السمنة لدى الطفل... مرحلة تسبق أمراضاً كثيرة

السمنة, الطفل, طفل / أطفال, السكر, أطعمة, مأكولات / أطعمة, مأكولات / أطعمة دسمة

29 أغسطس 2014

بعد ارتفاع نسبة الأطفال الذين يعانون السمنة بمعدل 3 أضعاف في السنوات الـ 30 الماضية، لا يمكن إلاّ أن نعتبرها ظاهرة خطيرة لا بد من أن يوليها المجتمع ككل اهتماماً خاصاً.
 
مما لا شك فيه أن العامل الوراثي يلعب دوراً في بدانة الطفل، لكن هذا لا يعني أنه يحكم على الطفل بالسمنة دون إمكان تخطي ذلك، بل يمكن أن يعمل الأهل على تخطي ذلك باتباع نظام غذائي صحي مع الطفل من أولى مراحل حياته وتعليمه أسس النمط الصحي وتشجيعه على ممارسة الرياضة، إضافةً إلى عوامل أخرى يمكن العمل عليها لتحمي الطفل من البدانة وما يليها من أمراض.
فمشكلة البدانة لدى الطفل ليست جمالية فحسب، بل غالباً ما تكون مرحلة سابقة لظهور أمراض كثيرة كالسكري وأمراض القلب وارتفاع مستويات الدهون وغيرها من المشاكل التي لا يمكن انتظار ظهورها لأن الأوان يكون قد فات.
وهنا يبرز أيضاً دور المدرسة الأساسي في العمل على تعليم الطفل السلوكيات الصحيحة وتشجيعه على ممارسة الرياضة واتباع نمط حياة صحي بعيداً عن كل الوسائل التي تدفعه باتجاه السمنة.
هذا مع أهمية التشديد على الحد من وجود الأطعمة المسببة للسمنة في المدارس ليبتعد عنها الطفل شيئاً فشيئاً ويعتاد البدائل الصحية.
اختصاصية التغذية الصحية اللبنانية شيرمين بحوث تحدثت عن هذه الظاهرة الخطيرة المنتشرة بكثرة بين الأطفال وعن السبل الصحيحة للتصدي لها تدريجاً، مشيرةً إلى ظهور مؤشرات معينة لدى الطفل السمين تستدعي الانتباه لكونها قد تنذر بارتفاع احتمال إصابته بمتلازمة الأيض ومرض السكري مستقبلاً. من هنا أهمية التدخل في الوقت المناسب قبل أن يقع الطفل ضحيةً للمرض.


متى يمكن التحدث عن وجود مشكلة سمنة لدى الطفل؟ ومن هو الطفل السمين؟
ارتفعت نسبة الأطفال الذين يعانون السمنة أكثر من ثلاثة أضعاف في السنوات الـ 30 الماضية. مما يشكل ظاهرة خطيرة تستدعي الاهتمام.
لكن لا بد هنا من توضيح الفرق بين الوزن الزائد والبدانة. فالوزن الزائد هو زيادة الوزن بالنسبة إلى الطول ويمكن أن تكون زيادة في الدهون أو العضلات أو العظام أو بنسبة الماء في الجسم أو مزيجاً من هذه العوامل.
أما السمنة فهي زيادة بنسبة الدهون في الجسم وهي الأكثر خطورة. ويعتبر المهنيين في مجال الرعاية الصحية أن الطفل السمين هو الطفل الذي يتجاوز وزنه الـ 20% من الوزن المحدد لسنّه.

ما طريقة القياس المعتمدة للتأكد ما إذا الطفل يعاني السمنة؟
المعيار المعتمد لتحديد السمنة عند البالغين هو الـ BMI، ولكن استخدامه للأطفال لا يعتمد دائماً. حيث تشير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) إلى مستويين من الزيادة التي تدعو إلى القلق على أساس مؤشر كتلة الجسم بالنسبة إلى العمر أو الوزن لمخططات العمر(CDC CHARTS) . فالمستوى الأول وهو ٨٥ في المئة وما فوق وهنا يكون الطفل في خانة الوزن الزائد.
أما المستوى الثاني فهو ٩٥ في المئة وما فوق وهنا يكون الطفل في خانة السمنة. وثمة معيار آخر هو محيط الخصر. ويرتبط هذا القياس لدى الطفل أو المراهق بشكل وثيق بالأخطار المستقبلية في ظهور السكري من النوع الثاني والمضاعفات ذات الصلة مع متلازمة الأيض كارتفاع ضغط الدم والكوليسترول أو مستويات الدهون الأخرى أو الإصابة بنوبة قلبية والسكتة الدماغية والأضرار التي تلحق بالعينين والقلب والكليتين. فأي قيمة تزيد عن الـ 90 في المئة بالنسبة إلى العمر والجنس تحمل معها أعلى درجة من الأخطار.

