سعوديات ينخرطن في قطاع الفندقة دون مؤهلات علمية وأكاديميات يعتمدن على التدريب وتخصصات جامعية أخرى

المرأة السعودية / نساء سعوديات,عمل المرأة,السعودية,فندق / فنادق

رحمة ذياب (الدمام) 09 نوفمبر 2014

رغم غياب تخصّص الفندقة للإناث في السعودية، تمكنت الفتيات والسيدات من العمل وحققن كفاءة فيه، ومنهن من تقلّدن مناصب إدارية جيدة. «لها» التقت العديد من العاملات في فنادق في المملكة، سواء نادلات أو مشرفات وحتى إداريات، فالدراسة والخبرة لم تدرجا ضمن شروط التوظيف، إلا أن التدريب من شركات متخصصة، فتح المجال لعمل السعوديات في المجال، وما زالت الساحة تشهد ارتفاعاً في أعدادهن لاسيما أن الرواتب مناسبة وبيئة العمل تتناسب أيضاً مع إطار المجتمع. إلا إنهن يطالبن بفتح أكاديميات للتدريب في مجال الفندقة، والحصول على مراتب عالية في العمل في هذا القطاع، باعتبار المرأة شريكة في العديد من المجالات.


المرأة السعودية أثبتت نجاحها من خلال سعيها للعمل في وظائف متنوعة في مختلف القطاعات ولا سيما القطاع السياحي الذي كان أول جهة حفزت على العمل في قطاع الفنادق. وتوقع خبراء آنذاك أن تتولّى المرأة السعودية مناصب إدارية كبيرة في الفنادق خلال الفترة المقبلة خاصة بعدما أثبتت قدرتها على الإدارة، وفي أقسام كثيرة في القطاع الفندقي والسياحي.

وبحسب عاملات في هذا القطاع، فإنَّ المرأة تُواجه تحدِّيات عِدَّة في المجال، رغم توافر البيئة المناسبة، وتقديمها الدعم اللازم للعاملات من خلال التدريب ومنح الحوافز اللازمة. ومن أبرز تلك التحديات قدرة العاملات على مواجهة النظرة السلبية والقاصرة من بعض أفراد المجتمع إلى  النساء العاملات في هذا القطاع.

وقالت نورة فهد (إدارية في فندق في شرق السعودية): «أعمل في مجال تنظيم الحفلات في الفندق، وكانت بدايتي قبل عام غير موفقة، فتركت العمل لظروف عدة، وبحثت عن عمل آخر. إلا أنني عدت لأن بيئة العمل في قطاع الفنادق تفتح آفاقاً عدة، وهي بيئة اجتماعية خصبة، وعلى رغم أننا لم نتعلم الفندقة ولم ندرسها أبدا إلا أننا نحاول الاستفادة من الخبرات المتاحة، أي العاملين من الرجال والالتحاق بدورات أيضاً».

وقالت: «أنا موظفة التحقت بوظيفة فندقية كإدارية، دون دراسة وخبرة، إلا أن الشركة قامت بتدريبنا. ومع ذلك واجهنا صعوبات عدة منها اللغة، والتعامل مع الزبائن والعملاء الأجانب أي الأوروبيين، فلم نتمكن من التعامل وفق أساليب متبعة كالاتيكيت ومراسم الضيافة والأهم اللغة. إلا إننا نحاول كمبتدئات تجاوز الصعوبات عبر الالتحاق بدورات خارج المملكة». وأضافت أن «غياب الأكاديميات التي تدرّس الفندقة للفتيات لم يعرقل الالتحاق بهذا القطاع، لاسيما أن السعوديات عملن في مكاتب السياحة منذ أعوام طويلة واكتسبن خبرة في التعامل مع العملاء في شتى المجالات».

وأوضحت موظفة أخرى أن «المتخرّجات السعوديات المبتعثات كان لهن نصيب الأسد في الوظائف الفندقية، إلا انه لم يعلن عن ذلك رسميا، بسبب النظرة الاجتماعية. إحدى المبتعثات تحمل شهادة إدارة عامة، وأخرى إدارة أعمال، وقد عيّنتا في منصبين مهمين في الفندق الذي أعمل فيه، إلا أن ذلك بقي سراً خوفاً من النظرة الاجتماعية. حتى أن إحدى المتخرّجات تقول لأهلها إنها تعمل في شركة ولم تتلفظ بكلمة فندق. هناك جامعيات من تخصصات متنوعة ومتمكنات من اللغة الانكليزية، وانخرطن للعمل في مجال الفندقة، لاسيما أن الفرص المتاحة والمغريات الوظيفية عالية جداً، والتدرج الوظيفي نظام أساسي في العمل بمجال الفندقة، خصوصاً أن الفنادق تعمل بنظام واحد على مستوى العالم».

رسالة

أروى فايز الحاصلة على الشهادة المتوسطة ودبلوم في اللغة الإنكليزية من مركز تدريب التحقت بأحد البرامج التدريبية فذهبت إلى المركز وتعرفت على الدورات المتاحة، تقول: «أعجبتني دورة الضيافة وحصلت عليها لأبدأ العمل في الفندق.  نشأت على حب العمل أياً كان بشرط أن يكون شريفاً يحافظ على قيمة الإنسان وكرامته، وبطبيعة الحال يكون الأجر الجيد ضرورياً، ولكن لا يقارن بقيمة الإنسان كصاحب مبدأ وفكر وثوابت. وقد دفعتني إلى العمل في مجال الضيافة رغبتي في افتتاح مطعم خاص كمشروع أسعى إلى تنفيذه وإدارت».

