كريم عبد العزيز: لجأت إلى أطباء نفسيين!

كريم عبد العزيز, فيلم, شخصية, سيناريو, الخوف, السينما

13 سبتمبر 2014

يعتبر الفنان كريم عبد العزيز نجاح فيلمه الجديد «الفيل الأزرق» بمثابة رسالة قوية من الجمهور لصناع السينما، بأن البقاء فقط للأفضل ولمن يهتم بتقديم عمل جيد يراعي فيه عناصر التميّز، وفي الوقت ذاته يعترف بأنه توتّر طوال عام كامل خوفاً من قرار تنويع شخصياته.
ويتحدث عن خالد الصاوي ولبلبة ومروان حامد، والبطولة الجماعية، وعدم خوفه من العمل مع ممثلين أقوياء، كما يتكلم عما يهرب منه بشكل شخصي، ولماذا يعتبر نفسه جرس إنذار، ومسؤولياته كزوج وأب.


- غبت أعواماً عدة عن السباق السينمائي وتحديداً منذ فيلمك «فاصل ونواصل» الذي عُرض قبل ثورة 25 يناير بأسبوعين
فقط، فلماذا كان قرارك العودة مع «الفيل الأزرق»؟
بالفعل غبت ثلاثة أعوام، لكنه لم يكن غياباً بالمعنى المتعارف عليه، فالفيلم استغرق تصويره ما يقرب من عام ونصف العام نتيجة الظروف التي مرّت بها مصر، وقدمت أيضاً مسلسلاً تلفزيونياً. أما «الفيل الأزرق»، فهذه قصته.
كان المخرج مروان حامد قد أرسل لي الرواية قبل عامين كاملين، أي قبل طرحها في الأسواق، وبدأت قراءتها، وانبهرت بها والحداثة الموجودة فيها، وكان تأثيرها قوياً إلى درجة أنني ظللت ولمدة يوم كامل متردداً ولا أستطيع اتخاذ قرار بقبول الشخصية. لكنني اتخذت قراراً بقبول المغامرة وخصوصاً أنني هنا لم أغير فقط نوعية الشخصية بل طبيعة الفيلم نفسه المغايرة لما يتم تقديمه حالياً أو من قبل في السينما المصرية، وكنت أفكر في كيفية استقبال الجمهور المصري له، وهل لدى الجمهور الاستعداد من الأصل لقبول نوعية جديدة؟ ولكن قضى نجاح الرواية على ترددي ودفعني لقبول المغامرة، وشجعني أيضاً على قبولها وجود المخرج الموهوب مروان حامد وثقتي فيه، وبالنسبة إليّ كنت أرغب بالفعل في «تغيير جلدي» وتقديم أشكال وأدوار وأفكار جديدة لم أقدمها من قبل، وأكرر أن نجاح الرواية والمبيعات التاريخية التي حققتها في مصر والوطن العربي قد ساعد وبنسبة أكبر في قبولي للشخصية وللعمل نفسه.


أصعب شخصية قدّمتها في حياتي

- من خلال جلساتك مع مروان حامد كيف بنى رؤيته الإخراجية للفيلم؟
مشكلة أي مخرج يقدم عملاً مقتبساً عن نص أدبي أنه ينافس خيال القارئ، وهو شيء من الصعب التحكم فيه أو تغييره. هذه هي الصعوبة الأبرز، لكن مروان حامد نجح فيها.


- لكل ممثل أدواته التي يستخدمها وطريقته لدخول الشخصية التي يؤديها، كيف قررت التعامل مع شخصية يحيى؟

