشاهدته، بينما أفلام العيد دائماً ما يغلب عليها الطابع الكوميدي والغنائي وطرحه وسط هذه الأفلام سيعرضه لظلم كبير.

- وهل صحيح أن هذا الفيلم أعاد اكتشافك؟
بالتأكيد، لأنه مختلف تماماً، فهذه أول مرة أجسد فيها دور طبيب نفسي يعاني أزمات في حياته، ثم تكون أول مهمة له في العمل هو أن يكتب تقريراً عن شخص يتوقف عليه قرار إعدامه أو وضعه في المستشفى، ثم يكتشف أن هذا الشخص هو صديق عمره.
ونرى أن الشخصية تحاط طوال الوقت بالصراعات، لذلك فهي مرهقة وبعيدة عني تماماً، وأعتبرها الشخصية الأصعب في حياتي لأنني لم أملك أي خلفية عنها، ولا يوجد فيها أي شيء يشبهني بخلاف معظم الشخصيات التي قدمتها في أفلامي.

- لماذا قررت خوض هذه المغامرة في هذا التوقيت؟
بصراحة، لم أكن أضعها في الحسابات، وكنت أبحث عن فيلم رومانسي كوميدي، لكن عندما عرض عليَّ مروان حامد الرواية قرأتها في يوم واحد، ووقتها قررت أن أقدم شخصية «يحيى» وأغير كل خطتي من أجلها، لأنها شخصية جذابة ومغامرة سينمائية كبيرة بالنسبة إلي، والفن بالنسبة لي مغامرات وكل مغامرة لها متعتها، وأنا دائماً أريد أن أنتقل من مغامرة إلى أخرى حتى أستمتع بالتمثيل.

- تتحدث عن فيلم يعتمد كما قلت على الدراما النفسية، ألا تخشى أن يخذلك الجمهور الذي قد لا يحب هذه النوعية من الأفلام؟
لم أتوقع يوماً أن يخذلني الجمهور، لكني في الوقت نفسه قلق ومرعوب، لأن هذه التجربة مختلفة وجديدة على الدراما المصرية، خاصةً المعاصرة، وأيضاً الدراما العربية.
لذلك المغامرة في هذا الفيلم أكبر منها في أي فيلم آخر، لكن أنا على ثقة بأن الجمهور لن يستطيع أحد أن يخدعه الآن، ويستطيع أن يفرق جيداً بين العمل الجيد وغير الجيد، وأتمنى أن يكرمنا الله في هذا الفيلم بقدر المجهود الذي بذلناه فيه.

- تتحدث عن الفيلم وكأنه بداية جديدة لك!
لا أستطيع أن أقول إنه بداية في المطلق، لأنني في كل عمل أحاول الاستفادة من خبراتي السابقة، لكن هذا العمل سيقدمني بشكل جديد ومختلف، فمن الممكن أن تقول إنه بداية لي في هذه المنطقة، لأنه عمل تشويقي اجتماعي رومانسي. ولا أنكر أنني فخور بتقديم هذا الفيلم، وبصراحة لم أتخيل يوماً أن أقدم هذا العمل.

- لكن ماذا فعلت في المشاهد الجريئة الموجودة في الرواية؟
مروان حامد مخرج متميز ويعرف جيداً كيف يوظف مشهده ونجح في أن يقدم المشاهد الجريئة دون أي إثارة أو استفزاز للمشاهد، لأنني بشكل عام لا أحب الإثارة والافتعال، ولن ترى في المشاهد أي نوع من الفجاجة.

- هل اخترت تجربتك المقبلة؟
وقعت عقداً مع المنتج وائل عبد الله لتقديم فيلم رومانسي كوميدي، لكن حتى الآن لم نحسم القرار بشأن السيناريو، لأنه عرض عليَّ فكرة فقط.
وسواء قدمت هذا الفيلم أو غيره فإنني أميل إلى تقديم فيلم خفيف خلال الفترة المقبلة، لأنه «بصراحة الضحك وحشني»، وأنا شخصياً أحب الضحك ومنذ فترة طويلة وأنا بعيد عن هذه الأعمال، لكني سأبدأ التحضيرات فور اطمئناني على «الفيل الأزرق».

