رغم الشهرة والأضواء: النجوم في فخ الاكتئاب!

الاكتئاب, مصر, ميرنا المهندس, رزان مغربي, درة, عبير صبري, أحمد الفيشاوي, رامي صبري, مي سليم, طارق الشناوي, هالة حماد, الشهرة, الأضواء

30 أغسطس 2014

لم يكن الممثل الأميركي المبدع روبن وليامز النجم الوحيد الذي اختار الانتحار نهاية لحياته، وهو ما يجعلنا نتساءل: هل النجوم أكثر عرضة من غيرهم لمرض الاكتئاب؟ وهل ابتعاد الأضواء عن النجم في مرحلة ما من حياته يمكن أن يصيبه بأمراض نفسية؟


في البداية تقول الفنانة درة: «البعض يعتقد أن الفنان حياته مرفهة لا تخلو من السعادة والإحساس بالاستقرار، لكن هذا الاعتقاد خاطئ، فالفنان معرض للضغوط أكثر من أي شخص آخر، والعمل في هذا المجال ليس سهلاً على الإطلاق بل مليء بالصعاب، ولذلك أعتقد أن الفنانين أكثر عرضة للإصابة بمرض الاكتئاب من غيرهم، خاصةً أن الفنان إنسان حساس للغاية، وتركيبته النفسية تجعله يصاب بالاكتئاب الشديد». وتضيف: «من الممكن أن يصاب الفنان بالاكتئاب بسبب دور قدمه أثر به، وهذا حدث معي أثناء تصوير «سجن النسا»، حيث أصابتني شخصية دلال التي جسدتها بالاكتئاب الشديد بسبب ظروفها».


غياب الخصوصية

وتقول رزان مغربي: «البشر بجميع فئاتهم وأعمارهم معرضون للإصابة بمرض الاكتئاب بسبب ضغوط الحياة ومشاكلها التي لا تنتهي، لكني أتفق بشدة مع الآراء التي تؤكد أن الفنانين أكثر عرضة للإصابة بمرض الاكتئاب ولأسباب كثيرة ومختلفة، أهمها افتقادهم الخصوصية ورغبتهم الدائمة في تحقيق النجاح والبقاء في القمة والحفاظ على نجوميتهم، الأمر الذي يجعلهم يدخلون في منافسة مستمرة لتحقيق مزيد من النجاح، فالإصابة بالاكتئاب أصبحت أمراً طبيعياً، لكن الخطورة تكمن في صعوبة الخروج منه، فأنا أصبت بالاكتئاب كثيراً بسبب ضغط العمل وغياب الخصوصية، لكني نجحت في تخطي هذه الأزمة بعدم الجلوس وحدي فترات طويلة، فالتخلص من الاكتئاب له طرق عديدة، منها الذهاب إلى طبيب نفسي، وهذا ليس عيباً، بالإضافة إلى ضرورة اختيار أصدقاء من خارج الوسط الفني حتى يبتعد الكلام معهم عن الفن، وأخيراً اختيار شريك حياة يوفر السعادة والاستقرار».


العمل والحياة الخاصة      
  

وتقول مي سليم: «هناك الكثير من الفنانين أصيبوا بمرض الاكتئاب بسبب ضغوط العمل وصعوبة الخروج من عباءة الشخصيات التي يجسدونها، لكن الحمد لله هذا المرض لم يصبني حتى الآن، لأنني أعرف جيداً الفصل بين عملي وبين حياتي الخاصة، والتخلص من هذه الضغوط فور الخروج من موقع التصوير.


اعتراف

ويقول رامي صبري: «أعترف بأنني أشعر بالاكتئاب في بعض الأحيان، وأعتقد أن هناك الكثير من الفنانين يعانون منه، لكن بدرجات مختلفة. والسبب لا يرجع إلى ضغوط العمل، لكن لأن هذه المهنة تتطلب منا الظهور أمام الجمهور على أكمل وجه، والحفاظ على ابتسامتنا باستمرار، وعدم رفض التصوير مع أحد، رغم أنه من الممكن أن يكون الوقت غير مناسب للتصوير، بالإضافة إلى غياب الخصوصية الكاملة. لكن أن يصل الاكتئاب إلى التفكير في الانتحار أمر خطير ولا يفكر فيه إلا الأشخاص الذين فقدوا القدرة على التفكير».


استفزاز

وتقول ميرنا المهندس: «معظم الفنانين يصابون بمرض الاكتئاب في فترة ما، والسبب لا يرجع فقط إلى أن تركيبتهم النفسية تجعل مشاعرهم وعواطفهم تتحكم في كل شيء في حياتهم، بل هناك إلى جانب ذلك افتقادهم الخصوصية طوال مشوارهم الفني، فهذا الأمر يجعلهم يشعرون بالاكتئاب، وتتحول حياتهم إلى حياة مملة تسيطر عليها التعاسة. فالفنان يفاجأ بشكل مستمر بخروج شائعات مستفزة تتعلق بحياته الخاصة وبأسرته، وهذا الأمر يجعله يصاب بمرض الاكتئاب».

وتضيف: «لا أنكر أنني أصبت بمرض الاكتئاب لفترات طويلة، لكني نجحت في مواجهته والتخلّص منه عبر الصلاة وذكر الله لمواجهة هذا الابتلاء، ولكن فكرة الانتحار لم تخطر على بالي لأنني مؤمنة وألجأ إلى الله عز وجل كلما شعر قلبي بالضيق أو الحزن، وأتغلب على الاكتئاب بالصلاة».


