خبير العطور لدى دار غيرلان تييري واسر...

Guerlain, غيرلان, عطور, تييري واسر, العطر

11 يوليو 2014

رداً على كل من يعتقد أن الرجل المثالي غير موجود قدّمت دار غيرلان العريقة الجواب. هذا الرجل موجود في تركيبة عطرها الجديد، فقد اطلقت الدار أخيراً عطرها الرجالي LHomme Ideal أو ما ترجمته «الرجل المثالي» بعد غياب أكثر من خمس سنوات عن عالم العطور الرجالية. بايحاء من عطر Jicky الذي ابتكر عام 1886 بنفحات اللوز المرّ كان هذا العطر. قصّة أراد خبير العطور تييري واسر، الذي يحمل شعلة دار غيرلان، أن يسردها بتعابير جديدة تمت عبر اتحاد جديد لنفحات جذابة يكشف كل منها صفة في شخصيّة من يتعطّر به. تابعها في هذه المقابلة واكتشف إن كنت مثالياً... 

كيف بدأ شغفك بالعطور؟
لا تدرك الأمور في الصغر إنما نكتشفها عندما نكبر. في طفولتي كنت أعيش في منطقة طبيعية رائعة، كنت محاطاً بالغابات والمزارع. بين عمر 10 و15 سنة كنت مولعاً بالتجارب على الأعشاب وفوائدها الطبيّة، فكنت أمزج بينها في محاولات لاكتشاف خليط جديد. ولعي بذلك منعني من التركيز على دروسي وبالتالي لم أكن تلميذاً ناجحاً وهذا ما أحزن والدتي. بدأت العمل كمتدرب في السادسة عشرة من عمري وحصلت على شهادتي في مجال الأعشاب بعد 4 سنوات. أحببت عملي في مجال خلط الأعشاب ومعرفة مفعولها على البشر. في سن العشرين قرأت مقالاً عن دارين في جنيف بحاجة الى عاملين في مجال العطور. اتصلت مستفسراً، وقد وظفتني إحداهما بعد أن اختبرت حاسة الشّم لدي. هناك أدركت أن هذا ما أريد أن أفعله، أن أكونه. بعدها مرّت السنون بوتيرة تشبه التزحلق على مزلاج في حديقة مائية...

ما الذي يلهمك عند ابتكار عطر ما؟
ابتكار عطر بالنسبة إلي هو بمثابة حاجة أو رغبة في إخبار قصّة. قد يحفّزك تفصيل في حياتك أو موقف ما لإخبار قصّة. اكتشفت «زيت الفيتيفر» المحلي للهند عندما كنت هناك فقلت في نفسي «هذا رائع، عليّ أن أخبر قصّته» فكان عطرL’Eau Boisee Guerlain Homme.

أخبرنا إذاً قصّة العطر الجديد LHomme Ideal؟
بدأت قصّتي هذه المرة في مخيلتي، وشعرت برغبة في إخبار شيء جديد واستمددت الإيحاء من نفحات اللوز المرّ Bitter Almond التي ميّزت عطر Jicky الذي ابتكر عام 1889. واستكملت الفصول عبر اتحاد النفحات لتشكل قصة أريد أن أخبرها. من الصعوبة بمكان شرح هذا الأمر، ابتكار عطر برأيي أمر تجريدي بعض الشيء ويعتمد على المخيّلة. على مبتكر العطور أن يكون واعياً ومتعلقاً باللحظة وبالحياة، فقد يولد الإيحاء في أي لحظة.

هل يحمل هذا العطر وعطورك عامة بصمات خاصة بك أم انك تتقيد بتوجيهات دار غيرلان وهويّتها؟
أنا دار غيرلان... قد تعتبرين هذا تبجحاً، لكنني كنت مقرباً جداً من جان بول غيرلان .إسمي «تييري غيرلان»، وأنا متورّط الى أقصى الحدود في عملي لدار غيرلان. قلبي وذهني وروحي وابداعي هي ترجمة للدار وهويتها.

أنت تفرض رؤيتك الخاصة في الابتكار؟
عملي لا يقتصر على ابتكار العطور، بل أهتم بالتصنيع وبكل ما له علاقة بالمصنع. أعرف كل الاسرار التي اعتمدها من سبقني كجاك غيرلان وجان بول غيرلان. صدقيني أنا أعوم في بحر غيرلان وربما ابتلعني أيضاً.

