من يتيمة منبوذة إلى راقصة باليه عالمية: الحلم المستحيل أصبح حقيقة مع ميكاييلا دو برنس

ميكاييلا دوبرنس,مابنتي مانغورا,مجلة You البريطانية,سيراليون,راقصة باليه

08 يناير 2015

ميكاييلا دوبرنس... اسمها الأصلي مابنتي مانغورا... فتاة يتيمة من سيراليون، دفعتها الحرب والظروف العائلية الصعبة إلى الانتقال إلى أميركا، حيث تبنتها عائلة أميركية وشجعتها على تعلم رقص الباليه واحترافه. هكذا، تحول الحلم المستحيل عند مابنتي الصغيرة إلى حقيقة رائعة مع الشابة ميكاييلا...

 في حديث مع مجلة You البريطانية في عدد صدر في شهر ديسمبر الماضي، تحدثت ميكاييلا عن طفولتها والظروف الصعبة التي عاشتها في أعوامها الأولى، وكيفية احترافها الباليه وتحولها إلى راقصة مشهورة عالمياً. واعترفت ميكاييلا أن طفولتها الصعبة هي سبب نجاحها اليوم.

ولدت مابنتي مانغورا في عائلة فقيرة في سيراليون، وعانت فور ولادتها من مشكلة خلقية اسمها الوَضح (Vitiligo)، تمثلت في ظهور بقع بيضاء على بشرتها السوداء. كانت الابنة الوحيدة في عائلتها، وأصرّ والدها على تعليمها القراءة واللغة العربية منذ أن كانت طفلة تحبو على الأرض.

توفي والدها خلال الحرب الأهلية التي عصفت بسيراليون، فانتقلت مع أمها للعيش في منزل عمها عبدالله، مثلما تقتضي الشريعة الإسلامية. إلا أن العمّ لم يحسن معاملة الأم وابنتها بسبب رفض الأم الزواج منه، وتوفيت الأم نتيجة المرض والجوع.

قرر العمّ عبدالله التخلص من مابنتي، لاسيما بسبب البقع البيضاء في بشرتها التي اعتبرها نذير شؤم، فأرسلها إلى ميتم حيث عاشت مع أطفال مثلها سلختهم الحرب عن عائلاتهم.

خلال تواجدها في الميتم، عثرت مابنتي مانغورا على صورة لراقصة باليه، فرفعتها عن الأرض ونظرت  إليها وعرفت في قرارة نفسها أنها تريد أن تصبح هكذا في يوم ما. لم تكن تعرف ما هو الباليه، أو حتى الرقص أساساً، لكن تلك الصورة بعثت الأمل في نفسها وتخيلت أنها قد تصبح سعيدة في يوم من الأيام. تجدر الإشارة إلى أن راقصة الباليه التي كانت في الصورة  هي ماغالي ميساك، التي ترقص مع فرقة الباليه الهولندية الوطنية. والمفارقة أن ميكاييلا (أو مابنتي) انضمت إلى فرقة الباليه نفسها عام 2013 بعدما حققت حلمها وأصبحت راقصة باليه محترفة. وباتت الشابتان على تواصل دائم بواسطة البريد الالكتروني، على أمل أن تلتقيا يوماً ما.

إلا أن الحرب الأهلية لم توفّر الميتم والأطفال الصغار، إذ اعتدى الثوار على الميتم وأجبروا الأطفال والقيّمين على المغادرة. خلال الفترة التي قضتها مابنتي في الميتم، تعرفت إلى صديقة اسمها مابنتي سوما، واتفقت الفتاتان على عدم الافتراق أبداً عن بعضهما.

بالفعل، عندما جاء تشارلز وإيلين دو برنس لتبني مابنتي سوما، وجدا أنه لا يمكن تبني هذه الفتاة دون تلك بسبب العلاقة الوطيدة بين الاثنتين وعدم تقدم أية عائلة أخرى لتبني مابنتي مانغورا نظراً لمشكلتها الجلدية. هكذا، قررت إيلين تبني الفتانين معاً. لكن بما أنهما تحملان الاسم نفسه، أي مابنتي، جرت تسميتهما باسمين مختلفين، هما ميكاييلا وميا.

ظهر عشق ميكاييلا للباليه بشكل جلي، وبذلت إيلين كل ما بوسعها لتعزيز هذا الشغف لدى الصغيرة، واصطحبتها إلى صفوف الرقص.

تقول ميكاييلا، البالغة من العمر اليوم 19 عاماً، إن التبني وانتقالها إلى أميركا أنقذا حياتها. لقد وجدت فجأة أنها تملك عائلة وأقارب والكثير من الطعام والحب، لدرجة اعتقدت في البداية أنها تحلم.

توفي أخوها بالتبني، تيدي، بسبب مرض خبيث في الدم عندما كانت ميكاييلا في العاشرة من عمرها. ألقت ميكاييلا اللوم على نفسها لاعتقادها أنها السبب في موته. فجميع الذين أحبتهم قبلاً ماتوا. لذا، قررت التركيز على الرقص لتصبح الراقصة التي أرادها تيدي أن تكون.

تؤكد ميكاييلا أن إيلين هي أفضل أم في العالم. فقد أعطتها الكثير من دون أي مقابل، وشجعتها، وانتظرتها، ووقفت بجانبها. تقول ميكاييلا إن طفولتها الصعبة هي سبب نجاحها اليوم. فقد كانت منبوذة في سيراليون بسبب البقع البيضاء في بشرتها السوداء، وتوجب عليها الكفاح والنضال كثيراً لتخطي العقبات الخارجية وإثبات موهبتها وقدراتها الحقيقية.

عملت ميكاييلا بكدّ كبير لتحسين مهارات الرقص لديها، وفي عمر 17 عاماً، انضمت إلى فرقة هارلم للرقص المسرحي في نيويورك قبل أن تنتقل إلى فرقة الباليه الوطنية الهولندية في العام التالي.

شاركت ميكاييلا في فيلم وثائقي عن الباليه بعنوان First Position، وأدّت دور "أوديل" في مسرحية Swan Lake التي أنتجتها فرقة هارلم للرقص المسرحي في نيويورك. كما تعاونت مع والدتها إيلين دو برنس في تأليف كتاب "الأمل في حذاء باليه" (Hope in a Ballet Shoe) ، ونشرته دار Faber & Faber.

هكذا، تحولت اليتيمة المنبوذة من سيراليون إلى راقصة باليه محترفة ومشهورة عالمياً، وأثبتت مرة جديدة أنه ما من شيء مستحيل.

 

CREDITS

إعداد: جولي صليبا