السعودية تتصدّر دول الشرق الأوسط في نمو التجارة الإلكترونية

السعودية, الغرفة التجارية الصناعية في جدة, التسوق الالكتروني, السلع الغذائية

14 سبتمبر 2014

أورد التقرير الحديث الصادر عن الغرفة التجارية الصناعية في جدة، أن السعودية تتصدر قائمة دول الشرق الأوسط في نمو التجارة الإلكترونية، وأن 3.5 ملايين شخص في السعودية يستخدمونها، ويمثلون 14.6 في المئة من مجمل سكان البلاد. وقد سجلت  النساء النسبة العظمى من مستخدميها في السعودية، سواء في البيع أو الشراء. وتستحوذ المملكة مع الإمارات على نحو 70 في المئة من حجم التجارة الإلكترونية في المنطقة. إلا أن المستهلك السعودي ما زال يحتاج لتوعية تقنية، والعمل على تقوية البنية التحتية لمكملات التسوق الإلكتروني، والسعي إلى سنّ قوانين تحمي المستهلك عبر التجارة الالكترونية في حال الغش والتدليس، لحض المجتمع على  تقبّل التقنيات الجديدة، ومواكبتها، والتي توفر لهم الكثير من الوقت، والجهد. «لها» تستعرض في هذا التحقيق أهمية التسوق الالكتروني في السعودية، من خلال آراء، وتجارب البعض، آخذة برأي أصحاب الاختصاص في هذا الأمر.
 

القحطاني: سوبر ماركت إلكتروني يوفر كل السلع الغذائية والمواد التموينية للمستهلك

وُلدت تجربة إنشاء أول سوبر ماركت إلكتروني على الشبكة الالكترونية، بعد مشاهدات شخصية من عبد الرحمن القحطاني، صاحب هذه الفكرة، والتي تمثلت في «الازدحام، وكثرة المشاغل التي تربط رب الأسرة، إضافة إلى عمل المرأة، وعدم تفرغ أفراد الأسرة في تمضية الوقت لشراء كل ما يحتاجونه من مستلزمات، وسلع غذائية. أضف إلى ذلك أن السوبر ماركت  أمر ضروري لكل منزل، وعِوضاً عن تضييع الوقت في الذهاب لهذه المتاجر التقليدية، ارتأيت إنشاء سوبر ماركت الكتروني، يستطيع المستهلك من خلاله طلب السلع والمواد التي يريدها عن طريق الموقع، وتصلهم للمنزل بحسب الوقت الذي يحدده المستهلك على الموقع».

بدأ القحطاني عمله في هذا السوبر ماركت، منذ سنتين ، فكان يحوي الموقع مواد غذائية، وتموينية، من خضار وفاكهه، واحتياجات منزلية، «هو متجر إلكتروني يشبه الكثير من المتاجر التقليدية، يحوي كافة البضائع،  والسلع التي يحتاجها المستهلك السعودي».
وعن العوائق التي واجهت هذا المشروع في بداية إنشائه أشار القحطاني إلى أن « تقبل المجتمع للفكرة، في بداية الأمر كان يُشكل عائقاً، إضافة إلى أن المستهلك، يفضل شراء المنتجات الملموسة، والمعروفة لديهم، من خلال تجربتهم لها، خاصة في ما يتعلق بالخضر، واللحوم، والدجاج، وغيرها. وحرصنا في بداية المشروع على اكتساب ثقة العميل، من ناحية السلعة، وكسب ثقته من ناحية الالتزام بالتوصيل، في الوقت المحدد».

 وحول آلية التوصيل ذكر القحطاني أن العميلة تتم كالتالي: «يدخل المستهلك الموقع، ويضع إشارة على المنتجات والسلع الغذائية التي يحتاجها، ومن ثم يختار وقت التوصيل، وإن لم  يحدد تصل إليه المشتريات خلال ثلاث ساعات من الطلب. كما نتجنب الدخول في سلبيات التسوق الالكتروني، المتمثلة في التأخر في تسليم الطلبات، ووقوع بعض الأخطاء التي قد تُزعج المستهلك، كأن تصل السلعة خاطئة، أو متضررة، وما إلى ذلك».
وفي ما يخص التكلفة، قال القحطاني. إن «الأسعار مقاربة لأسعار السلع في السوبر ماركت التقليدي. والدفع يتم عند التوصيل فقط». 