ابتداءً من أي سن تتحوّل السمنة إلى مشكلة فعلية لا بد من التصدي لها؟
يمكن إعتبار الطفل سميناً إعتباراً من سنواته الأولى ولكن الخطورة تكمن مع إقتراب الطفل من المراهقة مع هذه المشكلة فتصبح خطرة جداً مع اقترابه من سن الرشد.

هل ظهور السمنة لدى الطفل يعني أنها ستكبر معه وستبقى موجودة عندما يصبح راشداً؟ وهل يمكن معالجتها بحيث لا يعود لها أي وجود في سن الرشد؟
أثبتت الدراسات أن الطفل السمين الذي تراوح سنه بين ١٠-١٣ سنة هو عرضة بنسبة ٨٠٪ لأن يصاب في سن الرشد بالسمنة المفرطة. لكن مما لا شك فيه أنه يمكن تجنب ذلك بحفاظ الأهل على وزن الطفل الصحي من صغره وإخضاعه لنظام غذائي مناسب لسنه وتخليصه من الوزن الزائد قبل بلوغه المراهقة والرشد.

هل وجود المشكلة لدى الأهل يعني انتقالها حتماً إلى الطفل أم يمكن تخطي العامل الوراثي بوسائل أخرى؟ وهل العامل الوراثي يعتبر أهم من الإفراط في الأكل كمسبب للسمنة، خصوصاً أننا نرى أطفالاً يفرطون في الأكل ولا تزيد أوزانهم؟
إن العوامل الوراثية لها تأثير كبير خصوصاً إن كانت السمنة تجري في العائلة فيصبح خطر الإصابة بها أكبر. ولكن العوامل الوراثية وحدها لا تؤدي إلى السمنة إذا إنتبه الأهل لوزن الطفل من صغره. في الوقت نفسه يجب التنبه لعوامل أخرى قد تعرض الطفل للإصابة بالسمنة كالعادات الغذائية غير الصحية والعوامل الإجتماعية وقلة الحركة.

إلى أي مدى يمكن أن تشكل السمنة في الطفولة خطراً في زيادة احتمال الإصابة بالسكري لاحقاً؟
تكمن المشكلة الأساسية في السمنة لدى الأطفال في نسبة الدهون التي تتجمع في منطقة البطن والتي تؤدي إلى مقاومة الإنسولين وإلى بلوغ ومرحلة ما قبل السكري. وهنا يمكن عكس هذه المشاكل قبل الوصول إلى مرض السكري أو متلازمة الأيض.
كما يجب الإشارة إلى بعض المشاكل الصحية التي تؤدي إليها بدانة الأطفال كالربو وداء السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول وفشل في وظيفتي القلب والكبد الدهني ومشاكل في العظام والمفاصل. أما المشكلة الرئيسية فهي متلازمة الأيض.

هل من مؤشرات معينة تظهر لدى الطفل وتشكل إنذاراً لكونه قد يصاب بالسكري لاحقاً؟
تؤدي البدانة في محيط الخصر إلى مقاومة الأنسولين. في هذه المرحلة يمكن إجراء فحوص مخبرية لكشف مستوى الانسولين في الدم ومعدل السكري في حال كان الطفل قد وصل إلى مرحلة ما قبل السكري.
أيضاً هنالك مؤشر جلدي يدعى شواك الأسود(Acanthosis Nigricans) هو مرض جلدي يتميز بسماكة الجلد وظهور لون داكن مناطق معينة من الجسم تحديداً في منطقة الرقبة والإبط ومناطق أخرى عند الثنيات.
لكن تكمن المشكلة في أنه لا يعلم كل العاملين في هذا المجال بهذا المرض أو المؤشر رغم انتشاره الواسع وأهميته للكشف المبكر عن الأمراض الأيضية والحد منها.

هل يمكن تخطي هذه المؤشرات ومحاربة المرض قبل فوات الأوان في حال اكتشافها في مرحلة مبكرة؟
بقدر ما تتم ملاحظة المشكلة والكشف عن الأعراض في مرحلة مبكرة أكثر، يسهل إبعاد مرض السكري ومتلازمة الأيض. علماً أن العلاج يكمن بإتباع نظام غذائي مناسب لسن الطفل وحاجاته وممارسته الرياضة.

