موضة 'شت أب يور ماوس أوباما' المرأة المصرية البسيطة تخاطب رئيس الدولة العظمى؟

منى البحيري, مصر, باراك أوباما, أحمد عبدالله, محمود علم الدين, د. سامية خضر

07 يونيو 2014

بملامحها المصرية البسيطة ولغتها الإنكليزية الركيكة، تصدّرت منى البحيري مواقع التواصل الاجتماعي، حتى حلّت ضيفة على منتدى دبي للإعلام، بسبب عبارتها الشهيرة «شت أب يور ماوس أوباما».

اشتهرت منى بتوجيه رسائل إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما، بلغة إنكليزية ركيكة، وكان أشهرها على الإطلاق رسالتها التي قالت فيها: «لسن يور أوباما.. شت أب يورو ماوس أوباما»، والتي انتشرت بسرعة لافتة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع إضافة بعض المؤثرات عليها.

كما حظيت بعض عباراتها بشهرة كبيرة، ومنها «سيسي يس سيسي يس.. مرسي نو مرسي نو»، تعبيرًا عن رفضها الحكم الإخواني السابق في مصر وترحيبها بالمشير عبدالفتاح السيسي رئيسًا قادمًا لمصر.


قصة الظهور

منى البحيري، سيدة خمسينية بسيطة، لم تعتد المشاركة في التظاهرات وكانت من «حزب الكنبة»، حسبما يطلق المصريون على هاجري المشاركة السياسية.

تسكن في منزل متهالك في ضواحي محافظة الجيزة، لكنها قررت المشاركة في الموجة الثانية للثورة المصرية يوم 30 حزيران/يونيو، وطالبت بعزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين.

بعدها اعتادت البحيري المشاركة السياسية، وقررت أن تمارس حقها كمواطنة في التعبير عن الرأي، وأثناء مشاركتها في إحدى التظاهرات المؤيدة للمشير عبد الفتاح السيسي سجل معها أحد المواقع الإلكترونية عن سبب مشاركتها، فأبدت استياءها من تدخل الولايات المتحدة الأميركية في الشأن الداخلي المصري، وأرسلت إلى رئيسها باراك أوباما برسالة عفوية قائلة: «لسن يور أوباما.. ويي آر إيجيبشين وومن.. أوباما شت أب يور ماوس.. سيسي ييس.. مرسي نو».

وسرعان ما انتشرت رسالة منى البحيري عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وذاع اسمها بين نشطاء مواقع التواصل، وحصل الفيديو على ملايين المشاهدات.


«انتحار» أوباما

عاودت منى البحيري الظهور مرة أخرى، من خلال فيديو كارتوني ساخر، ظهر فيه الرئيس أوباما يستمع إلى رسالة البحيري ويبكي مما تسمعه أذناه من طلاسم اللغة الانكليزية التي يسمعها والتي عجز الجميع عن فكها، ثم يبيض شعره الأسود عندما يرتفع صوت البحيري «شت أب يور ماوس أوباما» لينهي حياته منتحرًا، لأنه لا يفهم إنكليزيتها الركيكة.

لم يقتصر ظهور البحيري على المواقع الإلكترونية أو مواقع التواصل الاجتماعي، بل استضافتها فضائيات مصرية وعربية، كأحد نجوم مواقع التواصل الاجتماعي الفترة الأخيرة.

وبررت البحيري ما تفعله مشيرة إلى أنها تعرف الإنكليزية بدرجة متوسطة، وأنها أكثر وطنية من رموز سياسية يتقنون الإنكليزية بطلاقة؛ ولكنهم وفقًا لرؤيتها خانوا الوطن، وكانوا يرغبون في تسليم مفتاح مصر للغرب.


منتدى دبي للإعلام

لم تحلم يوما منى البحيري السيدة المصرية البسيطة أن تكون محط اهتمام الجميع، ولم تحلم أيضاً أن تكون ضيفة لمؤتمر إعلامي كبير، لكنها حلّت أخيراً بعبارتها الشهيرة «شت أب يور ماوس أوباما»، ضيفة على منتدى دبي للإعلام، وذلك بوصفها ظاهرة فريدة أفرزها الإعلام الموازي، حيث تشارك بالدورة الثالثة عشرة للمنتدى في إطار جلسة بعنوان «ثورة الهوامش» التي تتمحور حول تحول الهوامش إلى خبر رئيسي فتتصدر المشهد الإخباري والإعلامي.