بركات: التسوق التقليدي يُعدل المزاج بنسبة تفوق التسوق الالكتروني

نور بركات موظفة في القطاع الخاص، تجد في الأسواق التقليدية متنفساً لها، تقول: «التسوق بديل للتنزه والترفيه، ووسيلة تخفف الضغوط النفسية التي نتعرض لها خلال يومنا، ويُعدل المزاج بنسبة أكبر من التسوق الالكتروني، خاصة عندما تتاح أمامك  خيارات متعددة، بألوان مختلفة، إضافة إلى الجدال مع البائع حول سعر القطعة... كل ما ذكرت لا يمكن أن يتوافر في موقع للتسوق الكترونياً. وأرى أن الرجال هم الأكثر استخدماً للتسوق الالكتروني، فزوجي الكسول يجد في موقع كـ نمشي، وسوق دوت كوم، كل ما يحتاجه دون أن يُكلف نفسه عناء الذهاب والتجول بين المحلات. ومن وجهة نظري الشخصية، أجد أن دعوة إحدى الصديقات، والذهاب إلى السوق، أو المول، وصفة جيدة لتعديل المزاج».


الدحيلان: أحرص على شراء أحدث الأجهزة الإلكترونية

قالت مريم الدحيلان، موظفة، إنها تفضل شراء فساتين الحفلات والمناسبات من المواقع الأجنبية التي «تعرض أرقى الأسماء العالمية لأشهر مصممي الأزياء،  بالإضافة  إلى حرصي على شراء أحدث الأجهزة الإلكترونية قبل وجودها في السوق المحلي». وأكدت أن «فرق السعر  يلعب دوراً كبيراً خاصة في فساتين الحفلات، حيث يصل فرق السعر إلى 4000 ريال أحياناً».
وحول المشاكل التي قد تحدث معها عند التسوق الكترونياً، أشارت الدحيلان إلى أن «بعض مواقع التسوق العالمية لا تقبل إلا بطاقة ائتمان معينة لإتمام عملية الشراء، فاضطررت لفتح عنوان بريد محلي، في إحدى الدول الأجنبية، حتى يتم توصيل الطلبات إليه، ومن ثم  يقوم مكتب البريد بإرسال البضاعة إلى السعودية، عن طريق شركات البريد الكبرى. ولكن ذلك لا يستغرق أكثر من أسبوع وأحياناً ثلاثة أيام.  كما أنني أواجه مشكلة عند طلب مستحضرات تجميل، إذ إن بعض المواقع الالكترونية لا تشحن العطور أو أي مواد أخرى سائلة».
وحول مواقع التسوق الالكترونية العربية، ذكرت الدحيلان أن «هذه المواقع أسعارها مبالغ فيها، لأسباب تتعلق بظروف كلفة الشحن، كما أنني أشعر بأنه في بعض المواقع البضاعة ليست بالجودة العالية التي نرى صورها على صفحات الموقع، وبالتالي لا يمكنني المجازفة بسعر يفوق 600 ريال للقطعة الواحدة».


العليّ: التجربة خير برهان

من جانبه، قال هاني العليّ إنه مستخدم جيد للتجارة الالكترونية، وهو متابع  لكل ما ترصده مواقع التسوق الالكتروني التي يبحث من خلالها على الأجهزة الإلكترونية، والملابس، والكتب، لافتاً إلى أن زوجته تُفضل التسوق التقليدي على الالكتروني، وهو أمر لا يحبذه لنفسه، لذا يجد ضالته من خلال هذه المواقع التي توفر عليه الكثير من الوقت، والجهد، «خاصة أنني لا أحب الذهال إلى الأسواق التقليدية، أو المجادلة في الأسعار، ناهيك بأن ساعات عملي طويلة، ولا أجد الوقت الكافي لشراء ما احتاجه».
وعن شراء الملابس، أضاف: «حصل معي موقف يخص مسألة المقاسات، فقد طلبت قميصاً بمقاس متوسط، وحدث خطأ، وتم إرسال قميص بمقاس كبير جداً، فاتصلت بالموقع وأخبرتهم بأن هناك خطأ في المقاس المطلوب، فعاد المندوب لأخذ القميص، وتم استبداله بآخر بحسب المقاس الذي احتاجه، لكنه أخذ وقتاً طويلاً، ما يقارب شهراً تقريباً. لذلك نجد البعض  يتردد في شراء ملابس من المتاجر الالكترونية، لكن التجربة خير برهان لأي عملية تسوق الكتروني». 
 