يصعب حرمان الطفل من الأكل، خصوصاً أن بعض الأطفال يتميزون بشراهة في الأكل ويعجزون عن السيطرة على أنفسهم عند رؤية الأكل، ما الوسائل الفضلى لمساعدة الطفل على استيعاب فكرة النظام الغذائي الصحي؟ وهل يجب منع الطفل السمين من تناول الحلويات والسكاكر وغيرها من الأطعمة الغنية بالوحدات الحرارية؟
يختلف النظام الغذائي للولد الذي لم يبلغ سن الرشد كلياً عن النظام الغذائي للراشد. إذ لا يمكن حرمان الطفل من أي مجموعة غذائية فكلها ضرورية لنموه. كما أنه يجب عدم منع الطفل من أي من المأكولات حتى الحلويات والسكاكر لكن يمكن أن يتناولها بكميات معتدلة.
في البداية يجب على الطفل أن يفهم خطورة الوضع الذي هو فيه وأن يعلم أهمية الخضوع للعلاج المناسب. كما أنه يجب على الأهل مساعدة الطفل واستيعابه وإفهامه تدريجاً التغيرات اللازمة. ويجب على الطفل أن يعلم أنه لا يخضع لنظام غذائي قاس إنما إلى تغييرات في النمط الغذائي.
ويجب الحد من كمية الطعام تدريجاً والقيام ببعض التغييرات شهرياً ولا يمكن تغيير نظامه المعتاد دفعة واحدة . هذه هي الطريقة الأصح للوصول إلى الغاية المنشودة بشكل تدريجي.

ما النصائح الذهبية التي تسمح بالسير على الطريق الصحيح في محاربة السمنة لدى الأطفال؟

 تلعب المدرسة دوراً حاسماً عن طريق إنشاء بيئة آمنة وداعمة توفر الفرص للتلاميذ للتعرف على الأكل الصحي وممارسة النشاط البدني واعتماد السلوكيات الصحيحة.

 تلعب الرضاعة الطبيعية دوراً أساسياً للحد من احتمال إصابة الطفل بالسمنة لاحقاً.

 يجب على الأهل متابعة نظام الطفل وتفهمه وعدم إنتقاد سلوكه.

 يجب أن ينصح الأهل الطفل بالحد من مشاهدة التلفزيون واللعب على الكومبيوتر.

 يجب تشجيع الطفل على ممارسة الرياضة يومياً ما لا يقل عن ساعة وعلى ممارسة النشاطات الإجتماعية. - يجب ألا يقسو الأهل على أطفالهم بمنعهم من تناول الحلوى والتشيبس، خصوصاً في الحفلات الإجتماعية. يجب إفهام الطفل مدى أهمية تناول الخضر والفاكهة والأطعمة الصحية عموماً.

 يجب على الأهل تناول الطعام الصحي مع أطفالهم ليكونوا مثالاً جيداً لهم.

 يجب تعليم الطفل مضغ الطعام جيداً وتناوله ببطء.

 يجب عدم التغاضي عن فكرة أن للولد حاجات إجتماعية ويجب إحترام رغبته في تناول بعض الحلويات بكمية معتدلة يومياً.

 يجب أن تعمل العائلة كلّها للوصول إلى الهدف بالتعاون مع اختصاصية التغذية.

 

 في أي سن يمكن البدء بإعطاء الطفل السكاكر والحلوى والتشيبس؟ وهل ينصح بتأخيرها كثيراً للحد المشاكل التي قد تنتج عن تناولها؟

كلما تم تأخير هذه الأطعمة كان أفضل وخصوصاً أن الطفل يميل إليها وقد تصبح أهم من الوجبة الأساسية له. يمكن إدخال الحلويات تدريجاً في سن لا تقل عن ٧ سنوات.

 

أيّ أطعمة صحية يمكن أن يلجأ إليها الطفل عند الرغبة بالأكل كوجبات صغيرة في المنزل أو في المدرسة؟

ثمة أطعمة صحية كثيرة هي لذيذة أيضاً ويمكن أن يتناولها الطفل كالعصير الطازج والمهلبية والكاسترد والمغلي والكيك المحضر في البيت وسلطات فاكهة والموز والعسل والقشطة مع العسل.