واختتمت بقولها: «أجدها فرصة لأوجه رسالة إلى الفتيات السعوديات المتخرّجات وغيرهن ممن لم يتمكنّ من إكمال الدراسة، أن يسعين إلى العمل ويتدربن، وسوف تشعر كل واحدة منهن بطعم آخر للحياة، وهناك الكثير من الوظائف في بلدنا تنتظر من السعوديات أن يباشرنها بحب وإرادة قوية».

صعاب

تختلف وجهة نظر منيرة، فهي واجهت مشكلة في العمل في الفنادق، نتيجة الشروط التي تفرضها بعض إدارات الفنادق، من حيث الطول والوزن، فتقول: «هناك اشتراطات في الطول والوزن والشكل العام، والأناقة أيضاً، إلا انه لا يشترط خلع النقاب كما يتداول البعض، فأنا قصيرة القامة، ولم أُقبل إلا بوظيفة إدارية... بمجرد وضع شروط من هذا القبيل رفضت العمل، ووجدت فرصة أخرى في أحد المنتجعات السياحية في المنطقة الغربية... عملنا في القطاع السياحي لن يتوقف عند حد، طالما أن الفرص المتاحة تتناسب مع الإطار الاجتماعي، وأصبح هناك قبول اجتماعي للموظفات في هذا القطاع خلافاً للسابق».

الارتقاء في المستوى الوظيفي وغياب الشهادات

تمكنت 180 فتاة سعودية من تقلد مناصب إدارية في فنادق على مستوى البلاد، تشمل مديرة شؤون الموظفين، ومديرة خدمة عملاء، ومسؤولة تنسيق تسويق أولى، إلى جانب مساعدة مدير مكاتب أمامية وإدارة الحجوزات ومسؤولة تدريب.

كما أن العمل جارٍ لتوظيف الفتيات السعوديات في تنظيم الغرف وتدبيرها، بحسب مدير الموارد البشرية لمجموعة الحكير للسياحة والتنمية عبدالعزيز زين الدين الذي لفت إلى وجود محفزات لجذب المرأة السعودية للعمل في الفنادق، تشمل دورات تدريبية محددة لتحصل على الترقية، وإيجاد حضانة للأطفال داخل الفنادق التي تعمل فيها أكثر من 15 موظفة، إلى جانب توفير المواصلات ومنحهن إجازة يومين في الأسبوع، وإمكان النقل من مدينة إلى أخرى.

وذكر أن المحفزات رفعت سقف وعي الفتيات بالعمل الفندقي، مما زاد الطلب على الوظائف الفندقية. وفي شأن التخصصات المطلوبة في ظل عدم وجود تخصص فندقة للفتيات في الجامعات السعودية، ذكر أنه لا توجد شروط تعوق الباحثات عن العمل، مشيراً إلى أن هناك تخصصات تتناسب مع العمل الفندقي منها المحاسبة والتسويق.

مدير إدارات الخدمات الفندقية في أحد الفنادق في الرياض، إبراهيم الشكري، يرى أن عمل المرأة في الفنادق ساعد على تحسين مستوى الخدمات، لاسيما في الخدمات الإدارية واستقطاب زبائن. وعلى رغم من قلة خبرتهن أو انعدامها أحيانا، يتم التدريب في فترة لا تتجاوز الأسبوعين،  كتدريب أولي إلى أن تتمكن من الإمساك بزمام الأمور والمهمات الموكلة إليها. وإذا تمكنت من إثبات قدرتها يجري إلحاقها بدورات مكثفة، ونحاول قدر المستطاع التمسك بالموظفات الحاصلات على شهادات علمية في إدارة الأعمال، المحاسبة، الإدارة العامة، اختصاصيات تغذية، لقدرتهن على العمل أكثر من سواهن، علما أن فرص التوظيف للأخيرات مفتوحة أيضاً. ويمكن القول إننا استحدثنا وظائف الفندقة من لاشيء، أي لا يوجد أكاديميات ومدارس مختصة في هذا المجال، بيد أن مستقبل الفندقة في المملكة للعنصر النسائي سيشهد تغيّراً وسيفتح مجالات أكبر من الوقت الحالي من حيث التوظيف والتدريب أيضا».

التدرّج الوظيفي

أظهرت دراسة حديثة أن تمثيل المرأة في المناصب الإدارية في الفنادق ما زال ضعيفا رغم تفوق أعداد المتخرّجات من النساء على أعداد نظرائهن من الرجال، فقد بلغ معدل النساء 27 في المئة في وظيفة مدير عام في الفنادق و13 في المئة في منصب مدير العمليات. وهدفت الدراسة التي أجرتها شركة «أكور» لتشغيل فنادق حول العالم، إلى إطلاق مبادرة تمكين المرأة من تولي مناصب إدارية وقيادية 50 في المئة من الفنادق حول العالم لتحسين الأداء من خلال تنوع الجنسين، وهي مبادرة تسعى إلى رفع معدل توظيف المرأة 35 في المئة بحلول عام 2015.