- لماذا قررت الابتعاد عن التلفزيون هذا العام؟
أنا شخص أحاسب نفسي باستمرار، وقد أكون قاسياً جداً على نفسي، ولذلك لا أريد أن أقدم أي عمل إلا إذا كنت مقتنعاً به بنسبة كبيرة، وأريد أن أقدم أعمالاً يفتخر بها أولادي عندما يكبرون، ولا يهمني الوجود لمجرد الوجود، وأنا شخصياً أحب التلفزيون وأرى أنه كان صاحب فضل كبير عليَّ، وأريد أن أقدم العديد من المسلسلات، لأنني لا أعترف نهائياً بمقولة حرق الفنان، لأنه في بدايتنا كان البعض يطالبون بالابتعاد عن التلفزيون حتى لا يؤثر على وجودنا السينمائي، بحجة الحرق، لكني أرى أن التلفزيون يفيد الممثل ويقربه من جمهوره بشكل أكبر، حتى أنه يعطيه خبرة أكبر.
أعترف بأنني مقصر أحياناً أمام جمهوري بسبب قلة أعمالي، إلا أني لم أجد الموضوع الذي يحركني إليه، وأكرم لي أن أجلس في البيت بدلاً من أن أقدم عملاً يجعلني أخجل منه.

- هل ترى أنه يجب أن تحدث ثورة على مستوى الكتابة كما حدث في الواقع السياسي؟
بالتأكيد فأنا شخصياً أرى أننا نعيش عصراً جديداً، وعلينا كفنانين أن نتعامل مع هذا التغيير ونقدم أفكاراً وطرحاً مختلفاً للأعمال عن الوقت السابق، خاصةً أننا نعيش واقعاً خصباً ومليئاً بالتغيرات، ونحن كفنانين يجب أن نعكس ذلك للجمهور على الشاشة.

- تقصد أعمالاً عن الثورة؟
إطلاقاً، فالثورة من وجهة نظري لم تنته حتى الآن ولاتزال مستمرة، ومن الظلم أن نتعرض لها الآن أو نحكم عليها، لأن التاريخ لا يزال يكتب، وهناك مفاجآت نسمع عنها يومياً، لذلك يجب أن نستوعب الموقف بشكل عام حتى نستطيع أن نقدمه بموضوعية شديدة

- على المستوى الشخصي هل فكرت في تقديم شخصية الشرير على الشاشة بدلاً من نمطية الطيب؟
بالتأكيد، حتى أنني أرى أن شخصية الشرير بشكل عام تفجّر لدى الممثل طاقات إبداعية أقوى من الشخصية الطيبة، حتى أنها مغرية أكثر للممثل، ولكن بصراحة لم يعرض عليَّ حتى الآن أدوارٌ شريرة، وإذا وجدت دوراً شريراً جديداً سأقدمه دون تفكير.

- إذا أديت دور شخصية تاريخية فمن الذي تتمنى أن تقدمه؟
شخصية خالد بن الوليد، لأنها شخصية قوية، بالإضافة إلى أنه كان قريباً من الرسول عليه الصلاة والسلام، وأعتقد أن تجسيد هذه الشخصية سيكون غنياً لأي ممثل.

- من تحب أن توجه لهم رسالة؟
أمي وزوجتي أقول لهما «حفظكما الله لي»، فأنتما مصدر سعادتي وأماني في هذه الدنيا، ويعطيكما الله الصحة حتى أسعدكما مثلما تسعدانني.

- لمن يشكو كريم همومه الآن، لأمه أم زوجته؟
للاثنتين، كما أن زوجتي بشكل عام ذكية، واستطاعت أن تكتسب من أمي العادات التي تريحني وتفعلها في كل اللحظات التي أمر بها، لذلك لا أستطيع أن أستغني عن أي منهما.

- وماذا تقول لابنيك ملك وعلي؟
هما كل شيء في الدنيا بالنسبة إلي، وأتمنى من الله أن يكرمهما ويرعاهما، لأنهما مصدر سعادتي وأمني وأماني، وبفضلهما تغيرت حياتي تماماً.

- من يفتقده كريم؟
صديقي الفنان الراحل علاء ولي الدين، لأنه كان الصديق الأقرب الذي كان يعرف كل تفاصيل حياتي، وبغيابه أعتقد أنني أفتقد الكثير الآن، ولم يستطع أحد أن يحل محله.