أثناء قراءتي لسيناريو الفيلم أبحث عن أشياء ومشاهد أرى فيها مدخلي الحقيقي للشخصية، وهنا يوجد مشهد خاص جداً، هو مشهد لقاء يحيى الذي ألعب دوره، ولبنى التي تلعب دورها نيللي كريم، على شاطئ النيل، وكيف يحكي يحيى لها قصة موت ابنته وتفاصيل الحادثة بالكامل.
وهو المشهد الذي جعلني أشعر أنني أؤدي واحدة من أكثر الشخصيات التي قدمتها طوال مسيرتي تعقيداً وغموضاً، فقد جسّدت دور طبيب نفسي تسبب في قتل ابنته وزوجته نتيجة لقيادته المتهوّرة، مما أصابه بعقدة ذنب داخلية جعلته بلا هدف في حياته، ونتيجة لإدمانه وتدخين الحشيش يعتقد أنه قتل ابنته، فشخصية بكل هذه الانفعالات الداخلية صعبة، بل أعتبرها أصعب شخصية قدمتها في حياتي، ولم أبتعد في تقمصي لشخصيتي عن الرواية، ونقاشاتي مع كاتبها أحمد مراد وعدد من الأطباء النفسيين اختارهم لي مخرج الفيلم مروان حامد، وعن طريقهم تدربت على كيفية قراءة لغة الجسد والتعامل مع المرضى ومراحل حياة يحيى المتدرجة، وكان مروان هو صاحب فكرة ارتداء النظارة واللحية لتكون سوراً اختيارياً صنعه يحيى بينه وبين العالم، كل هذه كانت أدواتي في تجسيد الشخصية، بالإضافة لبحثي الشخصي عبر مواقع الإنترنت المتخصصة في علم النفس والاجتماع والطب النفسي.

- متى بدأت تشعر بالفعل أنك تغير مسارك الفني وطبيعة أدوارك؟
منذ أن قدمت فيلم «أولاد العم» الذي كان بداية التغيير في نوعية شخصياتي، وخصوصاً أن الجمهور اعتاد أن يراني على مدار سبعة عشر عاماً في ثوب ابن البلد بجميع أشكاله، وهو الدافع الرئيسي والأساسي لي للتغيير، فالفنان الذي لا يطور من نفسه ولا يغير نوعية أدواره كل فترة سيتجمد، وللعلم أنا لن أتوقف عن تقديم شخصية ابن البلد، بالعكس سأقدمها لكن بتنويعات وأشكال جديدة.
وخصوصاً أنني أعتبر نفسي جرس إنذار وعلامة خطر تحكي مشاكل وهموم بسطاء الشعب المصري. لكن تجربتي مع «الفيل الأزرق» تعتبر تغييراً كاملاً وملموساً في كل شيء، وهذا كان سبب رعبي طوال فترة التصوير.
لكن أكثر العوامل التي فجّرت كل طاقاتي ونيران التحدي بداخلي أن بعض محبي الرواية كتبوا أن اختياري للعب الشخصية خطأ، بل هناك من كانوا يعزون أحمد مراد في روايته والسيناريو الذي كتبه. كلّ هذا ولد بداخلي إصراراً أكبر، وكنت في قمة سعادتي عندما هنأني من كانوا يكتبون مثل هذه العبارات.

- ما هي أصعب مشاهد الفيلم التي كنت تضع تحتها خطاً أحمر أثناء قراءتك للسيناريو؟
لم يكن مشهداً واحداً، فطريقة كتابة السيناريو ونوعية الفيلم جعلت كل مشهد ولقطة فيه شديدة الصعوبة، وهو الشعور الذي تصارحنا به أنا ومخرج الفيلم مروان حامد طوال البروفات والجلسات التحضيرية للعمل، فتخيل أنه يوجد 49 مشهداً لي بمفردي بين مشاهد صامتة أو مونولوج داخلي أو تعليق صوتي، ومن أهمها بالطبع مشهد النيل الذي حدثتك عنه سابقاً، بالإضافة لمشهدي داخل المطبخ مع نيللي كريم عندما أخبرتها بمرضي، وكل المشاهد التي جمعتني بشخصية شريف التي لعبها خالد الصاوي. وللعلم أشعر بالفرح لعودتنا للعمل معاً بعد فيلميْ «الباشا تلميذ» و«أبو علي».

- وجود شخصية لبنى التي لعبتها نيللي كريم هل حقق خطاً رومانسياً في الفيلم؟
المشاهد الرومانسية كانت مؤثرة جداً، لكن شخصية لبنى التي لعبتها نيللي كريم كان يجب أن تستمر في الفيلم ولا نحذفها، وخصوصاً أنها عقدة يحيى الأساسية التي جعلته يلجأ إلى الإدمان، وبالتالي إلى الحادث الذي خسر فيه ابنته وزوجته.

