الكاتب والسيناريست عثمان جحا: نسرين طافش تتاجر بنص «رابعة العدوية»

عثمان جحا,الدراما السورية,الجمهور,السينما,مسلسل,الأعمال الفنية,مسل,الدراما

لها (دمشق) 30 نوفمبر 2014

كاتب لمع اسمه في الدراما السورية. كان عنواناً لأعمال تركت بصمة لا تنسى. هادئ، متقن عمله، واثق من نفسه، مترفّع عن المهاترات التي تضيع وقت المبدعين... كان له هذا العام توقيعه الخاص على «باب الحارة» ليكون الراعي للجزء المقبل الذي ينتظره الجمهور على أحرّ من الجمر... عثمان جحا ضيف «لها» في هذا الحوار.


- نبدأ من «باب الحارة» الذي رأى البعض فيه إساءة للتاريخ واعتبروا ان حكاياته مفبركة ومشوهة. فما رأيك؟
«باب الحارة» هو حكاية شعبية فنتازية. أما كل الاتهامات بأنه يشكل تشويهاً للتاريخ فباطلة، ذلك أن حكايتي لا تزال ضمن إطار الفنتازيا الشعبية. وقد اشتد هذا العام الهجوم أكثر، فيما أبدى الناس اهتماما أكبر بتاريخ دمشق ونسوا حاضرنا الأليم.
الواقع أن كل الآراء التي وردت كانت غير دقيقة وتفتقد إلى المنطق. لم أرَ أين التشويه للتاريخ طالما أنني أبرز مكارم الأخلاق، خصوصاً أن العنوان العريض للجزء السادس هو «القطيعة مع التكفيريين». وكل ما قيل كلام فضفاض لا يستأهل الرد.

- ألا تعتقد أن انتقاء حكاية شعبية وتسويقها على أنها جزء من تاريخ مدينة خطأ كبير؟
لم يخرج الجزء السادس من باب الحارة عن الحكاية الشعبية، لكن ما حدث تأخر في زمان ومكان محددين. فاكتسب العمل أحداثاً تاريخية وجغرافية. إنما أن يتم تحميل العمل ما لا يحتمل فظلم، خصوصاً تلك الصيحات التي صدرت عن مخرجين مثل سيف الدين سبيعي الذي إذا قارنا ما قدمه بعد مسلسله البيئي «الحصرم الشامي» بـ»مسلسل الأخوة» نرى فيه تشويها كبيرا للمجتمع الشامي.
كذلك، قرأت له تعليقاً على «فيسبوك» يقول فيه «باب الحارة» يشوه تاريخ دمشق، علما أنه لم ترِد أي إشارة الى أن «باب الحارة» يشكّل عملاً تاريخياً موثقاً لا في ما يخص الأجزاء السابقة أو الجزء السادس. الواقع أن تلك الصيحات مكرّرة ولا تستند إلى المنطق ولا تمت للنقد الدرامي أو الأدبي بصلة.

- هناك من رأى أن «باب الحارة» صوّر المرأة على أنها مجرد ربّة منزل ثرثارة وغيّب دورها الثقافي؟
مَن لم يرَ التغيير الذي ورد في الجزء السادس فإما أنه لا يرى أو أنه أغمض عينيه عمداً. المرأة كانت حاضرة ومبادِرة وفاعلة أكثر من السابق. كذلك، إن مجرد دخول امرأة فرنسية إلى حارة الضبع وانخراطها في هذا المجتمع، فهذا يعني أن هناك تغيير ما.
كما أن دور المرأة قد برز من خلال مشاركتها في أحداث الحارة. أما في ما يخص الثرثرة، كما يدعي البعض، فهي موجودة في أي مجتمع نسائي حتى يومنا هذا.

- ما سبب عودة عباس النوري إلى «باب الحارة» بعدما أعلن رفضه العودة؟ هل الإغراء المادي هو السبب؟
أترك هذا الجواب لعباس النوري، إنما لا أعتقد أن الدافع كان مادياً.

