في باريس، أقفال الحب تحلّق في السماء وتهدم الجسور

باريس, برج إيفل, Selfie, الشانزليزيه, Roland Garros, سياحة, موقع / مواقع سياحيّة, طبيعة, فندق / فنادق

03 أغسطس 2014

على مسافة 600 متر فقط من برج إيفل ونهر السين، إنطلقت رحلتي في مدينة الحب. وصلت إلى الفندق الذي يبعد 45 دقيقة عن مطار شارل ديغول، دخلت غرفتي وأول ما قمت به كان البحث عن البرج.
لمحته خلف الشرفة فتوجّهت نحوها وسارعت إلى تشغيل كاميرا هاتفي لالتقاط أول صورة Selfie.


المبنى تاريخي يعود إلى القرن التاسع عشر ويقع في الدائرة 16 التي تعتبر واحدة من أرقى مناطق المدينة. بني عام 1896 ليكون مقر إقامة الأمير رونالد بونابرت، حفيد أخ نابليون بونابرت، وهو الآن مقر فندق شانغريلا باريس الذي حصلت على معاملة ملكية منذ لحظة وصولي إليه.
تشهد المنطقة المحيطة به أكبر تجمّع للمتاحف في العالم بالإضافة إلى إطلالته على مناظر خلابة لبرج إيفل ونهر السين ومتحف اللوفر، وتبعد العديد من معالم باريس مسافة قصيرة منه، ومنها قوس النصر وقصر الكونكورد وحدائق تويليري.

أردت استكشاف المنطقة بنفسي، غادرت الفندق وتوجّهت نحو رمز العاصمة الفرنسيّة باريس، برج إيفل الشهير، أحد أهم المعالم في فرنسا والعالم. راقبته من بعيد والتقطت له بعض الصور ثم اقتربت منه أكثر فأكثر.
صادفت باعة متجوّلين ورسامي الكاريكاتور على الرصيف، تابعت طريقي وتفقّدت البرج من كل جوانبه فانبهرت بتصميمه الهندسيّ المُعقّد، وكانت وجهتي الثانية نهر السين. جلست على ضفافه واستمتعت برائحة مياهه، وفي اليوم التالي ركبت القارب في جولة نهريّة مع الأصدقاء.

كما زرت المعالم المهمة المحيطة به وأبرزها كاتدرائية نوتردامNotre Dame de Paris، أحد المعالم السّياحيّة والأثريّة الأكثر جذباً للسيّاح في باريس، وهي متميّزة بموقعها الفريد في جزيرة «دي لا سات» المطلة على نهر السين، وبالبرجين الغربيين والنافذة الشمالية ذات اللون الوردي.
وقصدت متحف اللوفر الذي يضم أثمن التّحف والقطع الأثريّة في العالم، من منحوتات وتماثيل يعود قسم كبير منها إلى الحضارة المصريّة الفرعونيّة القديمة، إضافة إلى أشهر اللوحات عالمياً مثل لوحة الموناليزا لليوناردو دافنشي. كما مررت تحت عدد كبير من الجسور الـ 37 التي تمرّ فوق السين، والتي تجاوز عمر بعضها 300 سنة، وأكثر ما لفتني كان جسر ألكسندر الثالث، الأكثر أناقة بين جسور فرنسا، والذي يربط منطقة الشانزليزيه بمنطقة برج إيفل.

وهو عبارة عن جسر من الأقواس مُزيّن بتماثيل الحوريات والخيول والملائكة، اعتبر مُعجزة هندسية في القرن التاسع عشر لبنائه من قوس معدني واحد يمتدّ على ارتفاع ستة أمتار، وقد صُنّف كنصب تذكاري وصرح تاريخي، إضافة إلى تصنيفه ضمن مواقع اليونسكو التراثية.
وعلى جوانب النهر، رصدت رساماً ينقل المناظر الطبيعية إلى لوحة فنية من على أحد المباني، وعدداً من الدكاكين التي تبيع التذكارات المعدنية الفرنسية والكتب.

