جمال الغيطاني وهو يقترب من السبعين: أنا محظوظ

الروائي جمال الغيطاني,دار نهضة مصر,نجيب محفوظ,الضمير الإنساني

طارق الطاهر (القاهرة) 08 يناير 2015

قبل شهور من بلوغه سن السبعين، اتفق الروائي جمال الغيطاني مع دار «نهضة مصر» الناشرة لأعماله، على إقامة سلسلة من الندوات حتى حلول عيد ميلاده السبعين في 9 أيار/مايو المقبل. ويواكب ذلك صدور مجموعة من الأعمال الجديدة، فقد صدر قبل أيام عمله الذي يحمل الرقم 62 في سلسلة مؤلفاته، وهو مجموعة قصصية بعنوان «اليمام»، التي نظم لها احتفال توقيع أخيراً في مكتبة «ديوان». الغيطاني صاحب رحلة إبداعية متميزة ومتفردة، يكشف جوانب منها في حواره مع «لها».

بدايةً يتذكر كيف أنه بدأ القراءة قبل أن ينتظم في التعليم الابتدائي من خلال متابعته لجريدة «الوفد»، وهي الجريدة التي كان يحرص والده على قراءتها بشكل منتظم، فمن خلالها حفظ أشكال الحروف قبل أن يتعلّمها.
-كيف تنظر الآن إلى تجربتك الإبداعية؟
أستطيع القول بعد كل هذه السنوات، إنني محظوظ، فقد أشبعت رغبتي في تكوين نفسي كأديب كما أريد، بمعنى أنني منذ أن كنت في الصف الأول الابتدائي جذبتني الروايات، وبدأت وضعها داخل الكتب المدرسية، حتى لا يلاحظ والداي– رحمهما الله- أنني أقرأ خارج المقرر الدراسي. كما أنني كنت وأنا في المرحلة السنية الصغيرة أختلق الحكايات، وكان عالمها تحت الأرض، وكنت أرويها لوالدتي التي تتظاهر بأنها تصدقني.

-أعلم أن ظروفكم المعيشية كانت صعبة، فكيف استطعت شراء الكتب؟
أنا مدين للقاهرة القديمة بتكويني، كنت أقرأ الروايات والكتب من على رصيف الأزهر، وأشتري ما يتوافر لي من مصروفي الشخصي. كما كنت من المترددين على دار الكتب، وقد تعاطف معي الموظفون هناك، وبدأوا يتعرفون على ملامحي، ويوفرون لي ما أريد قراءته، وفي مراحل أخرى مثلت الندوات والصالونات الأدبية والثقافية مصدراً مهماً من مصادر تكويني.


-أعتقد أنك تعرفت على نجيب محفوظ من خلال الندوة التي كان يقيمها في كازينو قصر النيل؟
لا، تعرفت عليه مصادفة في شارع عبد الخالق ثروت يوم جمعة، عندما رأيته يسير منفرداً في الشارع، اقتربت منه وعرفته بنفسي، وكان ودوداً جداً، لذا عندما توفي محفوظ كنت أقدم صديق له، بخلاف الراحل توفيق صالح.

-لك عوالم تجيد الإبداع عنها في أعمالك مثل الصوفية والعمارة والموسيقى؟
الصوفية هي رفيقة روحي منذ الصغر، كما أنني أهتم بالتفاصيل الصغيرة، وأتذكر كيف أنني أمضيت الأيام الطوال وأنا أتامل القاهرة التاريخية التي تربيت فيها وأحفظها شبراً شبراً، وأعلم الحكايات التي تختبئ وراءها المباني الأثرية والمساجد والأسبلة، فأنا أعلم سر سحر هذه الأماكن التي تتميز بإيقاعها الخاص وتكويناتها الفريدة. ولا تنس أنني أيضاً منذ الصغر أعشق الموسيقى الكلاسيكية، وخاصة التركية، كما أنني في مراحل مختلفة انجذبت إلى الموسيقى الإيرانية والصينية.

-لك تجربة متفردة مع السجاد إلى درجة يعتبرك البعض من المتخصصين لاسيما في نوع السجاد البخاري؟
والدي كان يريدنا أنا وإخوتي أن نتعلم حتى الشهادة الكبيرة، لكنني أحببت أن أساهم في مصاريف البيت، فاخترت التعليم الفني، خاصة دراسة السجاد التي تفوقت فيها، والتحقت من خلالها بالدراسة في كلية الفنون التطبيقية، لكنني لم أستمر، لكن هذه الحرفة تسربت لأعماقي، لذا أشعر كلما أكتب أنني أرسم على السجاد.

-دائما للزمن في أعمالك سحر خاص أليس كذلك؟
الزمن هو سؤالي الدائم، هذا الزمن يعطينا فرصة لنحيا تجارب لم نعشها وأزمانا لا نملكها، ومن خلاله أغوص في النفس البشرية وأعبّر عن مخاوفها وإحباطاتها وآمالها.

-ذكرت في حفلة توقيع مجموعتك القصصية «يمام» أن مصيبة الأدب الآن في ما نطلق عليه الأكثر مبيعاً، ماذا تقصد؟
إذا لم نقاوم هذه الظاهرة فإنها ستدمّر الأدب وستجرّده من قيمته، فهناك فارق كبير بين القيمة الأدبية وهي الأبقى، وبين الكتب التي تحقق مبيعات ولا تترك أثراً حقيقياً على مر الزمن، فالأدب الحق هو الذي سيخلد في الضمير الإنساني.