- فاجئ أيمن زيدان الجمهور بمشاركته في «باب الحارة». فهل استقطاب النجوم كان من شروط المسلسل؟
بنيت الحكاية عندما عدنا للعمل أنا وسليمان عبد العزيز. أردت شخصيات جديدة وهذا حقي ككاتب. أما مشاركة أيمن زيدان فكانت مهمة لأنه ممثل موهوب يمتاز بقدرات استثنائية فضلاً عن أن حضوره أضاف شيئاً ما للعمل وعزّز الصراع في الحارة وأعطاه ثقلاً أكبر. كما أن بيت أيمن زيدان (أبو ظافر) كانت له حكاية في العمل جذبت الجمهور.

- هناك جزء سابع فهل ستكون كاتبه؟ وهل ستخرج نساء «حارة الضبع» من دائرتهن؟
سأكون كاتب الجزء السابع، إنما أعتذر عن عدم الإفصاح عن المزيد لئلا تفسد المفاجأة. كما أن المرأة ستكون حاضرة وفاعلة أكثر من الأجزاء السابقة.

- هل أصلح العطار ما أفسدته الأجزاء الأخيرة؟
«باب الحارة» علامة مسجلة. كما أن الجمهور جاهز للتلقي وحكمه أهم من أحكام النقاد، لكن عموماً لا بد من أن يكون هناك هبوط وصعود في أحداث الأعمال الدرامية ذات الأجزاء المتعددة. كما آمل في أن يكون الجزء السادس قد تمكن من التحلي بالإيجابية.

- أعلن كاتب أجزاء «باب الحارة» كمال مرة عن كتاب يروي خفايا المسلسل. كما اعتبر أن مروان قاووق «متسلق الحارة»، واتهم بسام الملا بأنه «متعهد مسلسلات» فضلاً عن إنه لمّح الى سامر المصري والعقيد. ألا تخشى أن يطاولك باتهام ما؟
لا أفهم سبب هذه الحروب. ولا أفهم لِمَ يقول كمال مرة إن هذه حربه. رغم أنني أجهل خبايا الأجزاء السابقة لـ«باب الحارة»، لا يحق له الكلام عن بسام الملا بهذه الطريقة. بسام الملا قامة فنية عريقة وأفضل نموذج للمخرج-المنتج.
إذ قدّم للدراما السورية الكثير ومنها «باب الحارة»، العمل الذي كان كفيلاً بإعادة نشر الدراما السورية في الوطن العربي. ليس لدي كلام آخر لكمال مرة إلا إذا اتهمني بشيء ما، لكنه لن يجرّني إلى مهاترات.

- قال كمال مرة إن باب الحارة استنفد قواه، ويحتاج إلى إمكانات شبه مستحيلة لإنتاج جزء سادس. ما ردّك؟
هذا رأيه. أما جوابي فتمثل بالجزء السادس الذي وصل إلى أكبر عدد مشاهدين في الوطن العربي. أعتقد أن كمال مرة كان من بين المشاهدين. والإمكانات المستحيلة حضرت في الجزء السادس الذي رفع مستواه بعدما ضعف في الجزئين الرابع والخامس.

- هناك انتقادات ترى أن الأعمال التي قدمت عن البيئة الشامية، مخجلة للغاية؟
كلها محاولات مشكورة، وفيها جهود واضحة لكنها تبقى ضمن حدود التجارب.