- ألم تخف من تأثير مغامرتك وهذا التغيير الشامل على إيرادات فيلمك، وخصوصاً في ظل منافسة مع نجوم مثل أحمد حلمي وياسمين عبد العزيز والثلاثي أحمد وهشام وشيكو؟
لم أكن خائفاً! من قال هذا؟! الحقيقة أنني لم أكن خائفاً فقط، بل كنت في أقصى حالات رعبي وخوفي، وهي حالة لم أشعر بها طوال حياتي على الإطلاق، وأعتبر الفيلم مغامرة حياتي الكبرى، وخصوصاً أنني هنا لم أغير شخصيتي فقط، بل طبيعة أفلامي، وكنت دوماً أدعو الله أن تكون النتيجة على قدر المجهود الذي بذلناه، وأكثر ما أسعدني في نجاح الفيلم أنه كسر كل ثوابت السوق التجاري التقليدية، ففي البداية كانوا يؤكدون لنا أن أفلام التشويق والغموض غير ملائمة لموسم العيد، لكننا كسرنا هذه القاعدة، ونجاحه بالنسبة إليّ كسر كل ثوابت السوق، وأكد أن الجمهور يبحث عن نوعيات جديدة من الأفلام.
والجمهور الذي كان رهاننا الأول لم يخذلنا، وسعيد أنهم شجعوا ودعموا الفيلم وبقية أفلام الموسم، مثل «الحرب العالمية الثالثة» مثلاً، وسعيد لعودة قاعدة أن الأفلام الجيّدة الصنعة هي التي تنجح، وأيضاً سعيد وبشدة أننا جميعاً حققنا أعلى إيرادات في موسم العيد منذ سنوات، وهو ما سينعكس إيجاباً على عجلة الصناعة وخصوصاً أنها تأثرت كثيراً طوال السنوات الأربع الماضية.
وأقولها للجميع «هيا بنا نصنع أفلاماً جيدة»، فنجاح «الفيل الأزرق» رسالة لصناع السينما بأن البقاء للأفضل ولمن يقدم عملاً جيداً ومتميزاً.

- ما هي اللحظة التي شعرت فيها أن رهانك قد نجح؟ 
عندما شاهدت الجمهور يملأ صالات العرض، ولافتة «كامل العدد» مرفوعة في كل حفلة، وسمعت التصفيق مع نهاية الفيلم في كل حفلة أحضرها، وأسعدتني جداً حالة الاحترام التي أبداها الجمهور للمجهود الذي بذلناه في العمل، وهو المجهود الذي لمسه الجميع، حتى من لم يعجبه العمل نفسه.

- بالعودة إلى مشاهدك أنت وخالد الصاوي ألم تشعر ولو للحظة بالغيرة من دوره والخوف أن يسرق منك الكاميرا، خصوصاً أن بعض النجوم لا يفضلون وجود مشاهد تمثيلية قوية لأي مشارك بالعمل غيرهم، وهذه المرة الثانية التي تصنع فيها هذه التجربة بعد «أولاد العم» مع شريف منير؟
درست الإخراج ونشأت في بيت فيه العديد من المخرجين، أولهم والدي المخرج الكبير محمد عبد العزيز أول من عمل بالفن في العائلة، وعمي المخرج عمر عبد العزيز، وتعلمت منهما قاعدة: «لا يوجد شيء اسمه ممثل يسرق الكاميرا من ممثل آخر»، التمثيل مباراة، وكلما كان الممثل الذي أمامك قوياً ارتفع مستواك، فلا يوجد فنان يمثل بمفرده، وأنا أحب العمل أمام النجوم، وأن تكون أدوارهم قوية وواضحة، فهذا بالفعل في مصلحة العمل واختبرته من قبل في العديد من التجارب، مثل وجود شريف منير معي في «أولاد العم» وماجد الكدواني في بعض الأفلام وخالد الصاوي نفسه من قبل في فيلمين آخرين.

