الصرع Epilepsy مرض يعرقل نجاح التلميذ المدرسي... ولكن!

الصرع, Epilepsy, طفل

22 يونيو 2013

على الرغم من أن نسبة المصابين بمرض الصرع بشكل عام قد تصل إلى 1% من السكان في مختلف الأعمار، فإن ذلك لا ينفي ضرورة معرفة طريقة التعامل مع مريض الصرع لا سيّما الطفل والمراهق على المستويين النفسي والجسدي، لما له من تأثير في أداء التلميذ الأكاديمي.
فكيف يجب على الأهل التعامل مع ابنهم المصاب بالصرع؟ وما الصعاب النفسية التي يواجهها؟ ولماذا يواجه التلميذ المصاب بالصراع تأخرًا مدرسياً؟ وما الطريقة المثلى لتفادي رسوب التلميذ أو تأخره عن زملائه.
« لها» حملت هذه الأسئلة وغيرها إلى الإختصاصية في التقويم التربوي لمى بنداق.

ما هي أعراض الصعاب النفسية عند الطفل المصاب بالصرع؟
في حالات الصرع البسيط قد يعاني الطفل اضطرابات في التركيز وعدم استقرار أو تأخرًا في اللغة، ولكن هذه الإضطرابات تكون عابرة.
فضلاً عن أن بعض الأدوية المضادّة للصرع قد تكون مسؤولة عن بطء النشاط الذهني عند الطفل. لذا فإنه في حاجة إلى وقت أطول للتفاعل مع بعض النشاطات المدرسية.
أما حالات الصرع الشديد الذي يؤدي إلى نوبات يصعب السيطرة عليها رغم العلاج، فقد تعيق النمو الذهني، والذاكرة والتركيز أوحتى اللغة والقدرات التعلّمية.
في هذه الحالة من الضروري إجراء فحص نفس- عصبي Neuropsychology بشكل دوري، أي الخضوع لمجموعة اختبارات دورية يقوم بها اختصاصي علم نفس الطفل والمراهق بغية تقويم الصعاب وتقديم المساعدة المناسبة للطفل.

ماذا يمكن الأهل القيام به؟
غالبًا ما يشعر أهل الطفل المصاب بالصرع بالذنب ويميلون إلى المبالغة في حمايته. عندها يطرح الطفل الأسئلة عن مرضه والمشكلات التي تتولد منه في حياته العائلية واليومية، وقد يتألم بسبب شعوره بالذنب.
لذا من الضروري الاستعانة بمعالج نفسي لمساعدة الطفل المصاب بالصرع على بناء ثقته بنفسه، وتعليمه مواجهة الحماية المفرطة والتصرّفات الإنزوائية، والكشف المبكر عن مؤشرات الإنهيار العصبي المحتمل، للحؤول دون حصوله.

ماذا عن المراهق المصاب بالصرع؟
الإضطرابات الذهنية المرتبطة بمرض الصرع شبه نادرة عند المراهقين. ورغم ذلك فإن المراهق المصاب بالصراع قد يعاني تأخرًا مدرسيًا واضطرابات في الشخصيّة، وإن لم يكن يتعرض لنوبات صرع، فقد يواجه صعابًا في حياته العملية.
فالمراهق المصاب بالصرع عليه أن يخضع لضغوط الحياة اليومية، وينقصه الاستقلال الذاتي في بعض النشاطات، وقد يبدو له أي تصرف إنكار أو إهمال لمرضه من الآخرين ظلمًا.
هذا الشعور بالإهمال غالبًا ما يكون سببه عدم التزام تناول الأدوية بشكل دوري مما يؤدي إلى نكسة وتراجع في العلاج.