- رابعة العدوية عمل مؤجل، ما قصته مع نسرين طافش؟
«رابعة العدوية» عمل مؤجل إلى أجل غير مسمى. السبب أن النص وقع في يد شركة منتجة ترأسها نسرين طافش التي لا تتحمل مسؤولية تجاه العمل.
فقد تركت النص عندها ولا تريد للعمل أن يبصر النور، رغم كل العروض التي وردتها للمشاركة. أنتظر الفترة القانونية لاسترداد النص، لأن نسرين طافش تتاجر به وتقول دوماً إن لديها مشروعاً اسمه رابعة، لكنها غير جادة خصوصاً بعدما واجهت مشكلات شخصية أدت إلى توقف التمويل عنها.
كما انها لم تبحث عن ممول آخر. وكما قلت، أنتظر انقضاء المهلة القانونية لاسترد النص وأبيعه لجهة جادة في انتاجه، تعي قيمته. فكل من قرأ النص قال إنه من أهم الأعمال التاريخية –الاجتماعية التي تركز على المرأة وحياتها في الرق والاستعباد.

- ما هي المراجع التي اعتمدت عليها في رابعة العدوية؟
كان العمل مضنيا، استغرق وقتا طويلا للقيام بأبحاث. إذ ان حياة رابعة موزعة بين قسمين: فترة الشباب، والعودة إلى الله. لم تتوافر الكثير من المصادر عن فترة الشباب، فكان البحث متعباً.
أما القسم الآخر فمعروف، ولم أرد الخوض فيه لكن أبرزت السبب الذي أدى بها إلى العشق الإلهي، وذلك خلال رحلة شاقة وطويلة من الرق والعبودية، الحب والغيرة.

- كيف تنظر إلى موضوع الكتابة المشتركة في الدراما؟
تحتاج إلى توافق كبير، أحبذ الكتابة على طريقة الورشة طالما أن نتائجها مثمرة. تجربتي كانت مثمرة مع سليمان عبد العزيز لانها أدت الى الكثير من النصوص التي أترك الحكم عليها للمستقبل.

- ما رأيك بما قدم هذا العام في الدراما؟
للأسف تتخذ الدراما السورية اتجاهاً تنازلياً، بسبب القائمين عليها ولأسباب أخرى خارجة عن إرادتنا. كما أن الرقابة التلفزيونية الحالية أساءت جداً للدراما السورية، وهذا أحد أسباب هبوط مستواها. فالرقيب التلفزيوني السوري لا يستطيع التمييز بين الأعمال الجيدة وغير الجيدة، فتأتي الأحكام تبعاً لأهوائه، فضلاً عن أنه يجهل أن صناعة الدراما يمكن أن تشكل مورداً اقتصادياً كبيراً.
لذلك إنه يساعد في تدمير هذه الصناعة التي أسس لها آباؤنا. وهنا أطلق صيحة: «انقذوا الدراما وكفوا يد الرقيب الحالي عنها»!

- ما تأثير الأعمال المشتركة على الدراما السورية؟
هذه الأعمال أثرت سلباً في الدراما السورية، لكنها منحت الممثلين السوريين فرصة العمل خارج سورية خصوصاً بعدما هاجر المنتجون.

- ما رأيك بما قدم من أعمال عن الأزمة السورية؟
هناك شرخ كبير في المجتمع. شرخ أخلاقي، إنساني، اجتماعي، ثقافي. لكني ضد الخوض في تفاصيل الأزمة لأن الصورة ستكون ضبابية ومرتبطة بما يجري على الأرض فيما أن أحداً لا يملك رؤية كافية لما يجري. الكاتب ليس محللاً سياسياً، إنما يعرض مشكلة معينة من دون أن يكون معنياً بإيجاد الحل. لذلك من الأفضل أن نعرض الأسباب التي أوصلتنا الى هذه الأزمة من دون أن نخوض في تفاصيلها.

- البعض يقول إن الدراما السورية تعاني أزمة نص؟
أسمع دائماً عن أزمة نص. كما أسمع أن الكثير من الكتّاب والمخرجين يعملون على نصوص وأفكار. أما أين تذهب كل هذه الأعمال فلا أدري. يبدو أن النص الجيد غير متوافر. وكما قلت إن الرقابة لا تستطيع أن تحكم على النص.