السعودية تثور ضد السمنة!

المملكة العربية السعودية, مجلس الشورى السعودي, السمنة, الضغط, السكري, بدانة, الرياضة

23 يوليو 2014

يكثر عدد الأشخاص الذين يعانون البدانة في المملكة العربية السعودية، ويكلفونها أكثر من 500 مليون ريال سنوياً بسبب ترددهم إلى المستشفيات لمعالجة أمراض ناتجة عن البدانة. وارتفعت معدلات السمنة في السعودية بنسبة 30 في المئة خلال السنوات العشر الأخيرة، ويعاني 29 في المئة من الرجال زيادة الوزن، فيما تعاني 37 في المئة من النساء السمنة. ووصلت معدلات السمنة إلى 24 في المئة بين النساء مقابل 16 في المئة بين الرجال، وتعتبر هذه النسب أعلى المعدلات في العالم خصوصاً بين النساء.

بعد سنوات طويلة من الجدل حول إقرار رياضة البنات في مدارس المملكة العربية السعودية، وبعد إقرارها في المدارس الأهلية فقط العام الماضي، وتصويت مجلس الشورى على إقرارها في التعليم العام نيسان (ابريل) الماضي، وجدت وزارة التربية والتعليم حلا بديلاً، بإقرار منهج "التربية الصحية والنسوية للبنات"، ضمن خطتها للنظام الفصلي الجديد الذي سيبدأ في العام الدراسي الجديد. ويراعي المنهج الجديد أهمية الالتفات إلى الصحة العامة والتخلص من السمنة، والحض على ممارسة الرياضة "خارج البيئة التربوية"، إضافة إلى أهمية الالتفات إلى الصحة العامة لتجنب أمراض العصر مستقبلاً، كالضغط والسكري وأمراض أخرى ناجمة عن قلة الوعي وعدم معرفة الأساليب الصحية والممارسات السليمة والأغذية المناسبة.

تُعد البدانة من أهم مشكلات المرأة الصحية والجمالية التي ازداد انتشارها أخيراً بسبب نمط الحياة من الطعام غير المتوازن وقلة التمارين الرياضية والحركة اليومية. ويعرّف الأطباء البدانة أو السُّمنة بأنها "مرض" يحدث بسبب زيادة نسبة الدهون في الجسم، وما تسببه من اختلال في وظائف الأعضاء الحيوية والصحة العامة للمريضة، وهي ليست مصطلحاً يُطلق على الشكل الخارجي للجسم، كما هو متعارف عليه عند الناس، وفق الاختصاصية لمى محمود التي قالت: "إقرار منهج التربية الصحية والنسوية مؤشر لبدء الوعي، بيد أنه ليس حلاً لمشكلة السمنة والأمراض المرافقة لها، لكن لا بد من غرس الوعي في النفوس الناشئة لمعرفة أهمية الرشاقة ومدى تأثيرها على الشكل العام، وعلى ثقة الشخص بنفسه. والأهم هو تفادي الأمراض التي أصبحت عصرية، فالسمنة وحش صامت يؤدي إلى أمراض السكري والقلب والضغط، وغيرها من تبعات قد لا ندرك أخطارها في الوقت الحالي".

أما المرشدة الطلابية أسماء الدوسري فتقول: "للتربية البدنية مناهج وأهداف تتحقق، وليست عشوائية كما يظن بعضهم. وإن كانت مخرجات مادة التربية البدنية في مدارس البنين لدينا ليس مرضياً عنها، فذلك يعود إلى خلل في المنهج أو في الإشراف على التربية البدينة. تبحث الأنثى بطبيعتها عن ما يعزز قوامها وطرق اهتمامها برشاقتها، إلا أن عدم غرس هذه المفاهيم منذ طفولتها يقلل معرفة الأخطار المستقبلية".
وأضافت أن "البعض يبرر إدراج مادة التربية البدينة للبنات بأنها مفيدة لصحة الطالبة، وتساهم في إنقاص أوزانهن، محاولاً إقناع من لم يقتنع بأهمية الرياضة للطالبات، فيأتي من يفنِّد ذلك بأنه هراء فكيف لدقائق معدودة في الأسبوع أن تفيد صحة الطالبة أو تنقص وزنها".