في ما يتعلّق بالمدرسة هل صحيح أن التلامذة المصابين بالصرع غالبًا ما يواجهون فشلا مدرسيًا؟
صحيح، هذا جزء من نتائج المرض السلبية. التأخر المدرسي ليس سببه إعاقة ذهنية بل لأن التلميذ المصاب بالصرع غالبًا ما يتغيّب عن المدرسة. فضلاً عن أن لديه مشكلة في التركيز.
لذا على الأهل ألا يتردّدوا في استشارة اختصاصي نفسي أو طلب مساعدة التلميذ في البقاء في مدرسة عادية.
ولكن إذا كانت هذه المسألة مستحيلة فهناك مدارس فيها أقسام خاصة لمثل هذه الحالات. ودور العائلة مساعدة طفلهم للحد من التأخر المدرسي.

ما هي التدابير التي على الأهل اتخاذها عند إرسال الطفل المصاب بالصرع إلى المدرسة؟
هناك تدابير على الوالدين اتخاذها حتى قبل لقاء الأساتذة والإدارة، استعداداً لدخول ابنهم المصاب بالصرع إلى المدرسة:

  • أن يكون لدى الوالدين المعلومات الكافية عن مرض الصرع ونتائجه السلبية المحتملة على التعلّم، وعلى السلوك والتكيف العاطفيين والإجتماعيين. وعليهما أن يدركا أن الإصابة بالصرع تختلف من طفل إلى آخر، بحسب ما إذا كان يوجد تشوّه دماغي وبحسب درجة الصرع وتتالي النوبات ونوع الأدوية المضادة للصراع. فأحد هذه العوامل يمكن أن يكون له تأثير في عملية تعلّم التلميذ. فعندما يدرك الوالدان حاجات طفلهما يصبح في إمكانهما حماية مصلحته ليحوز نوع المساعدة المطلوبة في المنهج المدرسي.
  • طلب النصح من أشخاص لديهم تجربة مع مرض الصرع. وقد يكون الطبيب المعالج، أو أهل مرّوا بالتجربة نفسها، فهم في إمكانهم المساعدة في طرح الأفكار التي تساعد الوالدين وتوجيههما في التعامل مع النظام المدرسي، وإن كانت مشكلة أطفالهم مختلفة عن مشكلة طفلهما المصاب بالصرع.
  • أن يكون الوالدان حاضرين لتحقيق حاجات طفلهم المصاب بالصرع. فقد يصعب أحيانًا تغيير المنهاج المدرسي من أجل الإستجابة إلى حاجة الطفل التربوية. وقد يقومان بكل بساطة الطلب من المدرّس بإطالة مدة الإمتحان بما يتلائم مع قدرات الطفل. وكذلك يمكن الطلب من اختصاصي علم نفس الطفل والمراهق واختصاصي النفس- عصبي بوضع توصية تتضمن تقويم لحالة التلميذ.
  • الحصول على رسالة من طبيب الأعصاب تصف حالة التلميذ والتعليمات التي يجب اتخاذها في حالة حصول نوبة صرع في المدرسة، وإعطاء نسخ منها لمدير المدرسة والأساتذة وممرضة المدرسة.

 

ما هي أنواع الصعاب التعلميّة التي يواجهها التلميذ المصاب بالصرع ؟
من المعلوم أن الصرع يؤدي إلى خلل في طريقة اتصال خلايا المخ.
وبما أن التعلّم ومعالجة المعلومات والذاكرة كلها ناتجة عن اتصال الخلايا، فإن الصرع يؤثر بشكل مباشرفي العملية التعلمية. وذلك تبعًا للمنطقة المصابة.
عندما يكون الصرع في الفص الصدغي الأيسر من الدماغ فإن اللغة والمهارات الكلامية والحسابية قد تتأثر، وكذلك مهارات أخرى مثل تمييز ما يسمع وتذكره.
وقد تكون هذه المشكلة متقطعة الظهور بحسب الفترة التي يتزامن فيها حدوث نوبة الصرع.
عندما تكون الإصابة بالصرع في الجزء الأيمن من الدماغ فإن التأثير سوف يقع على ناحية إدراك الأشكال والنماذج.
وقد يسيء التلميذ المصاب فهم الرموز الحسابية وقد يجد صعوبة في التقاط التلميحات البصرية في المواقف الاجتماعية وقد ويجد صعوبة في القيام بالنشاطات الرياضية.
بعض الأدوية لها تأثير مسكّن (منوم) مما يجعل الطالب يواجه صعوبة في إكمال الامتحان في الوقت المحدد مثل بقية زملائه.
فهو قد يعرف الأجوبة ولكنه يحتاج إلى وقت أطول لكتابتها.
ومن الممكن التغلب على هذه المشكلة وتحسين الأداء الأكاديمي للطالب عن طريق إعادة تقييم العلاج أو تغيير أوقات تناول الدواء (إذا سمح الطبيب) أو زيادة الوقت المخصص للامتحان.