باص مائي...
في قلب المياه، لفتني قارب غريب الشكل، كان يشبه الباص بدرجة كبيرة، وقد كتب على واجهته BatoBus، فتبيّن أنه خدمة نقل مكوكية لها ثماني محطات، تتوقّف في أشهر معالم وسط العاصمة الفرنسية وتعمل يومياً على مدار السنة، وذلك من أجل المساهمة في خدمة التنقل بين معالم باريس المشهورة وأحيائها المعروفة، برج إيفل ومتحف دورسيه وسان جيرمان وكاتدرائية نوتردام وجاردان دي بلانت وفندق دي فيل ومتحف اللوفر وجادة الشانزليزيه.
وبعد رحلة مائية ساحرة، انطلقنا في رحلة فرنسية فاخرة في مطعم «لابيي» L’Abeille الذي يقع في أجواء رومانسية حالمة قرب الحديقة في شانغريلا.
وقد أطلق اسم «لابيي» عليه احتفاءً بالرمز المفضل لدى نابليون، وهو النحلة، ليقدم المطعم الفرنسي الراقي الأطباق الشهية والأجبان الفرنسية ويخصّ زوّاره بجرّة عسل قبل مغادرتهم، ليكون خير ختام ليوم رائع.

المشي في الشانزليزيه ليلاً
بعد ليلة حافلة تردّدتُ قبل مغادرة الفندق، لكن لهفتي لرؤية معالم المدينة تغلّبت على تعبي، فطلبت سيارة أجرة وغادرت قبل منتصف الليل إلى أرقى وأفخم الشوارع السياحية والتجارية في العالم، «الشانزليزيه»Avenue des Champs-ةlysées .
كان يضجّ بالحياة رغم أن محلاته التجارية كانت مقفلة. فعلى جنبات رصيفه وطرقه الجانبية تكثر المقاهي والمطاعم، ويضيء قوس النصر الذي يوجد في نهاية الشارع المنطقة.
ويمتاز هذا القوس بهندسته المعماريّة الدّقيقة، وبروعة النقوش على جدرانه الصلبة، وقد بُنيت أساساته في عهد نابليون بونابرت ليُخلّد انتصارات الجيوش الفرنسيّة. وفي العيد الوطني الفرنسي والذي يصادف 14 تموز/يوليو، يقام عرض عسكري من قوس النصر سيراً حتى الشانزليزيه.

أقفال الحبّ تزيّن قمة برج إيفل
تحت القبة الزجاجية المذهلة التي تغمر المكان بالضوء الطبيعي في مطعم «لا باوهينيا» La bauhinia في فندق شانغريلا، تناولت فطوراً يجمع ما بين الأطباق الآسيوية والفرنسية، ثم انطلقت لاختبار تجربة الصعود إلى قمّة برج إيفل.
تسلّقت سلالم البرج وبلغت دوره الثاني الذي يعلو 115.75 متراً عن الأرض. مشيت في الهواء وشعرت بأني سألامس السماء، فتابعت طريقي نحو القمّة واستخدمت أحد المصاعد لأقترب منها أكثر.
في أقصى الشمال الغربي لحديقة «شان دو مارس» Champ De Mars، بالقرب من نهر السين، وعلى مستوى 33.5 متراً فوق سطح البحر وارتفاع 324 متراً وقفت متأملّة مدينة الحب والجمال، ألقي نظرات على مناظرها الخلاّبة ومعالمها الخالدة، وأبتسم لأقفال الحب التي علّقها العشاق على سياج البرج تعبيراً عن حبّهم الأبدي لتكون تذكارات دائمة...