 بنون: أبرز عوائق التسوق الالكتروني في السعودية ضُعف البنية التحتية وغياب وعي المستهلك

عرّف الكاتب الاقتصادي جمال بنون التجارة الالكترونية، بقوله: «التجارة الالكترونية لا تقتصر على عمليات البيع والشراء، بل أنها بمفهومٍ أوسع وسيلة لإيصال المعلومات والخدمات أو المنتجات عبر أي وسيلة تقنية، مُلبية بذلك رغبات المستهلكين والشركات، بخفض كلفة الخدمة، ورفع كفاءتها، والعمل على تسريع إيصال الخدمة، بوقت مناسب». ووصف  بُنية التجارة الالكترونية في دول الخليج والسعودية بأنها ضعيفة، معللاً الأمر بغياب «ثقافة المستهلك لدينا، فهي ليست بثقافة واعية حول الاستخدام الالكتروني والثقافة الالكترونية أو الصراف الآلي بشكل جيد، ليتمكن المستهلك من التسوق عن طريق المواقع الالكترونية الخاصة بالتسوق، مثل موقع أمازون. وما زالت عقلية المستهلك السعودي، أو الخليجي، تهوى الأسواق التقليدية، لينتقي السلع بنفسه، لأنه في العادة يتخذ قرار الشراء بعد عدة محاولات، وجدل حول فرق الأسعار، والبحث عن الأجود».  وأشار بنون إلى أن « السعر النهائي للسلع التي يضعها أصحاب المتاجر الالكترونية، لا يكون مُشجعاً كما في المتاجر والأسواق التقليدية، لذلك نجد أن المتسوقين يتوجهون إلى الأسواق، بدلاً من الشراء الالكتروني، اختصاراً للوقت وزيادة شعور الأفراد بالأمان، وتوفير المال. كما أن الشركات نفسها لم تستطع أن تُروج لهذه المتاجر الالكترونية بشكل جيد، بحيث تُقنع المستهلك، فقد يقعون ضحايا لنصب، واحتيال، أو عدم معرفة تامة بكيفية الشراء، وإعادة المبلغ. في دول الغرب هناك قوانين تحمي المستهلك من التعرض لنصب أو احتيال، أو خطأ في السلعة المطلوبة، وما إلى ذلك. لكن في السعودية، وللأسف الشديد لا توجد هذه الثقافة، ولا توجد أنظمة وقوانين لحماية المستهلك». 
 

د. الخولي: عقوبة المتلاعبين بالمستهلك بحسب نوع الجُرم

قال أستاذ القانون في جامعة الملك عبد العزيز الدكتور عُمر الخولي إن غياب التشريعات والقوانين التي تحمي المستهلك عبر التجارة الالكترونية إذا كان هناك غش أو تدليس، قلل الأمان في التعاملات الالكترونية التجارية، وبالتالي قلّ الإقبال عليها من المستهلكين الذين ما زالوا يفضلون زيارة الأسواق التقليدية على أن يكونوا ضحايا تسوق الكتروني».  ولفت إلى أن «معظم من يقومون بالشراء أو التسوق من خلال الانترنت، نجدهم يتوجهون إلى أسواق عالمية، وبالتالي حين حدوث أي عملية غش أو تدليس، لا يمكن الوصول إلى الطرف الآخر، فالسوق الالكترونية السعودية تفتقر إلى التشريعات الضابطة، أما في حال الشراء من موقع محلي، وعند تمكن أي جهة من وضع يدها على الطرف الآخر، فإن عقوبة المتلاعبين تتم بحسب الشريعة التي تُطبق في السعودية، وبحسب نوع الجُرم، فلا يوجد تقنين خاص بالتجارة الالكترونية».
 

عبد الله: المتاجر الإلكترونية وفرت عليّ الكثير من الوقت والجهد

فهد عبد الله موظف قطاع خاص، جذبته مواقع التسوق الالكتروني بعد أن سمع عنها من بعض الأصدقاء، وبدأ اكتشاف مصداقيتها من خلال «شراء بعض السلع غير الثمينة،  لأعرف أيضاً ما إذا كانوا دقيقين في مواعيدهم أم لا. وبالفعل وصلتني السلعة بعد خمسة أيام كما كان مكتوباً في الموقع الخاص بهم، والسلعة كانت عبارة عن ساعة يد، ووصلت أيضاً بحالة جيدة. والآن بات التسوق من هذه المواقع هواية توفر عليّ الوقت والجهد، خاصة أنني لا أملك وقتاً كافياً للنزول إلى الأسواق، برفقة زوجتي، بسبب انشغالي بعملي».