هل من الضروري معرفة المدرسة والمعلمين بالأدوية التي يتناولها تلميذ يعاني من الصرع؟
بالطبع، ويجب أن يطلبوا من الأهل تقارير دورية مفصلة من الطبيب المعالج حول حالته الصحية، والأدوية التي يتناولها ومدى تقدم أو سوء حالته.
وفي معظم الحالات نرى أن التلميذ يعاني من التأثيرات الجانبية للدواء ويتطلب فترة تحديد الجرعة والدواء الفعال وقتًا طويلاً.
لذا فمعرفة المعلمين بذلك يساعدهم في فهم سلوكيات التلميذ ومساعدة الأهل والطبيب في تحديد فعالية الدواء من عدمه.

ماذا عن النشاطات الرياضية؟
يمكن تلميذاً مصاباً بالصرع أن يمارس كل أنواع الرياضات، ولكن الرياضات البحرية كالسباحة يجب أن يكون برفقته أحد، فلربما أصيب الطفل أو المراهق بنوبة أثناء السباحة مما قد يؤدي إلى غرقه، لذا من المستحسن مراقبته عن قرب أثناء ممارسته هذا النشاط.

ماذا عن الأخوة في المنزل؟
من الضروري أن يكون الأخوة على دراية بمرض أختهم أو أخيهم، ويتعلّموا كيفية طلب المساعدة إذا أصيب بنوبة صرع، وأن يكونوا ملمّين بالإرشادات التي يعطيها الطبيب حتى يعرفوا التعامل مع نوبات الصرع عند حدوثها.}


هل يمكن أن يحد هذا المرض من أن يصبح المريض عضوًا فعالاً ومنتجًا في المجتمع؟

أبدًا، خصوصًا بعد التطور في العلاج الدوائي، فمعظم الحالات يمكن السيطرة عليها بشكل تام، والتاريخ أعطانا العديد من المشاهير الذين يعانون الصرع، ومنهم يوليوس قيصر، والكاتب دويستوفسكي، والرسام فان غوغ، جميعهم كانت لديه حالة الصرع ولم تؤثر في إبداعاتهم.

وفي عصرنا هذا نجد

من الممثلين: Bud Abbot من الثنائي Abbott and Costello وDanny Glover ممثل ومخرج، وMargaux Hemingway الممثلة وعارضة الأزياء.

 من القادة والسياسين: لينين، Caligula الإمبراطور الروماني، Prince John of the United Kingdom الأبن الأصغر للملك جورج الخامس، و Neil Abercrombie حاكم جزيرة هاواي.

 من المغنين: Gimmy Reed مغني البلوز الشهير، و Prince المغني الأميركي الذي تناول حالته في اغنية «The Sacrifice of Victor».

 من الرياضيين: Greg Walker و Buddy Bell من أهم لاعبي البيسبول، ولاعب الركبي الأوسترالي الشهير Wally Lewis، والسبّاح Davis Tarwater.


معلومات مفيدة

هناك أنواع متعددة من الصرع بأعراض مختلفة، لكل منها أسبابه وطرق تشخيصه، ويمكن معرفة الأسباب في 25% من حالات الصرع، أما بقية الحالات فتبقى مجهولة الأسباب.
ويصيب الصرع الصبية بنسبة أكثر بقليل من البنات. وأكثر من 30% من الحالات لا يمكن السيطرة عليها مهما كان العلاج الدوائي، وأكثر من 80% من حالات الصرع موجودة في البلدان النامية.