أحداث العنف
        

وتقول عبير صبري: «أحداث العنف التي شهدتها مصر والوطن العربي خلال الفترة الأخيرة جعلت كل مواطن عربي يصاب بالاكتئاب، فما رأيناه من أعمال إرهابية فاق كل حدود توقعاتنا. كل ما أريد قوله من هذا الكلام إن ضغوط العمل التي يعاني منها الفنان ليست السبب الوحيد وراء إصابته بالاكتئاب، فالفنان أو المبدع شخص حساس، لذلك يتأثر بأي حدث حزين يقع سواء على المستوى الشخصي أو المهني أو العام». وتضيف: «من الأسباب الهامة لإصابة الفنان بالاكتئاب أكثر من غيره الشائعات الكاذبة التي يسمعها بشكل يومي عن حياته الخاصة، فهذا الأمر مزعج وسخيف. ويصعب علي أن أصف مدى استيائي عندما أسمع خبراً كاذباً يتعلّق بحياتي الخاصة، فأصاب بحالة من الاكتئاب، لكن الأمر لم يصل إلى التفكير في الانتحار، فالانتحار شيء لا يمكن أي شخص أن يفكر فيه سوى من فقد عقله».


وباء

يخالف الفنان أحمد الفيشاوي الآراء السابقة ويقول: «كل البشر معرضون للإصابة بمرض الاكتئاب، ولا يمكن أن نؤكد أن الفنانين أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض النفسي الخطير. وهناك دراسات كثيرة قرأتها تؤكد أن نسبة الإصابة بالاكتئاب تزداد يوماً بعد يوم، وكثيراً ما نسمع أخباراً تؤكد انتحار أطباء ومهندسين ورجال أعمال وأيضاً فنانين، وآخرهم النجم روبن وليامز، فالاكتئاب كالوباء الذي يمكن أن يصيب جميع الفئات والأعمار».


فقدان النجومية

«نعم، الفنانون أكثر عرضة للإصابة بمرض الاكتئاب»، بهذه الكلمات بدأ الناقد طارق الشناوي حديثه، وأضاف: «التركيبة النفسية للمبدع تجعله أكثر عرضة للإصابة بمرض الاكتئاب، بل يمكنني القول إنه كلما كان المبدع ناجحاً ومشهوراً زادت احتمالات إصابته بالاكتئاب، لعدة أسباب أبرزها فقدان جزء من النجومية أو عدم الاحتفاظ بالقمة، فعندما يفشل الفنان في أي خطوة فنية بعد وصوله إلى القمة يصاب بالاكتئاب الشديد. ويصبح الخروج من هذه الحالة أمراً صعباً، بالإضافة إلى صعوبة الخروج من عباءة الأدوار التي يقدمها، وتأثره بالشخصيات التي يجسدها إلى درجة التوحد معها، وأتذكر أن الفنان الراحل أحمد زكي كان من أكثر الفنانين الذين أصابهم الاكتئاب بسبب تقمصه للأدوار التي يجسدها، ففي فيلم «زوجة رجل مهم» على سبيل المثال أصيب بالاكتئاب وبمرض القولون أيضاً، وعندما ذهب للطبيب أكد له أن سبب مرضه هو تأثره بالشخصية التي قدمها من خلال الفيلم».

ويكمل الشناوي: «الانتحار يكون نتيجة حتمية عندما يصل الإنسان لمرحلة متأخرة في الاكتئاب بدون علاج أو محاولة للتخلص منه، فالإنسان لا يجد أمامه سوى قتل نفسه لكي يحرر روحه من الاكتئاب الذي ملأ حياته، وهذا ما حدث مع الفنانة سعاد حسني، فرغم ما قيل عن قتلها إلا أنني أعتقد أنها انتحرت بعد أن أصيبت بمرض الاكتئاب ووصوله لمرحلة خطيرة».


غياب الأضواء

أما هالة حماد، استشارية الطب النفسي فتقول: «الفنانون والمبدعون أكثر عرضة للإصابة بمرض الاكتئاب، لأن حسهم عالٍ ومشاعرهم تتحكم بهم طوال الوقت، وهذه المشاعر يستخدمونها ويعبرون عنها من خلال التمثيل والغناء والموسيقى والكتابة والرسم، ولذلك عندما يكبرون في السن وتقل نجوميتهم وتبتعد عنهم الأضواء يبدأ الاكتئاب في السيطرة عليهم ويصعب التخلص من هذا المرض، لأنهم اعتادوا على حياة الشهرة والنجومية واعتادوا أن تلقى الأضواء عليهم باستمرار، لذلك تركيبتهم النفسية التي تتحكم بها المشاعر يصعب عليها إدراك شكل حياتهم الجديدة وابتعادهم عن الأضواء ولذلك يصابون بالاكتئاب ومن الممكن أن يصل إلى مرحلة صعبة يفقد من خلالها المريض الأمل في الحياة ويعتقد أن الشعور بالسعادة أمر مستحيل، لذلك يلجأ إلى الانتحار».

 وتضيف: «الدراسات تؤكد دائماً أن نسب الانتحار في الدول الأوروبية وأميركا أكبر بكثير من نسب الانتحار في مصر، والسبب في ذلك يرجع إلى التمسك بالدين، والدور المهم الذي تلعبه المؤسسات الدينية لكي تجعل الإنسان حريصاً على اللجوء إلى الله كلما شعر بالحزن أو الضيق أو واجهته مشكلة في حياته».