- هل كان قراركم منذ البداية أن الفيلم سيكون إنتاجه كبيراً وحتى الأدوار الشرفية اخترتم لها نجوماً كباراً مثل لبلبة وشيرين رضا؟
أؤكد لك أن اختيار الممثلين تم طبقاً لاختيارات مخرج العمل مروان حامد، مع تأكيدي أنني سعيد بكوني عملت مع مروان وأرغب في تكرار تجربتي معه قريباً، وأنا سعيد بكل عناصر الفيلم، وهم كلهم من كبار عناصر الصناعة، كأحمد مرسي في التصوير وهشام نزيه في الموسيقى وناهد نصر الله في الملابس.
أما بالنسبة للممثلين فيجب أن يكونوا مهمين، لأنه حتى لو كان دوره مشهداً واحداً فيجب أن يكون قوياً كي يصدقه الناس، وأنا سعيد بمشاركة لبلبة وشيرين رضا ومحمد ممدوح الذي أبهرني بأدائه لشخصية سامح.


- هل من الممكن أن تقدم تجربة مع نجم آخر مثلما فعل أحمد السقا وأحمد عز في فيلم «المصلحة»؟
وما المانع؟ لقد قمت بهذا في «أولاد العم» وكان معي شريف منير، لكن المهم السيناريو الذي يصلح لوجود عدة أبطال وتوافر الظروف الإنتاجية الصالحة، لا أحد منا يمانع في هذا، لكننا لن نقدمه لمجرد أن نقدمه، بل سنقدمه عندما تتوافر الظروف الملائمة له.

- يخاف البعض من العمل مع أصدقائه، ألم يخش كريم من العمل مع صديق عمره مروان حامد؟
مروان صديق عمري منذ الطفولة، حتى في معهد السينما، فهو كان سبب ترشحي للمخرج شريف عرفة في أول دور قدمته في حياتي من خلال فيلم «اضحك الصورة تطلع حلوة»، عندما كان يعمل مساعداً له، ولم نستطع أن نلتقي في أي عمل بعد أن أصبح مروان مخرجاً لأفلام كبيرة، مثل «عمارة يعقوبيان» و«إبراهيم الأبيض»، حتى رشحني لهذا الفيلم. وبصراحة شعرت بإحساس مختلف تماماً كممثل عندما عملت معه، لأنه نجح فى أن يفجر بداخلي طاقات تمثيلية جديدة، وأجمل وأغرب ما فيَّ كممثل، لذلك لا أنكر أننى فوجئت بأدائي في العديد من المشاهد، ويرجع الفضل في ذلك إلى مروان.
وهذا لا يتعلق بي وحدي، لأنك ستجد خالد الصاوي مختلفاً، وأيضاً نيللي كريم ودارين حداد وشيرين رضا، وكل من عبر من أمام الكاميرا في هذا الفيلم سيجد نفسه في شكل مختلف تماماً وهذه إضافة لنا جميعاً.

- متى قررت أن تصبح ممثلاً خصوصاً أنك خريج قسم الإخراج بمعهد السينما؟
اتخذت قراراً بالعمل كممثل منذ كنت في «الفرقة الرابعة» قسم التمثيل. وأنا صغير كانت لي تجربة تمثيلية في فيلم «المشبوه» مع عادل إمام، ولم أنس يوماً حبي لهذه المهنة حتى قررت احترافها.

- قدمت من قبل مسلسلاً بعنوان «الهروب» فما الذي يهرب منه كريم عبد العزيز؟
أهرب من الظلم والقهر.

- ما هي أعمالك المقبلة؟
لديَّ فيلم ومسلسل مع المنتج وائل عبد الله، لم أحدد بعد بأيهما أبدأ، وسنبدأ الجلسات التحضيرية لتحديد شكل العمل الذي سنبدأ به ومن سيشاركنا صناعته قريباً، فأنا في حاجة إلى الحصول على راحة من «الفيل الأزرق»، ويكون وائل عبد الله قد ارتاح هو الآخر من مجهوده كمخرج لمسلسل «الإكسلانس».

- هل ستمضي الإجازة مع أسرتك؟
بالتأكيد فهذا حقهم بعد أن أخذني «الفيل الأزرق» منهم طويلاً.

- لماذا لا تتحدث كثيراً عن حياتك الخاصة؟
الكل يعلم أنني لا أحب الكلام عن خصوصياتي، أولاً لأنه لا يوجد فيها شيء غير عادي، فأنا زوج وأب أحاول أن أكون على قدر مسؤولياتي، وثانياً لأن حياتي الأسرية لا تهم الجمهور، إلا إذا كانت هناك أخبار مهمة فيها، وأنا دائماً أفضل الكلام عن عملي كفنان.