والجدير بالذكر أن العديد من الإعلاميين استقبلوا منى البحيري، بحفاوة وجاء في مقدمتهم الإعلامي نيشان، الذي سارع إلى التقاط صورة معها ونشرها على «تويتر» قائلاً «وللسوشيال ميديا نجوم».


سر الاهتمام

بين ليلة وضحاها تحولت منى البحيري إلى نجمة ذاع صيتها في جميع وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الاجتماعي، والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لمعت تلك المرأة البسيطة؟ وما هو سر هذا الاهتمام بها؟

يقول الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة: «‍‍‍‍‍‍بساطة تلك المرأة سر شهرتها، واستطاعت الوصول إلى الجميع وجذب انتباههم بتلك البساطة التي أصبحت نادرة فيمن يتصدرون المشهد الآن من النجوم».

ويؤكد أن منى البحيري «نموذج للمرأة المصرية الناضجة الفاهمة لطبيعة المرحلة التي يمر بها بلدها، كما تعتبر ناشطة سياسية بالفطرة لم تتعلم أسس لعبة السياسة في إحدى المنظمات، ولم تتعلم تنميق الكلام، لكن حبها لبلدها وغيرتها عليه جعلاها تشارك في التظاهرات وتتحدث على سجيتها».

ويضيف: «هي سيدة مصرية على الفطرة، تقدم نوعًا من الإعلام البديل الغريب على المثقفين والسياسيين. شهرتها جاءت لكونها قدمت اتصالاً سياسياً عبر الإعلام البديل الذي من الممكن أن يكون اتصالاً شخصياً أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي تويتر وفيسبوك».


جرأة

في إطار التحليل النفسي، يؤكد أستاذ الطب النفسي الدكتور أحمد عبدالله، أن سبب شهرة منى البحيري وكونها محل اهتمام يأتي من حصول الفيديو الذي نددت به بتدخل الرئيس الأميركي في الشؤون المصرية، على أكبر مشاهدة في مصر، وذاع صيته في الوطن العربي أيضاً، فهي عكست في هذا الفيديو رغبة كثيرين في التعبير عن غضبهم من تدخل أميركا في شؤون مصر.

 ويتابع: «هذه المرأة جزء من الظاهرة العامة لتعبير المصريين عن آرائهم، كما أن لديها الجرأة والجدارة أن تكلم أوباما وتعتز بكينونتها كمواطنة مصرية تخاطب رئيس دولة عظمى، وتبدي استياءها من التدخل السافر في الشأن الداخلي».


عفوية وذكاء

ترى الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع في جامعة القاهرة، أن منى البحيري  تعبر عن فئة كبيرة من النساء المشاركات في الحياة السياسية، لا سيما البسيطات منهنّ، وهذا سر سطوعها.

وتقول: «حالة الذهول من الاهتمام بمنى البحيري وتسليط الأضواء عليها بشكل مبالغ فيه، سببهما تركيز وسائل الإعلام دائماً على صفوة القوم، ناسين أن البسطاء جزء من المجتمع ودائماً ما يحملون همومه على أعناقهم، لذا اندهش الكثيرون من الاهتمام بتلك المرأة البسيطة التي تصدرت المشهد السياسي والإعلامي».

وتوضح خضر أن حب الوطن كان سر الرسالة العفوية التي وجهتها منى البحيري إلى باراك أوباما، وأن تلك المرأة البسيطة لديها من الذكاء ما يجعلها تدرك أنها قد تكون محل سخرية بلغتها الإنكليزية الركيكة، لكنها قررت التعبير عن حب الوطن بأسلوبها الخاص، ولم تخجل في اللقاءات التلفزيونية التالية أن تذكر أنها حاملة لمؤهل متوسط وأنها لا تتقن الإنكليزية بل تتكلمها ببساطة.

وتتابع: «السوشال ميديا، أو مواقع التواصل الاجتماعي، تصنع بدورها نجوماً جدداً. شئنا أم أبينا هذه الحقيقة يجب أن يدركها الجميع حتى لا يشعروا بالسخط من نجوم بسطاء قد يظهرون، فأنا على اقتناع بأن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت إعلاماً موازياً».