لن نعد أنفسنا إذاً بعطور خاصة بدار تييري واسر؟
هل من المعقول أن أفكر بأمر كهذا عندما أعمل في دار عريقة تخطّى عمرها 185 عاماً؟! أنا فخور بكوني جزءاً من هذه الدار خاصة أني الأول من خارج عائلة غيرلان. أحمل شعلتها لوقت محدود وسوف أسلّمها فرحاً لمن يخلفني، آملاً أن يكون شخصاً جديراً بالثقة يحافظ على إرث الدار ويحفظ الأمانة، كما أفعل أنا اليوم.

ما الذي يميّزه LHomme Ideal عن غيره من العطور السابقة وما الذي يعنيه للدار بعد سنوات من الغياب عن العطور الرجالية؟
العطر جاهز منذ سنتين وكنّا بانتظار الحملة التسويقية المناسبة. عام 2008 كان «Guerlain Homme» محاولة لتقديم عطر مختلف في عالم العطور الرجالية لغيرلان. في ذلك الوقت، كنت قد التحقت حديثاً بالدار ولم أكن ملمّاً بشكل كافٍ بهويتها. وأعتبر أنه لم يحقق نجاحاً كافياً لعدم احتوائه على جينات غيرلان. مع مرور الوقت تعرفت أكثر وغرقت في عالم غيرلان ولم أعد أصمم اليوم بالطريقة نفسها كما كنت أفعل عام 2008. تغيّرت، غيّرتني الدار وعلّمتني وجبلتني بهويتها. بناءً عليه، أردت أن أقتحم عالم الرجال من جديد، أردت أن أخبر قصّة بتعابير جديدة.

صرحت في أحدى المقابلات أن العطور لا ترتبط بجنس معيّن. ما الذي يجعل هذا العطر رجالياً، إذاً تستطيع المرأة أن تتدثّر به؟
تعلّمنا منذ الصغر، وهذا أمر تقليدي ومتعارف عليه، أن هناك أموراً تخصّ الإناث وأخرى للذكور. ولكن إذا سألت روحي الحرّة فتجيب أنّه من الممكن الخلط بينهما، فالأمر متعلّق بالأحاسيس وهي قابلة للمزج. أعتقد أن على الانسان اختيار ما يجعله مرتاحاً ومتصالحاً مع نفسه. ولكن البديهي أن الانسان بحاجة دائمة الى حدّ أدنى من القواعد التي يتبعها لتسهل عليه الحياة. لقد اعتدنا أن نفحات الخشب والفتيفر رجالية بينما نفحات الزهور نسائية.

ما رأيك بذوق الرجل الشرقي في العطور؟
ما يعجبني في هذه المنطقة من العالم أن الاشخاص مغامرون، إذا ما أعجبوا برائحة عطر يشترونه فوراً. الشعب العربي متصل تاريخياً وثقافياً بالعطور ولهذا أحبّ المجيء دائماً الى دبي حيث الجميع يتكلمون لغتي.

ما رأيك بالمشاهير الذين يطلقون عطورهم الخاصة؟
لمَ لا، فليطلقوا ما يريدون من العطور. العطر الاول Kylie Minogue كان من ابتكاري. يتماهى الناس بنجومهم المفضّلين ويريدون امتلاك قطعة منهم وأفضل طريقة هي مشاطرتهم عطرهم الخاص. المشاهير هم ملوك العصر الحاضر. إنه القرن 21 ولا نستطيع أن ننكر ما حولنا سواء وافقنا أو لا على أمور عدّة، فهي موجودة.

ما هو عطرك الكلاسيكي المفضّل؟
أتعطّر بـHabit Rouge من Guerlain وهو المفضل لدي بالإضافة ال Eau Sauvage و Fahrenheit من Dior و Equipage من Hermès .

أي عطر تفخر بتصميمه أكثر من غيره؟
تصميم عطر يتعلق بشكل أساسي بمزاج مبتكره في تلك الفترة. لا أستطيع القول إنني أفخر بعطر أكثر من آخر، ولكن لعطر Idylle مكانة خاصة في قلبي فهو العطر الأول الذي صممته إثر انضمامي الى دار غيرلان. كنت فرحاً جداً في ذلك الوقت فانعكس ذلك على طبيعة عطري المليئة بالورود. هو عطر مبهج وبريء.