انهيار جسر الفنون!
تسبّبت أقفال الحب أخيراً بانهيار جزئي لجسر الفنون الواقع على نهر السين، فالملايين الذين يزورون باريس يحرصون على وضع الأقفال على أطراف هذا الجسر. لكنه لم يستطع تحمّل المزيد من أمنيات الحب الأبدي وكان لا بد من استبدال الجزء المنهار بآخر خال من الأقفال.


صقر على مدرّجات ملعب Roland Garros
تزامنت زيارتي لباريس مع إنطلاق بطولة «رولان غاروس» لكرة المضرب التي تقام في أكبر ملاعب التّنس في فرنسا وأفضل ملعب ترابيّ في العالم، «استاد» الطيار الفرنسي Roland Garros، فزُيّن برج إيفل بكرة ضخمة كتب عليها اسمه، وحطّ صقر على مدرّجات ملعبه خلال إحدى مباريات الدورة التي حاز فيها الإسباني رافايل نادال المصنف أول عالمياً اللقب للمرة الخامسة على التوالي والتاسعة له في رولان غاروس.

أسواق الهواء الطلق بين الثقافة والتوفير
تعتبر أسواق المواد الغذائية القائمة في الهواء الطلق حول المناطق الباريسية، تجربة ثقافية وتقليداً منذ العصور الوسطى، ففي يومي الأربعاء والسبت من كل أسبوع، يفترش الباعة رصيف منطقة Iena المقابل لفندق شانغريلا بالمنتجات الطازجة من الجبن واللحوم والخضار وغيرها من المأكولات والأطعمة الموسمية اللذيذة.
وتعرض مجموعة مغرية من جميع أنواع الغذاء وتفوح روائح التوابل في الجو، وتباع الأكسسوارات والألبسة بأسعار مقبولة. ويفتح السوق من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الثانية بعد الظهر.

أين الدَرج؟!
تتميز باريس بتنوع وسائل المواصلات وجودتها ويعتبر المترو وسيلة التنقل المثلى فيها. ينقل يومياً ما يعادل 4.5 ملايين راكب وله 14 خطاً و380 محطة ويمتدّ لأكثر من 220 كلم ليكون ثاني أكبر خط مترو في أوروبا. وأول خطوة في استخدام المترو هي إيجاد المحطة!
لاستئجار سيارة يشترط على الشخص أن يكون قد أتمّ الـ18 عاماً إلى جانب حيازته رخصة قيادة سارية الصلاحية لقيادة سيارة في فرنسا.
وبعد يوم من اكتشاف مسرّات مدينة الأضواء ومن التسوّق في الأسواق المجاورة، اخترت الاستمتاع بتجربة النادي الصحي الريفي الفاخر في الفندق وبالسكون فيه الذي يجعله مكاناً مثالياً للاستجمام والاسترخاء.


نصيحة مني...

● لا تتركي باريس قبل أن تشربي قهوة بالكريمة على الرصيف.

● إياكِ وتصوير العازف في الطريق دون مقابل!

● السير هو الطريقة الفضلى عموماً لاستكشاف شوارع باريس، جرّبيها!

● أطلبي فاتورة استرداد الضريبة على القيمة المضافة التي دفعتها على البضائع المشتراة خلال إقامتك في فرنسا والتي تبلغ 20% من المتجر، واستعيدي 12% إلى 13% من قيمتها في المطار.

● أقصدي الأسواق والمراكز التجارية بين الساعة العاشرة صباحاً والثامنة مساءً من الإثنين إلى السبت، واستمتعي بالتسوّق في متاجر الشانزليزيه الكبرى يوم الأحد من الساعة الحادية عشرة صباحاً وحتى السابعة مساءً.

● إشتري الهدايا التذكارية من الباعة الجوّالين، واختاري القطع المميّزة من المحل التجاري في الطبقة السفلية من برج إيفل.


To Be Continued

CREDITS

إعداد: شكر خاص نقدمه إلى فندق شانغريلا باريس Shangri La Paris على حسن الضيافة