معارضون ومؤيدون

ومن ضمن ما أورده المعارضون للتربية الرياضية، تخوفهم من خروج البنات عن الحشمة من خلال ارتداء الملابس الرياضية التي تتطلبها مثل هذه البرامج وما يترتب على هذا النوع من اللباس من إبراز أجزاء في الجسم، ويرون أن حصص التربية الرياضية في مدارس البنات قد تخصص لها الحصص الأخيرة، ما يجعل البنات يخرجن بعد انتهاء اليوم الدراسي بلباس الرياضة، وهو غير مناسب. أما التخوف الآخر فيركّز على ما قد يترتب على التربية البدنية في مدارس البنات من جوانب أخرى قد لا تكون واضحة في البداية، بل قد تأتي في المستقبل كنتيجة حتمية للتربية البدنية في مدارس البنات، مثل الدوري الرياضي للبنات على المستوى المحلي، وقد يصل به الحد إلى مستويات إقليمية أو دولية.

أما المؤيدون فقدموا بعض الأسباب التي جعلتهم يؤيدون التربية البدنية في مدارس البنات، من أهمها أن هناك مشكلة كبيرة تعانيها نسبة كبيرة من البنات، وهي مشكلة السمنة المفرطة والكسل والخمول وعدم الحركة، وهذا قد يؤثر بدرجة كبيرة على الصحة، ويعمل على زيادة أمراض القلب لهذه الفئة من المجتمع. كما أن المؤيّدين لا يرون أسباب تخوّف البعض عائقاً في سبيل تحقيق أهداف التربية البدنية للبنات في مدارسهن. وقال مؤيدو هذا التوجه إن التربية البدنية لا تقتصر على لعبة الكرة، كما يدعي المعارضون، ويرون أن هناك أنواعاً كثيرة من الرياضات تلائم طبيعة البنات ولا تتعارض مع قدراتهن وإمكاناتهن الجسدية.


إقرار المنهج

أكدت مشرفات تربويات أن المقرر لا يتعلق بالرياضة بل يتناول أبرز الأساليب الصحية التي تهم المرأة، واعتمدته الوزارة ولا يزال القرار داخلي ولم يعمم على مكاتب التربية والتعليم، إلا ان المقررات أعطيت على قرص مضغوط لبدء التدريب وإعداد الكوادر التعليمية للمنهج.
وصرّح الناطق بإسم الإدارة العامة للتربية والتعليم خالد الحماد أنه "لم يبت الموضوع، ولم يصدر قرار من الوزارة حول اعتماد كتاب التربية البدنية والصحية للبنات، علماً انه اعتمد للبنين في النظام الفصلي".

ولفتت مديرات مدارس إلى أنه "في نهاية أيار (مايو) ستسلّم المقررات وما زال مقرر التربية البدنية والنسوية تحت البحث والدراسة لاعتماده للبنات، وعندما تواصلنا مع مكاتب التربية والتعليم في المنطقة، أبلغنا أن الأمر ما زال قيد البحث، علماً انه تم تدريب مشرفات تربويات على المنهج وهو يتعلق بطريقة التخلص من آثار السمنة والحفاظ على الوزن".
وقالت مشرفة تربوية إن "التدريب شمل مسارات التربية الصحية، ولا علاقة له بالرياضة إطلاقاً ولم يتم تسلم المقرر إنما كان التدريب من قرص مضغوط يحتوي على مقررات النظام الفصلي لتلامذة الثانوية العامة".

وكان مكتب التربية والتعليم في المنطقة الشرقية، أقام لقاء حضره عدد من المشرفين التربويين، لتعريف مشروع تطوير النظام السنوي في المدارس الثانوية للنظام الفصلي الجديد المزمع تطبيقه في المدارس الثانوية للعام الدراسي المقبل، إذ تُهيأ حالياً الطالبات للتعرف إلى النظام الجديد بهدف تحسين بُنية النظام التعليمي، من خلال خفض عدد المواد ومواءمة الكتب الدراسية بما يكفل جودة المخرجات التربوية. وتقوم آلية النظام الفصلي، الذي يشمل 6 مستويات فصلية دراسية، والتي سوف تُطبق للبنين والبنات على مراعاة وقت الطالب، بحيث يشمل ثلاثة أقسام هي القسم العلمي ويشمل العلوم طبيعية، والقسم الأدبي ويشمل العلوم الشرعية والعربية، والقسم الإداري .
يذكر أن من مزايا النظام الفصلي أن لكل فصل دراسي اختبار خاص للدور الثاني للمكملين، وهي فرص كبيرة للمتعثرين دراسياً مع وجود الفصل الصيفي. أما الفرق بين النظام الفصلي ونظام المقررات، فهو أن الأخير يتيح الفرصة لوضع خطة مستقلة في المدرسة عن بقية المدارس، بينما النظام الفصلي فموحّد على جميع مناطق المملكة، و يهيئ التلاميذ للنظام الجامعي عبر المسار العام في السنة الأولى وصولاً إلى المسارات التخصصية المختلفة في السنتين الثانية والثالثة للمرحلة الثانوية.