أي جزء من عملك هو الأكثر متعة؟
تأمين الموارد. إنه أمر رائع ان تتعامل مع الناس ومع الطبيعة وتؤمن المواد الأولية الفضلى بأذكى الطرق. يمنحك هذا الأمر رؤية مستقبلية حول هذه الصناعة ويثقفك حول المنتج. إنه الجزء الأهم، التأكد من الحصول على موادنا الأولية كما نريدها نحن وكيفية المحافظة على هذه الموارد. أحب التعامل مع البشر، أتعلّم منهم وأعلمهم فنستفيد ونفيد. نحن معنيون الى أقصى الحدود بكل تفصيل يصنع عطورنا.

ما هي الأمثولة التي تعلّمتها من خلال عملك في هذه الصناعة؟
كل يوم نتعلم شيئا جديداً. ربما يعتبر البعض العطور منتج كمالي يمكن الاستغناء عنه. ولكنني تعلمت العكس من هذه القصة: كتبت لنا امرأة يوماً قصتها المؤثرة وعلاقتها بأحد عطور الدار. كانت تعيش في بولندا إبان الحرب العالمية الثانية حين أهداها حبيبها عطر Sous Le Vent وذهب للمشاركة في الحرب وهي اضطرت لمغادرة بلدها. قررت ألا تستعمل العطر الا بعد عودته سالماً. ولكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، فالمحارب سقط خلال الحرب وظلت محتفظة بقارورة العطر. العطر أكثر من رائحة في قارورة، إنه تعبير شخصي جداً، هو جزء من الانسان يحاول إظهاره وعلامة تعرّف به.

ما رأيك في صيحة «العود» التي تعتمدها  دور العطور؟ هل ستصممون عطراً يعتمد على نفحات العود أم انكم ستبتكرون خطاً جديداً؟
تم التعبير عن العود بكثرة وأعتقد ان هذه الصيحة بدأت مع عطر M7 Yves Saint Laurent ثم امتدت الى عدد من الدور. رائع كيف استفدتم من الانفتاح الحاصل لتعرّفوا العالم على نفحات الشرق الرائعة وتبرزوا عشقكم للعطور. أنا شخصياً أحب العود ولكن باعتدال وألعب بنفحات خفيفة من وقت الى آخر. ولكن أن نصمم في دار غيرلان عطراً مبنياً على العود فهذا لن يحصل. نحن لا نتبع الآخرين بل نبدع الجديد وندع الاخرين يتبعوننا. أما بالنسبة إلى الخط الجديد فلا يمكن التخمين بما سيكون ووحده الوقت كفيل بكشفه، قد يكون «اللوز المرّ» Bitter Almond، لمَ لا؟

ما مدى صحة أن كل نفحة من نفحات العطر الجديد تعبّر عن تفصيل معيّن في شخصيّة الرجل، وهل هو فعلاً «الرجل المثالي» «Lhomme Ideal»؟
يتألف العطر من نفحات من البرغموت وزهر الليمون المفعم بالحيوية وهذا يترجم ذكاء رجل «لوم ايديال». نفحات ثنائي اللوز وحبوب التونكا المرهفة بالاضافة الى أثر الفانيليا تمثل وسامته. أما نفحات الجلد والاخشاب فهي توحي بالقوة. فرجل «لوم ايديال» ذكي ووسيم وقويّ، فهل من صفات أخرى للرجل المثالي؟!

هل من يتحلّى بهذه الصفات فقط يستطيع التعطر به، فقد لاحظت أن الحملة الاعلانية موجهة إلى فئة الشباب؟
كتبت قصّة وهي متاحة لمن يرغب في قراءتها. أنا لا أحصر عملي بفئة معيّنة وربما كنت على حق في أن الاعلان موجه إلى فئة الشباب ولكن هذا عمل التسويق والاعلان وهم ارتأوا ذلك. أريد لقصتي أن تصل الى أوسع فئة من الناس وهذا دليل نجاحي. أحببت في الاعلان فكرة الرجل الواثق الذي يعتقد أنه مثالي ثم يأتي مشهد الفتاة التي تفجر الفقاعات لتوصل رسالة مفادها «أن الرجل المثالي غير موجود، أما عطره فحقيقة».